* شبح الانهيار يخيم فوق رأس اللبنانيين وأسئلة جديّة عن طرق تعامل الدولة مع استحقاقات الدين!
* أرقام مرعبة... مليونا لبناني تحت خط الفقر و300 ألف عاطل عن العمل
* يشوعي: من الأفضل أن تعلن الدولة اللبنانية إفلاسها وتتخلف عن سداد ديونها حتى يتم فتح صفحة جديدة ومحاسبة كل من تسبب بهذه الكارثة
* عجاقة: عدم دفع الديون سيجلب على لبنان سيناريوهات لن يكون بمقدوره مواجهتها خصوصًا على الصعيد الاجتماعي
* عبد الله: المطالبات باسترجاع الأموال المنهوبة ووقف الهدر والفساد شعارات شعبوية لأن لبنان صار في قلب الانهيار ولا خيارات أمام الدولة
* السعيدي: لا مفرّ إلا بدخول صندوق النقد الدولي على خط إعادة الهيكلة
الانهيار الاقتصادي الكبير
بيروت:تتفاقم الأزمة المالية والاقتصادية يوما بعد يوم، حتى بات شبح الانهيار الكبير يخيم فوق رؤوس اللبنانيين الذين انحسرت قدراتهم الشرائية أكثر من 40 في المائة، مع فقدان العملة الوطنية ثلث قيمتها أمام الدولار الأميركي، واندثار الطبقة الوسطى نتيجة فقدان 160 ألف شخص وظائفهم في الأشهر الأخيرة، ولا تزال تداعيات هذا الانفجار تكبر ككرة الثلج، بشكل يجعل لبنان عرضة لاهتزازات بنيوية داخلية خطيرة لم يعرفها من قبل، رغم كل الحروب والاجتياحات، وذلك في حال عدم التمكن من مواجهة هذه التحديات الداهمة التي أرخت بظلالها على كافة القطاعات.
جميع الوقائع تشير إلى الانهيار الكلّي لنظام شبكة الأمان الاجتماعي المُتهرئ أصلا، ومن يطّلع على الأرقام يدرك حجم الكارثة، فالبطالة وصلت إلى 40 في المائة ومن المرجح أن تصل إلى 50 في المائة في أوساط الشباب، نحو 70 في المائة من المؤسسات الخاصة اقتطعت رواتب العاملين لديها لحدود النصف أو حتى أقل من ذلك، وأخرى قد لا تستطيع دفع أي أجور في الأشهر المقبلة، بينما يغوص القطاع الحكومي في أزمات قاربت حدود الاستعصاء مع تفاقم الدين العام إلى نحو 90 مليار دولار، وتقلص إيرادات الخزينة بنسبة 40 في المائة في الأشهر الأخيرة من عام 2019. أي ما يناهز 4 مليارات دولار سنويا، ليصل التهديد إلى رواتب القطاع العام.
في المحصلة، هذا يعني أن تصبح الطبقة الوسطى من الماضي، في ظلّ أرقام تتحدث عن أن مليونا إلى مليوني لبناني سوف يعيشون تحت خط الفقر. وتمدد المخاطر إلى القطاع المصرفي الذي كان حتى أجل قريب «مفخرة» البلاد، مع حجز أموال المودعين في المصارف التي تمعن بتطبيق الـ«كابيتال كونترول» المقنع على الأموال، مع الحديث عن نية لاقتطاع أجزاء من الودائع «hair cut» أي إنه بصيغة أخرى الودائع المصرفية وثمرة عمر المودعين تبخرت.
