* يؤدي انخفاض مستوى الربحية لحفر بئر النفط الصخري لتأثر اقتصاديات الحفر بمستوى أسعار النفط
* مآلات صناعة النفط الصخري غير واضحة على المدى البعيد. إضافة لذلك، فإن تعدد وتشابك مصالح منتجي «أوبك بلس» يجب أن لا يكون عذرا لتفككها، فلا بد من المحافظة على تماسكها، تحوطا للمستقبل
* تعمل السعودية والدول الأكثر فعالية المحافظة على بقاء النفط مصدرا موثوقا للطاقة على المدى البعيد لمواجهة جملة التحديات المستقبلية
* بقاء دور المملكة كلاعب أساسي في سوق النفط مستمد من قدرتها على قيادة مجموعة كبيرة من المنتجين لإبقاء موثوقية النفط قائمة
جدة: أثارت ثورة النفط الصخري الأميركية اهتماما كبيرا لأنها نقلت الطاقة العالمية، مع مصادر النفط غير التقليدية الأخرى، من ندرة الطاقة إلى وفرتها في تحول تاريخي غير متوقع، مما أحدث تأثيرا بالغا في أسواق النفط، وجاء في الوقت الذي عانت فيه كثير من المصادر التقليدية للنفط من تراجع في الإنتاج. فقد استطاعت أن تقتنص حصة سوقية ناتجة من نمو الطلب على النفط وكذلك النقص الناتج من النضوب الاقتصادي لبعض المكامن التقليدية. بالإضافة لذلك، أحدثت ثوره الطاقة تغيرا جيواستراتيجيا عميقا ما زلنا نتلمس إبعاده في المساهمة في تغير سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم. فلقد ساعد وصول إنتاج النفط الصخري المتنامي إلى ما يناهز الثمانية ملايين، لجعل الولايات المتحدة المنتج الأول للنفط، مما قلل اعتماد الاقتصاد الأميركي على النفط المستورد، وأضعف بدرجة كبيرة تأثر السياسة الخارجية العامة بسياسة تأمين مصادر الطاقة.
صناعة أميركية بامتياز
بدأ الاهتمام بإمكانية إنتاج النفط من الصخور ذات النفاذية المنخفضة عقب الحظر العربي لتصدير النفط العربي للولايات المتحدة والذي امتد لأشهر، تزامنا مع حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973. في 2005. وحدث التطور الأبرز في تاريخ النفط الصخري عندما تكللت الجهود العلمية والهندسية عن إمكانية الإنتاج الاقتصادي من الصخور ذات النفاذية المنخفضة بتزاوج تقنيتي التشقيق الهيدروليكي والحفر الأفقي، ولكنها بدأت موجة لاستغلال الغاز الصخري.
بنهاية 2008، انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بشكل مؤثر على اقتصادية الحفر لإنتاج الغاز، مما دفع المنتجين المستقلين إلى الاتجاه بتكيف التقنية لاستخراج النفط الصخري.
على الرغم من توفر مكامن النفط من الصخور ذات النفاذية المنخفضة في عدة أماكن حول العالم، إلا أن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت هي المنتج الأبرز. فهي البلد الوحيد الذي يجمع بين الكثير من المعطيات الهامة، والتي تشمل: جيولوجيا المكامن الممكنة للاستغلال الاقتصادي؛ ووجود بنية تحتية مواتية؛ وتوفر القوى العاملة الماهرة؛ وتوفر المياه العذبة بالقرب من مناطق الحفر؛ وسهولة الحصول على رأس المال الكافي لمشاريع الحفر ذات مستويات المخاطرة المرتفعة نسبيا؛ والخبرة التكنولوجية المتراكمة للشركات الأميركية الرائدة على الدوام في صناعة النفط. وربما الأكثر أهمية من ذلك، التشريعات القائمة للقوانين المنظمة لتملك حقوق استخراج المصادر غير المتجددة للأفراد كالنفط، وهو مفهوم أميركي فريد ينظم الضرائب المفروضة على الإنتاج ويسهل الصفقات بين ملاك الأراضي والمستثمرين في الاستخراج، مما ساعد على تبني المنتجين المستقلين والشركات المتوسطة الأكثر ميلا للمخاطرة والاستثمار في المشاريع الصغيرة، مقارنة بشركات النفط الكبيرة الميالة للاستثمار المبني على مستوى مخاطرة مدروس ومقنن، وكذلك الاستثمار في مشاريع كبيرة، ذات مردود أكبر لبرميل النفط، نتيجة لحجمها الاقتصادي، وذلك في بداية الثورة الصخرية.
