أدت دعوات الإمام السابق للجامع الأموي بدمشق، المناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد، إلى اعتقاله مرات عدة، كان آخرها في ابريل (نيسان) الماضي، ورغم هدوئه المعروف عنه،عرف الشيخ الخطيب بجرأته ووطنيته وقوميته، فارتبط اسمه بالمعارضة السورية منذ انطلاق الثورة السورية في شهر مارس (آذار) عام 2011.
بعد مجزرة "حلفايا" في ريف حماة، التي ارتكبت يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وذهب ضحيتها مئات القتلى، قال الشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري في بيان له "إن هذه المجزرة الوحشية لم يرتكبها النظام السوري وحده، فكل من يسكت عن النظام المجرم، هو شريك في شرب الدم السوري، وإن السكوت عن المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري، هو ابتزاز وضغط على الشعب وثورته وقيادته، وكل ما يمرر من حلول سياسية، لا يمكن قبوله عندما يتجاوز شعب سوريا"، مشيرا إلى مبادرة مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الابراهيمي الرامية لبقاء النظام السوري بدون صلاحيات لعام آخر، وقال "إنها دعوة ومبادرة مرفوضة من جميع السوريين، فهل بعد عشرين شهراً من تضحيات ودماء الشعب السوري، يأتي من يقول باستمرار الوضع حتى بداية عام 2014، وقد أبلغت قيادة الائتلاف مجتمعة الأخضر الابراهيمي بشكل مباشر رفض دعوته، وان أي مبادرة أخرى لإنقاذ النظام مرفوضة، وأي حل لا يبدأ بتنحي الأسد، هو حل مرفوض وعلينا أن نسقطه، ومجزرة حلفايا ليست مجرد مجزرة، بل رسالة يشترك فيها كل داعمي النظام وخلاصتها "إما أن تموتوا، وإما أن تقبلوا عبودية ما سنفرضه عليكم".
رئيس الائتلاف بالتزكية
وكان الشيخ أحمد معاذ الخطيب الحسني، قد انتخب رئيسا للائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة بالتزكية في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفور انتخابه، قال الخطيب "إن النظام المتوحش لبشار الأسد، فرض حالات معقدة على الجميع، وجرّ الشعب إلى محرقة، ودمّر البلد، والجيش، والبنية التحتية، ومضى النظام القمعي يتحدث برعونة عن المقاومة، وعن الممانعة، وعن الكرامة، وهو الذي أباح كرامة السوريين، وهو الذي سفك دماءهم، واستباح حرماتهم، ودمر بيوتهم، ونهب اقتصادهم وحياتهم وشردهم وهجّرهم. وبيّن الشيخ معاذ الخطيب في خطابه الأول للشعب السوري الحر، بعد انتخابه رئيسا للائتلاف، أهداف وأسس ومعايير الائتلاف الجديد ومن أهمها:
1- ان هدف الائتلاف هو اسقاط النظام، ثم التهيئة لمؤتمر وطني جامع، يسير بسوريا نحو مستقبل واعد" وعند تلك اللحظة، وبعد أول انتخابات حرة تشهدها سوريا الجديدة سيحل الائتلاف ذاتياً، وأن سوريا ستستعيد مكانتها العربية والاسلامية والدولية بقيادة شابة.
2- إدارة المرحلة القادمة من حكومة انتقالية، على أن يتشاور أعضاء الائتلاف مع بقية القوى السورية السياسية والشخصيات الوطنية من أجل بلورتها.
3- السعي الحثيث من أجل بناء هيئة قضائية، حتى لا تصبح البلد في حالة فراغ بعد سقوط النظام.
4- الجيش الحر لم ولن يعتدي على أحد، ولا يقتحم البيوت، ولا ينهب الممتلكات، وكل من يفعل ذلك فالجيش الحر منه بريء.
5- الثورة بدأت سلمية وستستمر كذلك حتى نهايتها، والنظام المتوحش وحده هو الذي أجبر الناس على حمل السلاح، ويضم الجيش الحر مجموعات عسكرية كثيرة، واجبها حماية الشعب والمحافظة على وحدة التراب والشعب السوري، ويقود هذه المجموعات مجلس قيادة عسكرية موحد، ينظم صفوفها، ويقودها بتأن وحكمة وموضوعية ودقة إلى تحرير البلاد من هذا الظلم المخيم عليها.
