على الرغم من تعاقب الإدارات.. يستمر نقل محتجزي غوانتانامو إلى اليمن

على الرغم من تعاقب الإدارات.. يستمر نقل محتجزي غوانتانامو إلى اليمن

[caption id="attachment_2392" align="aligncenter" width="620" caption="ناشطون أميركيون يحتجون امام البيت الأبيض مطالبين باغلاق معتقل غوانتانامو "]ناشطون أميركيون يحتجون امام البيت الأبيض مطالبين باغلاق معتقل غوانتانامو  [/caption]

نقل محتجزي عوانتانامو إلى اليمن: استمرار السياسة بين الإدارات
معهد بروكينغز
بنيامين ويتز وماثيو واكسمان وروبرت شسني
15 يونيو (حزيران) 2011

لقد كان معتقل غوانتانامو سجنا مركزيا للمشتبه بهم الذين يعدون من الأعداء المقاتلين في إطار «الحرب على الإرهاب»، وهي الحملة التي شنها الرئيس بوش في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وما بدأ كتجربة في أعقاب هجمات 2001 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون أصبح منشأة أميركية دائمة، وهي المنشأة التي تثير باستمرار الإدانة والانتقادات. وعلى الرغم من أن أوباما أمر بإغلاق المعتقل فور دخوله البيت الأبيض، ما زالت المنشأة مفتوحة رغم أن ولايته الأولى أوشكت على الانتهاء.
لقد أصبحت اليمن على نحو خاص مشكلة معقدة بخاصة في أعقاب محاولة تفجير الطائرة المتجهة إلى ديترويت في ديسمبر (كانون الأول) 2009. وهي المؤامرة التي يعتقد أن من أعدها هو تنظيم تابع لـ«القاعدة» في اليمن. بعدها أوقفت الإدارة نقل السجناء إلى اليمن والتي تعد من أكثر الدول التي لديها محتجزون في معسكر غوانتانامو. وقد عرقلت الأزمة التي تمر بها اليمن حاليا كافة جهود نقل المحتجزين ورغبة الإدارة في تقليل عدد المقيمين بالمعتقل وهو ما يجعل معتقل غوانتانامو على نحو ما مشكلة يمنية.
جدير بالذكر، أن اثنين من معدي التقرير كانا من المشاركين في صناعة السياسة خلال إدارتي بوش وأوباما. حيث عمل واكسمان كمساعد لوزير الدفاع لشؤون المحتجزين وكمسؤول بارز بوزارة الخارجية مختصا بشؤون المحتجزين، كما عمل شسني مع فريق مهام سياسة المحتجزين. ويمكننا استشعار ارتباط هذين المؤلفين بصناعة السياسة طوال التقرير نظرا لأنه يركز إلى حد كبير حول كيفية تعامل الحكومة الأميركية مع نقل المحتجزين بدلا من مناقشة القضايا الأخلاقية التي تحيط بوجود المعتقل نفسه، وهو ما يعد من نقاط القوة بالتقرير نظرا لأن كافة النقاشات السابقة كانت تتمحور حول الجانب الأخلاقي دون تقديم اقتراحات سياسية متماسكة.
ولكن ما الذي يمكن عمله بذلك العدد الكبير من المحتجزين اليمنيين الذين يقبعون بمعتقل غوانتانامو، وهو ما يمثل مشكلة استثنائية لإدارة بوش وأوباما على حد سواء حيث تعامل كلاهما مع القضية بحذر بالغ، وفقا لما يقوله معدو التقرير.
وذلك حيث إن نقل المحتجزين إلى اليمن يمثل مشكلة، لأن البلاد كانت منذ فترة طويلة على حافة الانهيار. فبالنسبة للمملكة العربية السعودية، التي يأتي منها العديد من المحتجزين أيضا، فإن لديها حكومة مركزية تمكنت معها الولايات المتحدة من التعامل مع المخاطر المصاحبة لنقل المحتجزين ببساطة.

