لا يوجد من يقلدني!

نجيب محفوظ في حوار فريد مع «المجلة»:

لا يوجد من يقلدني!

* لا مانع من وحدة شرق أوسطية في ظل سلام شامل وعادل
* التربية السليمة تقوم على العقلية الناقدة والتراث يحمي ثقافتنا وأبناءنا
* أنا ناصري مع الناصريين وساداتي مع الساداتيين
* لم أفكر في تقسيم حياتي الأدبية إلى مراحل بل سرت فيها بتلقائية
* أريد من الصحافة العربية التعليق الجيد والاهتمام بالثقافة والحياة الحديثة
* خطر العولمة أكبر على الأخلاق والعادات والتقاليد
* السوق العربية المشتركة حصن العرب في القرن المقبل
* شكرا للتاريخ إذا ذكرني
* أيها الأدباء العرب اكتبوا واقرأوا ولا تيأسوا
* مبارك ورث أخطاء من سبقوه

القاهرة: كيف يرى نجيب محفوظ سبعين عامًا مضت من مشواره الأدبي والإبداعي، أثرى خلالها أدبنا العربي وأوصله إلى العالمية. كيف يرى صاحب جائزة نوبل مستقبل الأدب والثقافة والفن في عالمنا العربي، وفي ظل آليات خطاب سياسي واجتماعي تغيرت وتيرته وآلياته على المستويين المحلي والعالمي، وفي عصر ارتفع فيه صوت العولمة، وطغت فيه ثقافة الصورة، وفرضت حضورها على ذوق وثقافة المبدع والمتلقي معا. 
وكيف يمكن أن نرى ملامح هذا المستقبل في مرآة ماض يجب أن نتخطاه ونتجاوزه، وفي الوقت نفسه، من الصعب أن نتركه خلف ظهورنا ونتنكر له، لأنه ملح هويتنا، ونبضها الممتد في جسد المكان والزمان.
لذلك كله توجهنا إلى نجيب محفوظ المبدع الذي رأى وعاش الماضي والحاضر معا، ولا يزال ببصيرته يستشرف خطى المستقبل ويشارك في صنعة بحيوية وجرأة.
 
قال محفوظ:
- نعم. لقد بدأت محاولاتي الأدبية قبل سبعين عاما ولكني أعتبر مشواري الأدبي بدأ منذ أول عمل أدبي نشر لي وكان في عام 1928.
 
* لكن ما هي مراحل تطور أسلوبك الأدبي خلال السبعين عاما من الإبداع؟
- أنا لا أفكر أبدا في النظر لتقييم حياتي الأدبية إلى مراحل وإنما كنت أسير فيها بتلقائية ووفقا لأقوال غيري من الأدباء والنقاد يقولون إن أسلوبي تغير كثيرا بعد كتابتي للثلاثية في إيقاعه وإيجازه وأسلوبه وهذا ما يعرفه من هم قائمون على دراسة الأساليب الأدبية.
 
* نجيب محفوظ أطل علينا بإبداعاته منذ سبعين عاما من القرن العشرين وهو قرن يشهد تغيرات وثورات سياسية كثيرة، ولكن مع ذلك قمت بتشريح البيئة المصرية وجوانبها الاجتماعية، فأين الحياة السياسية في كتاباتك؟
- رواياتي كلها مليئة بالسياسة وتعكس الحياة السياسية مثلما تعكس الحياة الاجتماعية، وذلك واضح في كثير من أعمالي مثل «زقاق المدق»، و«الثلاثية»، و«أولاد حارتنا»، التي تتحدث عن الثورة، و«ثرثرة فوق النيل»، و«مــيــــرامـــار»، و«الحرافيش»، أي أعالج الأمور السياسية من خلال رواية اجتماعية أو أقوم بعمل إسقاط سياسي في روايتي.
 
* أهم الأماكن والأشخاص الذين أثروا في أدب نجيب محفوظ؟
- الأماكن هي الحسين والعباسية والإسكندرية أما الأشخاص فهم كل رواد الجيل مثل العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ويحيى حقي والمازني وهيكل، ويضاف لهم الشعراء مثل حافظ إبراهيم وأحمد شوقي وخليل مطران. أما الأدباء العالميون فهناك برنارد شو، وتوماس مان، والكتاب الروس العظام.


 
* رغم شهرتك التي تتمتع بها وفكرك لم تفكر أن تكتب للصحافة، لماذا؟
- أنا لم تأت لي هذه الفرصة إلا من خلال باب «وجهة نظر» في الأهرام، ولكني قبل ذلك لم أسع لها رغم أنني أحب كتابة المقالات البسيطة إلى القارئ العادي.
 
