* الشباب الأفارقة يعرضون مساعدة بلدانهم بطرق مختلفة... ومراقبون يعتبرون المنتدى الدولي فرصة لأصحاب القصص الملهمة لعرض تجاربهم
* مؤتمرات الشباب نوع من المبايعة المبكرة للجيل القادم، وتعمل على تعليم الجيل عن التحديات التي يواجهها الإقليم
شرم الشيخ: انطلقت منذ أيام فعاليات الدورة الثالثة لـ«منتدى شباب العالم» في مدينة شرم الشيخ بمصر، والتي استمرت على مدار أربعة أيام تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويأتي انعقاد هذه الدورة ترسيخًا وفرصة لمد جسور الحوار والتواصل بين الشباب من أنحاء العالم كافة حيث يمثل المنتدى، بمحاوره الثلاثة (السلام، والتنمية، والإبداع)، منصة حوار وتفاعل بنّاء بين شباب العالم، حول قضايا وموضوعات تمثل محور اهتمام الرأي العام العالمي، بهدف تبادل الآراء والخبرات، والتواصل مع كبار صانعي القرار والمفكرين في العالم، في إطار حضاري وثقافي يعكس مبدأ قبول الآخر والتعايش المشترك.
وشهد المنتدى 12 جلسة ناقشت الكثير من القضايا الهامة في مجالات مختلفة كان أبرزها جلسة حول التغيرات المناخية تكشف الانعكاسات والحلول للتعامل العاجل مع قضية تغير المُناخ، حيث ستسلط الضوء على قضايا التغيرات المناخية، وما ينتج عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية على الإنسانية مثل ظاهرة اللاجئين المناخيين، وأثر ارتفاع منسوب البحار والمحيطات على التنوع البيولوجي، والانعكاسات المناخية على قطاع الزراعة، وتأثيره بالتالي على الأمن الغذائي للشعوب.
كما تناولت الجلسة أثر الظواهر المناخية على مستقبل الحياة على الكرة الأرضية، والتطرق في سياق الجلسة إلى دور المنظمات الدولية والحكومات في التعامل مع هذا الملف.
أيضا شهد المنتدى جلسة حول التنمية المستدامة بأفريقيا رصد فيها الفرص والتحديات التي تواجهها القارة السمراء لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تنفيذ مشروعات تكاملية بالقارة، والتحديات التي تواجه تنفيذ تلك المشروعات، وعلاقة موضوعات التنمية بموضوعات الإعمار ما بعد النزاعات، بالإضافة إلى استعراض دور الشباب الأفريقي وسبل تمكينه لتحقيق التنمية المستدامة في القارة.
وعرض خلال المنتدي تجربة أحد الشباب الأفارقة الملهمين ويدعي محمد حطب، والملقب بمحارب السرطان، والذي تحول من مريض «لوكيميا» إلى أحد النماذج الشابة الملهمة في العمل الاجتماعي، والذي أكد أن لحظة المعاناة أمام المرض كانت اللحظة الفارقة في حياته، وهي التي دفعته للتحدي وعدم الاستسلام، مشيرًا إلى أنه قام بإطلاق مشروع لإنتاج الأطراف الصناعية بهدف خدمة المرضى الذين يشعر بهم.
وأضاف حطب خلال المنتدى أنه يحلم بتحول نشاط مؤسسة «Hand to hand» إلى العالمية، مشيرًا إلى أنه لم يتوقع هذا النجاح الكبير لمنتدى الشباب، وأنه بصدد نقل تجربته إلى جميع دول القارة السمراء لكي يستفيد منها أبناء القارة.
كما شهد المنتدى جلسة حول الأمن الغذائي في أفريقيا والحديث حول كيفية تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة حيث تطرقت الجلسة إلى الأمن الغذائي كركيزة أساسية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وسلطت الضوء على السلوك الغذائي للأفراد والشعوب والعقبات التي تواجه توفير الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، وتعزيز الزراعة المستدامة، إلى جانب تداعيات النزاعات وتغير المناخ وندرة المياه في تهديد الأمن الغذائي.