جيولوجيا خاصة وميزات اقتصادية خاصة بالإنتاج
أدت النفاذية المنخفضة لمكامن النفط الصخري لخصائص فنية هندسية واقتصادية خاصة، نتيجة الجيولوجيا وصفات المكمن التي يمتاز بها عن المكامن التقليدية. فمثلا، إنتاج أي بئر، لا يؤثر على بقية الآبار المحفورة المجاورة الأخرى، أي إنه لا يوجد اتصال مكمني بين الآبار المحفورة، فالنفط المنتج هو نتيجة خصائص البئر المحفور وحسب. وتترتب على هذه الطبيعة الفريدة نتائج تتعلق بزيادة مرونة ملكية الأفراد للآبار، وتأثر مستوى إنتاج البئر النفطي بكفاءة العمل الفني الهندسي. أيضا أدى ضعف الاتصال المكمني إلى ضآلة مستوى النفط المستخرج من بين النفط الموجود أصلا، بنسبة 5 في المائة، بينما تصل النسبة إلى ما بين 35 في المائة و50 في المائة في النفط التقليدي. بشكل عام، نستطيع القول باستقلالية إنتاجية البئر عما جواره.
كذلك تتميز آبار النفط الصخري بسرعة النضوب الاقتصادي مقارنة بآبار النفط التقليدي، فقد لا يتجاوز العمر الاقتصادي للآبار مدة السنتين إلى الثلاث سنوات للوصول إلى مستوى 90 في المائة مما يمكن إنتاجه. أيضا، تتميز مكامن النفط الصخري بمستوى كبير من عدم التجانس بين الخواص الجيولوجية والمكمنية، مما جعل مستوى الإنتاج متباينا على مستوى المكمن الواحد، إضافة إلى أن التنبؤ بمستوى الإنتاج أمر صعب ومكلف. أدى هذا إلى تباين كبير في اقتصاديات الآبار المحفورة، وأدى ذلك بدوره إلى زيادة مستوى المخاطرة عند الحفر. وأخيرا، إن آبار النفط الصخري ذات مستويات ربحية منخفضة نسبيا. يؤدي انخفاض مستوى الربحية لحفر بئر النفط الصخري لتأثر اقتصاديات الحفر بمستوى أسعار النفط.
نموذج عمل فريد لإنتاج النفط الصخري الأميركي
يؤدي التزاوج بين جيولوجيا مكامن النفط الصخري والخصائص الأميركية الآنفة الذكر إلى نشوء نموذج عمل فريد، يتميز بالمميزات التالية.
أولا، تؤدي استقلالية إنتاجية البئر عن جواره إلى جعل القرار الاقتصادي للحفر غير مرتبط بعدد الآبار المحفورة، مما جعل حجم مشاريع الحفر أصغر، ومدة إتمامها قد لا يتعدى أشهرا معدودة، مقارنة بالحفر في المكامن التقليدية. وهذا يؤدي إلى انخفاض المخاطرة ويعوض المستثمرين عن نقص العائد الربحي. من جهة أخرى، يؤدي ذلك إلى سلاسة قرار الاستثمار والحفر، مقارنة بقرار الحفر في المكامن التقليدية. يساهم ذلك في جعل دورة قرار الحفر مرتبطة بتحسين الأداء عن طريق التجربة والخطأ. يؤدي ذلك على المدى القريب إلى جعل قرار الحفر والإنتاج أقرب إلى طريقة المصانع التقليدية في تغطية الطلب، وإن بتأخر زمني ذي أثر مهم في عملية الاستكشاف السعري. من جهة أخرى، أدى ارتباط دورة قرار الحفر بتحسين الأداء إلى زيادة مطردة في إنتاجية الآبار، وهي من الصفات التي جعلت إنتاج النفط الصخري أكثر مقاومة لانخفاض أسعار النفط في الماضي.
