أكد القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين وزعيم حزب الاغلبية بمجلس الشورى، الدكتور عصام العريان في تصريح له لبرنامج "90دقيقة " الذي يقدمه الإعلامي إيهاب الليثي المستشار الإعلامي السابق للرئيس محمد مرسي قبل أقل من اسبوعين، سعي الإخوان في الحصول على ترخيص حمل سلاح لأفراد الأمن والحراس لحماية مقرات جماعة الإخوان في أنحاء مصر التي تعرّض 28 منها للإعتداء أو الحرق، وفي سابقة هي الأولى منذ قيام ثورة يوليو/ تموز عام 1952 ناشد القيادي البارز في الاخوان قبل ايام يهود مصر بالعودة من إسرائيل إلى موطنهم الأصلي مصر، وهاجم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قائلاً إن ما فعله عبد الناصر بطرد اليهود من مصر "ساهم في احتلال أراضي الغير" كما شدد العريان على أنه بعد أقل من عشر سنوات ستصبح إسرائيل إلى زوال وسيكون اليهود بلا وطن، ما أثار ردود فعل وانتقادات دولية.
تسليح الإخوان
من ابرز التصريحات التي اطلقها الدكتور العريان مؤخرا و تسببت في حدوث مخاوف لدى قوى المعارضة المصرية والاقباط والاقليات هو مطالبته من خلال برنامج (90دقيقة) الذي يبث على فضائية "المحور"، بترخيص سلاح لشباب الإخوان المسلمين بغرض حماية المقرات، مشددا بأن التفكير في تسليح البعض "لن يؤدي إلى خلق ميليشيات مسلحة"، وأعادت دعوة العريان إلى الاذهان المخاوف عن وجود ميليشيات للإخوان المسلمين، لا سيما بعد اعتقال الحارس الشخصي للقيادي الاخواني ورجل الاعمال خيرت الشاطر لحمله سلاح ناري غير مرخص.
وكان امين التظيم الدولي لجماعة الاخوان الشيخ ابراهيم منير أعلن في تصريح سابق لـ"المجلة "عن رفضه لدعوة العريان بالحصول على ترخيص حمل اسلحة نارية من وزارة الداخلية قائلا "لا أقبل أنْ تحمل جماعة الإخوان المسلمين السلاح أو أنْ تتقدم لوزارة الداخلية بطلب الحصول على ترخيص حمل السلاح للدفاع عن المقرات - وهو السبيل الوحيد الذي يقصده الدكتور العريان - ولكني أرفض في الوقت نفسه فكرة حمل السلاح لأي فرد خارج الشرعية سواء كان من الإخوان أو غيرهم، ومن وجهة نظري أنَّ أضرار حمل السلاح أكبر من منافعه، وقد يوفر هذا الطلب الفرصة أيضا لتسليح الخصوم لمواجهة سلاح الإخوان، وتتحول المواجهات والاختلافات الايدولوجية والسياسية الى معارك مسلحة ،لذا ارفض تماما حمل الإخوان السلاح بدعوى الدفاع عن مقارِّه، حتى لو حُرقت كلها".
ومن جهته نفى جمال حشمت، عضو حزب الحرية والعدالة، في تصريحات صحفية نية الاخوان حمل السلاح مؤكدا أن مثل تلك الاشاعات يتم الترويج لها من قبل أصحاب الاجندات الخاصة والممولين والذين لا يريدون للبلاد الخير ويعطلون عجلة الانتاج والاستقرار ويهدفون الى التأثير على نتيجة الاستفتاء الشعبي للدستور وتخويف المواطن المصري من الاخوان المسلمين وتشبيهم بالمليشيات وهو أمر بعيد كل البعد عن الصحة فمن ماتوا بالاتحادية هم من الاخوان المسلمين ولم يتم جلب أسلحة او ضرب المعتصمين السلميين ولا صحة لتدريب الاخوان المسلمين لدى حركة حماس، ومن يدعون ذلك هم قلة مندسة وبلطجية مأجورون.