كما كانت هناك جلسة حول التحديات التي تواجه العمل الإبداعي في عصر التكنولوجيا الرقمية حيث ناقشت الجلسة التحديات المختلفة لإنجاز العمل الإبداعي في ظل تطور التكنولوجيا المرتبطة بالإبداع، مع التركيز بشكل خاص على أثر منصات العرض بحسب الطلب (VOD)، وتقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المُدمج (AR) على العمل الإبداعي، كما تطرقت الجلسة لدور أنظمة حماية حقوق الملكية الفكرية على العمل الإبداعي، وسبل تطويع التكنولوجيا لإثراء العمل الإبداعي.
وكانت هناك جلسة حول التحديات الراهنة للأمن والسلم الدوليين في ظل التحولات التي يمر بها العالم، حيث ظهرت الكثير من التحديات التي تهدد السلام العالمي، والمجتمع الدولي، مثل الإرهاب والنزاعات المسلحة، كما تم التطرق إلى دور المنظمات الدولية والإقليمية في صيانة الأمن والسلم الدوليين، لا سيما من خلال جهود منع نشوب النزاعات، ودعم جهود نزع السلاح النووي وتعزيز الاستخدام السلمي للطاقة.
كما ركز المنتدى على محاور التعاون في قطاع الطاقة بين دول المتوسط وأهمية التنسيق بينها في مجال اقتصاديات الطاقة، مثل التعاون في مجال التنقيب عن الغاز، ونقله، وتخزينه وغير ذلك من مجالات التعاون لا سيما بعد الاكتشافات الكبيرة التي تحققت في منطقة شرق المتوسط وأيضا تم التركيز على أهمية التميز المؤسسي الحكومي والتحول الرقمي وتوضيح مفهوم التحول الرقمي ودوره في تحقيق التميز المؤسسي، ومراحل تحقيق كل من التميز المؤسسي الحكومي والتحول الرقمي والتحديات التي تواجه تحقيقهما واستعراض تأثير التحول الرقمي على أداء المؤسسات الحكومية والشركات والاقتصاد بجانب مناقشة التحديات الماثلة أمام دول العالم مع استعراض التجارب الدولية والإقليمية فضلا عن وجود جلسة حول الذكاء الاصطناعي والبشر تهدف لتوضيح دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تغيير نمط الحياة الحديثة، وتقييم توقعات تطور مراحل الذكاء الاصطناعي ومعادلتها للذكاء البشري، والتطرق إلى التحديات المرتبطة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
واختتم المؤتمر أعماله بعدد من التوصيات أعلنها الرئيس المصري في حفل ختام أعمال المنتدى كان أبرزها اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو عقد شراكات مع المنتديات العالمية المهتمة بالشباب وقضاياهم بما ييسر حالة من الحوار البناء بين شباب العالم أجمع وكذلك إنشاء مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي يهدف إلى الارتقاء بأساليب استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وإعادة بناء القدرات للتغلب على التحولات المتوقعة في سوق العمل فضلا عن التوجيه والعمل على إطلاق مسابقة للأفلام الوثائقية على مستوى شباب العالم يستند إلى اختيار هدف من أهداف التنمية المستدامة والتفكير في سبل تحقيقه أخذا في الاعتبار الظروف المحيطة بكل دولة.
فيما أكد خبراء ومراقبون أهمية مثل هذه المؤتمرات التي تعمل على تقريب الثقافات وتقليل الفجوة بين شباب العالم وخاصة على المستوى الأفريقي.
