* المفتي: تنظيم الإخوان قائم على أنهم جماعة الإسلام لكنهم في الحقيقة يثيرون الفتن والاضطرابات والقلاقل
* مقلد: جماعة الإخوان دأبت على وصف الأوطان بأنها «حفنة من تراب عفن» في حين أنها لم تطرح بعد نموذجاً لدولتها المرجوة
* خبير: مفهوم الدولة لدى الجماعة مختلف تماماً عن الموجود في الواقع فالدولة عندهم هي الدولة السلطانية القديمة الموجودة في التراث
القاهرة: عبرت أدبيات وتراث الإخوان عن عدم اعترافهم بالأوطان والحدود الجغرافية التي والدولة، فيرى ثروت الخرباوي، القيادي السابق بجماعة الإخوان، في كتابه «فتح مصر»، أن فكرة الوطن والأمن القومي لا قيمة لها في أدبيات جماعة الإخوان وليست من أهدافهم أو أولوياتهم، مستشهدًا بمقولة حسن البنا مؤسس الجماعة: «يجب أن نصل إلى أستاذية العالم، والوطن وسيلة وليس غاية». وأضاف: «ومقولة مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين: طظ في مصر، والإخوان فوق الجميع»، مشيرًا إلى أن عقيدتهم تُبنى على عدم الاهتمام بالأمن القومي في جميع البلاد التي للجماعة شعب فيها، وتربية شباب الإخوان على أن الوطنية مكروهة.
الوثائق السرية لتنظيم الإخوان
ومن جانبه أشار الباحث هاني عبد الله، في كتابه «كعبة الجواسيس.. الوثائق السرية لتنظيم الإخوان الدولي» الصادر عن مركز الأهرام للنشر، إلى وثيقة مهمة وخطيرة حول «هيكلة التنظيم الدولي للإخوان» «صدرت عقب سقوط حكمهم في مصر، تبين أن التنظيم تمكن خلال السنوات الماضية من أن يكون رقمًا مؤثرًا في المعادلات السياسية للدول الغربية»، وأنه يحاول أن ينظم صفوفه بعدما جرى للإخوان في مصر عبر ما يسميه «توحيد الكلمة وتنسيق المواقف في مواجهة المؤامرات العالمية»، وزيادة حجم المتعاطفين مع التنظيم في مختلف أنحاء العالم، والمحافظة على الفكرة ووحدة الحركة، والتنسيق بين فصائل الجماعة في مختلف الأقطار، والانطلاق إلى تحقيق الهدف الرئيسي الذي يسمونه «أستاذية العالم».
ومن جانبه، اعتبر الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن الانضمام لكل الجماعات الإرهابية وعلي رأسها جماعة الإخوان حرام شرعا، فالدين الإسلامي يحرم الانتماء لجماعات تبيح القتل والعنف وسفك الدماء، وتمارس أفعالاً تشوه الإسلام وتنشر الفتن والدمار والخراب، فالشرعية تدعو لنبذ كل فعل يؤدي للكراهية والشقاق، والأفكار الهدامة والمتطرفة التي ترهب الناس وتهدد أمن البلاد والعباد، وتعيث في الأرض فسادًا، وما تروج له الجماعات الإرهابية المرجفة، ومنها الإخوان، إنما هو إفساد في الأرض وليس جهادًا على الإطلاق.
وكشف المفتي عن أن تنظيم الإخوان قائم على أنهم جماعة الإسلام، لكنهم في الحقيقة يثيرون الفتن والاضطرابات والقلاقل باستحلال الدماء والأموال بين أبناء المجتمع الواحد تحت دعاوى مختلفة، منها التكفير للحاكم أو للدولة أو لطوائف معينة من الناس، ومنها استحلال دماء المسلمين تحت دعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو استحلال دماء غير المسلمين في بلادهم، أو أولئك الذين دخلوا البلاد الإسلامية بدعوى أن دولهم تحارب الإسلام، وهذه الأفعال التي يفعلها المتطرفون باسم الجهاد والدعوة إليه تعد من كبائر الذنوب.