ثانيا، نشأ نموذج تمويل للنفط الصخري، المنخفض المخاطرة والمنخفض العائد، وهو مختلف تماما عن النفط التقليدي. ساعد على نشوئه المناخ الاستثماري بعد الأزمة المالية العالمية في سنة 2008، والتي تتميز بانخفاض مستويات الفائدة، وانخفاض مستوى العائد على القروض الحكومية وقروض الشركات، مما جعل الاستثمار في صناعة النفط الصخري أكثر جاذبية. اعتمد المنتجون المستقلون في البداية على بناء شركات تسعى إلى التمويل من خلال الإدراج الأولي للأسهم وإصدار السندات على أنها شركات ذات مستويات نمو مستقبلية مرتفعة، والذي كان ناجحا حينها. وعندما تبين في وقت لاحق محدودية نموها، لجأت صناعة النفط إلى الاقتراض المباشر.
ثالثا، تؤدي العوامل الآنفة إلى جعل بنية صناعة النفط الصخري ذات العائد الربحي المنخفض مكونة من مجموعة كبيرة من المنتجين المستقلين، مع نسبة استحواذ صغيرة ولكنها متزايدة من قبل الشركات الكبرى. يؤدي ذلك إلى جعل قرار الاستثمار والحفر نتيجة لاجتهادات غير ممنهجة علميا لتعظيم قيمة النفط الصخري.
رابعا، يؤدي انخفاض الربحية وعدم التجانس بين الخواص الجيولوجية والمكمنية إلى تقديم حفر الآبار ذات الإنتاجية العالية للحفر عمن سواها. فتقديم حفر الآبار ذات الإنتاجية العالية أولا، قد لا يكون قرارا استثماريا صائبا على عموم صناعة النفط، ولكنه قد يكون كذلك على مستوى المستثمر المفرد.
وأخيرا، تؤدي العوامل مجتمعة إلى جعل الإنتاجية العامة لجميع مكامن النفط الصخري مرتبطة بشكل قوي بكثافة نشاط الحفر، فحساسية مستوى الإنتاج على المدى القريب مرتبطة بعدد منصات الحفر وكثافة نشاط التشقيق الهيدروليكي.
كيف تكيفت صناعة النفط الصخري مع انخفاض أسعار النفط بين عامي 2014 - 2016؟
مثل انخفاض مستويات أسعار النفط بين عامي 2014 - 2016 إلى مستويات الـ40 دولارا للبرميل، اختبارا جديا لمدى مرونة صناعة النفط الصخري للتكيف مع مستويات أسعار منخفضة. استطاعت من خلاله اجتياز هذه الفترة الصعبة من خلال أربع مقومات: الاتجاه بشكل أكبر لحفر الآبار ذات الإنتاجية العالية، واستخدام التقنية لزيادة إنتاجية آبار النفط الصخري، والتركيز على تخفيض تكاليف الإنتاج، الاتجاه إلى التمويل عن طريق القروض. واستطاعت من خلالها التكيف مع بيئة سعر النفط المنخفض، وتعديل بنية رأس المال لتصبح أكثر استجابة ومرونة لتقلبات الأسعار. إلا أن بعض هذه المقومات غير قابل للتكرار مجددا، وبعضها قد استنزف القدرة على تحسين الاستجابة لبيئة سعر النفط المنخفض.
كيف يؤثر نموذج عمل إنتاج النفط الصخري الأميركي على أسواق النفط؟
يؤدي حجم إنتاج النفط الصخري الأميركي الحالي مقارنة بحجم السوق النفطية (تقريبا 8 في المائة) وفرادة نموذج عمله إلى التأثير المتبادل بين السوق وحجم الإنتاج ونشوء ديناميكية سوق غير مسبوقة في عملية الاستكشاف السعري على المديات المختلفة. فعلى المدى القريب والمتوسط، يساهم هذا النموذج في زيادة مستوى تذبذب أسعار النفط، لقصر دورة قرار الحفر والإنتاج وعدم منهجيته. أما على المدى البعيد، فيساهم نموذج العمل هذا في تقليل العمق السعري لأي دورة اقتصادية لسعر النفط. أما على المدى البعيد جدا، فيساهم مع المصادر غير التقليدية الأخرى في وفرة النفط، وينفي أي حديث عن ندرته وعدم موثوقيته كمصدر أساسي للطاقة.
