سيد شحاتة النقشبندي:
* السادات كان يعشق صوته قبل أن يتولى الرئاسة وطلب من «بليغ» أن يسمع ألحانه بصوت النقشبندي فكان ابتهال «مولاي».. فكان ابتهال «مولاي»
* جدي كان مشهوراً وذائع الصيت حتى قبل أن يقدمه الإعلامي أحمد فراج للإذاعة
* لا صحة لرواية وجدي الحكيم عن رفض «النقشبندي» للعمل مع «بليغ حمدي»
* الرئيس السادات كان يحب جدي ويرسل له سيارة خاصة لاستضافته في «ميت أبو الكوم»، ودعاه على حفل زواج ابنته مع أم كلثوم وعبد الحليم حافظ
* سيد مكاوي ومحمد الموجي وأحمد صدقي لحنوا لجدي قبل بليغ حمدي
* كان يغني لأم كثوم وهو شاب ودعاها لبيته أثناء زيارتها لـ«السيد البدوي»
* كان مؤيداً لعبد الناصر وغنى له في أحد ابتهالاته بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا
* للأسف الشديد هناك أعمال كثيرة ضاعت بسبب الإهمال ولدينا تسجيلات نادرة تحتاج لميزانية كبيرة لتصبح لائقة للنشر
* شعر بقرب رحيله فكتب وصيته على ورقة كراسة قبيل رحيله بساعات ومات بين يدي طبيب السادات وهو يكشف عليه في مستشفى المبرة بطنطا
* قدم دويتو مع الفنانة سميحة أيوب وهذه هي حكاية الفيلم الذي مثله
* النزعة الفنية متأصلة في كل عائلة النقشبندي لكن أخي الراحل «أحمد» كان أقربنا شبها لصوت جدي ونجح في اختبارات «الموسيقيين» أمام حلمي بكر
قال حفيد الشيخ سيد النقشبندي إن جده صاحب الشهرة الكبيرة في عالم الابتهالات والإنشاد الديني مات دون ثروة أو رصيد في البنك أو حتى بيت يملكه، وإنه كتب وصيته قبيل رحيله بساعات. وأكد سيد شحاتة النقشبندي في حوار خاص لـ«المجلة» عن علاقة جده الوطيدة بالرئيس الراحل أنور السادات وكذلك علاقته بأم كلثوم، نافيا ما تردد عن رفض النقشبندي للتعاون مع الملحن بليغ حمدي في البداية وتحفظه على العمل معه. وكشف «النقشبندي» عن خوض جده لتجربة التمثيل في أحد الأفلام وكذلك مشاركة الفنانة سميحة أيوب في حلقات شعرية مسلسلة.
يعد الشيخ سيد النقشبندي من كبار الرواد في مجال الإنشاد الديني وارتبط اسمه بشهر رمضان منذ ظهوره على الساحة منتصف القرن الماضي وتقديمه لمجموعة كبيرة من الروائع التي لحنها له كبار الملحنين أمثال محمد الموجي وسيد مكاوي وبليغ حمدي والتي كان من أشهرها «مولاي»، و«أقول أمتي».
وعلى الرغم من مرور ما يقرب من 45 سنة على رحيله، فما زال المصريون يرتبطون بصوته وابتهالاته الشهيرة لحظة أذان المغرب، حتى أصبح أيقونة من أيقونات شهر رمضان، وبهذه المناسبة التقت «المجلة» بحفيده لابنته سيد شحاتة النقشبندي، وكان هذا الحوار...
* بداية هل يمكن أن نتعرف على أسرة الشيخ النقشبندي وأبنائه؟
- لقد عاش الشيخ النقشبندي في طنطا منذ سنه 55، وتزوج من زوجته الأولى السيدة صديقة، وهي جدتي، وأنجب منها ابنته الكبرى ليلى، وهي والدتي، وفاطمة وسعاد وهي على قيد الحياة، بالإضافة إلى الخال محمد والخال أحمد رحمة الله عليه الذي توفي هو وأخي أحمد في عام 2017.
بعد رحيل جدتي، تزوج جدي ثانية من سيدة أخرى وأنجب منها إبراهيم والسيد، وهما على قيد الحياة، بالإضافة إلى ابنته رابعة.
