* مقتل البغدادي... انهيار لداعش أم تمدد للقاعدة؟ وخبراء: مقتل زعيم التنظيم لا يعني نهاية التنظيم
* خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية: القضاء على رأس التنظيم له تأثير... وقتل البغدادي يحد من قدرة التنظيم
* تركيا سهلت دخول عناصر داعش من أراضيها إلى سوريا... ودمجت 14 فصيلا مسلحاً تابعين لـ«الإخوان» منذ 2014
* الإدارة الأميركية لم تستعن بتركيا في تصفية البغدادي لأنها لا تثق بإردوغان
* باحث بشؤون الجماعات الجهادية: داعش ينتظره مصير مجهول في ظل القضاء على الكثير من قياداته
* تفكك التنظيم بكل مكوناته وفروعه في آسيا وأفريقيا أصعب السيناريوهات التي تواجهه
* قد يتحول التنظيم إلى مجموعة من الخلايا العنقودية كتنظيم القاعدة... وأبو عمر قرداش أبرز المرشحين لتولي التنظيم
القاهرة: لا أحد يستطيع أن ينفي فرحة العالم الكبيرة بمقتل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي والذي أذاق الأمرين للمنطقة العربية وارتكب أفظع الجرائم في حق العالم من إرهاب وقتل وذبح وقطع رؤوس سواء في الأراضي التي كان يسيطر عليها واعتبار دولته المزعومة دولة تقيم العدل في حين أنها صدرت إرهابا ودما وكراهية للعالم كله... والسؤال الذي يطرح نفسه: ما مصير التنظيم الإرهابي بعد قتل البغدادي ومن من عناصر التنظيم يمكن أن يخلفه؟
خبراء كثيرون يرون أن تنظيم داعش الإرهابي حقق ما لم يستطع أحد من التنظيمات الإرهابية تحقيقه من حيث التوسع في المساحات الهائلة للأراضي التي كان يسيطر عليها فضلا عن إعلان زعيمه البغدادي «خليفة» حيث وصل التنظيم إلى أقصى وأقسى قوته في 2014. بعد أن نجح في السيطرة على ثلث كل من سوريا والعراق، ليتراجع بعدها رويدا رويدا في مارس (آذار) الماضي بمقتل البغدادي في قرية سورية صغيرة على ضفاف الفرات بالقرب من الحدود مع العراق وهو يحاول الهرب بعائلته إلى الأراضي التركية.
يقول الدكتور محمد جمعة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الولايات المتحدة الأميركية وأجهزتها الأمنية هي من يمتلك شفرة التنظيمات الإرهابية، مؤكدا أن القوات الأميركية قامت بتصفية 43 قياديا من قيادات التنظيم الإرهابي في الفترة الأخيرة، مؤكدا أن مقتل زعيم التنظيم لا يعني نهاية التنظيم، لأن القضاء على رأس التنظيم يكون له تأثير إذا كان يتمركز حول شخص معين، وقتل البغدادي يؤثر فقط في حالة عدم وجود بديل يقود الأمور بعده، لكن العكس مع داعش، الذي لم يتمركز على شخصية البغدادي فقط، مشيرا إلى أن هذا الأمر خطوة مهمة للحد من قدرة التنظيم على العمل.
وأضاف الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما أعلن مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي كان استعراضيا نظرا لحاجته إلى مشهد إعلان مقتل البغدادي إعلاميا، موضحا أن الإدارة الأميركية اشتبكت مع حلفائها الأوروبيين في مايو (أيار) الماضي بسبب إعادة مواطنيها المنتمين لداعش.
وأشار الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريحاته لـ«المجلة» إلى أن تركيا سهلت دخول عناصر داعش من خلال أراضيها إلى سوريا ونجحت في دمج 14 فصيلا مسلحا تابعين لـ«الإخوان» منذ 2014 لتنفيذ خطط خبيثة لإردوغان بالمنطقة، مؤكدا أن تركيا هي المحرك الرئيسي لتيارات الإسلام السياسي بالمنطقة وأن الرئيس الأميركي وإدارته لا يثقون في إردوغان ولم يستعينوا بتركيا في عملية تصفية البغدادي.
وأوضح جمعة أن ثورة 30 يونيو (حزيران) كانت ضربة قوية لتنظيم الإخوان أدت إلى القبض على عدد من عناصر مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة، موضحا أن عدد عناصر قيادات جماعة الإخوان الإرهابية الهاربين من مصر إلى تركيا يستخدمهم إردوغان لاستعادة نفوذ الدولة العثمانية بالمنطقة مؤكدا أن مركز ثقل الإخوان أصبح في أنقرة ولم يعد له أي وجود في مصر وأن الإرهابي علي بطيخ هو من يقود الجناح المسلح داخل الجماعة الإرهابية من تركيا.
وأكد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن علاقة الإخوان بتركيا علاقة عضوية كعلاقة «حزب الله» بإيران مؤكدا أن تركيا تسعى إلى احتلال مساحة 6 أضعاف مساحة هضبة الجولان بسوريا من خلال العملية العسكرية الأخيرة على شمال سوريا بمساعدة ودعم من تنظيم الإخوان مشيرا إلى أن العالم يعلم أن إردوغان هو الراعي الرسمي للإرهاب ومستغل ويريد أن يصوغ ما يسمى المنطقة الآمنة على أمل تمويل أوروبا لمقترحه في هذا الأمر.