* كيف ترى حال الأدباء خلال القرن المقبل وأدباء القرن العشرين من أدباء جيلك؟
- الحقيقة أن كل جيل يعتقد أنه أقل حظا من غيره ويواجه صعوبات كثيرة، ولكن أنا الآن وبعد مرور سبعين عاما من مشواري الأدبي أرى أن الأدباء الآن المعاصرين أقل حظا من أبناء جيلي، لأن للأدب منافسين في أشد الخطورة مثل التلفزيون والسينما والفضائيات والإنترنت، هذه كلها أمور تؤثر على القراءة التي بالتالي تؤثر على الكتابة حيث الأديب يرى نفسه في موقف أصعب بكثير من الذي بدأنا منه مع أننا كنا نظن أول ما بدأنا نكتب أن موقفنا عسير فالإعلام المرئي جذب الناس بعيدا عن القراءة، ولذلك يرى الأديب صعوبة الآن في أن تقرأ أعماله لأن الأدب معناه الكلمة المكتوبة التي تقرأ في كتاب.
 
* لماذا لا تقول إن السينما والمسرح والتلفزيون وغيرها من وسائل الإعلام وسيلة لنش الأعمال الأدبية؟
- إنها فرص موجودة ولكن الأدب هو ما يقرأ، لأن المخرج والسيناريست لهما وجهة نظرهما في الرواية المكتوبة فكثيرا ما تضيع رؤية الأديب أثناء تحويلها إلى عمل فني.
 
* هذا يجعلنا نسأل عن كتاباتك التي حولت لأفلام وأعمال سينمائية هل هي قدمت فكر نجيب محفوظ حقا؟
- أقول إنها كأعمال سينمائية وأفلام نجحت وتكاد تكون وصلت بفكرة على قدر فهم ذوي الثقافة المحدودة والأميين، وكفاية هذا على السينما.
 
* هل هناك من الأدباء المعاصرين من هو متأثر بنجيب محفوظ أو ترى من خلاله نجيب محفوظ في بدايته؟
- أرى في جيلي المعاصرين جميعهم نجيب محفوظ من حيث إصرارهم على النجاح والصبر والكفاح ولكني لا أحب أن أرى أحدا يقلدني، ولا يوجد من يقلدني، بل كل منهم يقدم نفسه بأسلوب جديد.
 
العولمة خطر
* مستقبل الأدب والثقافة العربية خلال القرن الحادي والعشرين كيف يراه نجيب محفوظ في ظل العولمة؟
- طبعا سوف تواجه الثقافة والأدب في المنطقة العربية خلال القرن المقبل تحديات كثيرة، لأن النوافذ كثيرة فتحت على العالم كله التي ستؤثر بدورها على الثقافة العربية خاصة في ظل العولمة التي دخلت إلى عدد كبير من الناس في بيوتهم، فأصبحت الثقافة والأغاني والعادات والأفلام والفنون تأتي إليهم من كل مكان في العالم.لذلك فالعوملة خطر ولكني لا أعتبرها خطرا كبيرا على الأدب والثقافة بقدر ما هي خطر على العادات والتقاليد والأخلاق والاقتصاد أو السياسة لأن ثقافتنا وأدبنا وتراثنا راسخ وقديم ومشهود له في العالم كله، ولكن حمايةً لأدبنا العربي وثقافتنا يجب علينا أن نعرف كيف نربي أولادنا تربية عقلية سليمة حيث يتلقون الذي يسمعونه ويقرأونه ويشاهدونه بعقلية ناقدة وليست مستسلمة، ونربي فيهم الديمقراطية حتى يكون عندهم القدرة على الاختيار والحكم، ونربي أولادنا تربية تراثية سليمة فيبدأون دراستهم بالتراث العربي يدخلون القرن الجديد كمن يدخل أمواج المحيط لكن يستطيع العوم عبر أمواجه، وذلك يتم عن طريق المدارس والجامعات والإعلام الذي يجب أن يركز أكثر على التراث العربي.
 
* هذا بالنسبة لفترة مضت، لكن من خلال الحاضر كيف يرى نجيب محفوظ مستقبل أدبائنا في القرن المقبل؟
- أرى أن القرن المقبل أصعب عليهم، لأنهم كما قلت لا يجدون التشجيع الكافي، ولذلك فإن الأديب الشاب يجد عقبات مثل الطباعة والنشر، خاصة الروايات التي لا تجد قراء بالقدر الكافي والأدب بالدرجة الأولى يعتمد على قراءة القارئ.
 