* هل تمارس الإنشاد الديني كالجد؟ وهل هناك في العائلة من ورث عن الشيخ النقشبندي جمال الصوت وممارسة الابتهالات؟
- بالنسبه لي أنا خريج أزهر لكني أعمل موظفا بسيطا في القطاع الخاص بمنطقة العاشر من رمضان، وكان جدي رحمه الله ينادينا جميعا بالنقشبندية، خاصة أنا وأخي أحمد رحمه الله وكان أبي يسعد جدا بهذا اللقب لأنه يشرفنا جميعا. أما عن وراثة الموهبة فيمكن القول إن النزعة الفنية متأصلة في أفراد عائلة النقشبندي فجميعهم يمتلكون جمال الصوت وموهبة الإنشاد، لكنهم لم يمارسوه بشكل احترافي، إنما من الممكن أن ننشد معا في جلسات خاصة، إلا أنه لا يوجد من يشبه موهبة جدي وصوته الجميل سوى أخي الراحل «أحمد» الذي كان أكثرنا شبها بالشيخ النقشبندي وكأنه قطعة منه.
كما كان لجدي الشيخ سيد النقشبندي أخ اسمه الشيخ إبراهيم محمد النقشبندي وكان صاحب موهبة وكان صوته جميلا وظل يرافق جدي الشيخ النقشبندي في الحفلات المختلفة حتى إننا نسمع صوته في الخلفية مع صوت جدي وهو ينشد في بعض التسجيلات، وهو بالمناسبة له حفيد اسمه أكرم النقشبندي يمارس الفن أيضا ولكن صوته ليس كصوت النقشبندي ولا كصوت أخي الراحل.
* لماذا لم يحترف شقيقك «أحمد» النقشبندي ويشتهر كجده؟
- بالفعل كان صوته جميلا جدا ويجيد الإنشاد والابتهالات مثل جدي سيد النقشبندي لكنه لم يحظ بأي اهتمام إعلامي رغم أنه كان صاحب موهبة حقيقية كبيرة بل ونجح في الحصول على عضوية المهن الموسيقية كعضو عامل، وأذكر أنني ذهبت معه إلى امتحان نقابة المهن الموسيقية وكانت لجنة الامتحان قوية جدا مكونة من الأساتذة حلمي بكر، وعفاف راضي، ومحمد رشدي، وكان معه 20 في الامتحان لم ينجح منهم إلا القليل جدا ومنهم أخي أحمد، الذي اختار وقتها أن يؤدي أحد الابتهالات التي كان ينشدها جدي النقشبندي، وذلك من باب التحدي وتأكيد الموهبة. لكن للأسف الشديد لم يحقق أخي هذا الاهتمام الكافي من الفنانين والإعلاميين، رغم أنه طرق أبوابا كثيرة وظهر على بعض الفضائيات على أمل أن يعثر على من يتبنى موهبته، لكنه ظلم بظهوره في تلك الفترة التي كانت تركز على نجوم ما عرف بالأغاني الشبابية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وأصيب أخي بحالة نفسية وحزن شديد توفي على أثرها في سن الخمسين، لكننا ما زلنا نحتفظ بتسجيلات صوتية له.
* هل كان الإعلامي أحمد فراج هو من اكتشف النقشبندي وقدمه للأضواء والشهرة؟
- جدي النقشبندي كان مشهورا وذائع الصيت في مختلف الأوساط المصرية خاصة في الأقاليم والأرياف وكذلك في مساجد القاهرة الكبيرة كمسجد الحسين والسيدة زينب الذي كان يحيي لياليهما خاصة في المناسبات الدينية وسط عدد كبير من المعجبين، وهو لم يكن منشدا فقط بل كان قارئا للقرآن الكريم، كما اشتهر في بداية حياته. وخلال هذه المناسبات كان يصاحبه صديقه المقرب الحاج سيد محمد، وذات مرة في إحدى ليالي مسجد الحسين كان موجودا معهما الإعلامي الكبير أحمد فراج الذي انتظر حتى انتهت الحفلة والتقى به في غرفة إمام المسجد وتحدث معه واتفقا على اللقاء في اليوم التالي ومن هنا بدأت علاقة جدي بالإعلام، من خلال دخوله الإذاعة المصرية وتقديمه الكثير من الروائع على يد ملحنين آنذاك كبار أمثال سيد مكاوي ومحمد الموجي وحلمي أمين وأحمد صدقي.
