* تتمثل أهمية درء المخاطر عن الممرات الملاحية في كونها «رئة العالم» و«شرايين حياة» البشر
* أمن الممرات الملاحية يواجه تهديدات متصاعدة الحدة تتزايد أسبابها وتتعدد العناصر المشكلة لها
* تورط الحرس الثوري الإيراني في الإخلال بالأمن البحري في مضيق هرمز،وإيعاز السلطات الإيرانية لجماعة الحوثي الإرهابية، لتهديد الملاحة في مضيق باب المندب
* منطقة الشرق الأوسط لها خصوصية تتعلق بأهميتها في إطار السياسات الدولية، ولطبيعة الصراعات والتوترات التي تجتاحها سواء بين دولها أو داخل الكثير منها
* تحظى الممرات الملاحية بأهمية استراتيجية نظرا لأهمية تأمينها، بحسبانها تمثل «نقاط اختناق» يسهل السيطرة الاستراتيجية عليها من قبل كيانات وجماعات معادية
أنقرة: تتعدد التهديدات وتتنوع التحديات التي تجابهها الممرات والمضائق البحرية عبر العالم، ما بين محاولات قوى إقليمية ودولية لفرض هيمنتها بأدوات متباينة على مناطق ونطاقات بحرية واسعة، على غرار المحاولات الصينية لفرض هيمنتها على بحر الصين الجنوبي والشرقي، بالإضافة إلى التهديدات النابعة من بعض الدول الشرق أوسطية، لتهديد الممرات الملاحية الحيوية على مسرح عمليات الإقليم، وذلك على نحو مباشر، عبر عمليات تخريبية تكاد تكون علنية، أو غير مباشر، من خلال «وكلاء صغار» تابعين وموالين لأسباب مالية أو عقائدية أو آيديولوجية، على غرار تورط الحرس الثوري الإيراني في الإخلال بالأمن البحري في مضيق هرمز، أو إيعاز السلطات الإيرانية لوكلائها المسلحين في اليمن، ممثلين في جماعة الحوثي الإرهابية، لتهديد الملاحة في مضيق باب المندب.
تتمثل أهمية درء المخاطر عن الممرات الملاحية في كونها تمثل «رئة العالم» و«شرايين حياة» البشر، وبحسبانها تضمن سريان الحركة وليس فقط المياه بين أرجاء العالم، وعلى الرغم من أهميتها الحيوية في العمليات التجارية، فإنها، على جانب آخر، تشكل «نقاطا رخوة» يمكن استهدافها وتهديدها بسهولة نسبية، عبر عمليات متنوعة، سواء باستهداف هذه الممرات والمضائق، أو البواخر والناقلات والاعتداء على ممتلكاتها، وذلك على غرار العمليات الإيرانية الأخيرة التي استهدفت موانئ إماراتية وناقلات نفط سعودية في عمليات إرهابية استهدفت أمن منطقة الخليج، وهو ما أطلق صافرة إنذار بشأن الخطر المحدق بالأمن الدولي وليس محض أمن الشرق الأوسط، وسلامة حركة التجارة المتدفقة عبره أو من دوله.
تكشف هذه النوعية من الحوادث التي تأتي على خلفية السياسات الإيرانية أن أمن الممرات الملاحية يواجه تهديدات متصاعدة الحدة تتزايد أسبابها وتتعدد العناصر المشكلة لها لتشمل أيضا التهديدات التي يثيرها اتساع ظاهرة القرصنة، وتصاعد أدوار الجماعات الإرهابية وتمدد وانتشار عناصرها، وتنامي عمليات الاتجار بالمخدرات، والبشر، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وتنوع أدوات الدول التي تتبنى سلوكا يهدد السلم والأمن الدوليين، والتجارة الدولية، خاصة الطاقة منها.
