الصندوق الأسود لـ «رأس حربة» خامنئي

مقتل سليماني يهز الحرس الثوري... ويشعل الصراع بين واشنطن وطهران

متظاهرون إيرانيون يحملون صورة  قاسم سليماني ، أثناء مظاهرة في طهران في 11 ديسمبر 2017

الصندوق الأسود لـ «رأس حربة» خامنئي

* خبراء عسكريون لـ«المجلة»: مقتل سليماني لن يغير من السياسات الحقيقية والخطط الخاصة بإيران والحرس الثوري
* هناك تأثير مباشر لمقتل سليماني على الحرس الثوري الإيراني، وسوف يتبع مقتله دعوات للانتقام
* العمليات التي سيتم اعتمادها من قبل قيادات الحرس الثوري ضد المصالح الأميركية لن تكون قاصرة على دولة بعينها
* لعبة التوازنات السياسية والعسكرية في المنطقة سوف تجبر الطرفين على ردود أفعال محدودة

 
القاهرة: أثار مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، خلال قصف صاروخي استهدف فجر الجمعة موكبه، تساؤلات حول قدرة الحرس الثوري الإيراني على تنفيذ خططه في المنطقة، وعن مدى تأثيرات مقتله على نظام المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، كما يفتح الباب أيضا للحديث عن التوترات الأميركية الإيرانية العراقية، وتأثيراتها المباشرة على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك تأثيراتها على العلاقات الإيرانية الأميركية، والعلاقات العراقية الأميركية، خاصة أن مقتل سليماني كان على الأراضي العراقية، وبعد أيام قليلة من استهداف أميركي لمراكز تابعة للحشد الشعبي العراقي والذي خلف عشرات القتلى، والجرحى من قوات الحشد.
كما فتح مقتل سليماني الباب عن الحديث عن السيناريوهات المحتملة للصدام الأميركي من جهة، والإيراني العراقي من جهة أخرى، وما هي حدود الرد الإيراني على عملية الاغتيال، وهل يمكن أن تصل إلى حدود الصدام العسكري المباشر بين الدولتين؟ أم إن الرد الإيراني سيكون محدودا، وأن لعبة التوازنات السياسية، والعسكرية في المنطقة سوف تجبر الطرفين على ردود أفعال محدودة، ومحسوبة بمصالح الطرفين في المنطقة؟
«المجلة» ناقشت هذه التصورات مع بعض الخبراء الاستراتيجيين، والخبراء العسكريين، ومدى التداخل الإسرائيلي للحصول على مكاسب من خلال تطويع الأحداث الجارية بعد مقتل سليماني.


 
السنياريوهات القادمة ستأتي من العراق وليس إيران
الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء أركان حرب محمد سلمان مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعسكرية بأكاديمية ناصر العسكرية قال لـ«المجلة»: «أعتقد أن تأثيرات مقتل سليماني لن تغير من السياسات الحقيقية والخطط الخاصة بالدولة الإيرانية، وقوتها الضاربة الحرس الثوري سوى عدة انفعالات جهورية، ودعوات للانتقام، وتنفيذ بعض العمليات النوعية البسيطة، وبعدها تتم الدعوات للتهدئة، ولن يؤثر مقتله بشكل كبير على الدولة الإيرانية، ولن تصل الأمور لحرب مباشرة بين الولايات المتحدة الأميركية، وإيران بأي حال من الأحوال».
وأضاف سلمان، مما لا شك فيه أن قاسم سليماني كان يمثل رأس الحربة والرأس المدبر للسياسة العسكرية لتدخلات إيران في الشأن الإقليمي، وكان في جعبته الكثير ومن الممكن أن تتأثر الخطط الإيرانية في الإقليم بمقتل سليماني وقد يكون واردا أن زيادة معدل الأعمال العدائية وتتابعها قد يتأثر بمقتل سليماني لبعض الوقت وليس لكل الوقت».
وقال اللواء محمد سلمان: «بعد مقتل سليماني سوف تستمر الحرب الكلامية ضد الولايات المتحدة الأميركية مثل (الموت لأميركا.. والموت لإسرائيل) والذي عهدناه منذ قيام ثورة الخميني، ولكن الواقع يثبت أن هناك توافقا في وجهات النظر الأميركية الإيرانية، والولايات المتحدة الأميركية لم تجد لها قدما في العراق بعد الغزو الأميركي للعراق إلا بمباركة إيران، وكان هناك تصريحات للسيستاني الذي يدين بكل الولاء لمرجعية قم في إيران، وهو يدين فيها الغزو الأميركي، وأن أميركا دولة احتلال، وأن مقاومة الاحتلال فرض، وأن فريضة الجهاد فريضة واجبة، ولكنها معطلة حتى خروج الإمام، وأقتع شيعة العراق بأن مقاومة الاحتلال الأميركي وإن كانت فريضة، إلا أنها معطلة حتى خروج الإمام، وهو ما خلق عداء بين السنة، والشيعة في العراق، لأنهم وإن كانوا قد عانوا خلال فترة حكم صدام حسين إلا أن الجميع عانى».
وبالنسبة للسيناريوهات المتوقعة، فإن الولايات المتحدة الأميركية خلقت بهذه الضربة حالة عداء مع سنة العراق، أيضا بعد حالة العداء مع الشيعة هناك، والسنياريوهات القادمة لن تأتي من إيران، ولكنها ستأتي من العراق لأن العراق يرفض جملة وتفصيلا ما حدث لأنه اعتداء على السيادة واعتداء على الكرامة الوطنية، كما أن استهداف الحشد بضربتين في أسبوع واحد لن يمر بسهولة، وأعتقد أن الولايات المتحدة ستجد صعوبة كبيرة خلال الفترة القادمة في التعاون مع المكون الداخلي العراقي بصرف النظر عن السيناريوهات الإيرانية المحتملة، والتي أرى أنها لن تكون كبيرة كما يتوقع الكثيرون، لأن إيران تجيد لعبة السياسة واللعب على التوازنات، كما أن إيران أفادت الولايات المتحدة في إفشال دول المنطقة، أما السيناريوهات المحتملة فستكون سيناريوهات عبارة عن ردود فعل. أما ردود الأفعال الحقيقية سوف تأتي من الداخل العراقي، كما أن عملية مقتل سليماني سوف توحد الشعب العراقي نظرا لأنها تمثل تهديدا للكرامة الوطنية».
 



