* لا يناسب حزب الله أن يمضي لبنان قدماً في أي إصلاح، فهو وحلفاؤه يعتاشون من الفساد، ولذا قررت حكومة الرئيس دياب تمويل فساد السياسة في لبنان من جيوب اللبنانيين عبر إرهاقهم بالضرائب المباشرة
سُربت ورقة قيل إنها الخطة الحكومية التي تنوي تقديمها لكل الجهات المعنية بأزمة لبنان، أي أولا الشعب اللبناني والمصارف فالجهات الدولية الدائنة التي تملك سندات خزينة بعضها استحق وامتنعت الدولة اللبنانية عن سدادها، وأخيرا المؤسسات والدول التي تسعى إلى مساعدة لبنان بشكل قروض وفق شروطها طبعاً والتي تتمحور حول خفض عجز الموازنة العامة من خلال إصلاح قطاع الكهرباء وفرض ضرائب إضافية على المواطن اللبناني. اللافت في هذه الورقة المسربة أنها خلت من أي إصلاحات اقتصادية جدية تعدل في بنية الاقتصاد اللبناني وتوقف مساره الانحداري. لماذا؟
ببساطة إن أي تعديل في البنية الاقتصادية اللبنانية سينعكس على البنية السياسية اللبنانية، وأول المتضررين من تعديل جدي للبنيتين هو حزب الله، المستفيد الأكبر من فساد السلطة في لبنان؛ فحزب الله هو الأكبر حجما ماليا بما لا يقارن مع الزعامات السياسية الأخرى في لبنان، حيث إن بعضها يستفيد بشكل مباشر من عطاءاته مقابل الطاعة الكاملة. في البال جبران باسيل وزمرة المستفيدين من حوله.
ما هي التعديلات الأساسية المطلوبة داخليا والتي يمكن أن يطمئن الناس إليها بما قد يشير إلى تعاطٍ جدي من المسؤولين وإرادة فعلية من أجل تعديل فعلي في مسار الاقتصاد اللبناني؟
أولا: كثر الكلام من قبل بعض الكتل السياسية عن فائض التوظيف في الإدارات العامة من دون أن يصار إلى معالجة هذا الملف. ثلث موازنة الدولة تذهب لتغطية معاشات القطاع العام. جزء من هذه الأموال تدفع لموظفين وهميين لا يأتون للعمل وهم بالألوف.
تقرير لإبراهيم كنعان، النائب في كتلة الرئيس عون، تحدث عن وجود نحو 40 ألف وظيفة وهمية. هذه الوظائف تقسم على أولياء الطوائف. ووظيفة هذا التعدي على المال العام من قبل أولياء السياسة في لبنان ينحصر في شراء ولاءات العائلات والعشائر اللبنانية... المسّ بهذا الملف يعني المسّ بوظيفة الزعيم التي تقوم في جزء أساسي منها على تطويع بعض من عائدات الدولة لمصلحة مناصريه.
ثانيا: هناك مسألة التهرب الجمركي. هذا الأمر يمس مباشرة بحزب الله، إذ إن معظم التجار المقربين منه وبعضهم على لوائح العقوبات الأميركية يستفيد من دعم الحزب لإدخال البضائع عبر المرافئ أو المطار من دون دفع الجمارك، وبالتالي إغراق السوق اللبنانية بسلع تباع بأسعار لا يستطيع أي تاجر أو وكيل منافستها. هذه المسألة تحدث عنها الوزير السابق للأشغال غازي العريضي، وقال إنها تحرم الدولة من بضعة مليارات من الدولارات. يضاف إلى هذا كله مسألة التهرب الضريبي التي يسعى لها أغلبية التجار اللبنانيين وخاصة هؤلاء المحميين من قبل حزب الله.
أضف إلى ما سبق ملف الكهرباء والذي يعتبر مغارة علي بابا، حيث أنهك المالية العامة وكلف الدولة عشرات مليارات الدولارات على مدى ثلاثة عقود. حتى الساعة لم يكتشف بعد جهابذة لبنان حلا مستداما للكهرباء وما زال الشعب اللبناني يدفع ثمن فساد هذا الملف سنويا نحو الملياري دولار. الجهة المسؤولة عن هذا الهدر والفشل يتحمله بالجزء الأكبر من تربع على عرش تلك الوزارة في السنوات العشر الأخيرة حليف حزب الله، تيار جبران باسيل.
أي مقاربة اقتصادية تنحو في هذا الاتجاه الأولي والبسيط تضر بحزب الله مثل حلفائه، وتحرمه من مداخيل هو بأمس الحاجة لها خاصة مع تضييق الخناق على نشاطاته الإجرامية في القارة اللاتينية وخنق إدارة ترامب لإيران، مرجعيته الأساسية.
لذلك لا يناسب حزب الله أن يمضي لبنان قدما في أي إصلاح، فهو وحلفاؤه يعتاشون من الفساد، ولذا قررت حكومة الرئيس دياب تمويل فساد السياسة في لبنان من جيوب اللبنانيين عبر إرهاقهم بالضرائب المباشرة... فهل يقبلون؟