* رغم مرور أكثر من 100 عام على الجريمة التركية... هل تتكرر مذابح الأرمن بالشمال السوري؟
* خبراء: ما يفعله الرئيس التركي مع الأكراد إعادة لسيناريو مذابح الأرمن على يد الأتراك والتي تعد الأكبر في التاريخ
القاهرة: ما زال العدوان التركي الغاشم على شمال شرقي سوريا تحت اسم عملية «نبع السلام»، وما زال يواصل الديكتاتور العثماني رجب طيب إردوغان، بطشه بأكراد سوريا على غرار ما فعله بالأرمن على الرغم من العقوبات الأميركية في الوقت الذي زادت فيه المطالبات الدولية لتركيا بوقف هجومها الغاشم على الشمال السوري، لنرى من الجهة الأخرى تحقيق القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا تقدما في مدينة منبج الرئيسية التي انسحبت منها قوات الولايات المتحدة تنفيذا لأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تاريخ الدم ليس بالجديد على النظام التركي الذي دوما ما يلجأ إلى إرهاب دول الجوار وتهديدهم والتوعد لهم في حالة عدم خضوعهم لإماراته فالتاريخ يشهد على هذا ففي الوقت الذي يضرب إردوغان الشمال السوري لإبادة الأركراد من هناك كان أجداده من الأتراك يمارسون أبشع الجرائم في سوريا ولبنان وتركيا حيث مارس جمال باشا التركي، هواياته الإجرامية بذبح وشنق 8 آلاف مثقف عربي في سوريا ولبنان، بينما كان أصدقاؤه من حزب «الاتحاد والترقي»، المعروف باسم «تركيا الفتاة»، يواصلون تفاصيل الجريمة التركية بحق البشرية، فيما عرف تاريخيًا باسم «المشروع التوراني» ومذابح الأرمن.
وتكمن القصة باختصار بقيام المشروع التوراني على توجه القوميين من العثمانيين الأتراك لتطهير تركيا من غير الأتراك وشن حملة تطهير عرقي استهدفت 3 عرقيات، وهم العرب والأكراد والأرمن، وهي الإبادة التي حصدت أرواح مليون ونصف المليون من الأرمنيين الذين كانوا تحت مظلة الاحتلال العثماني، وكانت الثروات التي يسيطر عليها الأرمن دافعًا كبيرًا ليكون الشعب التركي شريكًا في الجريمة مع حكومته، إذ استخدمت حكومة الاتحاد والترقي هذه الثروات لإقناع الرافضين لفكرة التخلي عن دولة الخلافة، في محاولة لاسترضاء هؤلاء بإحلالهم محل الأرمن، يرثون ممتلكاتهم وأراضيهم ويستولون عليها بتسهيل من الحكومة المتطرفة.
وتتمحور المشكلة في أن الموقع الجغرافي لأرمينيا بين القوقاز وآسيا الصغرى وأوروبا جعل من تلك البلد «تفاحة الحرب»، كما أطلقت عليها الكثير من الأدبيات، فقد كانت أرمينيا حلقة اتصال لكثير من الشعوب، وهو ما جعلها فريسة للاحتلال في كثير من فترات التاريخ، فيما كان موقعها الاتصالي بالعالم أشبه بموقع مصر بين ثلاث قارات.
يقول الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ الحديث بمصر، إن الشعب الأرمني هو واحد من أقدم شعوب الأرض، ورغم الشتات الذي تعرض له بسبب ظروف الحرب والإبادة التركية، إلا أنهم استطاعوا الحفاظ على عرقيتهم وتنميتها، لدرجة أنهم أصبحوا ثاني أكبر جالية مؤثرة في الولايات المتحدة وفرنسا، وهو ما يفسر قرارات بعض دول أوروبا بالاعتراف بمذابح الأرمن والإبادة التركية لما لهم من تأثير قوي هناك.
ورغم مرور أكثر من 100 عام على الجريمة التركية، إلا أن صوت الضحايا وفداحة الجرم كانت أكبر من أن تصبح في طي النسيان، وبعد مرور قرن من الزمان تمكن الأرمن من المهاجرين من الحصول على اعتراف دولي بالمذبحة التي استهدفت شعبًا بأكمله ليأتي الرئيس التركي رجب إردوغان ليكرر ما فعله أجداده من جرائم ضد الإنسانية بشن هجوم عسكري عنيف لإبادة الأكراد من الشمال السوري في مخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية.
من جانبه، يؤكد الدكتور عاطف سعداوي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الرئيس التركي أو الديكتاتور العثماني كما يجب أن تتم مناداته يعيد ما فعلة السلطان عبد الحميد الثاني مع الأرمن ويتوسع في الدم، مؤكدا أنه يكرر نفس السيناريو لمذبحة الأرمن على يد الأتراك والتي تعد الأكبر في التاريخ.
ويضيف الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن ضحايا مذبحة الأرمن على يد الأتراك بلغت مليونا ونصف المليون نسمة، موضحا أن مشاكل دول الإقليم ليست مع تركيا كدولة ولكنها مع شخص الرئيس التركي إردوغان، مؤكدا أن مشروعه يسيطر على الدولة التركية حيث قام بتصفية خصومة في 2017 وهو الآن يريد أن يستغل ورقة داعش للضغط على دول الاتحاد الأوروبي مرة أخرى.
وأكد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الأكراد لن يستسلموا لإردوغان بسهولة ولن يسمحوا بتكرار سيناريو مذبحة الأتراك ضد الأرمن مشيرا إلى أن لديهم مشروعهم الخاص.
وتشير الوثائق التاريخية إلى أنه بداية من مايو (أيار) 1915. توسعت الحكومة العثمانية في عمليات التهجير القسرى للأرمن، حيث زحف المدنيون للتخييم في المناطق الصحراوية في الجنوب «اليوم: شمال سوريا وشرقها، وشمال المملكة العربية السعودية، والعراق».
ونشأت الكثير من تلك القوافل في 6 أقاليم أرمنية ذات كثافة سكانية موجودة في شرق الأناضول - طرابزون، وأرضروم، وتبليس، وفان، وديار بكر، ومعمورة العزيز، ومنطقة ماراس - وأخيرًا في جميع نواحي أرمينيا ما زالت تركيا تسطو عليها حتى يومنا هذا، وهي الأقاليم التي وطنت عليها الأتراك أنصار فكرة الخلافة حتى تضمن ولاءهم لتوجهات التطهير العرقي من المسلمين غير الأتراك.
في ذلك الوقت لم تكن تركيا تسمح لأي من المراسلين الصحافيين بالدخول إلى أراضيها، كما قطعت خطوط التلغراف حتى تضمن أن تبقى جريمتها طي الكتمان، لذا كان حلفاء تركيا أنفسهم من الألمان أول الشهود على المذابح التي ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن، ووثقوا لها المبشرين الألمان بالصور لنجد الآن الرئيس التركي يسير على درب أجداداه ويرتكب أبشع الجرائم تجاه أكراد سوريا في الشمال السوري.