* هل كان الشيخ النقشبندي ينشد ابتهالاته على الموسيقى قبل دخوله الإذاعة؟
- لا. قبل أن يدخل جدي الإذاعة كان ينشد من دون أن تصاحبه الموسيقى، ولكن بدخوله الإذاعة بدأت مرحلة جديدة في مسيرة الإنشاد الديني للشيخ النقشبندي بمصاحبة ألحان كبار الملحنين. كما قدم أيضا تترات لمسلسلات دينية، منها تتر مسلسل «سلمان الفارسي الباحث عن الحقيقة»، وخلال هذه الفترة قدم جدي الشيخ النقشبندي عددا كبيرا من الأعمال المتنوعة التي انهالت عليه في تلك الفترة لموهبته الكبيرة. لذلك رغم أن عمره الإذاعي لم يتجاوز 10 سنوات وهي فتره صغيرة، إلا أنه استطاع أن يقدم في هذه السنوات العشر كما كبيرا من الروائع والإبداعات التي تركها رصيدا له في الإذاعة. ومن الأمور المثيرة للدهشة أننا نفاجأ كل فترة بظهور مادة جديدة لجدي مذاعة له في إحدى المحطات وكأنه يعيش بيننا ويقدم لنا الجديد كل فترة.
* هل حقاً أن الشيخ النقشبندي خاض تجربة التمثيل في أحد الأفلام؟
- بالفعل كان لجدي تجربة واحدة في التمثيل عندما قام ببطولة فيلم «الطريق الطويل» مع المخرج مصطفى كمال البدري، وكانت تجربة وحيدة من هذا النوع في حياته وكان يقدم فيها شخصية أحد المنشدين، وكانت سيرته الشخصية تشبه سيرة جدي، ولكن لسوء الحظ، وبعد أن سجل جزءا كبيرا من الفيلم بالإنشادات الخاصة به توفي المخرج بعد أن كان قد قارب على الانتهاء. وللأسف الشديد ليس لدينا نسخة من هذا العمل ولا نعرف أين نجده، وسألنا الكثيرين عنه دون جدوى، وأعتقد أن هناك نسخة أو نسختين من الفيلم إحداهما في استوديو مصر، وقد تكون الأخرى لدى أسرة المخرج الراحل مصطفى البدري لكن للأسف لم نستطع الوصول لأي شخص من أسرته.
* وماذا عن تجربته الشعرية مع الفنانة سميحة أيوب؟
- من روائع جدي النقشبندي أنه قدم برنامجا إذاعيا قصيرا في حلقات مع السيدة سميحة أيوب حيث كانت تلقي الشعر وكان هو ينشد على أنغام موسيقى مصاحبة للشعر وللأسف الشديد لم أسمع إلا حلقة واحدة من هذا البرنامج ولا أعلم شيئا عن باقي الحلقات التي أظن أنها بعدد أيام الشهر.
* أليس غريبا أن يتعرض تراث النقشبندي للضياع رغم وجود أسرته المتمثلة في الأبناء والأحفاد؟
- منذ رحيل جدي من 45 سنة تقريبا ونحن كأسرة للشيخ النقشبندي بحثنا كثيرا في كل مكان يمكن أن نجد فيه تراثا له، وكثير من أعمال جدي يتم العثور عليها صدفة في الإذاعة، ولكن لا تزال هناك أعمال كثيرة ضائعة. وعلى سبيل المثال هناك ما يزيد على 300 ابتهال للنقشبندي بالإذاعة على مدار السنوات العشر التي قدمها فيها، ولكن لا يذاع إلا عدد محدود وكأنه لم يقدم سواها، بينما مصير باقي الأعمال مجهول.
* في رأيك من المسؤول عن ضياع تراث جدك الشيخ سيد النقشبندي؟
- بعض موظفي الإذاعة هم المسؤولون عن ضياع هذا التراث الثمين بسبب الإهمال.