* قال الكاتب الكبير يوسف إدريس عندما حصلت على جائزة نوبل إنه كان أحق بها منك؟
- من حق كل أديب أن يتمنى ولا ألوم عليه في هذا التمني لأنه حق له.
 
* أين الشخصية الإسرائيلية من إبداعكم وما هي سلبياتها وإيجابياتها؟
- أنا لا أتناول الشخصية الإسرائيلية أو اليهودية الصهيونية في كتاباتي، لأن ذلك يتطلب معاشرة ومعرفة عن قرب، ولكن أنا أراها من على بعد حينما كان اليهود مقيمين بمصر قبل 1948، وهي فترة قليلة رأيتها شخصية جادة وملتزمة بالكلمة وإذا وعدت نفذت، أما الآن فهي شخصية منقسمة متشددة وليست معتدلة مرنة وهذا ما يحدث الآن، فالشخصية المتشددة متعنتة لا تعرف ماذا تريد ولا تسعى لسلامة وتأمين حتى نفسها، لأنها بقدر تعنتها مع غيرها وسلبها حقوقه على قدر ما فقدت الأمان حتى لنفسها.
 
* قصة للكاتب الكبير نجيب محفوظ لم يكتبها بعد؟
- لا توجد، لأن جميع ما أحببت الكتابة عنه كتبته، وحول على الورقة عبر سبعين عاما، ولكني إذا كتب لي العمر خلال القرن المقبل من الجائز أن يفرض نفسه بمتغيراته وعولمته وتطبيق اتفاقية «الجات»، لكي تلوح الأفكار لخاطري، ولو أن يدي الآن لا تستطيع الكتابة وإن كنت سأستعين بأحد على ذلك.
 
أكتب لكل العرب
* منذ بدايتكم الإبداعية عام 1928 وأنتم تكتبون باللغة العربية الفصحى، وكان قولكم «أنا أكتب لكل العرب وليس للمصريين»، فأين البيئة العربية من إبداعاتكم؟
- أنا بالفعل أكتب لجميع العرب وليس للمصريين فقط. ولكن إبداعاتي كانت متأثرة بالبيئة التي تعايشت معها، فحينما أكتب عن حي الحسين والعباسية وما يحدث بالقاهرة والإسكندرية لأني رأيت وتأثرت وعايشت وأدركت أنه يجب تشريح هذه البيئة. وحينما كنت أكتب مقالاتي لم أخص بها المصريين بل العرب أجمعين، ولكي أكتب رواية عن بيئة عربية اجتماعية كان يجب أن أكون متأثرا بمكان ما أو بلد، ولكن أنا رجل لا أحب السفر أبدا وهذا معروف عني، أنا لم أخرج من مصر حتى لجائزة نوبل أو العلاج وأرى أن مصر هي جزء من كل العرب وحينما كنت أذكر في رواياتي الاستعمار وسلبياته وإسقاطاته لا أخص بها مصر، لأنها أحداث كانت جارية أيضا في المنطقة العربية، وتمس نبض جميع العرب والدليل على ذلك القضية الفلسطينية الآن، والتي تمس وجدان مصر شعبا وحكومة، رغم أن أرضنا معنا، وذلك لأن أي مشكلة في جسد الأمة العربية تمس أي بلد آخر سواء كانت في مصر أو سوريا أو الكويت أو غيرها، فالعرب جسد واحد وكل البلدان العربية أعضاء فيه فالعرب جميعهم مصر ومصر هي العرب ولو رجعتم إلى مقالاتي وحتى رواياتي ترون أنها في صميم المجتمع والسياسة العربيين.