وقد تزايد الاهتمام الدولي بقضايا أمن الممرات والمضائق البحرية مع تصاعد أهمية أمن الطاقة بحسبانها قضية حيوية لاستمرار نمو الاقتصاد العالمي. ومع مطلع القرن الـ17 بدأ تقنين المجتمع الدولي لما يتعلق بالحقوق والاختصاصات للدول الساحلية، وكذلك تنظيم استغلال البحار في المجالات الملاحية والاقتصادية والتجارية، وذلك عبر صوغ «اتفاقيات جنيف» عام 1958. والتي عكست، وقتذاك، ميزان القوة في العالم ما بين الولايات المتحدة من جانب والاتحاد السوفياتي السابق على جانب آخر. استمر العمل بهذه الاتفاقيات إلى أن قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 بإعادة النظر في بنودها وأحكامها. وفي عام 1982 تم التوصل لاتفاقية الأمم المتحدة لـ«قانون البحر» والتي ألغت اتفاقيات جنيف.
لم يكن القانون الدولي كفيلا بحفظ أمن واستقرار حركة الملاحة الدولية، على نحو دفع بتنامي الدعوات الإقليمية والدولية لمجابهة التهديدات والتصدي للتحديات التي تتعرض لها الممرات والمضائق البحرية على الساحة الدولية، وما يرتبط بها من قضايا حيوية. شكلت هذه القضية محور اهتمام الكثير من الدول العربية، ليس وحسب لكون بعضها فواعل دولية وإقليمية رئيسية، وإنما بحسبانها تطل على ممرات حيوية تشكل «عصب» الطرق البحرية عبر العالم، وبحسبانها أيضا تساهم بنحو 30 في المائة من إجمالي إنتاج النفط العالمي يوميًا. ومن أهم الممرات المائية في العالم، تلك التي تتضمنها ساحة الشرق الأوسط، حيث مضيق هرمز، ومضيق البوسفور، ومضيق جبل طارق، ومضيق باب المندب إضافة إلى قناة السويس.
وتشير تقديرات إلى أنه يمر عبر هذه المضائق يوميا نحو 28 مليون برميل من النفط؛ فضلا عن ذلك تمر زهاء 90 في المائة من إجمالي طاقة دول الخليج العربي، عبر مضيق هرمز الاستراتيجي، كما تعبره 17.4 مليون برميل نفط يوميا، بينما يعبر من مضيق باب المندب نحو 4.8 مليون برميل نفط يوميا، في مقابل ذلك تمر منه 21 ألف سفينة سنويا.
مخاطر متزايدة... الممرات الملاحية الدولية
على الرغم من تنوع التهديدات والصراعات البحرية بين الكثير من دول العالم، فإن لمنطقة الشرق الأوسط خصوصية تتعلق بأهميتها في إطار السياسات الدولية، ولطبيعة الصراعات والتوترات التي تجتاحها سواء بين دولها أو داخل الكثير منها، فضلا عما تطل عليه من محاور وطرق بحرية تشكل نقاط تمركز للتجارة العالمية. وشهدت المنطقة خلال الآونة الأخيرة تطورات كثيرة، ربما ارتبط جوهرها بسياسات إيران التصعيدية وما شكلته، ولا تزال، من تهديدات لأمن واستقرار الإقليم.
وعانى مضيق هرمز في الآونة الأخيرة من تصعيد في التوتر بين إيران والولايات المتحدة، خاصة بعد تعرض ناقلات نفط خليجية قرب المضيق لتفجيرات تورطت فيها السلطات الإيرانية. وقد انضمت بريطانيا والكثير من البلدان الأوروبية الأخرى للمواقف العربية والغربية، سيما بعدما تصاعدت مظاهر الصراع بعد احتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية قرب جبل طارق، لتتسع دوائر التصعيد والتوتر بعد إقدام إيران بدورها على احتجاز ناقلة نفط بريطانية أثناء عبورها مضيق هرمز، الأمر الذي طرح تساؤلات متنوعة بشأن مستقبل أمن الممرات المائية التي تعتبر شرايين حيوية لنقل النفط والبضائع بين قارات العالم المختلفة.
