* لذا يفترض تمتين الجبهات العربية حتى موعد الانتخابات الأميركية وإحباط محاولات إيران في زعزعة الأنظمة القائمة فيها، تماماً كما أفشلت محاولاتها رفع سعر برميل النفط.
أما إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض فعندها على المرشد الإيراني وضع سليماني على دكّة الاحتياط.
يبدو أن الرئيس الحالي دونالد ترامب في، طريقه إلى الفوز بولاية ثانية في 2020 عام الانتخابات الأميركية، إن لم يحصل تطور كبير يؤثر مباشرة على حياة الناخب الأميركي.
عدة عوامل حتى الساعة تصب لصالح الرئيس ترامب، أهمها يبقى العامل الاقتصادي. الأرقام حتى الساعة من معدل التوظيفات إلى معدل البطالة، فالنمو الاقتصادي، والقدرة الشرائية للفرد،
وما هنالك من مؤشرات اقتصادية مهمة، تشير إلى أن الحلم الأميركي ما زال ممكنا. وهذا ما يهم بالدرجة الأولى الناخب الأميركي.
أضف إلى ذلك أن الديمقراطيين ينهمكون في مهاجمة الرئيس ويحاولون في كل مناسبة متاحة عزله، تارة على خلفية تماهيه مع الرئيس الروسي الذي يتهمه الديمقراطيون بتسهيل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وتارة أخرى من خلال اتهامه باستغلال سلطته مع الرئيس الأوكراني من أجل الإيقاع بخصمه جو بايدن على خلفية تقاضي ابن هذا الأخير هانتر بايدن أموالا طائلة من شركات أوكرانية بغية تمثيلها وتسهيل أعمالها لدى بعض الجهات الخاصة والرسمية.
حتى الساعة فشل الديمقراطيون في إلصاق أي تهمة بالرئيس ترامب. ما عرف بـ«روسيا غيت» انتهت بتأكيد المدعي العام مولر عدم امتلاكه أدلة بتورط المرشح ترامب آنذاك مع الروس من أجل تسهيل انتخابه. نفس الأمر يتكرر مع المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس ترامب مع نظيره الأوكراني.
أغلب الظن أن تلك القصة ستنتهي كما سابقاتها. المشكلة في المقاربة الديمقراطية، أي تشويه صورة ترامب باستعمال كل وسائل التواصل المتاحة أنها لا تفعل فعلها في سيكولوجيا الجماهير، بل على العكس تماماً، تؤكد استطلاعات الرأي الأخيرة أن شعبية الرئيس ترامب ازدادت بعد تناول الإعلام والسياسيين قصة الاتصال الهاتفي مع الرئيس الأوكراني. والرئيس ترامب نجح في تصوير نفسه على أنه ضحية «لمؤامرات وأكاذيب» الحزب الديمقراطي ووسائل الإعلام الموالية لهم وما أكثرها.
هناك أيضا معضلة تواجه الحزب الديمقراطي على بُعد سنة من انتخابات الرئاسة: لم يبرز مرشح جدي منافس للرئيس ترامب، حيث إن جو بايدن تلاحقه أعمال ابنه المشبوهة في أوكرانيا، أما بيرني ساندرز فهو «يساري» بالدرجة التي لا يستسيغها الأميركيون، ووارن ليست بالشعبية المطلوبة التي تخولها من مواجهة ترامب.
لذا كما قلنا إذا لم يطرأ أي تطور اقتصادي سلبي، فإن ترامب سيتغلب مرة أخرى على كل التوقعات ويعود للبيت الأبيض رئيساً لولاية ثانية.
ماذا يعني إعادة انتخاب ترامب للمنطقة؟
طبعاً هذا لا يريح إيران التي تسعى إلى فك الحصار الاقتصادي عنها بكل الطرق الممكنة. إعادة انتخاب ترامب لن يحقق لها هذا الهدف لأنه ومن الواضح أن الرئيس سيستمر بسياسة فرض العقوبات الاقتصادية عليها حتى تقرر إعادة التفاوض بشروط واضحة تتعلق بأنشطتها النووية والأخرى الإرهابية. صحيح أن ترامب سيكون متحرراً من عبء التفكير في إعادة انتخابه خاصة في مقاربته للملف الإيراني ولكنه كما هو واضح من خياراته السياسية حتى اليوم لن يذهب إلى مواجهة مع إيران.
إعادة انتخاب ترامب سيريح الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأميركية. لأنهم أولا يعرفون أن ساكن البيت الأبيض حدد خياراته الاستراتيجية فيما يخص أعداء الولايات المتحدة وحلفائها منذ قرر خوض الانتخابات الرئاسية 2016، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فهم أي حلفاءه باتو
يدركون كيفية التعامل مع هذا الرئيس غير التقليدي: ترامب يعشق التفاوض كوسيلة سياسية ويريد أن يكون الرابح دائما في ختامها.
هم أيضا يدركون أنه لن يخوض حربا بالنيابة عنهم ولكنه سيؤيد أي خيار يتخذونه في مواجهة إيران وميليشياتها والتي ستستمر حتى موعد الانتخابات بمهاجمة المملكة العربية السعودية، خاصة كون قاسم سليماني يعتبرها الحلقة الأضعف في التحالف الأميركي بالمنطقة والأقل خطورة من ناحية الارتدادات على أي هجوم قد يقوم به ضدها.
سيعمل الإيرانيون بكل الوسائل المتاحة على زعزعة الأنظمة المتحالفة مع الأميركيين، وذلك من أجل التخلص من العقوبات الأميركية من دون دفع ثمن مقابلها.
قد لا يضير حلفاء الولايات المتحدة خاصة العرب منهم التنبه إلى المقايضة التي يرغب سليماني في إرسائها مع الولايات المتحدة الأميركية: استقرار أنظمة المنطقة الحليفة للبيت الأبيض مقابل فك الحصار عن إيران.
لذا يفترض تمتين الجبهات العربية حتى موعد الانتخابات الأميركية وإحباط محاولات إيران في زعزعة الأنظمة القائمة فيها، تماماً كما أفشلت محاولاتها رفع سعر برميل النفط.
أما إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض فعندها على المرشد الإيراني وضع سليماني على دكّة الاحتياط.