* عندما يسعى حزب الله وإيران إلى مواجهة الولايات المتحدة وتغيير معادلات المنطقة وإلى ما هنالك من مشاريع توسعية، ليسا أهلا لها، فعليهما أن يتحضرا لردة فعل توقف طموحاً خارج إمكاناتهما
أثمرت الجهود الكبيرة التي قام بها السفير الأميركي السابق لألمانيا والقائم حاليا بأعمال مدير المخابرات الوطنية الأميركية ريتشارد غرينيل مع الإدارة الألمانية بإدراج هذه الأخيرة حزب الله بكل فروعه العسكرية والسياسية على لائحة الإرهاب.
التقليل من شأن هذه الخطوة من قبل أمين عام حزب الله في إطلالته الأخيرة لا يعكس بالطبع أهمية حجم القرار الألماني وتداعياته على نشاطات الحزب خاصة في القارة العجوز.
لن ينفع نفي تواجد لأي نشاط لحزب الله في ألمانيا من قبل أمين عامه، كما لن ينفع نفي وجود أي علاقة بين الحزب والمؤسسات التي تمت مداهمتها أو الأشخاص الذين تم توقيفهم. فالرأي العام يعلم أن العدل الألماني لا يعمل على الطريقة اللبنانية أي من خلال تركيب الملفات. فلكي تخطو ألمانيا هذه الخطوة - وهي الحريصة دائما على عدم قطع العلاقات الدبلوماسية وقنوات التواصل مع الدول أو المؤسسات التي تختلف معها - هذا يعني أن هناك دلائل وبراهين قاطعة تدين الحزب وتجعل من نشاطاته عبر المؤسسات التابعة له نشاطات إجرامية وإرهابية بالنسبة للقوانين الألمانية.
وليس صحيحاً أبداً أن هذا القرار له علاقة بموقف حزب الله من «القضية الفلسطينية». فوزير الخارجية الألماني هايكو ماس قد يكون بمواقفه من هذه القضية أكثر تشدداً من حزب الله نفسه. وزير خارجية ألمانيا تميز أساسا بمعارضته لسياسة الولايات المتحدة «العدائية» تجاه إيران. فهو من أكثر المتحمسين لإنشاء وسيلة تتيح التعامل المالي مع إيران من دون التعرض للعقوبات الأميركية.
كثير من المجموعات الإرهابية تجد في ألمانيا ملاذاً آمناً بسبب تساهل قوانينها، خاصة تلك التي تتعلق بالاضطهاد، كون المحرقة اليهودية ما زالت جرحاً نازفاً في الذاكرة الجماعية للألمان.
فألمانيا آوت، في وقت من الأوقات، زياد الجراح اللبناني الذي كان ضمن مجموعة بن لادن التي هاجمت الولايات المتحدة الأميركية في 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
لذا ليس مستغرباً أن يكون لحزب الله تواجد في هذا البلد. فهو بالإضافة إلى الحرية النسبية التي يستطيع العمل ضمنها فألمانيا بوابة للولوج إلى أوروبا من دون عوائق.
قرار ألمانيا وضع حزب الله على لائحة الإرهاب ستكون له تداعيات مالية على حزب الله من دون أي شك. فهذه المؤسسات التي تعمل لصالحه لها إلى جانب مهامها الأمنية مهام مالية. فلهذه المؤسسات تسهيلات مصرفية وإعفاءات ضريبية طبقا للقانون الألماني المتساهل إلى أقصى حدود مع هذا النوع من المؤسسات ذات الطابع الديني الرعوي، يستفيد منها حزب الله. هذا التطور سيعرقل الكثير من أعمال حزب الله وإيران طبعا وسيضاف إلى لائحة العقوبات التي تطالهم.
الضغط الأميركي اليوم ينتقل إلى فرنسا. والاعتقاد هو أن فرنسا ومعها دول أوروبية أخرى ستلحق بألمانيا وتدرج حزب الله على لائحة الإرهاب. هذا يعني حرمان حزب الله ومؤسساته ورجال أعماله من الولوج إلى النظام المصرفي الأوروبي، وهذه بمثابة ضربة قوية جداً إلى حزب الله وإيران وستضعف أعمالهم في العالم بشكل كبير جدا ستكون له انعكاسات على مستقبل النظام الإيراني وحزب الله ومجموعة الميليشيات التي تعمل بوحي الحرس الثوري.
الذي يحدث مع حزب الله يذكر نوعا ما بمصير بابلو ايسكوبار زعيم كارتيل ميديين العالمي. فاحتكار المنظمة لنشاط الكوكايين من الإنتاج إلى الاستهلاك، وسيطرتها على أكثر من 80 في المائة من الإنتاج العالمي من المخدرات واستحواذها على 75 في المائة من سوق المخدرات في الولايات المتحدة الأميركية كان سببا لنهايته.
حاول اسكوبار تلميع صورته ودخل عالم السياسة وقام بأعمال خيرية من دون جدوى. قرار إعدامه كان قد صدر ودخل حيّز التنفيذ. يمكننا القول بشيء من التهكم إنه كان ضحية «نجاحه».
أصبح اسكوبار يتنقل ومعه مليارات الدولارات هاربا ومختبئا من الطوق الذي بدأ ينال منه.
عندما يسعى حزب الله ومن ورائه إيران إلى مواجهة الولايات المتحدة وتغيير معادلات المنطقة وإلى ما هنالك من مشاريع توسعية، ليسا أصلا أهلا لها فعليهما أن يتحضرا لردة فعل توقف طموحاً خارج إمكاناتهما.