6- إن ما يريده الائتلاف لسوريا هو مجتمع آمن متعدد، أساسه العدل والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام حقوق الانسان والمحافظة على النسيج الاجتماعي والثقافي المتنوع والفريد.
7- السعي الى اسقاط النظام وتفكيك بنيته الأمنية لا يعني تقويض بنية الدولة، فالنظام الفاسد يجب أن يرحل، ومؤسسات الدولة ملك للشعب الذي نطالبه بالمحافظة التامة عليها، فقد دفع ثمنها من دمه وعرقه.
[caption id="attachment_55241187" align="alignright" width="151"] الخطيب الداعية والسياسي[/caption]
مطالب الائتلاف
ومن أهم مطالب الائتلاف الوطني السوري:
1- ان يعتبر الائتلاف هو الممثل الشرعي للشعب السوري وأن يعطى كافة الصلاحيات المترتبة على ذلك.
2- تقديم دعم مالي وصحي وإغاثي عاجل، لتخفيف المعاناة الطويلة المتفاقمة للشعب.
3- إنشاء صندوق دعم مفتوح لإعادة الإعمار وتجديد البنية التحتية لسوريا، وتقديم كل انواع الدعم الفني للبناء.
4- الاعتراف بحق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه بكافة الوسائل الممكنة.
5- تجميد أموال الأسرة الحاكمة في كل الدول، والتي هي الأموال المنهوبة من الشعب السوري لوضعها من أجل الإعمار والبناء القادم.
6- اعداد الملفات اللازمة لتقديم المسؤولين عن الأعمال الاجرامية في سوريا الى محكمة الجنايات الدولية.
7- تسهيل إجراءات الاقامة والتنقل والعمل للسوريين، إضافة الى أمور التعليم والطبابة قدر طاقتها، ورعاية الجاليات السورية التي لم يبق فيها بيت من دون أسير أو شهيد أو مهاجر، ومناشدة كافة السفارات السورية في الأرض بالاستجابة الى حاجات السوريين وتسهيلها.
8- الحصول على اعتراف جل الدول في انحاء العالم لنيل الشرعية الدولية - وهو ما تحقق بالفعل.
وقال رئيس الائتلاف الوطني السوري على موقعه الالكتروني"إن الائتلاف لم ولن يتعهد أمام أي جهة بأية أمور تخون دماء الشعب الثائر". وأضاف الشيخ الخطيب "إن مأساة سوريا أعظم من أن تصفها كلمات البشر، شعب يعيش تحت تدمير ممنهج شامل، شمل الانسان تعذبيا وقتلا وسجنا، وشمل البنية التحتية تدميرا ونهبا وحرقا، ولأول مرة تقصفه طائرات "الميغ" الروسية الصنع، التي دفع شعبنا ثمنها من دمه وحليب أطفاله.
سيرة ومسيرة
وكان الخطيب قبل انتخابه رئيسا للائتلاف دائم المطالبة بالحريات العامة في كل بلاد المسلمين، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلغاء قوانين الطوارئ والأحكام العرفية والاعتقال التعسفي، وإلغاء سيطرة الحزب الواحد، ومحاربة الرشوة والفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وإيقاف نهب الأموال، وتذكير الناس بحقوقهم ومنها الرعاية الاجتماعية، ويرى أن كل ذلك من صميم الإسلام، وتجاوزه استغباء للناس وتلاعب بهم.
وعُرف عن الشيخ معاذ الخطيب دعوته للعدالة الاجتماعية والتعددية الحزبية ونبذ الطائفية، واشتَهر بجرأته الشديدة، مما حدا بالأمن السوري الى اعتقاله على خلفية تفاعله مع الحراك السلمي، الذي بدأ في البلاد في منتصف شهر مارس سنة 2011، وشهدت سوريا على إثره قمعا وحشيا مفرطا من قبل أجهزة الأمن السورية، في محاولة لوضع حد للاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام. وقد اعتقلَ مرات عديدة، بلغت أربعا، كان آخرها في 27 ابريل.
