-
رغم أن الحكومة أعلنت مراجعة إجراءات الحجر الشامل التي طبقت في كثير من المحافظات الجزائرية قبيل رمضان، إلا أنها حذّرت مواطنيها من أن عدم الالتزام بإجراءات الوقاية سيدفعها لمراجعة هذه الإجراءات
-
أمر الوزير الأول عبد العزيز جراد بتوسيع «قطاعات النشاط وفتح المحلات التجارية، بغرض الحدّ من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الصحية»، دون ذكر حجمها
-
قررت الحكومة تمديد الحجر المنزلي لساعتين إضافيتين خلال يومي العيد، لتبدأ من الساعة الواحدة بعد الظهيرة، إلى الساعة السابعة صباحاً، مع تعليق كلي لحركة السيارات والدراجات النارية داخل المحافظات وخارجها
الجزائر: مثلما كان متوقعاً، بشأن المخاوف والتحذيرات التي أطلقتها الحكومة الجزائرية قبل رمضان لمواطنيها، من أن عدم الالتزام بإجراءات الحجر الصحي، وشروط السلامة والوقاية، بالخروج للتسوق، والتجمع في الأماكن والفضاءات العامة، سيُفَاقم من أعداد المصابين بوباء كورونا.
وعلى المستوى المغاربي، تتصدر الجزائر أعداد المصابين بوباء كورونا، حيث تشير آخر الأرقام إلى تسجيل نحو 7311 حالة مؤكدة إلى غاية مساء الأربعاء، وبينما شُفي نحو 3746 من مجموع المصابين، فقد سجل نحو 561 حالة وفاة.
ورغم أن الحكومة أعلنت مراجعة إجراءات الحجر الشامل التي طبقت في العديد من المحافظات الجزائرية قبيل رمضان، إلا أنها حذّرت مواطنيها من أن عدم الالتزام بإجراءات الوقاية سيدفعها لمراجعة هذه الإجراءات.
واعتبارا من الجمعة الأول من شهر رمضان، تقرر تقصير مدة حظر التجول الليلي ورفع حالة العزل التام عن محافظة البليدة جنوبي العاصمة، وهي المنطقة التي شهدت ظهور أول حالة للوباء، ليصبح الحظر ساريا من الثانية ظهرا حتى السابعة مساء، في حين خُفف الحظر من الثالثة عصرا إلى السابعة صباحا في9 محافظات، منها الجزائر العاصمة، بحيث يقتصر على الفترة من الخامسة إلى السابعة صباحا. ولم يطرأ تغير على إجراءات العزل في بقية المحافظات، حيث يسري حظر التجول من السابعة مساء إلى السابعة صباحا، وحينها أهاب مكتب رئيس الوزراء في بيانه بالمواطنين أن «يتوخوا الحذر»، قائلا إن «تعديل قواعد العزل العام أو إبقاءها سيتوقف على تطور الموقف ومدى التزامهم».

وشملت القرارات أيضا السماح لبعض الأنشطة التجارية باستئناف العمل، ويهدف القرار، للحد من الآثار الاقتصادية للحجر الصحي، وأمر الوزير الأول عبد العزيز جراد بتوسيع «قطاعات النشاط وفتح المحلات التجارية، بغرض الحدّ من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الصحية»، دون ذكر حجمها، ويشمل القرار قطاعات «سيارات الأجرة الحضرية (تاكسي المدن)، ومحال الحلاقة، وصناعة الحلويات، والملابس والأحذية، وتجارة الأجهزة الكهرومنزلية، وتجارة أدوات وأواني المطبخ، وتجارة الأقمشة والخياطة والمنسوجات». كما شمل القرار، رفع منع «تجارة المجوهرات والساعات، وتجارة مستحضرات التجميل والعطور، وتجارة الأثاث والأثاث المكتبي، والمكتبات وبيع اللوازم المدرسية، وتجارة الجملة والتجزئة لمواد البناء والأشغال العمومية».
