* تداعيات تسمية دياب خطيرة... المجتمع الدولي سيتخلى عن لبنان
* الحريري يخرج عن صمته ويختار المواجهة المفتوحة مع العهد وباسيل
* انزعاج الثنائي الشيعي من أداء باسيل الحكومي
* الربيع: لبنان أمام أزمة سياسية والحكومة بعيدة
* الحجار: ليتحمل من أوصل الأمور إلى هذه النقطة نتيجة تداعيات هذا الخيار
* ميرنا زخريّا: يتكرر رمي الأسماء بهدف حرقها
* حسينية: دياب مرفوض وسنبقى في الشارع
بيروت: هي ثلاثية فرضها حزب الله من جديد على الواقع السياسي في لبنان، بعدما انقضى الأمر بسيطرته على جميع مفاصل الدولة. فتكليف الأمر الواقع حصل، والوزير السابق حسان دياب مرشح الباراشوت أصبح رئيسا للحكومة العتيدة بأصوات 69 نائب من حلف 8 آذار من بينهم فقط 6 نواب سنة من الحلف نفسه. تساؤلات كثيرة طرحت من جهة حول آلية التكليف لا سيما أن اسم دياب كان جاهزا فور اعتذار رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري عن التكليف عشية الاستشارات النيابية الملزمة، ومن جهة ثانية علامات استفهام كثيرة طرحت حول شكل الحكومة المقبلة لا سيما مع إعلان حلف 14 آذار السابق (الحزب التقدمي الاشتراكي، القوات اللبنانية، تيار المستقبل) عدم مشاركته في الحكومة المقبلة؛ ما يعني أن لبنان أمام حكومة اللون الواحد أو الأصح حكومة حزب الله. لكن السؤال الأهم هل سيتمكن دياب من تشكيل الحكومة العتيدة في ظل التجاذبات السياسية التي طرأت على المشهد السياسي؟ وما السيناريوهات التي قد تواجهها؟
تعثّر عملية التأليف الحكومي
بعد شدّ الحبال مع إصرار الحريري قبيل الاعتذار على حكومة اختصاصيين قادرة على إنقاذ البلد من الانهيار، في مقابل رفض العهد والثنائي أمل وحزب الله وإصرارهم على حكومة تكنو - سياسية، اختار حزب الله حكومة مواجهة من لون واحد، على الرغم من عواقب هذا الخيار أمام المجتمع الدولي في هذا الوضع الحساس للبنان.
وفيما سارت عجلة التكليف على عجل بشكل أوحى أن التشكيل الحكومي بات قاب قوسين في ظل الوعد الذي قطعه دياب أن لا يتعدى السقف الزمني للتشكيل 6 أسابيع، تراجع التفاؤل الذي سيطر على المشهد الحكومي في لبنان، والذي روّج لإمكانية تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين برضا أو عدم اعتراض أي طرف أساسي قبل نهاية السنة. فالأجواء السياسية تشير إلى أن لا حكومة مستقلين ولا تأليف قبل نهاية العام ولا رضا من جميع الأطراف.
مواجهة مفتوحة بين الحريري والعهد
لعلّ المواقف المتفجرة للرئيس الحريري ليلة الميلاد تعكس التشرذم الحاصل، إذ قرر المواجهة ووضع النقاط على الحروف، بتأكيده أن الحكومة المقبلة هي حكومة الوزير جبران باسيل، جازما أنه لن يتعاون معه مطلقًا بعد اليوم... إن لم يعتدل هو ورئيس الجمهورية ميشال عون، راميا سهامه بوجه العهد.
وبدا واضحًا من خلال كلام الحريري، الذي أتى في دردشة مع عدد من الصحافيين في دارته، وسط بيروت، مساء الثلاثاء، أنه فتح النار بقوة على العهد، وباسيل تحديدًا، الذي اتهمه مباشرة بالسعي للسيطرة على البلد، من دون أن يحيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، معتبرًا أن فريق الرئيس «يتعامل مع الدستور والقانون على أنه وجهة نظر». وهو ما استدعى بطبيعة الحال ردا من قبل الرئيس عون الذي أكد أن باسيل لا يقوم بالتكليف الحكومي، إلا أن هذا لا يلغي حقه بذلك لجهة ترؤسه أكبر كتلة نيابية. وهو ما عكس أن المواجهة بين الحريري والعهد ستكون مفتوحة.
