* لإيران أذرع كثيرة في المنطقة يمكنها أن تتحرك في أي لحظة، وذلك دفاعاً عن مصلحتها العليا، احترق لبنان أم لم يحترق فهذا مجرد تفصيل، أما الدولة اللبنانية فهي في غيبوبة
غداً أو بعده سيكتشف اللبنانيون أن التسويات التي أرساها بعض زعمائهم مع «حزب الله» لم تقِ لبنان من شرّ، ولم تحفظه من خراب.
من الملاحظ أنه في الآونة الأخيرة بدأ الضغط يتزايد على الجبهة الحدودية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، الملاحظ أيضا وأيضا أن الإعلام الإسرائيلي بدأ هو الآخر حملة إعلامية تتناول أخباراً وصوراً عن مواقع إيرانية لمعامل في لبنان- تحديداً البقاع- لإنتاج صواريخ دقيقة. الأسبوع الفائت أسقط «حزب الله» مسيّرة إسرائيلية اخترقت الأجواء اللبنانية، بينما قبلها بساعات قصفت إسرائيل مواقع قالت إنها لميليشيات تابعة لإيران في البوكمال على الحدود السورية العراقية وقتلت نحو 18 مقاتلا وذلك حسب التقارير الصحافية.
لا يمر يوم من دون حادث أمني أو عسكري في سوريا أو العراق أو لبنان مجددا بين «حزب الله» والإسرائيليين.
المنازلة بين إسرائيل وإيران أصبحت صريحة وواضحة ومباشرة. فيما الأوروبيون يسعون إلى تفادي حرب شاملة من خلال محاولة جمع الرئيس الأميركي والرئيس الإيراني، وهذا قد يحصل في نيويورك على هامش القمة الأممية.
وفي انتظار حصول هذا الاجتماع تتنصل إيران من بنود الاتفاق النووي على مراحل فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم وتتجاوز النسب التي سمح لها به الاتفاق، في محاولة منها للضغط أيضا على الأوروبيين وحثهم على إيجاد وسيلة للتبادر التجاري والمالي يستطيع الالتفاف على العقوبات الأميركية القاسية. ولكن هذا يبدو حتى الساعة مستحيلا، فما من شركة عالمية أوروبية تريد أن تخسر السوق الأميركية.
أما الرئيس الأميركي فهو يبدو غير مستعجل فك الحصار الاقتصادي الخانق على إيران قبل أن ينتزع منها اتفاقاً تُمنع بموجبه من الولوج إلى التقنية النووية العسكرية، وتقبل بكف يد قاسم سليماني وحرسه الثوري عن سوريا تحديدا.
هناك بعض التقارير الصحافية تحدثت عقب زيارة ظريف الأخيرة لمدينة بياريتز الفرنسية على هامش قمة مجموعة الدول السبع عن قبول إيران بالنقاط الاثنتي عشرة التي أعلنها بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة كشرط للتوصل إلى اتفاق معها، شرط حصولها سنويا على 60 مليار دولار، ما حمل خامنئي على إعلانه أنه لا تفاوض ممكن بوجود ترامب في البيت الأبيض.
إيران تحاول بشتى الطرق ثني الأميركيين عن تطبيق سياسة العقوبات بشتى الوسائل. وهي ستحاول من دون أدني شك استعمال كل أدواتها من أجل الوصول إلى هذا الهدف خاصة أن لا نية لإدارة البيت الأبيض في خوض حرب في الشرق الأوسط.
لذا تستطيع إيران استعمال اليمن والحوثيين كساحة ضغط من خلال تكثيف الهجومات بالطائرات المسيرة أو بالصواريخ على مدن المملكة العربية السعودية كما يمكنها استعمال الفلسطينيين وقطاع غزة وإشعال تلك الجبهة بوجه إسرائيل، بالرغم من تحذير الرئيس المصري الفلسطينيين من أن يكونوا وقود حرب من أجل الآخرين. كما تستطيع إيران استعمال الحشد الشعبي في العراق لمهاجمة القوات الأميركية، ظنا منها أن هذا الأمر سينعكس سلبا على الرئيس الحالي ربما يؤثر على حظوظه في انتزاع ولاية ثانية من الناخب الأميركي إذا ما عادت من العراق أو أفغانستان أو سوريا طائرات محملة بنعوش جنود؛ مذكرةً هذا المجتمع بحقبة قاسية يريد أن يتخطاها، كما تستطيع إشعال الجبهة اللبنانية من خلال «حزب الله» ومهاجمة إسرائيل غير آبهة بالضرر الذي يمكن أن تخلفه على البلد هكذا خطوة، فكيف يمكن بغير ذلك تفسير كلام أمين عام «حزب الله» الأخير في ذكرى عاشوراء الذي أكد فيه أن قائد مخيمنا اليوم هو الإمام الخامنئي ومركزه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، متوجها إلى الخامنئي بالقول: «في وجه أميركا وإسرائيل ما تركناك يا ابن الحسين»؟
لإيران أذرع كثيرة في المنطقة يمكنها أن تتحرك في أي لحظة، وذلك دفاعاً عن مصلحتها العليا، احترق لبنان أم لم يحترق فهذا مجرد تفصيل، أما الدولة اللبنانية فهي في غيبوبة.