ويأتي القرار، بعد أيام من دعوة وجهتها جمعية التجار والحرفيين (مستقلة) للسلطات، من أجل السماح بعودة النشاط التجاري، بسبب الإفلاس الذي يهدد آلاف التجار في البلاد.
وبعد أقل من أسبوع عن رفع التعليق عن الأنشطة التجارية السابقة الذكر، تم اتخاذ القرار بإعادة الغلق لبعض منها، بسبب عدم احترام التجار كما الزبائن للإجراءات الوقائية من انتقال عدوى فيروس كورونا الجديد، وطاول الغلق محلات بيع الأواني والأجهزة الكهربائية والملابس وبيع الأقمشة والأحذية ومستحضرات التجميل وصالونات الحلاقة ومنع أنشطة البازار (التجمعات التجارية).
وكانت وزارة التجارة قد أصدرت قراراً حدد شروط التعامل مع الزبائن، وكذا اتخاذ التدابير الصحية والوقائية من احتمال انتقال فيروس كورونا، منها تنظيم الدخول والخروج إلى المحلات المغطاة مع الاحترام الصارم لضروريات التباعد، وتنظيم طوابير الانتظار خارج محلات البيع المفتوحة بوضع خيط أو حزام أمن يحمل لافتات مكتوبة تتضمن وجوب التزام الزبائن باحترام هذا التدبير، واقتصار الولوج إلى المحل التجاري على زبونين أو ثلاثة فقط على الأكثر في نفس الوقت وإجراءات أخرى تخص النظافة والتعقيم. لكن أغلب المحلات لم تستجب للشروط المفروضة على النشاط حيث سجلت المحلات إقبالا كبيرا للعائلات، واغتنمت ربات البيوت اقتناء ملابس العيد قبل نفادها من المحلات بسبب توقف الرحلات نحو عديد الدول التي يتم استيراد الملابس منها. وشهدت محلات صناعة الحلويات التقليدية طوابير وتدافعا للزبائن، وهو ما قوبل باستهجان المواطنين الذين تخوفوا من إمكانية انتقال فيروس كورونا بشكل أسرع بسبب عدم احترام التباعد الاجتماعي.

وعلق الرئيس عبد المجيد تبون، في لقاء بثه التلفزيون الحكومي، على الاكتظاظ الذي شهدته المحلات رغم الوباء، وقال إن «المشكل ليس في تخفيف الحجر ولا في إعادة فتح بعض المتاجر وإنما في تصرفات المواطنين».
وأشار تبون إلى «وجود ارتباط بين التراخيص التي منحت لهذه النشطة التجارية وارتفاع الإصابات الذي تمت ملاحظته في الأيام الأخيرة»، مؤكدا أنه «قد يتم اللجوء إلى إعادة غلق المحلات التجارية التي سمح لها باستئناف النشاط بداية شهر رمضان، إذا ما تسبب نشاطها في زيادة تفشي وباء كورونا»، وهو ما حدث فعلاً بعد أيام قليلة.
ورغم تشديد الحكومة باتخاذ إجراءات الحجر، إلا أن الملاحظ هو عدم استجابة الجزائريين وعدم التزامهم، وهو ما يفسر سبب ارتفاع نسبة الإصابات اليومية لتقارب الـ200 إصابة يومياً، بعد أن كانت قبل رمضان لا تتجاوز الـ100 يومياً.
وفي حديثه لـ«المجلة» كشف الحاج الطاهر بولنوار رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين أن «الإجراءات المعلنة من طرف السلطات لمحاصرة انتشار وباء كورورنا، وحماية الصحة العمومية، تسببت بشكل مباشر في توقيف العمل التجاري على نطاق واسع، سواء في قطاع التجارة والتوزيع، أو في قطاع الحرف، وفي قطاع الخدمات»، مؤكدا أن «أزيد من 150 ألف حرفي تضرروا بشكل مباشر من توقف نشاطاتهم التي تعتمد في أغلبها على المدخول اليومي».