علما بأن موقف الحريري، جاء بعد قنبلة فجّرها رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، الذي أكّد بدوره أن الحكومة الجديدة ستكون حكومة باسيل، مشيرا إلى أنها «حكومة تضمّ مستقلّين تاريخهم تسويات مع أصحاب النفوذ والسلطة وسياسيين مشهود لهم بالتقلّب. إلا إذا ألهم الله الرئيس المكلّف».
الثنائي الشيعي غير راض عن الأداء الحكومي لباسيل
موقف فرنجية لا يمكن سوى الوقوف عليه لا سيما أنه حليف الحليف (الثنائي الشيعي)، ولا يمكن وضعه إلا في إطار توجيه الرسائل غير المباشرة بين الفريق الممانع والعهد، لا سيما أن الأجواء الحكومية تعكس تجاذبات وتصدعات في المواقف لا سيما بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والتيار الوطني الحر. وكان موقف بري الأخير خير دليل، إذ قام بتوجيه عدة رسائل لدياب، وللتكتلات السياسية في البلاد، قائلا: «لا مشكلة إذا كانت حكومة اللون الواحد جاءت بعد كل محاولات إشراك الجميع»، وردًا على قول دياب إنه يريد حكومة من الاختصاصيين والمستقلين، قال بري: «هذا رأيه ولنا رأينا. وفي أرقى الديمقراطيات يشترك حزبيون وتكنوقراط في مجلس الوزراء الواحد».
وهذا يأتي في ظل ما يتم تداوله عن تدخل باسيل في كل تفاصيل عملية التأليف» وأنه «أعطى الرئيس المكلّف حسان دياب لائحة تضم 50 اسما ليختار من بينها تشكيلته الحكومية».
فيما التقى دياب الثلاثاء للمرة الأولى عون بعد التكليف في بعبدا مساء الثلاثاء، ليطلعه على محصلة مشاوراته، أشارت معلومات صحافية أن دياب اجتمع بـ«الخليلين» ليل الاثنين - الثلاثاء وتناول البحث التشكيلة الحكومية. وأشارت المعلومات إلى أن دياب كان ينوي حمل تشكيلته الحكومية إلى رئيس الجمهورية هذا الخميس ولكنه تريث بعدما تبين أن الموضوع ما زال يحتاج مزيدًا من التشاور السياسي. وهو ما يعني أن التأليف إن كان سيحصل فإنه ليس وشيكًا.
في هذا السياق، قال الصحافي والمحلل السياسي منير الربيع لـ«المجلة»: «في بادئ الأمر قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله إنهم يريدون حكومة ميثاقية تضم جميع القوى السياسية، لكن الموقف الأخير للحريري حشر حزب الله في هذا الجانب، فإما حزب الله يريد التراجع عن تسمية حسان دياب ويبحث عن سبل لإرضاء الحريري، وإما أن نصر الله يريد التراجع عن كلامه وبالتالي المضي بحكومة من لون واحد».
وتابع: «هذا يعني أننا أمام أزمة سياسية، والسؤال: هل سيكمل حزب الله هذا المسار بحكومة مواجهة رغم الأزمة؟».
وأشار الربيع أنه «يوم تم تكليف دياب أعطاه الجميع الوعود بتشكيل حكومة كما يريد وسهل له ما منع على الحريري، وأعلن بنفسه أنه يريد تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، إلا أن الوقائع تغيرت وباسيل أراد فرض ما يريده، وكان الجواب من قبل بري».
وعن كلام بري، قال الربيع إنه «يهدف إلى تعطيل مساعي الرئيس المكلف، عبر توجيه رسالة رسمية لدياب بأنه يتمسك بحكومة تكنو - سياسية، بخلاف عون الذي قال بحكومة اختصاصيين، ما يعني تكبيل دياب».
وتابع: «هذه اللعبة تصبح عندما يكون يدرك الطرفان أن لا بوادر لتشكيل حكومة، لذا يعمل الأطراف على رمي الشروط والشروط المضادة لعرقلة مسار التأليف»، مشيرا إلى أن «المشهد السياسي يعكس اليوم تخبطا بين بري وعون حول شكل الحكومة وهويتها وبالتالي الحكومة بعيدة».
هذا ولفت الربيع إلى موقف فرنجية، مشيرا إلى أنه «لا يمكن أن يتخذه من دون تنسيق مع بري وربما حزب الله»، لافتا إلى أن «الأخير لديه تحفّظ على الأداء الحكومي لباسيل ودياب فكان الخيار لتوجيه رسالة غير مباشرة عبر فرنجية»، وتابع: «هذا كله يؤكّد أن الحكومة حتى اللحظة بعيدة».
