* المتحدث باسم مجلس النواب المصري: يجب مواجهة أغاني المهرجانات لأن انتشارها أخطر على مصر والمجتمعات العربية من فيروس «كورونا»، لأنها تعتبر تزييفاً للواقع العام وحرباً على القيم
* موسيقيون: مصطلح مطربي المهرجانات اختراع أطلقه الجهلة وغير المثقفين وهؤلاء المغنون الذين يدعون أنهم مطربون وقامو بـ«التخديم عليه» جيدا ونجحوا في تصديره للناس
* حلمي بكر: المشكلة ليست في المطربين ولكنها في الجمهور الذي يتعاطى هذه الأغاني فهو الذي يشجع هؤلاء المغنيين على فعل ما يريدون
* عبد الله السناوي: منهج المنع والحجب والمصادرة لم يصلح في الماضي ولن يصلح في الحاضر أو المستقبل لمواجهة أو ادعاء مواجهة نوع معين من الفنون
* المحامي سمير صبري: قرارات نقابة المهن الموسيقية حيال «مطربي المهرجانات» تتسق مع صحيح الواقع والقانون
القاهرة: في ظل اجتياح فيروس كورونا القاتل الذي تحول إلى وباء حذرت منه منظمة الصحة العالمية، ما دفع جميع بلدان العالم لاتخاذ خطوات، وإجراءات وقائية لمنع دخول المرض إليها، أو منع انتشاره، وتوطنه فيها، خاصة مصر، التي قامت بعمل حجر صحي خصص للحالات التي يشتبه في إصابتها بفيروس كورونا، وذلك في منطقة نائية بمحافظة مطروح، طفا على السطح خلال هذه الفترة معركة أخرى من نوع آخر وصفه البعض بأنه يماثل فيروس كورونا القاتل، ولكنه فيروس من نوع آخر يسمى «مطربو المهرجانات»، وهي المعركة المحتدمة حاليا بين نقابة المهن الموسيقية، وعدد من المطربين الشبان، حيث تصر نقابة المهن الموسيقية على منعهم من مزاولة الغناء سواء في الحفلات، أو المهرجانات، وحتى الأفراح، بحجة ضبط الأداء الفني، والحفاظ على هوية الغناء العربي، وعدم سقوطه في منحدر الإسفاف، والابتذال، خاصة المطربين: حسن شاكوش، وحمو بيكا، وعمر كمال؛ حيث اشتعلت الأزمة على وقع بث أغنية «بنت الجيران» التي لاقت رواجا وحققت نسب مشاهدة عالية تجاوزت حد 100 مليون مشاهدة، والتي يدخل ضمن كلماتها الحشيش، والخمور، وهو ما دفع «المجلة» لمناقشة الظاهرة بين حق «المنح والمنع» وقانونية الإجراءات التي تتخذها نقابة المهن الموسيقية في مواجهة الظاهرة التي تتفاوت فيها الآراء بين الحق في المنع، والحق في مزاولة النشاط، خاصة أن هذا النوع من الغناء له جمهوره العريض رغم ما يقال عنه.
تضامن المجتمع والبرلمان مع نقابة الموسيقيين
المتحدث الإعلامي باسم نقابة المهن الموسيقية طارق مرتضى، قال لـ«المجلة»: أولا في البداية نحن نتحفظ على لفظة أغاني المهرجانات، فلا توجد في النقابة شعبة تحت اسم أغاني المهرجانات، ولا توجد حتى أغاني تسمى أغاني المهرجانات، وهذا مصطلح اخترعه هؤلاء المغنين الذين يدعون أنهم مطربون، وقامو بـ«التخديم عليه» جيدا ونجحوا في تصديره للناس، ولكنه في الأساس ليس موجودا، ثانيا، نحن في نقابة المهن الموسيقية اتخذنا جميع الإجراءات التي خولها لنا القانون لاتخاذها في مثل هذه الحالات، ونحن مصرون عليها، إضافة إلى ذلك، فإن جميع جهات المجتمع المدني ومنظماته تتضامن معنا، وأصدر الكثير منهم تصريحات صحافية تؤكد على ذلك، إضافة إلى تضامن الكثير من الأحزاب السياسية، ووزير التعليم، الذي أصدر تعليمات بعدم تشغيل أي أغانٍ من هذا النوع في الاحتفالات الخاصة بالمدارس، كما أصدرت أكبر جهة تشريعية في مصر وهي مجلس النواب تصريحات مؤيدة لموقف النقابة، حيث أصدر المتحدث الرسمي باسم البرلمان المهندس صلاح حسب الله، تصريحات نارية أكد فيها أن ظاهرة ما يسمى «مطربي المهرجانات»، هي أخطر على المجتمع من «وباء كورونا» القاتل، معلنا وقوف البرلمان بجانب نقابة المهن الموسيقية فيما تتخذه من إجراءات لمنع مثل هذه الظاهرة.