 
العرب ومعطيات القرن المقبل
* ما هو النموذج الذي ترى عليه مصر والمنطقة العربية خلال القرن المقبل؟
- يجب على مصر أن تستكمل ما ينقصها من ديمقراطية، والإيمان بالعلم والاعتماد عليه، حتى نصبح بلدا متوازنا، وأرى أن مصر ما زالت بين التقدم والتراجع وعليها أن تتقدم إلى الأمام بدفعة قوية وأرى أن سياسة الحكومة الحالية تسير في طريق صحيح من حيث البنية الأساسية والمدن العمرانية الجديدة والاتجاه إلى الاقتصاد الحر بدلا من الاقتصاد الموجه وإن كنت أرى أنه يجب أن تدخل الحكومة بقوتها للحد من جموح الجامحين حتى يتحقق التوازن بين طبقات الشعب في ظل سياسته الاقتصادية الجديدة، فأنا أطالب رجال الأعمال المصريين بأن يوفروا فرص العمل لأفراد الشعب بأجور ملائمة وعدم المساس بحقوقهم حتى يحدث توازن في ظل الاقتصاد  الجديد.
وأنا حينما أنظر لمصر أو أتكلم عنها فأنا أتكلم عن العرب أجمعين أي لا يتحقق لمصر الازدهار بمفهومه الشامل إلا من خلال وحدة عربية وهذه الوحدة لا تتم إلا حين نسعى بخطوات سريعة جادة بدءا من منطقة التجارة الحرة إلى تحقيق السوق العربية المشتركة حتى نواجه خلال القرن المقبل العالم أقوياء كعرب فأنا حين أقول مصر أذكر العرب لأن معطيات القرن المقبل لا تتكلم عن دولة واحدة بمفردها بل تتحدث عن تكتلات ولن نحقق قوتنا في العالم ويكون للعرب شأن إلا من خلال الوحدة العربية متمثلة في السوق العربية المشتركة، والوحدة الثقافية، فإذا تحقق ذلك وقف العرب على أقدامهم، ولنترك الوحدة السياسية تأتي نتيجة للوحدة الاقتصادية والثقافية التي هي ناتج لها.
 
نعم للتطبيع مع تحقيق السلام
* كيف يرى نجيب محفوظ مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي؟
- كلي أمل أن نصل لحل بالنسبة للقضية الفلسطينية، وأقول إنه لن يتحقق سلام شامل عادل إلا إذا رجعت الحقوق لأصحابها، وأرى أن أي سلام يبنى على القهر لن يدوم، وأن نتنياهو أكثر من تولى الحكومة الإسرائيلية تعنتا وعدم مرونة وتقدير لما يقوله أو يفعله، بل هو يضر بالشعب الإسرائيلي كما يضر بالشعب الفلسطيني، لأنه لن يتحقق الأمن الذي يتكلم عنه وينشده لكل بيت إسرائيلي وشعب بأكمله غير آمن فإنها سياسة ليست في صالح إسرائيل كما هي ليست في صالح فلسطين.
 
* كلمة من نجيب محفوظ موجهة من موقعه هذا للحكومة الإسرائيلية؟
- يجب أن يعود الحق لأصحابه وأن يتحقق السلام العادل الشامل، وأن يذعن نتنياهو إلى مطالب الفلسطينيين المشروعة التي هي حق لهم، بإقامة دولة فلسطينية وتنفيذ بنود اتفاقية مدريد وأوسلو وبذلك سوف يعيش الجميع آمنين على أنفسهم وحتى لو تقام دولة في نظام كونفدرالي أو غيره من الحلول المطروحة ولو نظر بعيدا ليرى المستقبل بهذا السلام سيتحقق الأمن والسلام والتكامل في المنطقة على كل المجالات السياسية والاقتصادية باطمئنان كامل.
 
* هل نجيب محفوظ يؤيد فكرة إقامة وحدة شرق أوسطية؟
- لا مانع أن نحقق في القرن المقبل ما يسمى بالوحدة شرق الأوسطية في ظل السلام الشامل والعادل، إذا حدث اطمأن كل شعب على أرضه، وأرى أنه من الممكن أن تمتد الوحدة الاقتصادية العربية وتصبح وحدة شرق أوسطية تأخذ جميع دول منطقة الشرق الأوسط ويجب على العرب أن لا يخافوا بل يعتمدوا على وحدتهم العربية والبدء بها والاعتماد عليها.
 
* هل يؤيد الكاتب محفوظ بذلك التطبيع مع إسرائيل؟
- نعم، في ظل سلام عادل شامل ولا مانع فنحن العرب أقوياء ولا نخشى على أنفسنا من قوة دولة كإسرائيل ونحن دول في منطقة كبيرة شعبا وأرضا واقتصادا، وإذا تحققت السوق العربية المشتركة فلا أجد ما يجعلنا نخشى إسرائيل أو غيرها.
 