هل تسقط الحكومة الجديدة في البرلمان؟
أما المستجد الثاني، بحسب الربيع فهو موقف الحريري الذي يمكن اعتباره عمليا قلبا للطاولة، ففي بادئ الأمر كان الحريري مستعدا للتعامل مع دياب ووعد أنه في حال كانت الحكومة جيدة فسوف يعطي الثقة، إلا أن وصف الحكومة بأنها حكومة باسيل يعني أنه لن يعطي الثقة، ولن يعطي الغطاء للحكومة ما يزيد الصعوبات من إمكانية ولادة الحكومة».
إلى ذلك أكد الربيع أن «حزب الله يعلم أن حكومة اللون الواحد ستولّد أزمة في البلد، فكما كان الحزب بحاجة إلى غطاء مسيحي فإنه اليوم بحاجة إلى غطاء سنيّ، والمشهد الذي رأيناه في الشارع السني مؤخرا لا يناسبه، لأن حصول أي تحركات يشير إلى أن سلطة حزب الله غير مطلقة في لبنان سواء كانت سنية أو على شكل انتفاضة وطنية»، وتابع: «لهذا السبب الحزب حريص على الحريري والتفاهم معه وعدم الذهاب نحو حكومة من لون واحد لأن تداعياتها دوليا ستكون سيئة جدا».
في الختام، تساءل الربيع: «هل يبقى دياب مصرا على تشكيل حكومة يوقع عليها عون ويحيلها إلى مجلس النواب، فلا تنال ثقة المجلس، ولكن تتحول إلى حكومة تصريف أعمال ويصبح دياب هو رئيس حكومة تصريف الأعمال بدلا من الحريري، ما يعني المزيد من الإذلال والإهانة للحريري. هو خيار مستبعد ولكنه مطروح، ويكون خيارا تصعيديا بين الثنائي والحريري، وهو ما يتوقف على خيار حزب الله، إما التهدئة وإما المواجهة إلى النهاية».
موقف فرنجية المستجدّ
من جهة ثانية، أشارت عضو لجنة الشؤون السياسية في «المردة» الدكتورة ميرنا زخريّا، لـ«المجلة» إن «قيادة المردة تعارض الأسلوب الذي ما تزال تُدار به الأمور بشكلٍ عام وليس على الأسماء بشكلها الخاص فحسب؛ إذ إن جميعنا يعلم أن المواقع الإعلامية تزخر منذ فترة باللوائح الوزارية غير الصحيحة، لا بل إن البعض يرمي اسمًا ما بهدف حرقه وإزاحته وليس بهدف مساعدته أو تعيينه. وأضافت: «هذا بالتحديد ما جرى بالنسبة لمجموعة من أسماء رؤساء الحكومة المحتملين في فترة التكليف، وها هو الأمر ذاته يتكرر مجددًا بالنسبة لأسماء الوزراء المحتملين خلال فترة التأليف. ما يجعلنا نشدد على ضرورة المضي قدمًا بأسلوبٍ مغايرٍ عن سابقه، سيما أننا في لبنان قد أضعنا ما يكفي من الوقت حتى الآن».
وفي سؤال حول ما إن كانت ثمة خبايا للتشكيلة الحكومية، أشارت زخريّا إلى أن «الجميع دون استثناء يؤكد أن الشعب هو مصدر السلطات، ورئيس الحكومة المكلف حسان دياب بذاته لا ينفك يؤكد أنه سوف يشكل حكومة مصغّرة تكون من مستقلين وبأنه يرغب في الأخذ برأي الثوار في الساحات، ولكن في الجهة المقابلة من الملاحظ أننا في لبنان ما زلنا ندور في فلك المحاصصة الشنيعة التي هي أساس المشاكل فيما بيننا، ما يجعل الكثير من المسؤولين يفكرون بمعادلة «أنا أو أنت» بدل أن يرتقي لمعادلة «نحنُ».
وأوضحت زخريّا: «اليوم نحن أمام خيار إنقاذي واحد بالنسبة للتشكيلة الحكومية، الحقائب السياسية القليلة سيأخذها سياسيون، أما الحقائب التي تحمل ملفات مليئة بتراكم الهدر والديون والسرقات، وما أكثرها، فهذه سيستلمها غير سياسيين يكونون من ذوي الاختصاص والأخلاق والجرأة. لذا نتمنى أن ننتهي من ألاعيب الجشع التي من شأنها أن تعرقل اندفاعة التأليف ومهلة الستة أسابيع التي أعطاها لنفسه دياب».