وأضاف مرتضى أن نتائج هذه الظاهرة كالمخدرات تماما، أو أسوأ منها، لأنها تدمر الشباب، وتطمس حضارة وثقافة عمرها 7 آلاف سنة، لأن أول من عرف الموسيقى على سطح الأرض هم المصريون الفراعنة، كما أن ظاهرة مطربي المهرجانات المزعومة تدمر البلاد، لأن الموسيقى هي التي تشكل وجدان الطفل، ومنها تخرج ملامح شخصية الشباب، وتخيل أنه عندما تشكل وجدان أطفالك بمثل هذا المرض تخيل كيف يكون نتاج ذلك عليهم، فنحن نحمي المجتمع من عدوى مرض خطير، ونشكر كل من ساند قرارات النقابة.
وأكد مرتضى أن حالة السخط التي ظهرت لدى الشارع المصري والتأييد الكبير على وسائل التواصل، والهاشتاغات المؤيدة للقرارات التي اتخذتها النقابة التي ملأت السوشيال ميديا تؤكد صحة قراراتنا مثل هاشتاغ «كلنا هاني شاكر، وكلنا نقابة الموسيقيين»، هي بمثابة تفويض واعتراف بأنين المجتمع والأسر المصرية مما كان يحدث وهذا يعطينا إصرار للمضي قدما في قراراتنا.
وحول ما إذا كانت القرارات التي اتخذتها نقابة المهن الموسيقية كافية لمنع استمرار الظاهرة، قال المتحدث باسم النقابة طارق مرتضى: «نحن خاطبنا المنشآت السياحية بضرورة منع ممارسة هؤلاء الغناء لديها، ورحبت جميع المنشآت السياحية بذلك، كما أن لدينا مندوبا في كل منشأة لمراقبة صالات الأفراح وما إلى ذلك، وبالفعل أخذنا إجراءاتنا منذ بضعة أيام بمنع جميع هؤلاء المغنين من الغناء، وفيما يخص بث الأغاني على موقع (يوتيوب) فهناك جهات داخل الدولة هي المنوط بها هذا الدور، وأعتقد أنها تقوم بدورها فعلا، نحن أصدرنا القرار وسوف نتابع تنفيذه، وجميع جهات الدولة الرسمية والأحزاب السياسية والمجتمع المدني جميعهم أيدوا القرار».
وحول تغافل النقابة عن مواجهة الظاهرة قبل استفحالها خاصة أنها ليست وليدة اليوم قال مرتضى: «هذا ليس صحيحا، نحن نلاحق هؤلاء المغنين ونحاول وقف هذا المرض، منذ فترة طويلة، وشخص مثل (حمو بيكا) تواجد على الساحة منذ عام تقريبا، وقمنا بإصدار قائمة بها أسماء 14 مغنيا من مغني المهرجانات لحظرهم، ولكن ما جعلهم الآن ظاهرة تطفو على السطح، أنهم قد توحشوا بعد احتفال استاد القاهرة، خاصة بعد إبراز الصحف ووسائل الإعلام لهذا الموضوع وبشكل مكثف، أما بالنسبة للفنان محمد رمضان فهو ليس عضوا لدى نقابة المهن الموسيقية، وهو لم ولن يمنح تصاريح مجددا من نقابة المهن الموسيقية، ورمضان له نقابة محترمة هي التي تستطيع التعامل معه»، مضيفا أن التصريح الذي حصل عليه محمد رمضان كان بصفته ممثلا، وهو كان قد حصل على تصريح سابق بموجب أنه عضو بنقابة الممثلين، بناء على البروتوكول الموقع بين الـ3 نقابات الأعضاء في الاتحاد العام للنقابات الفنية وهي: «نقابة المهن الموسيقية، ونقابة الممثلين، ونقابة السينمائيين».
خلايا نائمة تنشر الجهل والعشوائية
وفي الأثناء، قال الموسيقار الكبير حلمي بكر لـ«المجلة»: «لا يوجد شيء اسمه مطربو المهرجانات، وهو اختراع أطلقه الجهلة وغير المثقفين، وظهور هذه الطائفة من المغنين سببه أن الدولة نائمة، وهي خلايا نائمة تعمل ضد البلاد وتنشر الجهل، والعشوائية، وإذا تكلمنا عن العشوائية فهي عشوائية الغناء، فعندما تفتح مواقع إلكترونية تسمع أغاني الإسفاف».
وأضاف بكر، وجود جهاز الشرطة لم يقض على اللصوص، أو تجار المخدرات، وممتهني الدعارة، وبالتالي يمكن تطبيق هذا الكلام على ظاهرة الغناء المبتذل المسمى غناء المهرجانات، والمشكلة ليست في المطربين، ولكن المشكلة في الجمهور الذي يتعاطى هذه الأغاني، وهو الذي يشجع هؤلاء المغنين على فعل ما يريدون، وكما أن هناك أناسا تتعاطى المخدرات هناك جمهور يتعاطى مثل هذه الأغاني، وكما يتم إلقاء القبض على متعاطى المخدرات يجب إلقاء القبض على متعاطي هذه الأغاني، هذا إذا كانت لدينا نيه لتنظيف البلاد من هذا الوباء، ومن المفترض أن يتعامل الإعلام مع هذه الظاهرة ويكون له دور في مواجهتها وينتقد ما يحدث فيها، والحفل الذي أقيم في استاد القاهرة نقلته قناة «دي إم سي»، والجمهور والمسؤولون في الدولة والمصنفات الفنية، والنقابة، وجميع أجهزة الإعلام لها دور في تفاقم الظاهرة، فجميعنا مسؤول وهذه الكارثة سوف تزداد آلاف المرات وسوف تجر الأجيال القادمة إليها إذ لم يتم التصدي لها، وعلى الصحافة والإعلام الامتناع عن الحديث عن هؤلاء المطربين من أمثال حسن شاكوش وغيره.