* تعتبر محطة لقائه بالفنان بليغ حمدي من أهم المحطات في مسيرة الجد، فكيف جاء اللقاء بينهما؟ وهل حقا أن الشيخ النقشبندي كان متحفظا على التعامل مع شخصية بليغ؟
- ما حدث أن الرئيس الراحل أنور السادات قام بدعوة جدي الشيخ النقشبندي على حفل زفاف ابنته وكان جدي ضمن ثلاثة نجوم تمت دعوتهم لإحياء الحفل، وكان النجمان الآخران هما السيدة أم كلثوم والفنان عبد الحليم حافظ. وكان الموسيقار بليغ حمدي من ضيوف الحفل، ولما رآه السادات قال له أمام النقشبندي: «يا بليغ أنا عاوز اسمع ألحانك بصوت النقشبندي» فنظر له مبتسما وانتهى الأمر حيث اعتبروها مجرد عبارات مجاملة من الرئيس. وكانت هذه هي بداية التفكير في تعاون هذا الثنائي.
* هناك رواية للإعلامي الشهير وجدي الحكيم بأن الشيخ النقشبندي كان متحفظا ورافضا التعامل مع بليغ لاختلاف الأوساط، لولا ضغط الرئيس السادات. فما رأيك؟
- أظن أن هذا الأمر ليس صحيحا ولم يكن لجدي أي اعتراض ولا تحفظ على الملحن بليغ حمدي ولكن ربما كان تخوفه الوحيد في هذه الفترة من الطابع الخاص لألحان بليغ التي اشتهر بها مع مشاهير المطربين كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ حيث كان يخشى على هيبة الإنشاد وما يتطلبه من حالة خشوع من موسيقى بليغ حمدي التي كانت تتسم بسمات مختلفة. لكن جدي لم يعترض أبدا على الإنشاد بمصاحبة الموسيقى لأنه سبق أن أنشد على ألحان موسقيين كبار كما ذكرنا.
* هل حقا أنه اتفق مع وجدي الحكيم أن يخلع عمامته والجبة إذا أعجبه لحن بليغ؟
- أود أن أؤكد أن هذه الأمور عارية عن الصحة فقد كان جدي منظما جدا ويكتب يومياته في مفكرة صغيرة وعندما رجعنا إلى هذا اليوم فيها لم نجد هذه الأقاويل وكل ما كتبه جدي عن هذا اليوم أنه ذهب والتقى وزير الإعلام وقتها الدكتور عبد القادر حاتم وبعدها التقى الفنان بليغ حمدي بصحبة المؤلف عبد الفتاح مصطفى وبدأت رحلة التعاون التي أثمرت 15 لحنا رائعا لأجمل الابتهالات التي أنشدها الشيخ النقشبندي، وكان من أشهرها «مولاي إني ببابك» مع العلم أنه لم يكن شهيرا كما هو الآن ولكنه اشتهر بتكرار إذاعته وكان ابتهال «أقول أمتي» أكثر شهرة. أما ما يتعلق بقصة خلع العمامة وخلافه من روايات أخرى للإعلامي وجدي الحكيم فهو أمر مشكوك فيه ويدخل في نطاق المبالغة لأنه بعيد عن الهيبة والوقار الشديد الذي عرف بهما جدي، وعندما أقرأ مثل هذا الكلام عنه أشعر بالاستياء.
* كيف بدأت العلاقة بين الشيخ النقشبندي والرئيس أنور السادات؟
- بدأ التعارف بينهما قبل تولي السادات الرئاسة وتحديدا منذ كان ضابطا، حيث كان جدي يذهب لإحياء ليالي مسجد سيدي الدكروري، وفي الليلة الختامية للاحتفال بمولده كان السادات هناك بالصدفة واستمع لإنشاد جدي وأبدى إعجابه بصوته، ثم ذهب كل منهما في طريق وانتهى الموضوع. وعندما تولى الرئاسة كانت شهرة النقشبندي ذائعة الصيت، وكان الدكتور محمود جامع «طبيب الرئيس السادات» جارا وصديقا للنقشبندي في مدينة طنطا، ولما علم الرئيس السادات هذه العلاقة قال للدكتور جامع: «إبقى هات معاك الشيخ النقشبندي وانت جاي» وتم اللقاء بينهما بالفعل في ميت أبو الكوم، ثم تكررت بعد ذلك، حيث كان جدي يفاجأ بسيارة الرئاسة أو سيارة مرسلة من قبل السادات تقف أمام بيته لتنقله إليه، وصارت بعدها علاقة وطيدة، وحرص الرئيس السادات على استضافته كثيرا في مسقط رأسه بالأرياف. وقد عرف عن السادات حبه لصوت جدي النقشبندي وعشقه لهذه النوعية من الموسيقى في إطار حرصه في تلك الفترة على نشر الأعمال المحفزة على رفع الهمم والمعنويات في وقت كانت تستعد فيه مصر لدخول الحرب والثأر لنكسة 67.