ومن ناحية اخرى افادت صحيفة "الدستور الاصلي" ان الدكتور سمير صبري المحامي قام برفع دعوى قضائية ضد وزير الداخلية حملت رقم 6840 لسنة 67 طالبه فيها بعدم إصدار تراخيص سلاح لشباب الإخوان المسلمين، كما قام صبرى بتقديم طعن أمام محكمة القضاء الإدراي ضد وزير الداخلية للحكم بصفة مستعجلة بإلزامه بعدم اصدار تراخيص 470 سلاح لشباب الإخوان المسلمين، مؤكدا أن السماح لهم بذلك يعد مخالفا للقانون.
[caption id="attachment_55241304" align="alignleft" width="287"] الرئيس مرسي وعصام العريان في مؤتمر صحفي عقد قبل الثورة بشهرين للطعن في نتائج الانتخابات البرلمانية 2010[/caption]
صبري قال في بلاغه إن التسليح لايجوز إلا أن يكون للقوات النظامية فقط، وإن الموافقة على هذا الطلب من شأنه أن يحوّل مصر إلى دولة مؤهلة للحروب الأهلية، وإن دعوة الإخوان للتسلح وكأنها بداية الإعلان عن التنظيم السري للإخوان المسلمين، وهو ما يؤكد وجود مصالح خفية لتلك الجماعة لن تتحقق إلا بتسليح أفرادها لتمكينهم من أغراضهم، مشيرا إلى أن الجماعة ستقوم بدور وزارة الداخلية. ووصف صبرى تصريحات العريان بأنها "تهديد للشعب المصري"، مؤكدا أن هذه التصريحات تعد اعترافا من قيادة مسؤولة أن الجماعة ستمارس ترويع الشعب المصري وإجباره على ماتريد، وأنها تبحث عن كيفية الإعلان عن الميليشيات الخاصة بها لكن بطريقة تدريجية ورسمية، وأن هذا الأمر سيؤدي في المستقبل إلى أن تحل هذه الميليشيات المسلحة محل قوات الأمن.
الدستور يكفل حقوق اليهود
وفي تصريح أكثر إثارة ناشد الدكتور عصام العريان يهود مصر بالعودة من إسرائيل إلى موطنهم الأصلي، وهاجم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قائلاً إن ما فعله عبد الناصر بطرد اليهود من مصر "ساهم في احتلال أراضي الغير". وأكد العريان، في حديث لقناة "دريم" المصرية الخميس الماضي على أهمية عودة اليهود من إسرائيل، وأن يرفضوا العيش تحت احتلال غاشم دموي وعنصري ملوثين بجرائم حرب ضد الإنسانية والبشرية.
وفي مداخلة هاتفية على قناة "أون تي في" مع الاعلامية ريم ماجد قال العريان "بما أن القانون الدولي يمنع انعدام الجنسية "يروح اليهود فين وراء الشمس مثلا ولا ينتحروا يعني".
وأوضح العريان أنه من أجل أن يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى وطنهم لابد لهؤلاء المحتلين أن يعودوا إلى أوطانهم السابقة. ولفت إلى أن مصر الجديدة بعد ثورة 25 يناير كبلد ديمقراطي نصت على أن شرائع المسيحيين واليهود المصريين هي المصدر الرئيس لتشريعاتهم واختيار قياداتهم الروحية وشؤونهم الدينية وهناك نص دستوري بذلك، مشيرا إلى أنه لأول مرة يذكر المسيحيون واليهود صراحة في الدستور المصري.
وأشار إلى أنه أثناء عمله كعضو في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور سأله أحد الأعضاء "ما فائدة وضع اليهود مع المسيحيين في مادة واحدة بالدستور؟ فقال: "نحن لدينا أقلية يهودية ولكن لدينا يهود في فلسطين المحتلة عندما تحل القضية الفلسطينية سيكون الخيار أمامهم العودة إلى مصر أو الرحيل إلى أوطان أخرى".
وأكد أن كل من غادر وطنه على حلم إنشاء وطن لليهود في فلسطين يجب أن يعود إلى وطنه، مشيرا إلى أن إجمالي عدد اليهود 14 مليونا، 6 ملايين منهم فقط في فلسطين.
