* خبراء يؤكدون حقيقة الحرب البيولوجية وخطورة وفاة الملايين
* الصين تنفي تسرب الفيروس من معاملها وتشير إلى «نظرية المؤامرة»
* احتفاظ الدول العظمي برصيد من الأسلحة البيولوجية واقع يعلمه المتخصصون
* فيلم أميركي قديم رصد عمليات استغلال الفيروسات لتصنيع الأمصال وجني الأرباح
* بيل غيتس تنبأ بانتشار فيروس متطور سيحصد أرواح 33 مليون شخص في جميع أنحاء العالم
* أستاذ طب وقائي: الأسلحة البيولوجية من أشد أدوات التدمير الحديثة
* انتقال الفيروس للدول النامية يمثل خطراً داهماً بسبب ضعف الإمكانيات الطبية والوقائية
* تغيرات جينية، وطفرات وراثية للفيروس، جعلت من كورونا أكثر شراسة
القاهرة: الرعب العالمي من فيروس متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد أو الذي يطلق عليه اسم «كورونا-NCoV-2019» فتح الباب أمام كثير من التكهنات حول طبيعة هذا الفيروس القاتل وخاصة في ظل سيل المعلومات الهادر عبر شبكة المعلومات الدولية الإنترنت، وكذلك زيادة الأوضاع السيئة جراء رعب الفيروس سواء من حيث عدد الوفيات يوميا أو الإصابات الخطيرة، خاصة بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن الفيروس، وإن كان لم يتحول لوباء عالمي بعد، إلا أنه من الممكن أن يكون كذلك، وكان من بين التكهنات المثيرة للجدل خلال الفترة الأخيرة مسؤولية الولايات المتحدة الأميركية عن نشر هذا الفيروس في إطار الحرب التجارية والسياسية مع الصين التي باتت قوة اقتصادية وتجارية عظمى خلال العقد الأخير، وزاد من اقتناع البعض بهذا التكهن حقيقة ما يسمى «الحرب البيولوجية» والتي يعترف بها المتخصصون، وهو ما جعل من فرضية نشر الوباء بشكل متعمد أمرا جديرا بالمناقشة والدراسة والتحليل في ظل ما يثار عن احتفاظ الدول المتقدمة برصيد هائل من الفيروسات «المخلقة معمليا» والكفيلة بالقضاء على عشرات الملايين من البشر والحيوانات في حال استخدامها أو نشرها بشكل أو بآخر، وهو ما عزز أيضا من فرضية استهداف الصين بهذا الفيروس.
حرب بيولوجية
الفرضية الثانية طرحت للنقاش مجددا قضية «الحرب البيولوجية» وذلك بعد أن أكدت تقارير علمية إمكانية تسرب فيروس «كورونا» من أحد مراكز الأبحاث الصينية الخاص بالأسلحة البيولوجية وهو ما يؤكد أيضا – في حال صحة التقارير - صدق موضوع «حرب الفيروسات» بين الدول العظمى والتي يزيد من تأكيدها وجود عشرات معامل الأبحاث حول العالم، وعزز من هذه الآراء حديث الخبراء عن تخليق كورونا معمليا في ظروف الحرب التجارية المحتدمة بين أميركا والصين وما يسمى حروب الجيل السادس الذكية. ودعم أيضا من هذه الفرضية ربح موقع أمازون الأميركي المليارات بعد توقف هواة الشراء عبر الإنترنت عن الشراء من موقع إكسبرس الصيني وذلك عقب الرعب جراء انتشار فيروس «كورونا».
مكاسب شركات الأدوية بمئات المليارات
أرباح شركات الأدوية كانت مثار حديث آخر عن فوائد تعود بالمليارات على كبار مصنعي الأدوية في العالم وكسب مئات المليارات سنويا جراء ابتكارات مضادات الفيروسات، كما سبق وربحت من غيرها كأدوية ولقاحات الإيبولا وأنفلونزا الخنازير والسارس وغيرها من اللقاحات المضادة للأمراض والفيروسات المستحدثة التي ظهرت فجأة ومن دون سابق إنذار، هذا بالإضافة إلى الأرباح الطائلة من الأمراض الأخرى.
