* الهدف الرئيسي هو مزيد من الزخم الثقافي والفكري والفني في ظل استقرار وأمن مصر والاستقرار الاقتصادي وتحريض الشباب على الإبداع والتبادل الفكري والمعرفي مع شباب العالم
* رأينا تخصيص جائزة للمعماريين تشجيعاً لهم على ابتكار طرز معمارية وجمالية تمحو هذا التشوه البصري الذي صرنا نعاني منه والذي يؤثر بلا شك على المخيلة الإبداعية للأجيال الجديدة
القاهرة: امتداداً لمسيرته الفنية والثقافية الممتدة عبر أكثر من ربع قرن، دشن الفنان فاروق حسني وزير ثقافة مصر الأسبق مؤسسة ثفافية تحمل اسمه «مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون» والتي تتخذ من متحفه بحي الزمالك الشهير بقلب القاهرة مقرا لها، فيما ترفع المؤسسة من إحدى أشهر لوحات حسني «سيلف بورتريه» شعارا لها.
ووسط باقة من اللوحات الفنية التي لا تقدر بثمن لعباقرة الفن التشكيلي، التقت «المجلة» الفنان فاروق حسني أحد أبرز رواد فن التجريد في العالم العربي للحديث عن أهداف المؤسسة وبرامجها في العمل الثقافي وما إذا كانت ستعمل بشكل نخبوي يحرك المجال العام، ولا يخضع لما يمليه الواقع...
وإلى أهم ما جاء في الحوار:
* ما الهدف من تحويل متحفك إلى مؤسسة ثقافية، هل هي الرغبة في خوض مضمار العمل الثقافي العام مرة أخرى؟
- الهدف الرئيسي هو مزيد من الزخم الثقافي والفكري والفني في ظل استقرار وأمن مصر والاستقرار الاقتصادي وتحريض الشباب على الإبداع والتبادل الفكري والمعرفي مع شباب العالم»؛ لذا تبرعت بالمكان (المتحف) للدولة بكل محتوياته خشية أن تضيع بعد رحيلي، وفي الوقت نفسه رأيت أن تتولى المؤسسة العمل مع مؤسسات الدولة المصرية لكي يسير الحراك الثقافي في منظومة متكاملة، تحدث تماوجا فكريا وفنيا يتخطى حدود مصر ويصل صداه إلى جميع أنحاء العالم.
* يعتبر متحفك جزءا أساسيا من المؤسسة بما يحتويه من مقتنيات... حدثنا عن تصورك لآليات العمل الثقافي به خلال الفترة المقبلة.
- المتاحف قيمة مستمرة تحفظ التاريخ للأجيال؛ لذا فقد حرصت على أن يضم المتحف لوحات لي ولكبار الفنانين العرب والأجانب ومنحوتات ومجسمات وقطعا من السجاد والتحف من مختلف أنحاء العالم ممهورة بأيدي كبار الفنانين، فضلا عن مجموعة قيمة قوامها آلاف الكتب والموسوعات الفكرية بلغات كثيرة. المتحف يؤرخ لحركة الفن التشكيلي المصري والعربي ويعطي لمحة عن مدارسه. وملحق به حديقة متحفية تقع في قلب الزمالك معقل الفن التشكيلي في مصر حيث تعتبر بؤرة غاليريهات ومعارض فنية على مدار العام، وسوف تتيح الحديقة الأجواء المناسبة لشباب الفنانين للعمل على الإنتاج الإبداعي في أجواء مناسبة.
* ما الذي ستقدمه المؤسسة في عامها الأول؟
- بمجرد الإعلان عن المؤسسة وجدنا طوفانا من المحبين والهيئات والمؤسسات التي رحبت بالعمل معنا وتأسيس شراكات فنية جديدة وهو ما أسعى إليه أن تحتوي المؤسسة المبدعين من مختلف أنحاء العالم وليس من مصر فقط عبر تدشين برامج تبادل ثقافي ومنح فنية على أن تعمل بشكل متزامن مع أنشطة الدولة. يهمني أن تنتشر المؤسسة في العالم العربي وتشجع الشباب العرب على تقديم أعمالهم القيمة، وقد خصصت القصر الخاص بي في الساحل الشمالي لكي يحتضن إقامات فنية للمبدعين من مختلف الجنسيات.
* امتهنت العمل الثقافي طوال حياتك وقدمت مشروعات كثيرة لا يزال صداها يتردد مصرياً وعالمياً، هل هناك مزيد من المشروعات التي تحلم بتحقيقها؟
- لا يزال لدي المزيد لأقدمه. الثقافة بحر واسع مهما أعطى الله الإنسان عمرا سيجد الجديد الذي يقدمه وسيجد أفكارا مبتكرة، ولكن بشكل أساسي هدفي هو الحرص على وصول الثقافة لكل إنسان واستغلال التكنولوجيا في ذلك لأننا لم نعد في رفاهية أن نكون بمعزل عنها.