استحقاقات مالية داهمة
وفي ظلّ النكبة الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها اللبنانيون، برزت أزمة جديدة، إذ يترتب على الدولة اللبنانية استحقاق دفع ديونها الخارجية لعام 2020. فعلى حكومته تسديد هذا العام، ما يقارب الأربعة مليارات ونصف المليار دولار، ويجب دفع الجزء الأكبر من المبلغ في شهر مارس (آذار) المقبل. حتى الساعة لم تتخذ الدولة اللبنانية قرارها بعد، فيما يخص الدين العام وخدمته، رغم اشتداد الأزمة على الاقتصاد اللبناني. وهو ما يطرح أسئلة جديّة عن طرق تعامل الدولة مع استحقاقات الدين هذه، خصوصًا فيما يتعلّق باستحقاق سندات «اليوروبوند»، بالدولار الأميركي الشهر المقبل، إذ سيستحق ما قيمته 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوند. وحتّى اللحظة لا يملك أحد إجابة صريحة عن طريقة التعامل مع هذا الاستحقاق الحسّاس. مع العلم أن سندات اليوروبوند هي سندات الدين السيادي المقوّمة والمستحقّة بالعملات الصعبة لا بالعملة المحليّة. وهو ما يشكّل التحدّي الأبرز كون شح العملة الصعبة يشكّل اليوم العنوان الصريح للانهيار الحاصل في القطاع المالي اللبناني. فهل سوف يتم سداد الديون أو التخلف عن ذلك؟
لبنان يستنجد بصندوق النقد الدولي
ما إن نالت حكومة حسان دياب الثقة، حتى سارعت إلى رفع «الراية البيضاء» لتبادر بعد طول مكابرة إلى دق باب «صندوق النقد» مستجدية مساعدة تقنية لوضع «خطة مالية واقتصادية إنقاذية شاملة»، فيما يترقب اللبنانيون الخيار الذي ستتخذه الدولة فيما يتعلق باستحقاق آذار المالي، تأتي هذه المشورة وسط تعدد الآراء بين من يُشجّع على عدم الدفع وطلب التفاوض مع الدائنين ومن يُفضّل الالتزام بالاستحقاق لما لعدم الدفع من آثار سلبية على لبنان وسُمعته المالية.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر قوله: «إن لبنان سيدعو 8 شركات لتقديم عروض لإسداء المشورة المالية مع دراسته خيارات بشأن الدين»، وأشار المصدر إلى أن «هذه الدعوة لا تعني أنه قرر إعادة هيكلة الديون لكنها تعني أنه يدرس كل الخيارات»، علما بأن وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني، أعلنت يوم الثلاثاء الفائت أن «وضع لبنان المالي يشير إلى إعادة هيكلة للديون».
وعلى الرغم من أن الدولة اللبنانية لم تتخذ قرارها بعد، فقد أفادت مصادر متابعة أن الاتصالات الجارية تؤشر على أن قرار عدم الدفع يتقدم على قرار الدفع باعتبار أن الدين أصبح غير قابل للاستيعاب ويجب اتخاذ تدابير لإعادة هيكليته. وبحسب المعلومات، فإن دياب يعمل مع المسؤولين على إعداد برنامج إنقاذي اقتصادي واجتماعي سيعرض أمام صندوق النقد الدولي ووفد الصندوق لن يقدم النصح للحكومة بل سيستعرض وضع الدين وإذا كان قابلا للاستيعاب.
وحسب الأرقام التي يقدمها الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، وفق دراسات مصرفية، فإن الدين العام يبلغ 90 مليار دولار أميركي أي ما يزيد على 158 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي، والدين العام ينقسم إلى داخلي وخارجي، موضحًا أن قيمة الدين الخارجي يبلغ نحو 25 مليار دولار من مجمل الدين العام، مشيرا إلى أن «لبنان يدفع سنويًا ما قيمته ستة مليارات دولار خدمة للدين العام ورأسماله».
كما رأى عجاقة أن «جميع الحكومات ساهمت في رفع الدين العام ولم تستطع أي منها كسر الاتجاه التصاعدي لهذا الدين من خلال إصلاحات اقتصادية تسمح للاقتصاد بتمويل الاستدانة»، وأضاف: «فقد اعتمدت الحكومات كلّها على مبدأ الاستدانة لتمويل الاستدانة حتى أنه أصبح من شبه المُستحيل على الدولة سداد استحقاقاتها من دون الاستدانة من الأسواق»، مؤكدا أن «اليوم قد أصبح من شبه المُستحيل الاستدانة من الأسواق مع التصنيف الائتماني الحالي، لذا تواجه الحكومة مُشكلة دفع الاستحقاقات».