تتأسس أهمية هذا التساؤل على تفاقم ارتدادات انتشار الجماعات من دون الدول، التي تستند في تحركاتها إلى قوى إقليمية تدعمها لخدمة سياساتها وأهدافها في توسيع نطاق نفوذها وضمان مصالحها عبر الإقليم. وقد برز ذلك مؤخرا في ممارسات الميليشيات الحوثية ضد بعض القطع البحرية الإماراتية عبر باب المندب، وسبق ذلك محاولة جماعات إرهابية استهداف المجرى الملاحي في سيناء، عبر محاولة إغراق إحدى السفن وإغلاق المجرى الملاحي، لتحويل واجهات السفن بعيدا عن القناة، وذلك في محاولة استهدفت إلحاق خسائر متنوعة بالدولة المصرية. يضاف ذلك إلى طبيعة التحديات التي أججتها أعمال القرصنة البحرية ضد الطرق الملاحية وخاصة في منطقة القرن الأفريقي، سواء للسفن العابرة من وإلى باب المندب، أو من وإلى شرق أفريقيا ورأس الرجاء الصالح، أو العكس باتجاه دول الخليج العربي.
ترتب على ذلك أن تصاعد التوجه الإقليمي والدولي لتدشين مراكز عمليات للتنسيق المشترك، وتعزيز التوجهات الخاصة بتأسيس قواعد عسكرية بالقرب من المضائق البحرية في الإقليم، حيث سعت فواعل إقليمية رئيسية كالمملكة العربية السعودية والإمارات ومصر إلى إعادة تثبيت سياساتها القائمة على توفير الإمكانيات العسكرية في مناطق متنوعة بالقرب من سواحل البحر الأحمر لضمان أمن وسلامة الملاحة الدولية. جاء ذلك في إطار السياسات الوقائية الهادفة إلى التعاطي الاستباقي مع نواتج التحديات التي قد تسفر عنها السياسات التركية والإيرانية والإسرائيلية لتدشين قواعد عسكرية بالقرب من ممرات الإقليم البحرية، حيث التواجد العسكري الإيراني والإسرائيلي على جذر إريترية على مقربة من باب المندب. والقواعد العسكرية التركية في الإقليم العربي، والمتواجدة باتفاقات ثنائية خارج إطار التحالف والأمن الجماعي، حيث أقامت تركيا قواعد عسكرية في كل من قطر والصومال.
القوى الغربية وأمن الممرات الملاحية
تحظى الممرات الملاحية بأهمية استراتيجية نظرا لأهمية تأمينها بحسبانها، حسب الأدبيات العسكرية، تمثل «نقاط اختناق» يسهل السيطرة الاستراتيجية عليها من قبل كيانات وجماعات معادية ومن ثم التأثير على خرائط التوزيع والانتشار الدولي في وقت قصير، ولعل «أزمة السويس» عام 1956 و«الأزمة الكوبية» عام 1962 تمثلان أحد الأمثلة المهمة على قدرة القوى الدولية على توظيف الخبرات المتراكمة من مثل هذه الأزمات من أجل تأمين الممرات البحرية. وتقوم الاستراتيجية العسكرية الأميركية، في هذا الإطار، على السيطرة والتحكم، فيما يعرف في الفكر العسكري بـ«رؤوس الجسور»، عبر تدشين قواعد عسكرية تكون منطلقا لعملياتها.
وتشير اتجاهات أكاديمية متخصصة في هذا السياق إلى أن الاستراتيجية الأميركية تقوم منذ الحرب العالمية الثانية على الدمج بين نظريتي ألفريد ماهان في السيطرة البحرية «القوة البحرية» وألكسندر سيفيريسكي في السيادة الجوية التي سطرها في كتابه «النصر عبر القوة الجوية» عقب حادثة بيرل هاربر عام 1941. تأتي السيطرة البحرية عبر تكثيف التمركز العسكري على مقربة من الممرات الاستراتيجية والقارية الهامة. هذا إضافة إلى تطوير قدرات السيادة الجوية عن طريق التوسع في إنتاج مقاتلات السيادة الجوية وحاملات الطائرات لحماية حركة الملاحة الدولية.