هل تعطّلت أسهم الاندفاعة الحكومية؟
ذكرت زخريّا أنه «في الحكومة الثالثة، خلال عهد رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية، كُلف الدكتور أمين الحافظ بتأليف الحكومة في شهر أبريل (نيسان)، فتشكلت حينها لكنها لم تمثل أمام المجلس النيابي، ومن ثم استقالت في شهر يوليو (تموز) بعد أقل من ثلاثة أشهر. والوضع ذاته كان في الماضي قد حدث في عهد رئيس الجمهورية الراحل كميل شمعون حينما كلّف الشاب رشيد كرامي بتأليف الحكومة.
وتختم زخريّا بالإشارة إلى أن «العبرة هي بأن تكتل المردة يعي خطورة الظروف الشعبية وأيضًا المالية والاقتصادية التي نمر بها، لذلك كان «التكتل الوطني» من المسهّلين في التكليف مع الحريري، كما وقف أيضًا إلى جانب حلفائه مع دياب فحصل الأخير على 69 صوتًا، وهو حاليًا بحاجة للنصف زائد واحد أي إلى 65 صوتًا لينال ثقة المجلس النيابي، وتكتلنا سيبقى من الداعمين له طالما بقي هو صادقًا في تعيين وزراء نزيهين أكفاء مستقلين.
غياب الغطاء المحلي والدولي
كان واضحا من اليوم الأول، أن تسمية دياب لم تحظَ بتأييد محلي ولا حتى دولي، وذلك لجهة فقدان الميثاقية في ظل غياب الغطاء السنيّ، ورفض الشارع السني تسمية دياب مؤكدين أنه لا يمثل الطائفة.
أما دوليا، فيعلم فريق العهد والثنائي الشيعي وحزب الله خطورة الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، ويعلمون جيدا أن تسمية دياب والذهاب نحو حكومة اللون الواحد تعني المزيد من التدهور مع فقدان ثقة المجتمع الدولي والدول المانحة التي اختارت اليوم الترقب وانتظار التركيبة الحكومية. وهو ما يرسم علامات استفهام كثيرة حول المرحلة المقبلة ومصير المساعدات الموعودة من الخارج لحكومة يشكلها فريق 8 آذار وخصوصا حزب الله الموسوم بالإرهاب دوليا، في ضوء رفض مشاركة قوى 14 آذار فيها، لا سيما أنه من اللحظة الأولى لتكليف دياب وصفته وسائل إعلام أميركية ووكالات أنباء ووسائل إعلام عالمية بأنه «المرشح المدعوم من حزب الله».
وما زاد الأمور تعقيدا، خروج مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر بموقف تصعيدي، معربا عن «بعض الشكوك» في قدرة رئيس الحكومة المكلّف حسان دياب على تشكيل حكومة، إذ أكّد شينكر للصحافيين يوم الثلاثاء، أنّ واشنطن تدعم المتظاهرين ومطالبتهم بإجراء إصلاحات ومكافحة الفساد في لبنان، قائلاً: «نعتقد أنّ الوقت قد حان ليضع قادة لبنان مصالحهم الحزبية جانبا والتصرف خدمة للمصلحة الوطنية والدفع باتجاه إجراء إصلاحات وتشكيل حكومة تلتزم بتنفيذها وبمحاربة الفساد».
وأمام هذه الوقائع هل سيتمكن دياب من تشكيل حكومة؟ وهل ستكون حكومة «مواجهة» أم حكومة اختصاصيين كما وعد دياب، وهل ستحظى بدعم دولي؟
قال عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار في حديث خاص لـ«المجلة»، إن «الرئيس الحريري كان واضحا من البداية أن الأزمة الاقتصادية والمالية تستدعي حكومة اختصاصيين، إلى أن جاء موعد الاستشارات وتم تقديم هدية إلى المتضررين من هكذا حكومة تحت عناوين غير مقنعة، وبالتالي تم حجب أصوات أكبر كتلتين مسيحيتين عن تكليف الحريري الأمر الذي دفعه إلى الاعتذار عن التكليف عشية موعد الاستشارات الثاني لغياب الميثاقية وأعلن أنه لن يسمي ولن يعطي رأيه بأحد يترشح لرئاسة الحكومة».