وتابع العريان "أننا في بداية عهد جديد نوفر فيه لكل المصريين حقوق المواطنة ومن حق كل مصري مسيحيا أو يهوديا وحتى من ليس له دين أن يعيش بمصر بحرية وأمان".
ادانة واستنكار
وأدانت القوى السياسية دعوة العريان لليهود المصريين بالعودة إلى وطنهم مصر، مستنكرين بشدة ما صرح به على قناة "دريم" من أنه يرحب باليهود العرب والمصريين، منددة باتهامه للزعيم الراحل جمال عبدالناصر بطردهم من مصر. وأكد "أحمد بهاء الدين" الأمين العام للجمعية الوطنية للتغيير على معارضته الشديدة لدعوة العريان بعودة اليهود المصريين إلى مصر، مشيراً إلى أن "تلك الدعوة خطيرة جداً وتؤكد رغبة الإخوان في التقرب إلى إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وتعطي اليهود انطباعاً بأن الإخوان ليسوا معادين لليهود"، أي أن هدفها الأساسي هو "خدمة أهداف الفصيل السياسي الديني "الإخوان المسلمين" وتحقيق مكاسب إخوانية على حساب القضية الوطنية".
وأضاف أحمد بهاء الدين - حسب العربية - أن "عبدالناصر لم يقم بطرد اليهود من مصر، كما أن الأخطر من دعوة العريان بعودة اليهود، هو أن اليهود يطرحون على الساحة الآن فكرة استعادة أملاكهم بمصر ويطمحون لتحقيق ذلك بعد أن قاموا بنهب سيناء وسرقة الشعب الفلسطيني، ودعوة العريان هذه تفتح لهم الباب على مصراعيه".
يقول الاعلامي المصري محمد عصمت "لم تفاجئني إطلاقا التصريحات التي أطلقها عصام العريان القيادي الإخواني ومستشار رئيس الجمهورية، وقد لا يفاجئني أيضا احتمال عدم معرفة العريان بالآثار التي تترتب عليها هذه الدعوة، والتي تعطي لليهود الحق في المطالبة بما يزعمون أنه ممتلكاتهم في مصر والتي تقدر بمليارات الدولارات بالأسعار الحالية.
فالذي أدهشني فعلا أن العريان تجاهل تماما مطالبة إسرائيل بالموافقة على حق العودة لأكثر من 4 ملايين فلسطيني، طردتهم إسرائيل من أرضهم، واستولت عليها بالقوة، كما تتوسع الآن بشكل هيستيرى في عمليات الاستيطان في أراضي الضفة الغربية، بل والقدس الشرقية أيضا التي تعتبرها إسرائيل عاصمتها الأبدية.
وأدان أبو العز الحريري، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية في تصريح خاص لـ"بوابة الأهرام" تصريحات العريان، متهما جماعة الإخوان بتنفيذ مشروع أمريكي لحل المشكلة "الصهيونية العربية" على حساب أرض مصر، بحسب قوله.
أضاف الحريرى "تلك التصريحات فى ذلك التوقيت تتفق مع المادة 145 في الدستور الجديد والتي تتيح لرئيس الجمهورية الحق في مباشرة المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة وتغيير حدود مصر باعتبارها من حقوق السيادة، بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلسي الشعب والشوري، مما قد يترتب عليه تنفيذ المخطط الأمريكي المزعوم تحت مسمى "الشرق الأوسط الجديد".
واعتبر الحريري أن تصريحات العريان حول اليهود المصريين في هذا التوقيت وبعد خطاب الرئيس مرسي الذي أعلن فيه إقرار الدستور تكشف عن نية الجماعة تجاه التفريط في الوطن عبر التجاوب مع أمريكا وإسرائيل وحل القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية - على حد قوله - بعد اطمئنان الجماعة لتلك السلطة وتمرير الدستور، معتبرا تلك التصريحات أسوأ بكثير من التطبيع مع إسرائيل الذي ناضلت ضده قوى المعارضة "الشريفة" في السنوات الماضية.
