* نحن أمام أنظمة لا تستهتر فقط بحياة شعوبها، بل هي خطر على شعوب العالم أيضاً. في حالة الصين إخفاؤها عن العالم مصيبة كورونا... وفي حالة إيران زرع القتل والإرهاب ورعاية الأعمال الإجرامية للميليشيات التابعة لها حول العالم
لنبدأ من الصين، وتحديدًا من توبيخ السلطات فيها للطبيب وينليانغ، واتهامه بنشر معلومات كاذبة، بعد تحذيره من خطورة انتشار فيروس كورونا.
مات الطبيب، ثم عادت السلطات الصينية واعتذرت من عائلته. هذا يدل من دون أدني شك على أن الصين أخفت عن العالم واقعة خطيرة، أدت إلى:
أولا: تحول كورونا إلى وباء عالمي حصد حتى الساعة أكثر من 15 ألف ضحية.
وثانيا: تحميل العالم أجمع- جراء الحجر الإجباري الذي فرضته حكومات كثيرة على سكان مدنها- خسائر اقتصادية هائلة... إضافة لازدياد عدد العاطلين عن العمل، في أكثر من مكان بشكل دراماتيكي، على خلفية إفلاس شركات عالمية كبرى أو توقفها وقتيا عن العمل، لا سيما شركات الطيران والمقاهي والمطاعم، على سبيل المثال لا الحصر.
انتشار هذا الوباء عالمياً كشف أيضاً ثغرات كبيرة لدى الدول الغربية، تحديداً في نظامها الصحي الذي أدى إلى وفاة أشخاص لنقص أجهزة التنفس من المستشفيات، كما في إيطاليا، حيث اضطر الأطباء إلى انتقاء من يحظى بجهاز تنفس ينقذ حياته ومن يُترك من دونها ليموت.
تقول دراسة لجامعة ساوثهامبتون إنه لو تصرفت الصين بمسؤولية تجاه العالم في موضوع انتشار الوباء في حينه، لكان 95 في المائة من المصابين تفادوا انتقال الفيروس إليهم.
عدم تتصرف حكومة الصين بمسؤولية تجاه العالم قد يكون سببه اقتصاديا، ولكن الأخطر يكمن في استطاعة الصين إخفاء معلومات بهذا الحجم والأهمية عن العالم أجمع، مما يحملها مسؤولية مباشرة عن الأحداث والمآسي التي يعيشها حاليا سكان الكرة الأرضية.
من دون شك، هناك أسئلة مشروعة على الغرب والعالم الحّر طرحها على ضوء أزمة كورونا العالمية، حول استمرار الصين مركزاً أساسياً ومحورياً لصناعات العالم، واعتماد العالم بالتالي عليها. وعلى الغرب أيضاً إعادة التفكير في المنحى الاستهلاكي الخطير الذي تنتهجه مجتمعاته مدفوعاً بتدني أسعار السلع على أنواعها، لأنها مصنوعة في بلاد تمارس على طبقة العمال فيها نوعاً من العبودية الحديثة. هذا لا يمكن أن يحدث إلا في بلاد ديكتاتورية تستهتر أصلا بالقيمة الإنسانية للمواطن فيها.
أما في إيران فإلى جانب تقصير الحكومة عن قصد في اتخاذ تدابير للحد من انتشار الوباء قبل الانتخابات التشريعية فيها، فقد أعلنت رفضها للمساعدات الأميركية الطبية التي عرضت عليها من خلال الوسيط السويسري، تحت حجج واهية، تتعلق بنظرية المؤامرة السخيفة.
حتى الساعة عدّاد الضحايا الإيرانيين تعدى 1500 ضحية، لتصبح البلد الثالث بعد الصين وإيطاليا من حيث عدد الإصابات والوفيات.
فشلت إيران في الحد من انتشار المرض في مدنها، ولكنها اكتشفت أن بإمكانها استعمال أموات كورونا من الإيرانيين للضغط على الأميركيين من أجل رفع العقوبات بالكامل عنها. وإلا لماذا رفضت المساعدات الأميركية؟
نحن أمام أنظمة لا تستهتر فقط بحياة شعوبها، بل هي خطر على شعوب العالم أيضاً. في حالة الصين إخفاؤها عن العالم مصيبة كورونا وتسببها بكارثة إنسانية واقتصادية ذات بعد عالمي. وفي حالة إيران زرع القتل والإرهاب ورعاية الأعمال الإجرامية للميليشيات التابعة لها حول العالم.
قد يكون كورونا وباء عالميا يصيب الجميع، ولكنه أيضا منبه لخطورة النظامين الديكتاتوريين اللذين يسعيان للسيطرة الخارجية، كل حسب قدراته على حساب الأرواح البشرية، التي تقف في طريق مخططاتها واستراتيجياتها.
على الغرب أن يرفض ويتشدد مع نهج البلدين رغم مصيبة كورونا.