محفوظ وثلاثة رؤساء
* تكلمت عن عصر ثلاثة رؤساء بما أثر على الأدب والأدباء في مصر، فهل لك أن تكلمنا عن عصر هؤلاء الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك، من حيث السياسة ومدى تأثيرها على حياة الشعوب، وهل أنت ناصري أم ساداتي؟
- أقول لك، أنا ناصري مع الناصريين وساداتي مع الساداتيين ومباركي مع المباركيين، وليس معنى هذا أني أصفق لكل من يجيء، ولكن لكل رئيس دولة من هؤلاء من الميزات ما يجعلنا ننسب روحنا إليه راضين، عبد الناصر ميزاته كثيرة، قام بالكثير من إصلاح زراعي وبناء السد العالي وجاء كزعيم أمة، ولكن كان ديكتاتوريا في حكمه.. الرئيس السادات لا أحد ينكر فضله في حرب 1973، ومرونته في التفاوض والسلام وكامب ديفيد وسياسته الخارجية، حتى أعاد أراضينا وحقن دماء أبنائنا ولكن جاء في عصره الإرهاب والانفتاح الاقتصادي ومساوئه.. فترة الرئيس مبارك أنا أشكره من مكاني هذا على ما قام به من بنية اقتصادية ناجحة وقام بالبنية الأساسية لمصر على مراحل وخطط وأزاح ديونها وبنى مدنا عمرانية كثيرة وحسن المواصلات والمياه والمدن ووفر السلع جميعها من المنتجات الغذائية حتى الثقيلة منها وسياسته الخارجية الناجحة وجهوده التي لا تنقطع أبدا في مساندة القضية الفلسطينية حتى ما يحدث لأي دولة عربية وموقفه من خلافات سوريا وتركيا، وسابقا ما حدث في الكويت وحرب الخليج، وأحب أن أقول إن مبارك قد ورث أخطاء من سبقه من الرؤساء وقام بالعمل على إصلاحها فمشكور على ذلك.
 
* هل كان نجيب محفوظ منتميا إلى أحد الأحزاب السياسية؟
- أنا دائما أؤيد فكر حزب ولكن لا أنتمي له بالعضوية وهو حزب الوفد..
 
* ما رأيكم في تعدد الأحزاب المعارضة في مصر؟
- خطوة جيدة وبذرة نرجو لها أن تنمو لعمل قواعد شعبية تقوم عليها ديمقراطية حقيقية.
 
محفوظ والصحافة
* لا نغفل في حديثنا معكم رؤيتكم لمستقبل الصحافة العربية والوقوف على سلبياتها وإيجابياتها؟
- الصحافة بوجه عام في العالم كله وليس في المنطقة العربية وحدها تواجه خطرا كبيرا لا يقل عن الخطورة التي يواجهها الأدب والاقتصاد من العولمة، فإن وسائل الإعلام المرئية والفضائيات جذبت المتلقي بعيدا نوعا ما عن الصحافة، وتسابقت مع الصحافة في نشر الخبر والمعلومة حتى سابقتها في الحوادث والتحقيقات ولذلك يجب على الصحافة العربية أن تقدم ما هو متميز حتى تستطيع أن تواجه هذا الخطر، ولا ينسحب البساط من تحت قدميها خلال القرن المقبل، وليس معنى هذا أن الصحافة لن يكون لها جمهور ولكن الاعتماد في تلقي الخبر والمعلومة ليس عليها في المقام الأول، لخطورة الفضائيات والإنترنت.
كلمة موجهة مني للصحافة العربية: نريد الخبر الصحيح، والتعليق الجيد، والتنوع في الثقافة والاقتصاد والشؤون الحياتية وخاصة الحياة الحديثة، وأنا أرى أنها تقوم بهذا كله من دون شك.
أما عيوبها فتتلخص في أن بعضها لا يتمتع بالحرية الكاملة، مثل الصحف القومية، وتسير خطوة بخطوة مع سياسة دولها. وأما الصحافة المعارضة فهي متحررة بعض الشيء ولكن نريد المزيد حتى تتحقق ديمقراطية الرأي والفكر كما نأمل. وعموما الحرية في الصحافة الآن أكبر بكثير مما كانت عليه في مستهل القرن العشرين وأي كلام من الذي أقول الآن كان يعتبر خرافة وقتها.
 
* بعد مرور سبعين عاما من الكتابة والإبداع الأدبي والفكري، أصبحت في ذاكرة التاريخ، ماذا تقوله لأدباء القرن المقبل؟
- أقول إن لكل زمن رجاله في التاريخ وهذا التاريخ غول يطمس ناسا ويبقي على آخرين وإن قدر لي أن يحفر اسمي بين جنبات التاريخ في عالم الأدب فلا يسعني سوى الشكر لكل من قدر أعمالي الأدبية وليس معنى هذا أن الأديب الذي يحصل على نوبل يكون أديبا عالميا، فأنا أرى أن كل عمل وأدب جيدين يعتبران عالميين والكثير من أدبائنا المعاصرين ترجمت أعمالهم مثل حنا مينا وجمال الغيطاني وفاروق منيب وغيرهم، وكلمتي لهم: أيها الأدباء العرب اكتبوا واقرأوا ولا تيأسوا.

font change