وأكد المفتي أن الإخوان تعتبر غير التابعين لها خارج دائرة الإسلام، ومن يريد أن يدخل لا بد أن يكون وفق منهجية معينة، ووصل الأمر بأحد قادتها إلى أن قال إن الإسلام وقف عند زمن معين، وإنه لن يعود إلا عن طريق الجماعة ووفق منهجيتها، وينبغي أن تحاط هذه المنهجية بقوة عرفت بالتنظيم السري، لذلك سعت الجماعة لإنشاء كيانات موازية للجيش المصري، وقالوا إن تلك القوة العسكرية لتحمي الحق الذي يدعون إليه، فالإخوان وراء كافة التنظيمات الإرهابية التي خرجت وقتلت باسم الدين، فتلك الجماعات الإرهابية جميعها ترتدي لباس الدين من أجل تحقيق أغراضهم الدنيئة والوصول إلى سدة الحكم، فإذا ما نبذهم المجتمع وكشف فساد منهجهم لجأوا إلى التخريب وإثارة البلبلة في المجتمع من أجل تهديد استقرار البلاد.
أما علي مقلد، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية فيرى أن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين يؤكد أنها ضد فكرة المواطنة وضد فكرة الديمقراطية، وأنها حركة تعمل منذ نشأتها على هدم الأوطان من أجل إنشاء وطن جديد يقوم على «آيديولوجيا التنظيم»، فكل من هو خارج التنظيم هو خارج دولتهم المنشودة، فالجماعة تسعى منذ منتصف القرن المنصرم، لإقامة دولة التنظيم الدولي للجماعة على أنقاض الدول العربية والإسلامية القائمة، وفي سبيل ذلك تحالفت مع أعداء الأمة العربية والإسلامية وصارت مخلبا في يد الاستخبارات الدولية والإقليمية لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، واستخدمت من أجل ذلك – أحيانا - لغة ناعمة معسولة الألفاظ لدغدغة مشاعر العوام عن «إقامة خلافة على منهاج النبوة»، وفي أحيان أخرى استخدمت العنف والإرهاب والحرائق والتخريب لفرض وجهة نظرها، واستعانت بقوى معادية وأخرى لها مصالح استعمارية ضد أبناء العروبة والإسلام.
حفنة من تراب عفن
وأوضح مقلد أن الجماعة دأبت على وصف الأوطان بأنها «حفنة من تراب عفن» في حين أنها لم تطرح بعد - رغم اقترابها من المائة عام من التأسيس - نموذجا لدولتها المرجوة، فكل ما لديها مجرد عبارات فضفاضة وأفكار ضبابية، وحتى حينما وصلت للحكم في بعض الدول، تصرفت بجهل وغباء منقطع النظير فلا هي استطاعت تسيير هذه الدول وفق نموذجها المستقر ولا هي أقامت نموذجا جديدا، كل ما في الأمر أنها تحاول من وراء شعاراتها البراقة السيطرة على مقاليد السلطة، والسير بها في الاتجاه الذي تحدده القوى الخارجية التي احتضنت الجماعة قبل التمكين.
ويتطرق مقلد، إلى فكرة الديمقراطية عند الإخوان ويقول إن حديث قادة الإخوان عن الديمقراطية حديث يثير السخرية، فالجماعة مؤسسة على «السمع والطاعة، وأن العضو يصبح كالميت في يد مرشده يقلبه يمينا ويسارا كيف ماء يشاء»، جماعة هكذا نظامها هي أبعد ما يكون عن فكرة الديمقراطية وحرية النقاش وتبادل الآراء بداخلها، فأعضاء الجماعة مسيرون وليس لهم من أمرهم شيء، فإن قالت القيادة لن نخوض الانتخابات مثلا، راح الجميع من عناصرها يرددون مثل الببغاوات أن المصلحة العليا للدين وللوطن تكمن في ابتعاد الجماعة عن خوض هذه الانتخابات، فإن تراجعت الجماعة عن قرارها، وعزمت على خوض نفس الانتخابات راح جميع عناصرها يهللون ويكبرون ويرون أن مصلحة الدين والوطن في خوض الانتخابات التي كانوا يهاجمونها بالأمس، كما حدث في انتخابات الرئاسة المصرية التي أسفرت عن فوز محمد مرسي.
كما أن الجماعة منذ نشأتها لا تعترف بالرأي الآخر وكل رأي مخالف ولو في مسألة فرعية هو بالأساس رأي هدام وصاحبه مغرض، ولا حل أمام الجماعة سوى القتل المادي أو المعنوي بجانب التكفير للمختلف، فقد قتلت الجماعة المهندس سيد فايز أحد أبرز قيادات التنظيم السري لخلاف في وجهات النظر، كما شوهت الجماعة أحمد السكري الرجل الثاني بعد المؤسس حسن البنا لخلافه مع البنا كما شوهت كثيرين انشقوا عنها مثل ثروت الخرباوي ومختار نوح وعبد الستار المليجي ومحمد حبيب الذي كان ذات يوم قاب قوسين أو أدنى من الوصول لمنصب المرشد العام.