التنبؤ بالأوبئة المخلقة معمليا كان مثارا للحديث أيضا عن كورونا بعد تنبؤ بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت الأميركية بانتشار فيروس متطور سيحصد أرواح 33 مليون شخص في جميع أنحاء العالم خلال الشهور الأولى لانتشاره وكان ذلك خلال مؤتمر لجمعية ماساتشوستس الطبية في الولايات المتحدة الأميركية، وقام بعرض دراسة لمعهد «تخليق الأمراض» توضح مدى انتشار الفيروس من الصين إلى العالم، وهو التوقع الذي أيده الرئيس الأسبق لمنظمة الصحة العالمية من حصد الفيروس لعشرات الملايين خلال عام واحد من انتشاره، وتصميم تجارب محاكاه في عدة دول على هذا الأمر.
فيلم أميركي تنبأ بكورونا
الهجمة الشرسة للفيروس دفعت للمزيد من عملية استرجاع رصيد هوليوود من الأفلام التي تطرقت للحرب البيولوجية ومنها فيلم «العدوى» للمخرج الأميركي ستيفن سودربيرغ والذي عرض عام 2011. وتنبأ بظهور فيروس قاتل من خلال مؤامرات غربية لتصنيع أمصال بهدف إيقاف الفيروس لحصد المليارات من الدولارات، والترويج للمنتجات العلاجية من خلال بث الرعب في نفوس البشر جراء الفيروس القاتل.
سلاح بيولوجي
الاتهامات المتبادلة بين أميركا والصين دخلت دائرة الضوء مؤخرا بعد اعتبار السيناتور الأميركي توم كوتون أن كورونا أسوأ من كارثة تشرنوبيل النووية، متهما المسؤولين في الصين بتضليل الرأي العام، ملمحا إلى تطوير الفيروس داخل المختبرات الصينية كسلاح بيولوجي، وأن بكين لم تكشف عن العدد الحقيقي للحالات المصابة وكذلك الوفيات جراء الفيروس، فيما كان الرد الصيني باتهام الولايات المتحدة الأميركية بنشر الذعر في العالم، وعدم تقديمها مساعدة حقيقية للصين للمساعدة في مقاومة الفيروس، ولكن على العكس من ذلك كانت أول دولة تسحب طواقمها القنصلية من المدينة الموبوءة (ووهان) وحظرت كذلك دخول المواطنين الصينيين وكذلك تلميحها بمغادرة الشركات الأميركية للصين – بحسب المسؤولين الصينيين – وهو ما تم الرد عليه من قبل بعض وسائل الإعلام الصينية باتهام الجنود الأميركيين المشاركين في دورة الألعاب العسكرية التي استضافتها ووهان، في شهر سبتمبر (أيلول) العام الماضي بأنهم وراء انتشار الفيروس بعد أن شاركت أميركا بنحو 700 جندي لم يحققوا إنجازات كبيرة في البطولة كعادة الفرق الأميركية، وأنهم كان لديهم أجندة أخرى وهي نشر الفيروس من خلال التجول في أسواق ووهان وخاصة سوق المأكولات البحرية.
مؤامرة غربية
الرفض الصيني لما يثار عن تسرب الفيروس من أحد المختبرات في ووهان أو ارتباطه بالحرب البيولوجية اقترن بتقارير صينية تحدثت عن «نظرية المؤامرة» الغربية وهو ما ساقه المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية جينج شوانج خلال مؤتمر صحافي من أن الصين لا تخوض حربا لصالحها فقط ولكن أيضا لصالح الصحة العامة في العالم، متهما بعض وسائل الإعلام والأفراد بنشر ما سماه «بيانات مثيرة» إما عن جهل أو «نوايا سيئة» وأن موضوع التسرب الفيروسي من المعامل الصينية ليس له أي أساس علمي على الإطلاق، ولكن في المقابل لم ينف إيغور نيكولين العضو السابق في لجنة الأمم المتحدة للأسلحة البيولوجية هذه الفرضية ملمحا إلى أن ظهور الفيروس يمكن أن يكون نتيجة لاستخدام سلاح بيولوجي أميركي، مذكرا بواقعة إغلاق أحد المختبرات الحيوية العسكرية في إندونيسيا ضمن المختبرات الأميركية في جميع أنحاء العالم والبالغ عددها 400 مختبر والتي كانت تجري اختبارات سرية عن أنفلونزا الطيور والذي تم تصنيفه كوباء خطير، هذا بالإضافة إلى تحذير خبراء عسكريين من أسلحة بيولوجية يمكن أن تقضي على 400 مليون شخص في العالم.