الكاتب الصحافي عبد الله السناوي قال لـ«المجلة»: «من حيث المبدأ منهج المنع والحجب والمصادرة لم يصلح في الماضي، ولن يصلح في الحاضر، أو المستقبل لمواجهة أو ادعاء مواجهة نوع معين من الفنون، وهذا الكلام أولا هو أقرب إلى حد الخرافة، وهناك ما يقرب من نحو 70 مليون شخص شاهد أغنية حسن شاكوش على الإنترنت، وهو رقم قياسي، ولا أحد يستطيع منع مثل هذا العدد من المشاهدين حتى لو جرت مصادرة هذه الأغنيات، فالأساس هو أن يكون لدينا إبداع حقيقي عن طريق توفير أنواع راقية من الفنون، وتنشيط دور الأوبرا، والموسيقى بشكل حقيقي، ورعايتها وتقديمها للجمهور، وعلى الدوام كان هناك مثل هذا النوع من الغناء في مصر حتى في ظل وجود عمالقة الغناء مثل أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم، ومحمد فوزي وغيرهم، وكان هناك في نفس الوقت أغان توصف بالهابطة، وأنواع معينة من الغناء كان لها جمهورها، ولكن فكرة تصدير الفن الراقي أو البضاعة الجيدة في مواجهة مثل هذه الظاهرة هذا هو الأساس الصحيح للمواجهة، أما أن تتحول نقابة الموسيقيين إلى جهة أمنية، أو جهة رقابية، وجهة منع فهذا خطأ كبير جدا».
قرارات نقابية تتسق مع صحيح الواقع والقانون
وفي إطار تناول الأسانيد القانونية التي يعتمد عليها كل طرف من أطراف الأزمة، سواء نقابة المهن الموسيقية، أو ما يسمى بمطربي المهرجانات قال المحامي بالنقض والدستورية العليا الدكتور سمير صبري لـ«المجلة»: «قرار نقابة المهن الموسيقية بوقف من يسمون أنفسهم مطربي المهرجانات، يصادف صحيح الواقع وصحيح القانون، حيث إن كل الكلمات التي يتغنون بها تحتوي على إيحاءات وعلى ألفاظ ومعانٍ جنسية، وهذا محظور في أحكام الشريعة الإسلامية، ومحظور كتنشئة مجتمعية، وكتربية جيل جديد، هذه الأغاني تعتمد على الإسفاف، وحققت بذلك رواجا شاسعا في الأوساط المتدنية فكريا، وحققوا من خلالها مبالغ مالية كبيرة جدا، والهدف منها الإيحاءات ونشر الأبعاد الجنسية والكلمات البذيئة، فالقرار يصادف صحيح القانون مائة في المائة، وذلك لحماية الأخلاق والآداب العامة».
وأضاف صبري أن ما دفع نقابة المهن الموسيقية لاتخاذ قرار وقف هؤلاء عن الغناء، أن الأمور زادت عن حدها تماما وكثرت الكلمات البذيئة، وأصبح كل منهم يتفنن في التقاط العبارات والكلمات المنحطة والبذيئة، ويضمنها في الأغاني اعتقادا منهم، وهذا حقيقي أنه يحقق رواجا للأغنية، أو لهذا العمل، في حين أن الفن رسالة، ويجب أن يتضمن العمل الفني رسالة، ولا بد من توجيه سؤال لمؤيدي، أو رافضي هذا النوع من الغناء، وهو: ما هي الرسالة التي يوجهونها في كلماتهم التي تتضمنها أغانيهم؟، ويجب أن تكون كل كلمة في أي عمل فني، أو سينمائي أن يكون الغرض منها رسالة هادفة، وهذه الأغاني التي نحن بصددها لا تتضمن أي شيء سوى الإسفاف والكلمات الهابطة.
وفي غضون ذلك، قال المتحدث باسم البرلمان المصري النائب صلاح حسب الله: يجب مواجهة ما يسمى أغاني المهرجانات التي انتشرت في الفترة الأخيرة، لأن انتشارها يعتبر أخطر على مصر، والمجتمعات في الدول العربية من فيروس كورونا، لأنها تعتبر تزييفا للذوق العام، وحربا على القيم.
وأكد حسب الله تواصله مع نقيب المهن الموسيقية الفنان هاني شاكر، لإعلان دعمه الكامل لكافة ما تتخذه النقابة من قرارات لمواجهة هذا الإسفاف والتدني، والذي يعد بمثابة حرب بالغة الخطورة لتزييف وعي وذوق الشعب المصري وفي القلب منه الشباب.