وعن استحقاق 9 آذار، قال عجاقة إنه «ينتظر قرار الحكومة بدفعه أو عدم دفعه»، مشيرا إلى أن هناك وجهتي نظر مُختلفتين الأولى تنصح بعدم الدفع نظرًا إلى أن لبنان أصبح على شفير الإفلاس، وبالتالي الدفع وعدم الدفع سيّان. أما الثانية، فتنصح بدفع الاستحقاق. وتابع: «هنا يأتي طلب الحكومة بالمساعدة التقنية من قبل صندوق النقد الدولي على أن يعرض هذا الأخير الخيارات المطروحة بالأرقام بما فيها إعادة هيكلة الدين العام. وتنتظر الحكومة آخر فبراير (شباط) الجاري لتأخذ قرارها في الموضوع».
كما لفت عجاقة إلى أن «ما يجب قوله هو أن عدم الدفع سيجلب على لبنان سيناريوهات لن يكون بمقدوره مواجهتها، خصوصًا على الصعيد الاجتماعي. من هذا المُنطلق، نرى أن هناك شبه إلزامية لدفع استحقاق 9 آذار على أن تقوم الحكومة بدراسة خيار إعادة هيكلة الدين العام بعد دفع الاستحقاق، هذا الأمر يعفي الدولة من ملاحقات قانونية سيتم من خلالها حجز أصول الدولة بما فيها البواخر التي تجلب المواد الأولية».
الخيارات أمام الدولة اللبنانية
بعد أن وقعت الواقعة، لم تعد الدولة اللبنانية تملك ترف الوقت، لا سيما أن الأوضاع تتطلب التحرك على وجه السرعة لإنقاذ ما تبقى من الوضع الاقتصادي، وقبل مباشرة أي عمل داخلي، على الحكومة التي نالت الثقة، بحث دفع الاستحقاقات المالية التي تزيد الضغط على مالية الدولة وترفع معدل شحّ الدولار. فالخارج ليس مضطرًا إلى تحمّل نتائج فشل السياسات المالية والاقتصادية اللبنانية. وبالتالي، على الحكومة اتخاذ قرار سريع بشأن الاستحقاق المالي الذي يقترب موعده.
الخيارات المطروحة أمام الحكومة، أحلاها مرّ. لكن المشكلة الكبرى، أن احتمال تبنّي أحد الخيارات، يتغيّر على وقع السياسات الداخلية، التي تدفع الشارع إلى المزيد من التأزّم، أي المزيد من الضغط على الحكومة، وهذا ما يتحوّل إلى عدم ثقة بالحكومة على مستوى دولي.
فهذه الحكومة أمام خيار بدفع الاستحقاق في موعده، للخارج والداخل. أي إنها على موعد مع التخلي عن 1.2 مليار دولار، وهو أمر صعب لأن لبنان لا يملك المال الكافي، وفي حال الدفع، تصبح الحكومة أمام ضغط جديد متمثل بدفع استحقاق نيسان بقيمة 700 مليون دولار، وبعده استحقاق يونيو (حزيران) بقيمة 600 مليون دولار. أي إن الدفع المستمر من دون إيجاد صيغة لزيادة إيرادات الدولة بالدولار، يزيد الوضع سوءًا ويضع الحكومة أمام إمكانية تبني خيار آخر، وهو تأجيل الدفع، عن طريق إعادة هيكلة هذا الدين. لكن إعادة الهيكلة تفترض رضا أصحاب الشأن، علما بأن الأجواء تتجه إلى خيار إعادة الجدولة».
في هذا السياق، أكّد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، لمجلة «المجلة»، أن كل الخيارات موجعة للأسف، ويبقى على عاتق الحكومة صياغة خطة وإجراءات سريعة تأخذ بعين الاعتبار موقع الدولة اللبنانية وإمكانياتها المادية والخطوات اللاحقة لا سيما أن ثمة ديونا إضافية على لبنان، إضافة إلى «اليوروبوند»، مشددا على ضرورة عدم التسرع في اتخاذ قرار الدفع أو عدم الدفع عبر دراسة أين مصلحة البلد».
إلى ذلك، رأى أنه «لا مانع في حال وجود إمكانية لجدولة الدين العام عبر الاتفاق مع المودعين عبر صندوق النقد الدولي، لكن أقله دون أن نخطو أي خطوة في المجهول في ظل مطالبة فريق سياسي بإقالة حاكم مصرف لبنان (في إشارة إلى التيار الوطني الحر) الذي ينظم اعتصاما أمام مصرف لبنان المركزي، معتبرا أن هذه أمور شعبوية لا تؤدي إلى نتيجة، علما بأن رياض سلامة مسؤول عما نعيشه اليوم لكن لا يجب تحميله المسؤولية الكاملة منفردا».