آثار خطيرة
الدكتور محمد نجيب سيف أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي بجامعة الأزهر قال لـ«المجلة»: «الجراثيم والفيروسات من المسببات الخطيرة لنشر الأوبئة بين البشر، وهناك تاريخ يوضح وفاة الملايين جراء هذا الأمر بصرف النظر عن وقوع ذلك بشكل عفوي أو مقصود، فهي من أشد العوامل فتكا بالبشر والحيوانات وتسبب كذلك تدمير البيئة، وهناك الكثير من النماذج لانتشار مثل هذه الفيروسات ومن بينها ما عرف بـ(الجمرة الخبيثة) والتي تحدثت التقارير عن إرسالها بالبريد لاستهداف شخص بعينة أو مجموعة من الأشخاص داخل الولايات المتحدة الأميركية».
وتابع: «الآثار الخطيرة للأسلحة البيلوجية تكمن في سرعة انتشارها بين البشر والحيوانات، وصعوبة اكتشافها، وكذلك صعوبة التفريق بينها وبين الحالات المرضية الطبيعية وتحديد مصدرها، وهناك تاريخ قديم في تلويث مياه الشرب من خلال جثث المحاربين وانتشار الأوبئة أو نشرها عمدا في معسكرات الأعداء، وهناك رصيد تاريخي في انتشار عدد من الأوبئة المعروفة مثل الكوليرا التي حصدت أرواح الملايين من البشر».
وتابع الدكتور نجيب سيف: «الأمر في غاية الخطورة فيما يتعلق بانتشار فيروس كورونا، حول العالم، ويجب على الجميع اتخاذ إجراءات احترازية خاصة في أماكن التجمعات مثل المطارات والأماكن التي يتواجد فيها الناس بكثافة مثل مباريات كرة القدم وخلافه، فالعدوى الخاصة بالفيروس تنتشر عن طريق السعال أو العطس من خلال «الرذاذ» المتطاير من الجهاز التنفسي، وأيضا من خلال المصافحة بالأيدي بين الأشخاص الذين يمكن أن ينقل أحدهما المرض للآخر عبر هذا الأمر، ويقوم عدد من الباحثين حاليا بإجراءات مكثفة لاستكشاف المزيد حول هذا الفيروس الخطير ووسائل انتشاره بين البشر».
وأضاف الدكتور نجيب سيف: «العدوى بالفيروس انتقلت بين الآلاف من البشر خلال أيام معدودة، بالإضافة إلى المئات من الوفيات وهو ما يدل على الخطورة الكبيرة من الفيروس خاصة بعد انتقاله إلى ما يزيد على 20 دولة حول العالم من خلال القادمين من الصين، وهو أمر غاية في الخطورة وأيضا مرشح للزيادة من خلال انتشار العدوى بين المزيد من الناس خلال الفترة القادمة».
وحول إمكانية انتشار العدوى بشكل أكثر خطورة قال: «الخطورة تكمن في انتشار العدوى في الدول النامية، والتي تعتبر إجراءات الوقاية والعلاج فيها متواضعة، وهذا يمكن أن يفاقم من خطورة الموقف على هذه الدول بشكل خاص، وكذلك عالميا أيضا في حالة عدم التزام الحرص، وإجراءات الوقاية اللازمة، والأمر أيضا غاية في الخطورة بالنسبة للصين والدول الآسيوية المحيطة بها خاصة مع عدد السكان الذين يقدر بمئات الملايين في الدول الآسيوية وكذلك عدد السكان في الصين الذي يقارب ملياري نسمة، ويجب في مثل هذه المواقف إلغاء الاحتفالات والتجمعات، وكذلك الفعاليات الكبرى التي يتجمع فيها آلاف البشر تجنبا للإصابة بالعدوى، وكذلك أخذ الحيطة والحذر من خلال ارتداء «الكمامات» الطبية الواقية، وتغطية الأنف والفم في حالة السعال أو العطس لتجنب انتشار الرذاذ.
تغيرات جينية
وحول تطور الفيروس عن ذي قبل قال الدكتور نجيب سيف: «المرجح تطور الفيروس بالفعل عن ذي قبل من خلال حدوث تغيرات جينية، وطفرات وراثية جعلت منه أكثر شراسة، وأكثر انتقالا، وسرعة في العدوى، وما زال الكثير من الأمور الخاصة بالفيروس غير معروفة ومنها فترة الحضانة الخاصة داخل الجسم، والوقت الذي يستغرقه لظهور الأعراض على الشخص المصاب والتي يرجح خبراء الصحة العامة أنها تستمر لمدة أسبوعين، وهو أمر غير مؤكد حتى الآن، ويمكن أن يكون الوقت أطول من ذلك، والتشخيص يمكن أن يتم من خلال أخذ عينة سوائل من الجهاز التنفسي، أو عن طريق عينات الدم، ويمكن من خلال العينات اكتشاف الأجسام المضادة في الجسم، وهناك أوقات زمنية لتحديد هذا الأمر للتأكد من الإصابة بالمرض».