* هل كان جدك يتكلم مع السادات في السياسة خلال تلك اللقاءات؟
- كان جدي يذهب للرئيس السادات لقراءة القرآن وإنشاد الابتهالات في جلسات خاصة حافلة بالكنوز والروائع لكننا للأسف ليس لدينا نسخ من هذه التسجيلات.
* هل اقترب النقشبندي من الرئيس عبد الناصر كما اقترب من الرئيس السادات؟
- جدي كانت علاقته طيبة مع الجميع وليس معنى أنه وطيد الصلة مع الرئيس السادات أنه كان على خلاف مع الرئيس عبد الناصر، لكن ربما لم يكن قد اشتهر بشكل كبير وقتها ومن ثم لم يعرفه عبد الناصر، لكنه كان يحب عبد الناصر وكان مناصرا له بحكم تأييده للقومية العربية، وقد لا يعلم الكثيرون أن النقشبندي أنشد باسم عبد الناصر في ابتهال نادر كتبه الشاعر السوري أحمد الجسري تقول كلماته:
نور من الله عزت فيه وحدتنا ... كما سال تيارها في كل وجداني
مدت دمشق يدا فيها لقاهرة ... يصافح الإلف شوقا إلفه الثاني
يارب بارك لنا في وحدة جمعت ... منا القلوب على بر وتحنان
واكلأ برحماك جمهورية سعدت ... أيامها بجمال الناصر الباني
وقد أنشدها جدي بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا، وكان ذلك في دمشق بحضور علماء كبار أمثال الشيخ محمد سليم المراد، والشيخ محمد جميل عقاد، وتوفيق المنجد.
* في ظل علاقات الشيخ النقشبندي بعلية القوم وكبار السياسيين، هل تغيرت شخصيته أو حياته أو علاقاته بالبسطاء الذين عاش بينهم؟
- أبدا لم يتغير ربما كان يزداد تواضعا وتبسطا مع الناس. رغم أن جدي كان يتلقى دعوات من كبار الشخصيات من ملوك ورؤساء في العالم العربي والإسلامي منهم شخصيات كبرى في المملكة العربية السعودية والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، إلا أنه كان يحرص على أن لا يكون لذلك تأثير على علاقته بالبسطاء.
* ألم ينتقل بكم للعيش في مكان فخم يتناسب مع منزلته وقربه من الصفوة؟
- أبدا. لقد عاش جدي عمره كله في بيت بالإيجار ولم يشتر منزلا خاصا أو حتى أرضا للبناء عليها، لأنه على قدر ما اكتسبه من مال على قدر إنفاقه إياه في وجوه الخير ومساعدة الناس وإطعام الفقراء.
* هل يعني ذلك أنه لم يترك ثروة كبيرة بعد كل هذا النجاح والشهرة العالمية؟
- طبعا هو ترك لنا ثروة لا تقدر بمال وهي سيرته الطيبة وأعماله الرائعة التي خلدت اسم النقشبندي، لكن فيما يتعلق بالأمور المادية فإن جدي مات وهو لا يمتلك شيئا لا بيتا ولا أرضا ولا رصيدا في البنك ولم يمتلك حتى دفتر توفير بسيط، وكان ينفق أمواله كلها في تلبية أصحاب الحاجات لدرجة أن بعض أطفال الجيران كانوا يذهبون لتناول الطعام في بيته المواجه لمسجد السيد أحمد البدوي في طنطا، عندما يعلمون أنه جاء من السفر ولا يذهبون للأكل في بيوتهم. ولم يكن يرد أي سائل.