كما أكّد عبد الله أن «مخاوف الشعب اللبناني محقة ومشروعة لأنه حتى الآن لا وجود لأي ضمانة جدية وحقيقية لحماية الودائع سوى الكلام الرسمي العام»، مشيرا إلى أن «اللبنانيين متخوفون أيضا من الشروط القاسية التي يمكن أن يفرضها صندوق النقد الدولي من ضرائب إلى وقف الدعم لمختلف القطاعات الصحية والتعليمية والاجتماعية، لا سيما أن التجربة مع النقد الدولي لا تطمئن خصوصا على صغار المودعين وعلى الطبقات الفقيرة».
إلى ذلك، شدد عبد الله: «إذا لم يكن هناك توازن في الإجراءات والاقتطاعات بين الأغنياء والفقراء فلن يوافق الحزب التقدمي عليها، فمن كسبوا أرباحا بملايين الدولارات طيلة هذه السنوات حان الوقت كي يساهموا في الاقتصاد»، مشيرا إلى أن «المطالبات باسترجاع الأموال المنهوبة وضع حدا للهدر والفساد كلها محقة إلا أنها شعارات شعبوية، لأن لبنان صار في قلب الانهيار ولا خيارات أمام الدولة اللبنانية، لا سيما مع صرف الدول الغربية والعربية النظر عن مد يد العون للبنان، إذ لا يمكن الانحياز لمحور معين، ومن جهة ثانية طلب المساعدة من المحور الآخر المعادي».
هبوط الأسعار
لا تتورع وكالات التقييم الدولية عن خفض التصنيف السيادي للبلاد إلى درجة أقرب من التعثر، مع توجيه تنبيهات مشددة بإمكانية الوصول إلى مرتبة «الفشل» في ظل الاستنزاف المتواصل لما تبقى من احتياطيات بالعملات الصعبة لدى البنك المركزي، والتحذير من مغبة استعمال أرصدة البنوك المودعة لديه، مما يهدد بنية المدخرات البالغة نحو 170 مليار دولار، والخاضعة حاليا لتدابير منع التحويل والتقنين القاسي للغاية بسبب ندرة السيولة بالنقود الورقية (البنكنوت).
هذا وشهد سندات لبنان الدولارية التي تستحق الشهر القادم، تراجعا يوميا قياسيا بلغ 17 سنتا في الدولار إلى 56 سنتا، يوم الأربعاء، في أسوأ أيامها على الإطلاق، مع تفاقم المخاوف من تخلف محتمل عن السداد بفعل تقرير بأن الحكومة ربما تحقق في أنشطة تداول، بحسب ما أشارت «رويترز».
وتعرضت تلك السندات لمعظم ضغوط البيع، لتنزل 55 سنتا وتدفع بعائدها لعنان السماء متجاوزا 1500 في المائة.
وتراجعت سندات أخرى بشدة أيضا، مع انخفاض معظم سندات 2020 و2021 بين سبعة وتسعة سنتات وخسارة السندات الأطول أجلا ثلاثة سنتات على الأقل.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال في وقت سابق إن إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل لاستحقاقات السندات الدولية الوشيكة، في حين قالت جمعية مصارف لبنان إن المستثمرين الأجانب أبدوا استعدادا للتفاوض.
وقال تقرير من «بلومبرغ» إن حكومة لبنان ربما تحقق في بيع بنوك محلية سندات إلى مستثمرين أجانب من بينهم مجموعة أشمور التي تحوز حصصا مانعة في بعض السندات الأقصر أجلا.
وهنا، تساءل الدكتور في الاقتصاد الدولي إيلي يشوعي، في حديث لـ«المجلة»: «لماذا لم تشتر الدولة اللبنانية سندات دينها عندما انخفضت قيمته 40 في المائة، ولما قامت المصارف اللبنانية ببيع سنداتها إلى الخارج بخسارة، ليصبح الخارج حامل أغلبية هذه السندات ما يعني أن لبنان أصبح تحت رحمة هذه الدول من جهة والدائنين من جهة ثانية كما صندوق النقد الدولي لإعادة الجدولة وهيكلة الدين العام»، مشيرا إلى أن «الجدولة تفترض هيكلة ديون البلد بأكمله بحسب شروط صندوق النقد الدولي ابتداء من الموازنة والوظائف، وحجم الدولة وتحرير العملة والتجارة الخارجية كما إلغاء الدعم وخفض الإنفاق وزيادة الضرائب، إلى خفض العجز»، وأن «الاستعانة بالنقد الدولي سوف تطال حتما الطبقات الفقيرة».