يقول الدكتور عبد المنعم سعيد الكاتب والمفكر السياسي المصري إن كل مؤتمرات الشباب نوع من المبايعة المبكرة للجيل القادم، وتعمل على تعليم الجيل عن التحديات التي يواجهها الإقليم الآن وفيما بعد، وتعمل على إعداد جيل جديد لقيادة البلد خلال الـ10 سنوات المقبلة، مضيفا أن فكرة مؤتمرات الشباب شيء جيد قادر على تشكيل وعي يتماشى مع التطور الموجود في المجتمع والذي لا يزال محدودا في القارة السمراء.
فيما أبدى عدد من المشاركين عن سعادتهم تجاه مشاركتهم في هذا الحدث الكبير، يقول جيفن ستيف، أحد الشباب المشاركين من دولة تنزانيا، في منتدى شباب العالم إنه حرص على التقديم عبر موقع منتدى شباب العالم للمشاركة في المنتدى، والتعرف على أصدقاء من مختلف أنحاء العالم، مؤكدًا أنها فرصة عظيمة للاستفادة القصوى من مختلف المجالات التي تخدم الإنسانية.
وأكد جيفن حرصه على حضور جلسة التعليم وجلسة آفاق التنمية المستدامة في أفريقيا، مؤكدًا أنه موضوع في غاية الأهمية لأن أفريقيا هي مستقبل العالم، نظرًا لغناها بالموارد الاقتصادية سواء طبيعية متعلقة بالزراعة والمناخ والأمطار، أو صناعية.
وأكدت سيفا ستياه، وهي فتاة إثيوبية، من المشاركات في المنتدى أن سبب نجاح المنتدى هو تنوع الموضوعات خلال الجلسات، مشيرة إلى أنها كانت حريصة على المشاركة في جلسة المناخ، خاصة أن العالم يواجه ظاهرة التغيرات المناخية.
وتابعت: «المنتدى رائع للغاية والجلسات تتناول موضوعات مختلفة وقابلت شخصيات عدة من دول مختلفة ومشاركتي هي الأولى لكنني أتيت إلى مصر 3 مرات قبل هذا المنتدى».
وقال جاكوب إيتاه من الكاميرون، وأحد المشاركين في المنتدى إن تلك الزيارة هي زيارته الأولى إلى مصر، معبرًا عن سعادته الكبرى للمشاركة في هذا المنتدى، لافتًا إلى أن جلسة الافتتاح عرضت قصصًا لعدد من الأشخاص الملهمين حول العالم، مشيرا إلى أنه سينقل تجربة مشاركته في المنتدى إلى طلابه فور عودته إلى الكاميرون.
أما براين كتينجي من دولة بنين، ويعمل في مجال الإعلام، فقال إنه سينقل تجربته فور عودته لبلاده عن هذا المنتدى، مشيرًا إلى أن مصر تربطها علاقات أخوة ببلاده، ومصر تعطي أهمية خاصة للقارة الأفريقية.
فيما عبرت إليانس من رواندا، عن سعادتها بالمشاركة في منتدى شباب العالم، بمشروعها «أفيشاتس» وهو عبارة عن تطبيق على الهواتف المحمولة يسهل الوصول إلى الأطباء والتعامل معهم إلكترونيًا.
من جانبه، قال الدكتور محمد زكريا، مدرس العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن تناول منتدى شباب العالم في دورته الثالثة، لعدد من قضايا التنمية المستدامة أمر هام لأنها تشكل محور اهتمام بالقارة السمراء، موضحا أن الجلسات كانت كثيرة ولكن الجلسة الأولى ركزت على علاقة الأمن الغذائي، والثانية على التعاون الأفريقي بين الشباب العربي والثالثة ركزت على واقع الفرص والتحديات في القارة الأفريقية.
وأشار مدرس العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إلى أن الإدراك الذهني لقارة أفريقيا يقود إلى وجود الكثير من الإشكاليات لارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغياب معدلات النمو الاقتصادي وغيرها تعترض مسار تحقيق التنمية في أفريقيا، مؤكداً أن المنتدى فكرة جيدة لعرض تلك التحديات.