نتج عن نشوء هذه الديناميكية الجديدة وتزامنها مع انخفاض النمو على الطلب على النفط في تقليل قدرة مجموعة الدول المصدرة للنفط «أوبك» على لعب دورها المعتاد كصانع للسوق والمساعدة على اكتشاف السعر العادل لزيادة مستوى تذبذب أسعار النفط، والحفاظ على سوق متوازنة بين العرض والطلب، مما حفز انضمام مجموعة منتجين مؤثرين من خارج أوبك لها تحت مظلة «أوبك بلس». تهدف هذه المجموعة المستجدة من التعاون المشترك للحفاظ على مستويات سعرية مناسبة لكل من المنتجين والمستهلكين بمساعدة الأسواق على اكتشاف السعر العادل تحت شرطي توازن الأسواق وتقليل التقلبات السعرية واللتين تؤثران على اعتبار النفط مصدرا موثوقا للطاقة.
مشاكل نموذج عمل إنتاج النفط الصخري الأميركي
أدى انخفاض إنتاجية معدل إنتاج آبار النفط الصخري نتيجة تناقص وفرة الآبار ذات الإنتاجية العالية، واستنزاف قدرة المعنيين بزيادة إنتاجيته على تحقيق قفزات كبيرة في مستويات الإنتاج، وزيادة معدلات الفائدة إلى التأثير سلبا على معدل ربحية إنتاج النفط الصخري عند بيئة سعر النفط الحالية (55-65 دولارا للبرميل) مما انعكس على قدرة الصناعة على إنتاج تدفقات مالية إيجابية، والتي كان متوقعا لها أن تبدأ في سنة 2018، إلا أنه لا أفق قريبا في المدى المنظور لذلك. انعكس هذا بدوره سلبا على القيمة السوقية لشركات النفط الصخري، وزادت مستوى حساسية قيمتها السوقية لسعر النفط، وأدى كذلك إلى زيادة وتيرة الإفلاسات. نتج عن ذلك عزوف المستثمرين والممولين عل الاستثمار في صناعة النفط الصخري وجعل صناعة النفط الأخرى قطاعا غير جذاب للاستثمار، مما نتج عنه توقف نمو نشاط الحفر والتشقيق الأفقي.
سوف تؤدي هذه العوامل والظروف مجتمعة في ظل بيئة سعر النفط الحالية وعدم قدرة المنتجين على تخفيض التكاليف وزيادة الإنتاجية إلى احتمال توقف نمو إنتاج النفط الصخري ووصول إنتاجه إلى ذروته على المديين القريب والمتوسط، إن لم يتجه إلى النمو السلبي.
إن بقاء نموذج العمل الحالي في ظل الأسعار الحالية يجعل جزءا لا يستهان به من إنتاج النفط الصخري غير ذي جدوى اقتصادية. إن التحدي المقبل لصناعة النفط الصخري هو إنتاج تدفقات مالية إيجابية، والخروج من دوامة النمو على حساب مصالح المستثمرين، وهو أمر لا يتوقع له أن يتم بتطبيق نموذج العمل القائم.
هل تستطيع شركات النفط الكبرى تغيير نموذج العمل الحالي للمحافظة على نمو النفط الصخري؟
ترى شركات النفط الكبرى أن الفترة الحالية سانحة للدخول بشكل حذر وممنهج للاستحواذ على حقوق استخراج النفط الصخري من المنتجين المستقلين. حيث بلغ مستوى الاستحواذ من إنتاج النفط الصخري ما يقارب 20 في المائة من محفظتها الاستثمارية، ويمثل هذا مستوى خجولا من الاستحواذ. إلا أن ما تستطيع الشركات الكبرى عمله قد يؤدي إلى إعادة الحياة والنمو إلى صناعة النفط الصخري. فهي تستطيع تغيير نموذج التمويل، بما تملكه من ملاءة مالية ممتازة. وهي تستطيع أن تخفض تكاليف الإنتاج والوصول إلى الحجم الاقتصادي المثالي لمشاريع الاستخراج. كما أنها تستطيع تطمين مشاريع النفط الصخري ضمن سلسلة القيمة المضافة مما يخفض التكاليف، أو تضمينها ضمن محفظتها الاستثمارية مما يعزز المفاضلة بين العائد والمخاطرة. وتستطيع كذلك أن تكون عنصرا أكثر فعالية في استخدام الابتكار التكنولوجي لتعزيز إنتاجية آبار النفط.