خطيب الجامع الأموي
ولد الشيخ معاذ الخطيب الحسني في دمشق، سنة 1960، ووالده هو الشيخ محمد أبو الفرج، خطيب دمشق وأحد وجوه العلم فيها، وجده لأبيه الشيخ عبد القادر الخطيب خطيب جامع بني أمية الكبير وعالم من علماء دمشق.
له أخوان وأخت، هم مصونة وتعمل مدّرسة في أصول الفقه، وعبد القادر خطيب جامع بني أمية الكبير وأستاذ في وأصول الفقه، ومحمد مجير أستاذ في علم الحديث ومحقق ومؤلف. والشيخ الخطيب تزوج عام 1982 ولديه أربعة أبناء هم أمان وعبد الرحمن وأسماء وهاشم.
ويعد الشيخ معاذ أحد الأصوات الدعوية التي تتخذ الخطاب العلمي الموضوعي اسلوبا لها، وبدأت خطاباته بالمسجد الأموي قبل20 عاما، وكانت في مجملها خطابات إصلاحية وجهت، لكل فئات المجتمع بكل طوائفه، كما قام بالخطابة لسنوات في مساجد أخرى أشهرها جامع "دك الباب"، الذي استقطب شباب الصحوة، وتولى رئاسة التمدن الإسلامي، وما زال يشغل منصب الرئيس الفخري للجمعية حالياً. درَّسَ عدة مواد شرعية في معهد المحدث الشيخ بدر الدين الحسني، وهو أستاذ مادتي الدعوة الإسلامية والخطابة في معهد التهذيب والتعليم للعلوم الشرعية حالياً. أقام الشيخ معاذ الخطيب الكثير من الدورات الدعوية والعلمية، وحاضر وخطب في نيجيريا وغيرها.
وعرف الشيخ الخطيب بين أهل الشام بوسطيته، وتميز بعلاقاته الاجتماعية المتشعبة، والتي امتدت إلى عموم المحافظات السورية، مستفيدا من علاقات والده خطيب الشام وعالمها محمد أبو الفرج الخطيب ومن قربه لمشايخه وأساتذته كالشيخ حمدي الجويجاتي والشيخ عبد الغني الدقر والشيخ عبد القادر الأرناؤوط. ودرس رئيس الائتلاف الوطني الجديد الجيوفيزياء التطبيقية وعمل مهندساً بتروفيزيائياً نحو ستة أعوام في شركة الفرات للنفط، وحصل لاحقاً على دبلوم في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ودبلوم في فن التفاوض.
والخطيب، عضو في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وانتسبَ إلى الجمعية الجيولوجية السورية والجمعية السورية للعلوم النفسية. ولرئيس الائتلاف الوطني السوري العديد من المؤلفات والأبحاث المنشورة باللغة العربية، وترجم بعضها إلى الإنجليزية والبوسنية، من جملتها "جمالية الإسلام" و"قل هذه سبيلي" و"رمضان.. حياة بعد ضياع" و"اليهود تحت المجهر" و"الهندسة البشرية" و"رحلة مع المراهقة" وغيرها، وله ترجمة لكتاب موسوعة الأسر الدمشقية، من تأليف الدكتور محمد شريف الصواف/ دار بيت الحكمة دمشق.
[blockquote]
أشهر أقواله
- مهما تكن ضريبة الحرية فادحة، فإن ضريبة الذل أفدح بكثير.
- لا إيمان من دون تضحية، ونرفض مناهج الجبن والهروب، وإن التلطف في دعوة الناس إلى الحق، ينبغي أن يكون في الأسلوب الذي يبلِّغ به الداعية، لا في الحقيقة التي يبلّغها.
- في الأمة خير كثير وفطرة عميقة، ونرفض الفكر التكفيري الغضوب، ونعتقد أن الإسلام رسالة هداية للبشرية جميعاً.
- لا نرضى الفتنة وحمل السلاح في الأمة الواحدة مهما يكن السبب، وننبذ الطائفية والعصبية وضيق الأفق. كما نرفض تحجيم الإسلام وفق أهواء العوام أو الحكام.
- السياسة وسيلة لا غاية، وعمل الأنبياء هو الهداية، ونفضل أن يصل الإيمان إلى أصحاب الكراسي، على أن يصل أصحاب الإيمان إلى الكراسي.[/blockquote]