* وزير الثقافة الأسبق: إقبال الشباب على أدب الرعب والبحث عن شكل جديد في التعبير عن الذات
* روائي مصري: الهروب من الواقع وخوض تجربة خيالية جديدة أبرز أسباب ارتباط الشباب المصري بفانتازيا الرعب
* جابر عصفور: أدب الرعب لن يندثر بل سيزدهر... وعلى الجميع أن يتذكروا «العراب»
القاهرة: يعتبر أدب الرعب في مصر من أنواع الأدب الحديثة نسبياً فهو لم يكمل عامه الثلاثين بعد، ولكن أدب الرعب استطاع خلال السنوات الأخيرة جذب عدد كبير من الشباب للقراءة لما يحمله هذا الفن من أحداث متسارعة وتشويق وهو ما يخلق حالة من المتعة الخاصة لدى القارئ.ومنذ أحداث يناير (كانون الثاني) عام 2011. بدأت فنون الرعب في تصدر المبيعات لتصبح الأكثر مشاهدة في العاصمة المصرية بالقاهرة، خاصة في صناعة السينما المصرية والتي بدأت في تطبيق أدب الرعب من خلال عدد من الأفلام السينمائية التي حققت نجاحا كبيرا وقبولا لدى المواطنين المصريين كان آخرهم الجزء الثاني من فيلم الرعب المصري «الفيل الأزرق»، والذي حقق إيرادات أكثر من 100 مليون جنيه في فترة وجيزة ليتصدر أعلى إيراد لفيلم في تاريخ السينما المصرية بأكملها.
روايات الرعب في مصر حققت مبيعات هي الأكبر بين باقي أنواع كتب الأدب والثقافات، وحاول علماء نفس وعلماء اجتماع تفسير الظاهرة وربطها بالأحداث الدموية وأحداث الإرهاب التي شهدتها مصر في الأعوام الأخيرة، والهروب النفسي من قبل الشباب إلى عالم الرعب للتخفيف من الدموية التي تسيطر على المشهد.
يقول الدكتور شاكر عبد الحميد، الأديب ووزير الثقافة الأسبق، إن هناك حالة من الإقبال الشديد على أدب الرعب والخيال العلمي والفانتازيا على مستوى القراءة والكتابة بالمعنى السيكولوجي، موضحا أن هذا النوع من الأدب يعدّ من أساليب مواجهة الخوف، التي ابتكرها الإنسان من خلال الخوف المتخيل الذي يواجه به الخوف الحقيقي، مشيرا إلى أنّ هذه الآلية تسمى «الإشباع البديل» بمعنى أن الإنسان يواجه خوفًا يتعلق بأحداث وكوارث ودمار يحدث للآخرين، وليس للقارئ أو الكاتب، مؤكدًا أنّ الكاتب هنا آمن ومستمتع بالتخيل بأحداث تقع على مسافة منه.
ويضيف وزير الثقافة الأسبق أنّ هذا نوع من الأدب الخيالي المرتبط بعوالم يضعها فينا حبّ الاستطلاع أو الفضول المعرفي أو التشويق، أو نوع من الأدب يوحي بأن ما سرده أمر واقعي، لكي يتقدم تدريجيًا، ويسهّل هذا الإيهام أو يتجاوزه، مستدلا بعرض نظرية «روزماري جاكسون»، والتي تسلط الضوء على دور «الخيال» في جوانب مختلفة من حياة الناس، حيث يتناول «الخيال الأدبي» بشيءٍ من التفصيل التي تقول إنّ هذا النوع من الأدب يساعد على الدخول إلى تلك العوالم الغريبة الموجودة خلف مرآة الواقع، موضحًا أنّه يعتبر تجسيدا لفضاءات موجودة خلف الأمور المرئية، وخلف الصورة، ومن ثم يضعنا في مناطق مظلمة فيها التباس، يمكن من خلالها أن يظهر أي شيء غير متوقع.
ويتابع الأديب المصري أنّ هذه الأنواع من الكتابة متداخلة، لافتًا إلى أنّ «زيادة الإقبال على هذا النوع من الكتابة، بعد أحداث يناير 2011، ربما عاد بسبب أنّ الشباب يبحثون عن شكل جديد في التعبير عن ذاتهم، الذي يعاني حالة من عدم الاستقرار التي يواجهها الواقع في المراحل الانتقالية، والتي يمرّ فيها الإنسان بحالة من الالتباس، مشيرًا إلى أنّها محاولة للبحث عن يقين حالي يساعد على مواجهة اللايقين الموجود الآن، ويساعد في التعبير عن الذات وتحقيقها والتعبير عن إحساسات مركبة، كنوع من محاولة مواجهة الواقع المضطرب غير المستقر.
من جانبه كشف محمد عصمت، الكاتب الروائي المصري وأحد المعروفين بكتاباته في روايات الرعب عن سبب إقبال الشباب على قراءة أدب الرعب والاهتمام به موضحا أن هذا الأمر يرجع لسببين، السبب الأول هو الهروب من الواقع وأن يحظى بتجربة خيالية جديدة عليه، والسبب الثاني هو جودة العمل المكتوب وهذا يميز الكثير من كُتاب الرعب المصريين.
وعن مستقبل أدب الرعب في مصر، يتوقع الروائي المصري أنه سيستمر في التواجد وسيستمر دائمًا بفضل القراء المخلصين الذين يدعمونه، متمنيًا أن يبدأ أدب الرعب في الدخول لعوالم السينما والتلفزيون بشكل أكبر، خاصة بعد النجاح الذي حققه في السينما المصرية.
فيما يؤكد الكاتب الكبير جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق والناقد الأدبي، أن أدب الرعب موجود وله جمهوره ولن يندثر بل سيزدهر، مطالباً الجميع بأن يتذكروا الروائي أحمد خالد توفيق لأنه أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب والأشهر في مجال أدب الفانتازيا والخيال العلمي، مشيرا إلى أن «العراب» كتب أكثر من 120 رواية، وهذا الرقم كثير جدا بالنسبة لرحلته الأدبية، موضحا أن معظم رواياته تدور أحداثها في عوالم الرعب والظواهر الغامضة والأمراض الغريبة، مؤكدا أن ترجمته لأكثر من 35 رواية أجنبية، هو أمر عظيم ومهم ويجب على الجميع أن لا ينساه.