[caption id="attachment_55241305" align="alignright" width="295"] المرشح الرئاسي السابق ابو العز الحريري[/caption]
وتساءل الحريرى: لماذا لم يوجه العريان نداءه بالعودة لمصر لكل المصريين المهاجرين في الخارج؟ ولماذا خص منهم اليهود تحديدا؟، مضيفا باستنكار" كان أولى للعريان أن يدعو كل يهودي للعودة إلى بلاده الأصلية وترك فلسطين حتى يعود اللاجئون الفلسطينيون لأراضيهم، لكن دعوته بعودة اليهود المصريين تساهم في تدعيم موقف "الصهيونية" وهي دعوة مريبة وغير وطنية لأن اليهود المصريين رحلوا وحصلوا على كل حقوقهم ولم يعد لهم شيء بمصر".
وانتقد الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة في تغريده على موقع «تويتر» الدكتور عصام العريان واصفاً تصريحاته التي طالب فيها القيادي الإخواني بعودة اليهود إلى مصر بالكارثية التي يترتب عليها تعويضات ضخمة.
واعتبرت الناشطة كريمة الحفناوي، أمين عام الحزب الاشتراكي المصري أن الهدف من تلك التصريحات هو إلهاء المعارضة والشعب عبر إجبارهم على الدخول في جدل لا قيمة له للتغطية على المصائب التي أوصلتنا لها الجماعة التي تحكم، على حد قولها. ولم تبد الحفناوي في حديثها لصحيفة "الاهرام" المصرية أي دهشة من تلك التصريحات معتبرة أنها لا تختلف كثيرا عن تصريحاته المثيرة للجدل والتي سبق وأدلى بها، معربة عن توقعها صدور المزيد من تلك التصريحات المرحلة المقبلة، متسائلة عن سر الدعوة التي وجهها العريان لليهود المصريين بالعودة في هذا التوقيت؟ وما سر اختلاق الأكاذيب والاتهامات الباطلة للمعارضة؟
زوال إسرائيل
وفي تصريح أكثر سخونة قال العريان إن إسرائيل سوف تزول من الوجود في غضون عشر سنوات. وذكرت "التلغراف" البريطانية مخاوف الغرب من تلك التصريحات التحريضية من شخصية مقربة من الرئيس المصري محمد مرسي ،و افادت الإذاعة الإسرائيلية أن مصادر سياسية إسرائيلية أعربت عن خيبة أملها من تصريحات الدكتور عصام العريان، وأضافت أن إسرائيل لم تشكك قط في شرعية الدولة المصرية، وهي تتوقع معاملتها بالمثل من دولة ترتبط معها بمعاهدة سلام، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة "اليوم السابع".
ورأت المصادر أن مثل هذه التصريحات تستدعي القلق، خاصة وأنها تؤدي إلى نشوء أجواء معادية وسلبية بين البلدين. وفي الشأن نفسه، شدد الدكتور أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى، على أن رأي العريان لا يعبر عن رأي مجلس الشورى، لأن المتحدث الرسمي باسم المجلس هو رئيسه أحمد فهمي، مشيراً إلى أن العريان يعبر عن رؤيته الشخصية وليست رؤية حزب "الحرية والعدالة" أو الكتل البرلمانية للحزب في الشورى، الذي يعتبر صاحب السلطة التشريعية في مصر حالياً.
وبحسب ما ذكرت "بوابة الأهرام"، قال فهمي إن ما قاله العريان غير قابل للتطبيق، وذلك لأن اليهود المصريين لم يجبرهم أحد على الهجرة لإسرائيل، ولم يخرجهم الرئيس جمال عبد الناصر من مصر، مشيراً إلى أنهم خرجوا من أجل خدمة "مشروع صهيوني". وأضاف، في حوار تلفزيوني لقناة "الحياة" الخاصة: "كما أن هؤلاء اليهود ذهبوا لخدمة مشروع عنصري ومتطرف ولطرد شعب من أرضه، وحاربوا بلادهم مصر في ثلاثة حروب متوالية على مدى أعوام 1956 و1967 و1973"، مشيراً إلى أن هؤلاء لا يمكن ولا يقبل أحد أن يكونوا مواطنين مصريين.