*صار واضحاً ان الشعراء الأميركيين أحسوا بأنهم ليسوا أقل أهمية من الذين هبوا لمواجهة كورونا، سواء أطباء، أو سياسيين، أو اقتصاديين، أو غيرهم
* بعض المشاركين شعراء أميركيون مشهورون، مثل: بيلي كولينز، وجين هيرشفيلد، وكاميلا عائشة مون، وجيني شيه، وماثيو زابرودر
واشنطن: في بداية هذا الشهر، طلبت «أميركان بويترى جورنال»(دورية الشعر الأميركية) من أعضائها إرسال قصائد تاريخية عن الأوبئة، والحزن، والموت، تذكروها عندما حلت كارثة كورونا.
في نفس الوقت، طلبت «أميركان بويترى سوسايتي»(جمعية الشعر الأميركية) من قرائها إرسال قصائدهم هم عن كورونا.
وفي كل الحالات، صار واضحاً ان الشعراء الأميركيين أحسوا بأنهم ليسوا أقل أهمية من الذين هبوا لمواجهة كورونا، سواء أطباء، أو سياسيين، أو اقتصاديين، أو غيرهم.
هذه آراء وقصائد خمسة شعراء وشاعرات عن كورونا، من تغريداتهم، وصفحاتهم في الإنترنت، ومقابلات صحافية:
جمعية الشعر الأميركية
أليس كوين، مديرة في «أميركان بويترى سوسايتي»(جمعية الشعر الأميركية):
في مارس (آذار)، أرسلنا خطابات إلى 125 شاعراً اميركياً عبر الولايات المتحدة، وطلبنا من كل واحد إرسال قصيدة عن كورونا، إذا كتب، أو ينوى كتابة، واحدة.
خلال شهر واحد، وصلتنا أكثر من مائة قصيدة، نصف هذا العدد من شعراء أميركيين لم نرسل لهم خطابات، لكنهم علموا بالمشروع الذي نعمل فيه. لهذا، قررنا أن نجمع أحسن 85 قصيدة، وننشرها في كتاب...
هذا شيء لا يصدق. قصائد مؤثرة، وتكاد تبكي، عن العزلة، والحزن، والملل، والشوق، والأمل. بعض المشاركين شعراء أميركيون مشهورون، مثل: بيلي كولينز، وجين هيرشفيلد، وكاميلا عائشة مون، وجيني شيه، وماثيو زابرودر.
سيكون اسم الكتاب: «معًا في غربة مفاجئة: أحاسيس شعراء أميركيين عن الوباء».وستصدر النسخة الإلكترونية في يونيو (حزيران) المقبل، والنسخة الورقية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
أحس بالسعادة لأننا سنحقق هذ الهدف. لكن، في نفس الوقت، أحس بحزن عميق. نحن في لحظة مأساوية تاريخية. ونعيش كلنا، ليس فقط يوماً بعد يوم، بل دقيقة بعد دقيقة، هذه الدراما التي ربما لم تشهد بلادنا مثلها أبداً...
وأود أن أضيف شيئاً آخر حزيناً: بعض هؤلاء الشعراء مصاب بالفيروس. وبعضهم يعرف أشخاصاً أصيبوا، ونقلوا إلى مستشفيات. وبعضهم يعرف أشخاصاً قتلهم الفيروس.
قصيدة: «التنفس البطيء»: إليسيا جو رابينز:
أنا بخير خلال النهار، لكن، أحس بالقلق خلال الليل.
يجعل القلق التنفس صعباً، وهذا واحد من أعراض المرض.
كأنها حلقة مفرغة.
المرض يسبب القلق، والقلق يسبب المرض.
مرحباً صديقي القديم: القلق.
كنت دائماً تقول لي إن الكوارث يمكن أن تحدث.
أنا ورثتك من جدودي الذين أقلقهم الطاعون.
لكنهم صبروا.
وها أنت دخلت «جيناتي»، دخلت حمضي النووي.
وها أنا أحس بالقلق والخوف من الموت.
أرجوك، يا صديقي القلق، أن ترحل عني.
لا أحتاج لك، أحتاج إلى جدودي.
أريد منهم أن يعلموني كيف أصبر.
أريد منهم أن يقولوا لي: نحن نحبك.