* هل سافر الشيخ النقشبندي لدول أجنبية غير عربية أو إسلامية؟
- لا لم يسافر لدول غربية، وأقصى مكان سافر إليه كان إندونيسيا بجانب طبعا سفره لإيران والكويت والمملكة العربية السعودية وسوريا وغيرها من البلدان الإسلامية. ولا شك أن له تسجيلات نادرة في تلك الأماكن التي سافر إليها نتمنى لو استطعنا الحصول عليها وقد نجحنا في الحصول على تسجيلات نادرة لجدي من إيران ونتمنى أن نجد تسجيلاته في باقي الدول التي زارها.
* على سيرة النوادر هناك صورة شهيرة جمعت الشيخ النقشبندي بسيدة الغناء العربي أم كلثوم. فهل كان على صلة بها؟ وكيف جاءت هذه العلاقة؟
- كان جدي يحب أم كلثوم ويغني أغنياتها الدينية في شبابه وكذلك ابنته الكبرى، وترجع هذه الصورة إلى مناسبة خاصة كانت تزور فيها أم كلثوم مسجد السيد البدوي في طنطا وهو المسجد المواجه لبيت جدي، فلما علم بزيارتها قام بانتظارها واستقبلها عند قدومها وسلم عليها وانتظرها حتى انتهت من طقوس زيارتها الدينية للمسجد ثم أخبرها أن أسرته تريد السلام عليها وأن ابنته الكبرى تعشق أغنياتها، ودعاها لزيارة بيته، فلبت أم كلثوم الدعوة والتقت بأسرة الشيخ لبعض الوقت ثم غادرت.
* هل حصل الشيخ النقشبندي على التكريم اللائق به؟
- تم تكريمه وحصل على وسام الجمهورية من الرئيس أنور السادات ولكن للأسف بعد رحيل الشيخ النقشبندي، وكان ذلك عام 1979، وبخلاف ذلك لم يحصل جدي على أي تكريم.
* مات الشيخ النقشبندي في سن صغيرة عن عمر 55 سنة ومن دون مرض سابق فهل شعر بدنو أجله؟ وما حكاية الوصية التي كتبها قبيل رحيله بساعات؟
- بالفعل مات جدي بشكل مفاجئ في عمر 55 سنة ولكنه استشعر قرب النهاية فكتب وصيته بشكل سريع ومفاجئ رغم أنه لم يشعر بأي آلام سوى ألم بسيط في الصدر قبل رحيله بـ48 ساعة، وما زلنا نذكر تفاصيل هاتين الليلتين. كان يوم الخميس الموافق الثاني عشر من فبراير (شباط)، وكان يستعد للسفر للقاهرة لأداء صلاة الجمعة في مسجد التلفزيون، وسافر بالفعل من طنطا قاصدا بيت أخته وزوجها الحاج سعد المواردي. وفي تلك الليلة طلب ورقة وقلما وكتب عليها بعض العبارات وسلمها لأهله وطلب أن لا تفتح إلا بعد وفاته. وذهب يوم الجمعة للصلاة بالمسجد وقرأ القرآن وحضر الصلاة ثم عاد للبيت ولكنه شعر ببعض الألم فاستشاره أبناؤه أن يتصلوا بطبيبه الخاص وتم الاتصال به وتم نقل والدي إلى مستشفى المبرة التي كان الدكتور محمود جامع – طبيب السادات وصديقه - مديرا لها، فدخل بنفسه ليكشف عليه ليفاجأ بوفاته بين يديه وأثناء الكشف عليه! وتبين لنا بعد ذلك تفاصيل ما كتبه في الورقة المطوية قبيل رحيله وكانت عبارة عن وصيته لأسرته وأبنائه وزوجته.
* هل ما زلتم تعملون على مشروع حفظ تراث الجد سيد النقشبندي أم أنكم يئستم وتوقفتم عن العمل؟
- كما ذكرت هناك أعمال كثيرة لجدي ضائعة ومع ذلك لا نكف عن البحث عنها في كل مكان مرارا وتكرارا وقد نجحنا بالفعل في العثور على تسجيلات نادرة وقيمة جدا لكنها تحتاج إلى معالجات فنية تقنية بحكم الزمن وهي أمور تتطلب تكلفة كبيرة لذلك ننتظر أن تأتي الفرصة المناسبة لإعداد هذه المواد للنشر إعلاميا بشكل لائق.