ورأى الحجار أن «المصلحة الوطنية تقتضي تشكيل حكومة، وتيار المستقبل أعلن موقفه في الاستشارات النيابية بعدم المشاركة في الحكومة لا بشكل مباشر ولا غير مباشر، ونحن نحترم الرئيس المكلف والوضع لا يحمل مزيدا من الفراغ الحكومي».
وعن الموقف الدولي تجاه التسمية والتشكيلة الحكومية، قال الحجار إن «من أوصل الأمور إلى هذه النقطة عليه أن يتحمّل نتيجة تداعيات هذا الخيار، مشيرا «نحن نريد أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت لأن الوضع لم يعد يحتمل مزيدا من التأخير»، مشيرا إلى أنه من الواضح أن هذه الحكومة ستكون الحصة الكبيرة فيها لباسيل». مؤكدا: «نحن نتمنى لهذه الحكومة النجاح على أن تستطيع معالجة الأزمة التي يمر فيها البلد».
وفي الختام تأسف الحجار بسبب «تقديم القوات حبل الخلاص لهؤلاء ليحصل ما حصل في الملف الحكومي، وبشكل أو بآخر ذهاب البلد إلى حكومة اللون الواحد».
ماذا عن الانتفاضة الشعبية؟
يعكس الشارع انقساما في وجهات النظر بين من يرى ضرورة إعطاء الرئيس المكلف فرصة لتشكيل الحكومة، ومنهم من يرى «الكتاب ظاهرا من عنوانه» لا سيما أن تسمية دياب جاءت من قبل طرف من الطبقة السياسية الفاسدة وبالتالي لا يمكن إعطاؤه فرصة. وبالفعل نظم عدد من المحتجين تحركات رفضا لتسمية دياب الذي يرى الحراك الشعبي أن لا يلبي تطلعاتهم لا سيما أن ثمة الكثير من الشبهات تحوم حول اسمه، إلا أنها لم تكن بنفس الحماسة والزخم ما قبل التكليف.
في هذا السياق، قال الناشط في «لحقي» والمنسق الإعلامي في الحراك أدهم حسنية، لـ«المجلة» أن «الحراك الشعبي انتفض ضد جميع الطبقة السياسية وطالبت بحكومة خارج هذه المنظومة، لأن المواطنين يدركون أنه في جميع الحكومات أدّى التجاذب والانقسام العمودي بين المحاور والأحزاب إلى خراب البلد بين المحاصصات والفساد»، وتابع: «هذه التسوية تأتي في صلب هذه التجاذبات والانقسامات لا سيما أن تسمية دياب تأتي من قبل طرف سياسي واحد وهو ما يرفضه الشارع من اليوم الأول».
ورأى حسنية أن «السلطة السياسية خبيرة بإعادة إنتاج النظام الطائفي عند كل مفترق، وهو ما نتج بتسمية دياب عبر تفجير الشارع السني، في وقت أثبتت فيه الانتفاضة الشعبية أن اللبنانيين خرجوا من عباءتهم الطائفية والمذهبية».
من هنا أكد حسينية أن «اسم دياب مرفوض، وهو ما عبر عنه الحراك من خلال تحركاتهم الاحتجاجية، لا سيما مع تداول الكثير من الملفات لرئيس الحكومة المكلف تحتوي على شبهات فساد في مساره الأكاديمي بالجامعة الأميركية وكذلك عندما كان وزيرا للتربية والتعليم في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي»، وتابع: «ما يعني أن دياب لا يلبي تطلعات الحراك»، مشيرا إلى طريقة تهريب اسمه بطريقة ذكية لتمرير تكليفه».
وشدد حسينية: «إنهم كمجموعة سياسية سوف يبقوا في الشارع في مختلف المناطق، وسنلجأ لتحركات مباشرة تستهدف بالدرجة الأولى المنظومة السياسية التي تتجاهل مطالب المواطنين، إذ نعتبر هذه التسمية غير جدية بدليل التناقض بين القوى السياسية، كما ستشمل التحركات بالدرجة الثانية المصارف».
ومن خلال الوقائع السياسية يمكن القول إنه بعدما سارت عجلة تكليف حسان دياب بسلاسة وبسرعة، خفتت محركات التأليف في ظلّ غياب الغطاء المحلي إضافة إلى التجاذبات السياسية الحاصلة بين جميع القوى السياسية ما يعني مزيدا من التأزم الحكومي، اللهم إذا اختار حزب الله التهدئة واللطف بلبنان لأن الأوضاع الاقتصادية والمالية لا تحتمل مزيدا من المماطلة.