من جانبه أكد عمرو فاروق الباحث في شؤون الجماعات الجهادية أن هناك عددا من السيناريوهات المنتظرة لمصير تنظيم داعش الإرهابي مؤكدا أنه ينتظره مصير مجهول في ظل القضاء على الكثير من القيادات المؤثرة داخل التنظيم، وخسارته للجغرافيا السياسية داخل سوريا والعراق، والتي سعى من خلالها لإقامة مشروع دولة خلافته المزعومة منذ يونيو 2014، لينتهي هذا الحلم في مارس 2019. بإعلان قوات التحالف القضاء على تنظيم داعش نهائيا وتفكيك تنظيمه بنسبة كبيرة.
وأوضح الباحث في شؤون الجماعات الجهادية أنه في ظل وجود الكثير من الدول الراعية للإرهاب، ووجود مقومات مالية وبشرية تدفع إلى بقاء التنظيم ومحاولة إعادة هيكلة خلاياه مرة أخرى سيكون التنظيم أمام عدد من السيناريوهات التي ستحدد بقاءه من عدمه خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن أول تلك السيناريوهات استمرار تنظيم داعش وبقاؤه على ما هو عليه في ظل وجود قيادة قوية لديها القدرة على الهيمنة وتستطيع السيطرة على مفاصل التنظيم وإعادة ترتيب الأوراق داخل البيت الداعشي الإرهابي، مؤكدا أنه قد يتم تنصيب نائب البغدادي المسمى أبو عمر قرداش قائدا للتنظيم الإرهابي، مشيرا إلى أنه كان يعمل قائدا عسكريا بحكم كونه ضابطا سابقا في الجيش العراقي، وبعدها انضم لداعش وتولى مسوؤلية الجهاز الأمني في داعش، وهو ما يؤهله لوضع التنظيم في مرحلة جديدة، والقضاء على الخلافات والصراعات الداخلية التي تعصف بالكيان وفروعه، المشتعلة بين ما يعرف حاليا بتيار الأنصار وتيار المهاجرين.
وأشار الباحث في شؤون الجماعات الجهادية إلى أن ثاني السيناريوهات أمام التنظيم هو تحوله داخل سوريا والعراق، إلى مجموعة من الخلايا العنقودية، وفق استراتيجية «الذئاب المنفردة» أو «خلايا التماسيح»، والتعايش مع فكرة التكييف الكموني، ومحاولة التخفي في التضاريس الطبيعية الصعبة داخل المناطق الصحراوية على الحدود السورية العراقية والبقع الجغرافية القريبة، مكونين جيوبا جديدة، والاتجاه لتعديل التكتيك وفق ما يسمى «حرب العصابات» مع وجود قيادة داعشية مسردبة تحرك فلول التنظيم دون أن تكون في قلب المشهد، في ظل تقوية فروع التنظيم الإرهابي في أفريقيا وآسيا، واتباع سياسة «مركزية القيادة لا مركزية التنفيذ»، وهو سيناريو أشبه بوضعية تنظيم القاعدة، الذي أصبحت فيه الفروع تمثل مركز قوة وثقل في مقابل ضعف القيادة المسردبة التي يمثلها أيمن الظواهري.
وأوضح الباحث في شؤون الجماعات الجهادية أن السيناريو الثالث يتمثل في بقاء بعض الفلول الداعشية في سوريا والعراق، تحت قيادة ضعيفة، مع إعلان انفصال فروع التنظيم المنتشرة في أفريقيا وآسيا، والمنطقة العربية، واستقلال قيادات هذه الفروع عن التنظيم الأم، وتحويلها لكيانات ونسخ جديدة من التنظيم بتسميات متعددة، تحمل نفس التوجهات والأفكار والأدبيات، ما يعد محاولة لخلق زعامات تكفيرية متطرفة جديدة تمنح الساحة الجهادية المسلحة زخما خلال المرحلة المقبلة.
وأكد الباحث في شؤون الجماعات الجهادية أن السيناريو الرابع هو تفكك التنظيم بكل مكوناته وفروعه وولاياته سواء داخل سوريا والعراق أو في أي نطاق جغرافي آخر، وتماهي عناصره وخلاياه في مكونات أخرى ينتج عنها نسخ جديدة من التنظيم الأم تحمل نفس التوجهات والأطروحات التكفيرية في ظل وجود الكثير من المرجعيات التي تعمل على بقاء وبلورة الفكرة التكفيرية لدى الأجيال الجديدة، لا سيما أن ما يطلق عليهم «أشبال الخلافة»، الذين يمثلون وقودا للتنظيمات الجديدة خاصة داخل أفريقيا التي وظفها داعش لعمليات الاستقطاب والتجنيد للأجيال الجديد وفقا لاستراتيجية الإخوان في تجيند الأطفال والمراهقين، هو أصعب سيناريو في مستقبل التنظيم الإرهابي.
يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية أعلنت عن مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي في غارة أميركية نفذتها قوات النخبة الأميركية، بمساعدة الاستخبارات العراقية، وقوات سوريا الديمقراطية، وفق ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) 2019.