كما أكد يشوعي أن «هذا الوضع تتحمل مسؤوليته السياسات والهندسات المالية الخاطئة كما فساد السلطة السياسية مجتمعة، مشيرا إلى أن «لبنان وصل إلى الإفلاس، وبالتالي من الأفضل أن تتخلف الدولة عن سداد ديونها وإعلان إفلاسها حتى يتم فتح صفحة جديدة ومحاسبة كل من تسبب بهذه الكارثة»، لافتا إلى أن «الإفلاس يعني عدم سداد الديون وفرض عقوبات على من تسبب بذلك بعد إجراء تحقيقات معينة».
ورأى أنه «لطالما الطبقة الحاكمة التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع لا تزال في السلطة علما بأنها تتلطى بالحكومة الجديدة، وأكبر برهان على ذلك تبني موازنة الحكومة السابقة، عدا عن الالتزام بخطة الكهرباء الموضوعة من قبل هذه السلطة».
وأكد يشوعي في الختام أن لبنان انتهى، لا سيما أن هذه الحكومة الجديدة عاجزة عن استرداد الأموال المنهوبة، كما أنها لم تستطع أن تكسب ثقة الشعب الذي يعمد على سحب ودائعه من المصارف لوضعها في المنازل ما ينعكس على العجلة الاقتصادية ولم يتمكن أيضا من كسب الثقة الدولية والعربية للحصول على المساعدات والدعم الموعود، مشيرا إلى أن «لبنان قد يحصل على قروض من المؤسسات المالية ولكن بشروط متوحشة».
لكن ما موقف الانتفاضة الشعبية من مصير الاستحقاقات؟
رأى منسق مجموعة «ثورة لبنان» مالك السعدي، أن المسألة تتخطى أزمة «اليوروبوند»، فالمشكلة الأساسية هي بالدين العام اللبناني، ففي 2020 يترتب على الدولة اللبنانية استحقاقات مالية تقدر بنحو الستة مليارات دولار»، وبالتالي استحقاق شهر مارس (آذار) حتى لو تم سداده بصورة غير شرعية نظرا لخلو خزينة الدولة من الأموال، فهو لن يقدم ولن يؤخر لا سيما أن ثمة استحقاقات أخرى في الأشهر القليلة المقبلة».
وأشار السعيدي أن «المطلوب من الحكومة أن تتلقف المشورة الفنية لصندوق النقد الدولي وتقديم خطة كاملة تسمح بإعادة جدولة الدين العام كله المقدر بـ91 مليار دولار، فالمطلوب هو حل شامل وليس جزئيا عبر تأجيل الأزمة».
كما رأى السعيدي أن «لبنان غير قادر اليوم على دفع أي من الاستحقاقات المالية لهذا العام والأعوام المقبلة، إلا في حال اعتماد حزمة قاسية من الإجراءات غير الشعبوية وهو ما لن يتحمل تبعاته أي مسؤول لبناني في ظل النقمة الشعبية الحاصلة»، مؤكداً: «لا مفرّ من أن صندوق النقد الدولي يدخل على خط إعادة الهيكلة، خصوصا أنه تاريخيا لم تنجح أي دولة بإعادة الهيكلة إلا بدعم هذه المؤسسة الدولية واعتماد سلسلة من الإجراءات في محاولة لمواجهة هذه الأزمة».
إلى ذلك، أشار السعيدي، إلى أن «وجود بيئة حاضنة والتفاف دولي يساعد لبنان على النهوض مجددا، وهو ما يتطلب وجود حكومة أخرى، فاليوم لبنان بحاجة إلى رئيس حكومة مقبول شعبيا وقادر على تحصين لبنان داخليا، وبعث درجة من الأمان والرضا الدولي لمد يد العون إلى لبنان، وهو الأمر الذي يفرض بالدرجة الأولى النأي بالنفس والابتعاد عن المحاور الإقليمية لإنقاذ وضع لبنان المالي والاقتصادي».