وأوضح أن «لتوقيف هذه الأنشطة تداعيات سلبية على المستثمرين وعلى العمالة في نفس الوقت»، وأضاف أن جمعيته «بصدد إجراء اتصالات مع الجهات المعنية من أجل التخفيف من إجراءات الحجر الصحي على هذه الفئة من المجتمع وعودتها للنشاط وفق شروط الوقاية اللازمة كالتعقيم والتباعد وتحديد الفترة الزمنية».
وفي المقابل قررت السلطات تعليق فرض العقوبات المالية على المؤسسات بسبب التأخير في الإنجاز للتخفيف من آثار إجراءات الوقاية من فيروس كورونا. ووفقاً لوسائل إعلام جزائرية، فإن قراراً لرئيس الوزراء عبد العزيز جراد، موجه لأعضاء الحكومة، أكد أنه «تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، فإن الحكومة، ووعيا منها بمسؤولية الحفاظ على النسيج الصناعي المنوط بها، قد اتخذت جملة من التدابير ذات الطابع الجبائي وشبه الجبائي والقروض البنكية بغرض دعم المؤسسات التي تكابد صعوبات على إثر الأزمة الصحية التي تواجهها البلاد»، وأضاف: «وفي هذا السياق، وحرصاً على عدم تضرر المؤسسات التي وجدت نفسها أمام استحالة ضمان إنجاز الأشغال والخدمات المقررة».
من جهة أخرى، وبهدف تخفيف الآثار المالية لهذه الأزمة على مؤسسات الإنجاز العمومية والخاصة وعلى التشغيل، تم كذلك تكليف وزير المالية برصد اعتمادات الدفع وعمليات إعادة التقييم الضرورية لتسديد الديون المستحقة لهذه المؤسسات.
ويُعدُ قطاع السياحة أحد القطاعات التي تضررت بشكل بالغ من إجراءات الحجر الصحي، حيث كشف الأمين العام لنقابة وكالات السياحة والأسفار إلياس سنوسي لـ«المجلة» عن شلل تام في أنشطة هذه الوكالات، إلى جانب خدمات أخرى في قطاع السياحة مثل الفنادق وشركات الطيران، وكشف سنوسي أن «عدد الوكالات السياحية التي توقفت بشكل كامل عن العمل يقدر بنحو 3 آلاف وكالة»، موضحاً أن «عدد اليد العاملة المرتبطة بهذا القطاع يبلغ 30 ألفاً بشكل مباشر ونحو مائة ألف بشكل غير مباشر».
ودق سنوسي ناقوس الخطر كاشفا عن مراسلة الجهات المختصة وعلى رأسها الوزارة الأولى ووزارة السياحة والنقل بانشغالات الناشطين في القطاع، مضيفاً أن «نقابته اقترحت بإلحاح على الحكومة إعفاء الوكالات من كل الضرائب والرسوم وتقديم دعم مالي لتغطية أجور العمال، للحفاظ عليها من الزوال الذي يتهددها بعدما أصبحت عاجزة عن دفع الأجور والاشتراكات في صناديق التأمين، مقدما مخططا لما وصفه بإنقاذ القطاع».
ورغم تطلع الجزائريين لانتهاء محنة كورونا سريعاً، وأملهم في عودة الحياة بشكل طبيعي برفع إجراءات الحجر، إلا أن التصريحات الحكومية تشير إلى تشديد أكثر، حيث قال وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد الرحمن بن بوزيد قبل أيام إن «المجلس العلمي التابع للوزارة قد يطلب تشديد إجراءات الحجر الصحي وإجبارية ارتداء الكمامة ما لم يثبت الجزائريون تحكما في النفس»، لافتا إلى أن «الجزائر بحاجة إلى ما بين10 إلى 15 مليون كمامة يوميا لتغطية كل الطلب»، مؤكداً ضرورة التزام الجزائريين بتعليمات الوقاية من الوباء والتحكم في النفس ورفع مستوى الوعي. وأضاف:«في حال عدم التزام الجزائريين بالتوصيات الوقائية وبقي الوضع على حاله يمكن أن يطول الحجر الصحي ويزيد صرامة ويصبح ارتداء الكمامة إجباريا»، وتابع:
«سيرفع الحجر إذا التزم الجزائريون ورفعوا التحدي لمواجهة الوباء».
