* ما فعله ترامب باغتيال سليماني أعطى جرعة أمل لشعوب إيران والعراق ولبنان بأنهم يستطيعون هزيمة «محور الممانعة» وأن هذه الأسطورة التي بنيت على الإرهاب والقتل والاغتيال إلى زوال
بعد أسبوع تقريباً على اغتيال قائد فيلق القدس، عادت واندلعت المظاهرات الشعبية في كل من العراق وإيران ولبنان بزخم متجدد.
القاسم المشترك بين انتفاضات البلدان الثلاثة هي اعتراضها على سيطرة فيلق القدس على قرارات هذه البلدان وبالتالي مصير شعوبها.
هكذا مثلا رأى اللبنانيون أنفسهم جزءا من «محور الممانعة» وأسرى صراعه مع الولايات المتحدة بمجرد إعلان أمين عام «حزب الله» مشروعه الكبير الذي يقضي بإخراج الجنود الأميركيين من المنطقة انتقاما لمقتل سليماني.
السؤال البديهي الذي يتبادر إلى الأذهان عند سماع تهديدات نصر الله للأميركيين في أسبوع سليماني هو: أي منطقة وبأي وسيلة؟ ثم لماذا على اللبنانيين تحمل مسؤولية الانتقام لمقتل سليماني الإيراني مع كل تداعيات هذا العمل؟
أمين عام «حزب الله» حدد الوسيلة إن لم يبادر الأميركيون بالانسحاب من تلقاء أنفسهم، وهي الحرب.
والإيرانيون حددوا المنطقة، غرب آسيا.
طبعا هذا قرار أكبر من لبنان وله تداعيات وخيمة على البلد إذا ما بادر أمين عام «حزب الله» بتنفيذ تهديداته بشكل مباشر من خلال مهاجمة الأميركيين. صحيح أنه قد يكون هذا الكلام للاستهلاك المحلي بعد الضربة الموجعة التي تلقاها هذا المحور باغتيال قائده «الملهم» ولكنه يسلط الضوء على وضع لبنان الرسمي الذي يبدو متواطئا بالكامل مع أمين عام «حزب الله».
وهذا الأمر أصبح ممكنا من بعد أن توافق السياسيون اللبنانيون على تسليم رئاسة الجمهورية وأغلبية مجلس النواب بانتخاب عون رئيساً وبالتوقيع على قانون انتخابي يؤمن لمحور الممانعة الأكثرية النيابية.
وهذا هو بيت القصيد، فمصير لبنان اليوم يقرره أمين عام «حزب الله» الذي بنهاية المطاف يمثل جزءا من اللبنانيين، ولكنه يأخذه كله أسير خياراته بقوة السلاح.
فالذهاب إلى الحرب ضد الأميركيين وإخراجهم من المنطقة هو قرار محور المقاومة الذي أصبح لبنان عنوة جزءا منه.
أين لبنان الرسمي من هذا القرار؟ خاصة أنه لم يصدر أي موقف لبناني رسمي يعترض على إعلان أمين عام «حزب الله» الحرب على الأميركيين في المنطقة من مخبئه في الضاحية الجنوبية مع العلم أن الجيش اللبناني يعتمد بشكل أساسي على المساعدات الأميركية العسكرية.
ثم ما نفع مؤسسات الدولة إذا ما كان قرار الحرب والسلم في يد «حزب الله»؟ وكيف سيكون وضع اللبنانيين ودولتهم إذا ما قرر الأميركيون محاصرة لبنان على الطريقة الإيرانية؟ هذه أسئلة مشروعة ولكنها بنهاية المطاف تسلط الضوء على وضع غير سليم في لبنان وتتعلق ببنية نظامه الذي يسمح في نهاية المطاف بهيمنة حزب مسلح على مصيره.
يبقى السؤال: لماذا على اللبنانيين تحمل مسؤولية الانتقام لمقتل سليماني على يد الأميركيين؟
الجواب بسيط؛ فحزب الله لم يكن يوما حزبا لبنانيا بل فصيل عسكري تابع لفيلق القدس ويخضع لأوامر قائده حتى لو كانت تلك القرارات لا تصب في مصلحة لبنان. «حزب الله» هو السبب وراء تفاقم أزمة اللبنانيين الاقتصادية والمالية ها هم اليوم يعيشون هاجس استجلابه الدمار للبلد كما حدث في حرب يوليو (تموز) 2006 جراء إعلانه عن استراتيجية إخراج الأميركيين من المنطقة؟
على كل الأحوال ما فعله ترامب باغتيال سليماني أعطى جرعة أمل لشعوب إيران والعراق ولبنان بأنهم يستطيعون هزيمة «محور الممانعة» وأن هذه الأسطورة التي بنيت على الإرهاب والقتل والاغتيال آيلة إلى الزوال.
حزب الله ليس قدراً.