وحسب هذه الاتجاهات، فإن الولايات المتحدة بدأت سياسة التوسع في القواعد في أميركا الوسطى واللاتينية بعد الحرب العالمية الأولى. وقد كانت الحرب العالمية الثانية فرصة مثالية لمد قواعدها لأوروبا والمياه العميقة في الباسيفيك. وتبنت الكثير من القوى الغربية ذات الاستراتيجية. هذا فيما اتجهت روسيا بعد ذلك إلى تدشين عدد من القواعد العسكرية على مقربة من الممرات الملاحية المهمة، وتبعتها في ذلك الصين. ومع ازدياد التوجه الأميركي لتوظيف حاملات الطائرات والمدمرات فقد تنامت الأدوار القتالية لحاملات الطائرت والقطع البحرية عبر إدماج قطع الأسطول في أعمال التأمين البحري الدورية للمواقع الاستراتيجية بالإضافة لأعمالها الأخرى في الإسناد والاستطلاع والمناورة البحرية.
ودشنت الولايات المتحدة الكثير من القواعد لتحقيق أعلى درجات السيادة البحرية في الكثير من المناطق الحيوية، كالمحيط الهندي، سيما مع تزايد حركة التجارة الدولية عبر مضيق ملقا، ومع تزايد التعاقدات الآسيوية على نفط الخليج. وهذا استلزم بناء قاعدة دييجو جارسيا في قلب المحيط الهندي التي تعتبر أكبر قاعدة دعم عسكري وبحري في العالم، ثم قاعدة جوام وقاعدة سقطرى.
اعتماد استراتيجية التطويق والتأمين الديناميكي - حسب هذه الاتجاهات - يأتي أيضا متعدد المراحل وذلك عن طريق تأمين الممرات الاستراتيجية كمستوى أول ثم التأمين من مستويات أقرب عن طريق القواعد المطلة على الممرات كقاعدة كامب ليمونيير في جيبوتي المطلة رأسا على باب المندب وقاعدة الظفرة الجوية المطلة رأسا على مضيق هرمز ثم الاستعانة بالقطع البحرية في الربط العملياتي الديناميكي بين القواعد المنتشرة على مسافات مختلفة من كل ممر.
ويقوم حلف الناتو بالمشاركة في عمليات التأمين الاستراتيجية المتقدمة للمضيق بالإضافة لقطع البحرية الأميركية (كيرسارج وباتان غالبا) والفرنسية (حاملة الطائرات شارل ديغول في بعض الأحيان). كما تشارك قطع الأسطول الخامس بالخليج العربي في بعض أعمال تأمين باب المندب.
التهديدات الإيرانية للملاحة الدولية
غدت السياسات الإيرانية حيال الممرات والمضائق البحرية في الإقليم سببا في تناغم المواقف العربية والغربية حيال التهديدات الإيرانية، وإن تباينت الرؤى بشأن السياسات اللازمة لإعادة ضبط التوجهات الإيرانية. وتتبنى الإدارة الأميركية في هذا السياق الدعوة إلى ضرورة توظيف مختلف أساليب الردع لـ«تقليم أظافر اليد الإيرانية» وقطع دابر الصلة بينها وبين الجماعات الإرهابية، وخطوط الوصل مع ميليشياتها الطائفية في ساحات الجوار الإقليمي. وقد تبنت إدارة الرئيس دونالد ترامب مبادرة لتحقيق وضمان سلامة الأمن البحري في منطقة الخليج. وقال الممثل الأميركي الخاص لإيران براين هوك إن التوترات مع إيران باتت تستلزم تشكيل تحالف من القوات البحرية لحماية السفن التي تعبر مضيق هرمز، حيث يمر يوميا 30 في المائة من تجارة النفط الدولية.
يتأسس الموقف الأميركي على اعتبارات من ضمنها الأهمية المتزايدة للمضائق البحرية في الإقليم، فعلى سبيل المثال يمثل مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، لما له من أهمية استراتيجية واقتصادية وتجارية كبرى لدول الخليج العربي، فهو الرئة التي تتنفس من خلالها هذه الدول. واستجلبت التهديدات الإيرانية بإغلاقه والهجمات التي جرت في 13 يونيو (حزيران) 2019. ضد ناقلتين نفطيتين، وقبلها استهداف ناقلتي نفط قبالة ميناء الفجيرة الإماراتي، توترا عالميا خشية إعاقة صادرات الطاقة من الخليج.