ويلفت مقلد النظر إلى أن هذه الأجواء التي تقوم على السرية والتقية والسمع والطاعة والخلايا العنقودية، غير قابلة لوجود قيم الديمقراطية من الحوار والنقاش وتبادل الآراء، لذلك تعمد الجماعة إلى تشويه فكرة الديمقراطية عند عناصرها وعند عموم المسلمين بزعم أن الديمقراطية قيمة مستوردة ودخيلة على الإسلام، رغم أن الجماعة تتغنى بهذه القيمة وتطالب القوى الدولية والإقليمية بفرضها على العالم الإسلامي من داخل أروقة صنع القرار في الخارج، كما أنهم يزعمون أنهم يعملون من أجل الأوطان وهم أول من سعى في خرابها، وأن الإخوان يريدون أممية تقوم على آيديولوجيا التنظيم الدولي للجماعة.
لا تهتم بالحدود الوطنية
بينما كشف ماهر فرغلي الخبير في شؤون الجماعات التكفيرية أن هناك أسسا وضعها المؤسس حسن البنا ومن بعده سيد قطب لجماعة الإخوان من أهم الأسس هي أن الجماعة لا تهتم بالحدود الوطنية، ليس هذا فقط ولكن مفهوم الدولة لديهم مختلف تماما عن الموجود في الواقع فالدولة عندهم هي الدولة السلطانية القديمة الموجودة في التراث وهي دولة الخلافة القديمة بأسسها بيت المال وقاضي القضاة والقصص التي نشاهدها في المسلسلات، وليس بمفهوم الدولة المعاصرة، فهم يعتبرون الحدود حدودا مصطنعة وضعها الاستعمار، وأن الدولة الإسلامية أو الوطن لا تحده حدود لكن الوطن في وجود أي مسلم في العالم، في نفس الوقت لا تفصل الجماعة بين مفهوم الدولة ومفهوم الأمة فهي تعتبر الدولة هي الأمة الإسلامية وهذا التعريف حدوده كبيرة جدا.
واعتبر فرغلي أن كل هذه المفاهيم عن الدولة والوطن عند جماعة الإخوان يصطدم بمفهوم الدولة الحديث التي تحدثت عنها العلوم السياسية في نفس الوقت فرد الإخوان دائما ما يؤمن بأن الوطن هذا غير شرعي لأنه لا تعلوه أحكام الشريعة الإسلامية ولذلك فإن هذا الوطن جاهلي ولا بد من هدمه، لكي يبنى مكانه وطن أخر يكون فيه حاكم مسلم وتعلوه أحكام الشريعة، ومن ثم النظام الحاكم في هذا الوطن كافر ودوره أن يقوم بإسلام هذا النظام وإذا فشل في إسلامه فعليه أن يهدمه ولذلك فهذا الأمر مختل عند الجماعة والدليل على ذلك تفجير بعض أعمدة الكهرباء فهم يعتبرون ذلك بناء وليس هدما لأن المال المصروف على الكهرباء من دولة غير مسلمة على حد فهمه.
وأشار فرغلي إلى أن الديمقراطية عند الإخوان فيما مضى كانت غير شرعية وفي كافة التيارات الوصولية لا تؤمن بها فهي خلاف الشورى لأنها في اعتقادهم تسن قوانين تتعارض مع الشرعية من وجهة نظره وبعد فترة اعتبرت الإخوان الديمقراطية وسيلة لتحقيق أهدافها للوصول إلى الحكم لكنهم في الحقيقة لا يؤمنون بالقواعد والأسس الديمقراطية وبمجرد الوصول للحكم يمارس سلطة ولا يتنازل عنها والدليل على ذلك أنهم أداروا الحكم في مصر مثل إدارة التنظيم وهذا الأمر يختلف عن إدارة الدولة التي تضم جماعات مختلفة بعكس التنظيم، في نفس الوقت الجماعة فشلت في إدارة التنظيم فهي ثابتة على القواعد التي وضعها مؤسسها حسن البنا منذ عشرينات القرن الماضي.