[caption id="attachment_2395" align="alignleft" width="168" caption=" أسر معتقلين يمنيين يطالبون باطلاق سراحهم"] أسر معتقلين يمنيين يطالبون باطلاق سراحهم[/caption]

ولكن اليمن تفتقر إلى الأدوات السياسية للسعودية والموارد المؤسسية اللازمة للتعامل مع المحتجزين المنقولين. بالإضافة إلى عمليات اقتحام السجون المتكررة التي يشنها مسلحون وإطلاق الحكومة في بعض الأحيان سراح سجناء مهمين بتنظيم القاعدة وهو ما أثر على ثقة الولايات المتحدة في قدرة اليمن وإرادتها للتعامل مع المحتجزين. وقد ازداد الموقف سوءا بالأزمة الحالية التي تراجعت معها إلى حد كبير مؤهلات اليمن كطرف متفاوض. وتعاني أفغانستان والتي لديها أيضا عدد كبير من المحتجزين بالمعتقل من موقف مشابه إن لم يكن أقل استقرارا، ولكن الولايات المتحدة التي لديها وجود أمني كثيف هناك تعمل على تحسين قدراتها على التعامل مع المحتجزين العائدين.
وعلى الرغم من أن إعادة توطين هؤلاء المحتجزين في دولة ثالثة يمثل خيارا منطقيا، فمن المحتمل أن يعود معظم المحتجزين اليمنيين إلى بلادهم في ظل غياب القضاء في اليمن، بالإضافة إلى أن تلك الدول الأخرى لن تمنعهم من العودة.
وعلى الرغم من أن كلا من إدارة بوش وأوباما قد تبنت مواقف مختلفة تماما تجاه وجود المعتقل، فإن مقاربتيهما للتعامل مع المحتجزين اليمنيين كانت متشابهة إلى حد مذهل. ويعود ذلك الموقف المتشابه إلى التردد في إطلاق سراح ذلك العدد الكبير من المحتجزين في دولة ليس لديها سيطرة على شؤونها الداخلية.
ووفقا للتقرير، فإن عدد المحتجزين اليمنيين الذين نقلوا إلى اليمن أقل بكثير من الذين نقلوا إلى أفغانستان والمملكة العربية السعودية، فقد نقلت إدارة بوش 14 محتجزا فقط إلى اليمن في الفترة ما بين مارس (آذار) 2004 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2008. وفي الوقت نفسه، نقلت إدارة أوباما ثمانية معتقلين فقط إلى اليمن تم نقل اثنين منهم بمقتضى حكم محكمة. وعلى الرغم من أن جهود نقل المحتجزين اليمنيين كانت مكثفة عندما تولى أوباما المنصب، فقد توقفت تلك الجهود تماما مع محاولة تفجير 2009.
والآن، وفي ظل تراجع الأوضاع في اليمن، فمن المرجح ألا يتم نقل محتجزين إلى اليمن في المستقبل القريب إلا بأمر محكمة أو إذا ما كان هؤلاء المحتجزون قد أطلق سراحهم. وليس لذلك علاقة بالقيود القانونية المفروضة على عملية نقلهم ولكن لأن القطاع التنفيذي يدرك تماما أن البيئة الحالية لا تسمح بترحيل ذلك العدد الكبير من المحتجزين. ومع ذلك يقول المعدون إن هناك خطرا محدقا وهو أن القيود القانونية المفروضة على عملية الترحيل التي تهدف إلى عدم السماح بإطلاق سراح اليمنيين تعرقل جهود ترحيل المحتجزين من الدول التي لا تمثل مخاطر مشابهة لتلك المخاطر في اليمن.
وكما ذكرنا سابقا فإن القطاع التنفيذي يدرك تماما المخاطر التي تحيط بالمعتقلين اليمنيين وبالتالي لا يجب أن تؤثر تلك المشكلة على فرص إعادة توزيع معتقلي غوانتانامو. وكما يقول المعدون فإن الموقف الذي يواجهه المعتقلون اليمنيون، والذين ربما لا يمثل العديد منهم خطرا فرديا حقيقيا بالنسبة للولايات المتحدة، هو وضع «محزن»، ولكنه لا يجب أن يؤثر على باقي سجناء المعتقل لأنه إذا ما حدث فإنه سيكون خطأ جسيما.

 
font change