ويمر عبر مضيق هرمز نحو 85 في المائة من صادرات النفط الخام إلى الأسواق الآسيوية، كما يعبره ما يتراوح بين 30 إلى 40 في المائة من النفط المنقول بحرا على مستوى العالم، كما تعبره ما بين 20 و30 ناقلة نفط يوميا، مع العلم بأنه في عام 2017 مر عبره نحو 17.2 مليون برميل من النفط يوميا، وفِي الإجمال خمس إنتاج النفط الإجمالي يمر عبر المضيق.
وحسب اتجاهات أكاديمية رائجة، فقد أصبح همّ إيران مراقبة الخطط الأميركية والأوروبية بخصوص حماية الملاحة البحرية في الخليج، وذلك في مقابل السياسات الأميركية الهادفة إلى تشكيل تحالف لحماية الملاحة، وذلك في وقت لا يزال يبرز فيه الحذر من قبل بعض البلدان الأوروبية في الانخراط في تصعيد دراماتيكي ضد طهران. على جانب آخر تطرح روسيا مبادرات هدفها كسب الوقت ومنح قادة إيران مخرجا لتفادي تداعيات أزمتها السياسية والاقتصادية. وعلى الرغم من المشروع البريطاني القاضي بإنشاء قوة أوروبية للأمن في الخليج، فإن التحالف العسكري تحت قيادة واشنطن يبدو الأكثر جدية وجاذبية وفي طور البلورة العملية.
في مقابل ذلك، أعلن مؤخرا المتحدث باسم البنتاغون، شون روبرتسون، أن وزارة الدفاع الأميركية بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية قد قررتا «تخصيص» مجموعة من الأفراد والموارد.
وأضاف أن قرار الدولتين يهدف إلى توفير هذه القوة كعنصر ردع ودفاع، وحماية المصالح المشتركة في المنطقة من التهديدات الإيرانية.
وتابع روبرتسون أن قرار نشر القوات سيوفر شبكة لوجيستية تقوم بتنسيق الأعمال الحربية مع القوات السعودية وإجراءات الدفاع بالتنسيق مع المملكة.
يأتي إرسال تلك القوات في سياق تعزيز ونشر المزيد من القوات الأميركية الذي بدأ منذ فترة، إثر تصاعد المخاوف من احتمال قيام إيران بتنفيذ هجمات واعتداءات مباشرة أو غير مباشرة، عبر «وكلائها المحليين»، وذلك على القوات والمصالح العربية والغربية في المنطقة. وأرسلت الولايات المتحدة نحو 2000 جندي إلى إقليم الشرق الأوسط لردع إيران، وبهدف التدقيق في أنشطتها وحماية القوات الأميركية المتمركزة بالفعل في الشرق الأوسط. كما تم نشر بعض الطائرات المقاتلة وأنظمة الصواريخ أرض-جو. وكان البنتاغون قد أعلن أنه بصدد بحث خطط أخرى تقضي بإرسال نحو 6000 جندي إضافي إلى المنطقة لمواجهة التهديدات الإيرانية لحركة الملاحة الدولية.
يتضح من ذلك أن التعرض لسلامة الممرات الملاحية في منطقة الخليج العربي يمكن أن يشكل شرارة نزاع غير مسبوق من حيث الوتيرة أو التداعيات، وذلك إن لم تحصل متغيرات على المشهد، تدفع إيران لاحترام مواقف القوى الكبرى ومصالحها، ويضمن عدم استخدام الممرات الملاحية للضغط على المجتمع الدولي أو لاستهداف منشآت دول الجوار الحيوية. ذلك أن الاعتداءات التي تعرضت لها بعض السفن الخليجية أوضحت حجم الإشكاليات المتعلقة بأمن الملاحة الدولية ومساراتها، خاصة أنها مسارات تمثل الشريان الاستراتيجي الأهم في العالم، مما جعلها محطَّ اهتمامه. ويعني ذلك أن هذه الممرات المائية تحتاج تعاونا دوليا أوسع وأشمل لضمان المرور الآمن والحر للتجارة الدولية، وحماية الفرص الاستراتيجية المتاحة التي يمكن استغلالها، ومواجهة أي أحداث قد تؤثر بشكل خطير على السلم والأمن الإقليمي والعالمي.