أريد منهم أن يقولوا لي: لا تقلقي.
قبل ألف عام، يا أجدادي، صبرتم أمام الطاعون
أريد أن أرث منكم الصبر.
قولوا لي: سيكون كل شيء على ما يرام.
قولوا لي: لا تقلقي.
قولوا لي: تنفسي ببطء.
إليشيا أوسترايكار: الشاعرة الرسمية لولاية نيويورك
صار الشعر مهماً في الولايات المتحدة أكثر مما كان في الماضي. وذلك لأننا، الأميركيين، صرنا نشعر- بالإضافة إلى الكارثة الطبية- بأننا نعيش كارثة اجتماعية. لم نعد نعرف كيف نتصرف مع أنفسنا، ومع بعضنا البعض. ناهيك عن كيف نعثر على دواء يقينا من هذا الوباء...
عبر التاريخ، كلما تزيد الكوارث، ويزيد القلق، يلجأ الناس إلى الشعر، كتابة وقراءة، ليخفف عنهم الاثنين: الكارثة، والقلق.
حسب معلوماتي، هذا ما يحدث الآن، فعلا، في الولايات المتحدة تنتشر الآن: كتب القصائد، مواقع القصائد في الإنترنت، أشهر القصائد، قصائد الحزن، قصائد الكوارث...
حسب أرقام الوقف الوطني للفنون (إن آي إيه)، قرأ 12 في المائة من الأميركيين قصائد في عام 2017. أي 28 مليون شخص، وهي أعلى نسبة منذ بداية هذا القرن. ربما كانت النسبة أكثر بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وربما ستكون أكثر بعد هجمات كورونا.
في كل الحالات، يظل الشعر يلعب دوراً هاماً، ليس فقط في الثقافة الأميركية، ولكن، أيضاً، في صحة الأميركيين النفسية.
المركز الوطني للرعاية الطبية
أنتوني كوريدور: شاعر طبيب، تقاعد مؤخراً من المركز الوطني للرعاية الطبية (سي إم إم إس):
أحس بكآبة (كوفيد-19). كآبة، لا فيروس.
لم يدخل الفيروس رئتي، لكن، دخلت الكآبة مخي.
لا أعرف لماذا. ولا أدري إلى متى.
ولا أحد يدري.
هل سأحتاج إلى اختبار؟
هل سأعود إلى المسارح، ودور السينما؟
هل سأعود إلى قاعات التمرينات الرياضية؟
كم يوماً، وكم أسبوعاً، وكم شهراً، وكم سنة؟
حتى فوتشي (خبير الفيروسات) لا يعرف.
حتى هو أصابته كآبة الفيروس، في مخه، لا في رئتيه.
كلنا، أصابتنا كآبة الفيروس، في أمخاخنا، لا في رئتينا.
الشاعرة شاندرا بوزيلكو
شاندرا بوزيلكو، شاعرة، ومؤلفة دواوين شعر، منها «إلى مصب النهر»،و«يوميات من السجن»:
خلال الأسابيع القليلة الماضية، كان الشعر في كل مكان. خاصة في محطات الإذاعة التي أستمع إليها، وأفضلها.
في «بي بي سي»(هيئة الإذاعة البريطانية)، كان المراسلون ينشدون أجزاء من قصائدهم المفضلة وهم يجمعون الأخبار. وفي «إن بي آر»(الإذاعة الأميركية شبه الرسمية)، طلب المذيعون من المستمعين إرسال قصائدهم عن كورونا.
عبر التاريخ، تلازمت الكوارث والقصائد.
في اليونان القديمة، وصفت قصائد هوميروس فيروس «ألفا»الذي قتل أهل أخمينيا. وكتب ثاصياديدوس عن الطاعون الذي قتل أهل أثينا، خلال حرب البيولبونيز.
عندما اجتاح «الطاعون الأسود»(الموت الأسود) إقليم ويلز في بريطانيا، استأجرت عائلات الأثرياء الشعراء لإنشاد قصائد الحزن على موتى هذه العائلات. وفي إنجلترا، ظهرت ثقافة أدبية وثائقية، اسمها «قصائد الطاعون».
لا بد أن «قصائد كورونا»ستوثق ما يفعل بنا كورونا.