وفي خطوة احترازية، قررت الحكومة تمديد الحجر المنزلي لساعتين إضافيتين خلال يومي العيد، لتبدأ من الساعة الواحدة بعد الظهيرة، إلى الساعة السابعة صباحاً، مع تعليق كلي لحركة السيارات والدراجات النارية داخل المحافظات وخارجها.
وفي حادثة خلّفت موجة من الغضب الواسع، تسبب فيروس كورونا في وفاة طبيبة حامل في شهرها الثامن، بعد إرغامها على العمل في مستشفى رأس الواد في محافظة بوعريريج شرقي البلاد، ما طرح التساؤلات بشأن وسائل الحماية التي توفرها السلطات الصحية لجنود الصف الأول لمحاصرة الوباء، كما انتقد كثيرون عدم منح عطلة للطبيبة الحامل.

وكانت الطبيبة بوديسة قد فارقت الحياة الجمعة الماضي، بعد إصابتها بفيروس كورونا خلال عملها في المستشفى، وبعد تكرار مطالبتها بإعفائها من العمل، وخلفت الحادثة موجة من الاستنكار في الشارع وفي الوسط الطبي، واعتبرت الحادثة تعسفاً في حقها، واستهتاراً بوضعها الصحي وظروف حملها، وغياب الوازع الإنساني لدى المسؤولين، ما دفع بزملائها من الأطباء والممرضين للاعتصام للمطالبة بإقالة مدير المستشفى.
وزار وزير الصحة، عبد الرحمن بن بوزيد، ووزيرة التضامن، كوثر كريكو، منزل الطبيبة الراحلة في منطقة عين كبيرة بولاية سطيف (شرق)، لتقديم التعازي ومواساة أهلها. ووجّهت عائلة الطبيبة الراحلة اتهامات إلى إدارة المستشفى، وطبيب العمل المسؤول الذي رفض عطلتها المرضية، وقالت العائلة لوسائل إعلام محلية إن إدارة المستشفى حرمت ابنتها من حقها في العطلة كونها حاملاً، وعرضتها إلى الخطر بإجبارها على العمل في قسم الاستعجالات. وقال زوجها إن «مدير المستشفى رفض منحها إجازة رغم أنها حامل في الشهر الثامن، وقد طلبت منه ذلك أكثر من مرة».
وولّدت هذه الحادثة سخطاً كبيراً لدى المجتمع الجزائري بكامل أطيافه ومن بينهم الرياضيون، على غرار ثنائي المنتخب الجزائري، أندي ديلور نجم فريق مونبلييه الفرنسي وسفيان فيغولي المحترف مع نادي غلطة سراي التركي. ديلور غرد عبر حسابه في موقع «تويتر» قائلا: «الدكتورة وفاء بوديسة، كلّ التضامن مع عائلتك وأحبائك وزملائك في مستشفى رأس الواد في برج بوعريريج».
وفي المقابل، أكد سفيان فيغولي ارتباطه الوثيق بالجزائر، وهو ما يترجمه عادة على أرضية الملعب بروحه القتالية الكبيرة، حيث نشر عبر «ستوري» خاص بحسابه على موقع التواصل «إنستغرام»، صورة مرسومة للطبيبة الراحلة، كنوع من التضامن.
وكان وزير الصحة، قد أعلن عن إقالة رئيس هذه المصحة وملاحقته قضائياً، بسبب قراره التعسفي وإرغام الطبيبة الراحلة، وفاء بوديسة، على العمل وسط هذه الظروف، رغم أن المرسوم الرئاسي يفرض إعفاء الحوامل من العمل بسبب نقص المناعة، تفادياً لإصابتهن بفيروس كورونا.