 تعزيز سيطرة خامنئي.. ورغبة أكيدة في الانتقام
فيما قال الخبير العسكري والاستراتيجي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا اللواء أركان حرب عادل العمدة لـ«المجلة»: «إن قاسم سليماني كان قائد فيلق القدس بالحرس الثوري اللإيراني وهي القوة الضاربة الإيرانية وهو عنصر فاعل ومؤثر في الحرس الثوري، كما أن غالبية العمليات الأخيرة التي وقعت كانت بإيعاز منه، ولذلك عمدت الولايات المتحدة الأميركية لحرق هذه الورقة المهمة، وهناك تأثير مباشر لمقتل سليماني على الحرس الثوري الإيراني، وسوف يتبع العملية دعوات للانتقام والعميات التي سيتم اعتمادها من قبل قيادات الحرس الثوري ضد المصالح الأميركية سواء في العراق أو سوريا، وحتى ضد المصالح الأميركية في دول الخليج ولن يكون الموضوع قاصرا على دولة بعينها.
وأعتقد أن مقتل سليماني سوف يعزز من نظام خامنئي، وليس العكس وهناك استياء تام لما حدث لسليماني وأعتقد أنه سيكون هناك استجابة لبعض العناصر الشيعية التي تنادي بالانتقام، في ظل رغبة أكيدة للانتقام لمقتل سليماني، ومن جهة أخرى فهو يعزز من قدرة النظام الإيراني في التواجد على الساحة الإقليمية، وهو ما تمثل في تصريحات إيرانية سابقة أكدت السيطرة على أربع عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت».
وقال العمدة: «هناك مصالح أميركية كثيرة للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة وإيران تملك المفاتيح التي تمكنها من استهداف هذه المصالح، مثل استهداف طائرة مسيرة أميركية، واستهداف ميناء الفجيرة، واستهداف 4 سفن عملاقة، وهذا يعتبر من الأشياء المؤثرة على القدرة الأميركية في المنطقة، كما تم استهداف مصادر النفط السعودية، واستهداف المصالح الأميركية في العراق، والتي كان آخرها استهداف السفارة الأميركية في العراق، والتي جاءت عملية مقتل قاسم سليماني ردا عليها، وانتقاما من إيران حيث كان قاسم سليماني ضالعا في التنسيق لها، وتعتبر واشنطن طهران أحد الأوراق المهمة التي تساعدها في عدم استقرار المنطقة العربية واستنزاف مواردها، وهناك مصالح واعتبارات متبادلة سيسعى كل طرف للحفاظ عليها، والدليل على ذلك أن واشنطن حصرت ردود أفعالها على اقتحام السفارة الأميركية في بغداد فقط باغتيال سليماني، ولا أعتقد بوجود صدام عسكري مباشر بين الولايات المتحدة الأميركية، ولكن هناك في الوقت الراهن استنفار لقوات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع سوريا، للاستفادة من العملية».
وأضاف العمدة: «أعتقد أن إيران ستسعى لضرب المصالح الأميركية في المنطقة ردا على مقتل سليماني كرد اعتبار».
 

font change