إن ما يمكن أن تصنعه شركات النفط الكبرى لإعادة النمو إلى صناعة النفط الصخري بتحقيق تدفقات مالية إيجابية هو أمر ذو إمكانية عالية للتحقق. إلا أن عزوفها على الدخول بشكل كبير في الاستحواذ واقتصاره على الآبار ذات الإنتاجية العالية يقلل من هذه الإمكانية، على الأقل في الوقت الحاضر. لذلك يبقى احتمال عدم نمو إنتاج النفط الصخري هو الاحتمال الأبرز.
كيف سيؤثر ذلك على أسعار النفط في المستقبل؟
إن النتيجة المباشرة لاحتمال عدم نمو إنتاج النفط الصخري عند مستوى سعر النفط الحالي هو إمكانية توازن الأسواق النفطية بشكل طبيعي على المدى القريب، وإمكانية أن يتجاوز الطلب مستوى العرض الحالي على المدى المتوسط، بفرض نمو الطلب العالمي على النفط. مما يحفز الدول القادرة على زيادة الإنتاج على اقتناص الفرصة للاستحواذ على حصة سوقية أكبر. من جهة كبرى، سوف يؤدي ضعف قدرة النفط الصخري على الاستجابة لتغيرات سعر النفط إلى تخفيض مستوى تذبذب سعر النفط، إلا أن قدرتها على أن تكون قوة فاعلة لتقليل عمق الدورة الاقتصادية لسعر النفط ستظل قائمة.
وهنا قد يطرح سؤال مهم، هل ستبقى أوبك بلس متماسكة إذا ما انتفت الحاجة لوجودها. لا بد من التأكيد هنا أن عدم نمو إنتاج النفط الصخري لن يكون وضعا دائما، فقد تستطيع صناعة النفط الصخري البعث من جديد إما بتغير العوامل التي قد تؤدي إلى عدم نموها، وإما بقدرتها على التكيف، وإما أن تكون لشركات النفط الكبرى إسهامات أكبر في تغيير نموذج العمل القائم بها.
كيف تستطيع المملكة العربية السعودية التعامل مع مآلات صناعة النفط الصخري؟
من الواضح أن مآلات صناعة النفط الصخري غير واضحة على المدى البعيد. إضافة لذلك، فإن تعدد وتشابك مصالح منتجي أوبك بلس يجب أن لا يكون عذرا لتفككها، فإنه لا بد من المحافظة على تماسكها، تحوطا للمستقبل. فعلى المملكة العربية السعودية والدول الأكثر فعالية في هذا الكيان المحافظة عليه لبقاء النفط مصدرا موثوقا للطاقة على المدى البعيد لمواجهة جملة التحديات المستقبلية كتحدي التغير المناخي، أو وجود بدائل له، أو تباطؤ نمو الطبقة المتوسطة العالمية. وقد تدفع هذه التحديات إلى توقف نمو الطلب على النفط وهو وضع ذو تأثيرات سلبية لبقاء النفط كسلعة جيواستراتيجية مهمة تستمد منها المملكة وضعها الجيوسياسي، بالإضافة لكون النفط المحرك الوحيد للاقتصاد السعودي. إن بقاء دور المملكة كلاعب أساسي في سوق النفط مستمد من قدرتها على قيادة مجموعة كبيرة من المنتجين لإبقاء موثوقية النفط قائمة. يكمن التحدي في الجمع بين التخطيط طويل الأجل والتأثير في السوق على المدى القصير. لتتناسب مع بيئة من عدم اليقين العالية في كل من العرض والطلب.