وحول وجود علاج مؤكد للفيروس تابع قائلا: «لا يوجد حتى الآن علاج محدد لفيروس كورونا الجديد، والنصيحة في حالة وجود سعال مستمر مصحوبا بصعوبة في التنفس أو إرهاق شديد وألم في الصدر مراجعة أقرب طبيب فورا».
إجراءات مشددة
وتتخذ السلطات الصحية في الصين إجراءات مشددة لمنع انتشار الفيروس في البلاد من خلال الحجر الصحي على نحو 50 مليون شخص في مدينة ووهان، ومحاصرة مقاطعة هوبي، وفرضت بعض المدن الصينية قيودا على تنقلات سكانها البالغ عددهم ملايين الأشخاص، وتم إغلاق عدد من الطرق الرئيسية، وذلك في محاولة للسيطرة على انتشار الفيروس الذي ينتشر بسرعة كبيرة، فيما شددت السلطات الصينية على خروج الأشخاص من المنازل والسماح فقط لشخص واحد من كل أسرة بالخروج من المنزل مرى واحدة كل يومين لشراء احتياجات المنزل، فيما تم إغلاق العشرات من محطات تحصيل الرسوم على الطرق السريعة، فيما خصص البنك المركزي الصيني 173 مليار دولار لمكافحة الفيروس الخطير.
وفرضت معظم دول العالم إجراءات وقائية للقادمين من الصين بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الدولية بسبب الفيروس، وكذلك إعلان حالة الحجر الصحي لاستقبال المواطنين القادمين من الصين بعد أن وصل عدد الدول التي وصل إليها الفيروس إلى 20 دولة.
تدابير وقائية
الإجراءات الدولية لمواجهة انتشار الفيروس تشابهت بشكل كبير بين الدول التي تتخوف من انتقال المرض إليها، واشتملت الإجراءات استدعاء الطلاب الوافدين إلى الصين للدراسة مثلما حدث في المملكة العربية السعودية التي أعادت عددا من الطلاب السعوديين، فيما علقت عدد من خطوط الطيران رحلاتها إلى بعض المدن الصينية، ومنعت دول دخول مواطني الصين إلى أراضيها، فيما أجلت دول رعاياها من الصين ووضعتهم تحت المراقبة الطبية المستمرة لحين التأكد من سلامتهم.
وترجح بعض التقارير ظهور الفيروس لأول مرة في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في أحد أسواق مدينة ووهان الذي تباع فيه الحيوانات البرية وانتشاره من هذا المكان يمينا ويسارا، ولم يكن هو الخطر الوحيد بعد الإعلان عن ظهور سلالة جديدة من فيروس «إتش 5 إن 1» المسبب لإنفلونزا الطيور والتي أبلغ عنها في مقاطعة هونان الصينية بحسب ما صرح به مسؤولون صينيون مؤخرا من ظهور الفيروس في إحدى المزارع هناك، وتوفي جراء ذلك آلاف من الطيور، واتجاه السلطات الصينية إلى إعدام عشرات الآلاف من الدجاج نتيجة تفشي الفيروس الذي عاد من جديد بعد اختفائه عام 2003 وتسببه في وفاه نحو 400 شخص في دول عدة.
تدابير صارمة لوقف انتشار الفيروس
أشارت لجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية إلى أن وقف انتشار الفيروس عالميا ما زال ممكنا بشرط اتخاذ دول العالم ما سمته «تدابير صارمة» للكشف عن المرض في وقت مبكر، وعزل الحالات المصابة وعلاجها، والقيام بتتبع الحالات المخالطة وتشجيع تدابير ما سمته «التباعد الاجتماعي» بما يتناسب مع مستوى الخطر لمنع انتشار العدوى، ووضع كذلك معايير طارئة للصحة العامة، وكذلك بذل جهود عالمية منسقة لتعزيز التأهب في المناطق التي تحتاج لدعم إضافي لمواجهة الفيروس.