الظروف الاجتماعية المتغيرة وكل الأدوات في العمل الثقافي تبدلت مع التطور التكنولوجي؛ لذا أود أن تعمل المؤسسة بشكل أساسي على تحفيز الشباب والأجيال الجديدة لحضور فعاليات زاخمة من عروض أفلام ومسرح ومهرجانات.
* ما أسس اختيار مجلس الأمناء وهل ستعتمد أنشطة المؤسسة على التبرعات؟
- المؤسسة لن تعتمد على التبرعات لكنها وضعت خطة برامجها بناء على الميزانية المحددة لها، أما التبرعات فسوف تسخر للفعاليات والأنشطة في مختلف أنحاء مصر. يضم مجلس أمناء المؤسسة شخصيات مرموقة في كافة المجالات، وهم: مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور مصطفى الفقي، ورجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، والدكتور زاهي حواس وزير آثار مصر الأسبق، ورئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزراة الثقافة المصرية الفنان الدكتور خالد سرور، ورئيس مجمع الفنون بالزمالك الفنان إيهاب اللبان، والكاتب وائل السمري رئيس التحرير التنفيذي لليوم السابع، والسيد تامر عوف، والسيدة إيناس لوقا، والدكتور حسام لطفي، والمهندس عبد السلام شعير، والأستاذ أحمد الضبع، والدكتورة عالية عبد الهادي عميدة كلية الفنون الجميلة السابقة.
وحرصت على أن يضم المجلس أسماء تدفع بالعمل داخل المؤسسة وتضيف لها لديهم رؤية وأفكار وهذا أهم شيء. فضلا عن تقديمهم الدعم اللوجسيتي لفعاليات وبرامج المؤسسة حيث ستقام الفعاليات في مكتبة الإسكندرية ومجمع الفنون ومسارح الدولة.
* هل ستركز المؤسسة على دعم الفن التشكيلي فقط أم سيكون لها دور في مجال السرد والنشر الأدبي؟
- بالطبع. سيكون لها دور كبير في نشر كتابات الشباب، فنحن نسعى لدعم الإبداع بكافة روافده وتسليط الضوء على المواهب الجديدة ليس في مجال الفن التشكيلي فقط بل في مجال الأدب والموسيقى والمسرح، وذلك من خلال التواجد على الساحة ونشر الأفكار الجديدة مؤكدا أن هذا سوف يرسخ أقدام المؤسسة ويجعل لها أرضا صلبة عبر الاستثمار في الأجيال الجديدة.
* برأيك، ما الذي ينقص العمل الثقافي في العالم العربي في ظل تصاعد تيارات الشعبوية والراديكالية والإسلاموفوبيا؟
- ينقصنا المحرك الثقافي الذي يقوم بجدولة لكل ما يدور على الساحة محليا وعربيا ودوليا، يجب أن تضم المؤسسة محركين ثقافيين يقدمون برامج تستقطب كل أطياف المجتمع وفئاته والكشف عن المواهب، أهم شيء هو الإمساك بمفاتيح العمل الثقافي واستخدام النخبة لتأديه دورها في خدمة المجتمع والنهوض به وذلك من خلال المؤسسات الأهلية التي ستعمل مع وزارة الثقافة، تماما كما كانت الصالونات الثقافية في بدايات القرن العشرين تحرك المجال العام الثقافي فيما تعمل وزارة الثقافة من جهة أخرى على دعم العروض والفرق المسرحية وغيرها من الفعاليات التي أحدثت نهضة ثقافية حصدنا ثمارها فيما بعد. ودائما أؤكد أن العلاقة بين التقدم والتنمية المستدامة وبين الثقافة علاقة متبادلة فلا يمكن لمجتمع أن ينهض دون ثقافة ولا يمكن لمجتمع أن ينهض بفكر متطرف. هنا الثقافة تعمل على تشذيب السلوك الإنساني وإنارته عبر سبل المعرفة وهذا ما نجده في المجتمعات المتقدمة التي ترصد للثقافة ميزانيات ضخمة تنعكس بشكل مباشر على الدخل القومي وعجلة الإنتاج.
* تزامن تدشين المؤسسة مع إطلاق أولى جوائزها، فهل ستركز المؤسسة على مجالات الفن التشكيلي فقط؟
- أعلنا عن أول جائزة في مجال الفن التشكيلي ليتم الإعلان عن الفائز بها في عام 2020. ووضعنا خطة زمنية لإطلاق 3 جوائز في السنوات المقبلة، وقيمة كل جائزة 50 ألف جنيه في مجالات الفن التشكيلي والمسرح والعمارة والقصة القصيرة، لا سيما أن المسرح هو أبو الفنون وحاليا نشاهد الكثير من الأعمال تفتقر للنص الجيد والسينوغرافيا، المسرح ليس حوارا ساخرا ولكنه قيمة ورسالة، ونأمل أن تدفع الجائزة به إلى مجده ثانية. كما رأينا تخصيص جائزة للمعماريين تشجيعاً لهم على ابتكار طرز معمارية وجمالية تمحو هذا التشوه البصري الذي صرنا نعاني منه والذي يؤثر بلا شك على المخيلة الإبداعية للأجيال الجديدة.