* خبراء: سياسات إردوغان انتهاك واضح للديمقراطية... وتقارير دولية: عدد المقالات التي حذفتها السلطات التركية من الإنترنت في 2018 وصل إلى 2950 مقالا... وفي 2017 تم إصدار 6 أوامر بحظر وإغلاق 3 منابر إعلامية
* خبير في الشأن التركي: ما يقوم به إردوغان يُرسخ لسياسة ترتكز على السلطوية... وإردوغان تحالف مع بعض التيارات المتشددة
* محلل سياسي تركي: «الديكتاتور العثماني» تملكته رغبة جامحة في أن يكون «خليفة الشرق الأوسط الجديد»... وإردوغان يسعى لتتويج نفسه «خليفة» في المنطقة بالاتفاق مع إيران وتنظيم الإخوان... والسجون التركية تضم أكثر من 700 طفل مع أمهاتهم، بخلاف أكثر من 18 ألف سيدة
* خبير استراتيجي مصري: ما يقوم به إردوغان من عمليات القمع وسجن المعارضة بمثابة انتحار سياسي
القاهرة: كل يوم يثبت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه أكثر الزعماء الأتراك ديكتاتورية على مدار تاريخ تركيا، فعلى مدار العقدين الماضيين، انفصل تدريجيًا عن نموذج كمال أتاتورك للسياسة الخارجية، وبدلاً من ذلك تبنى سياسة ناشط وإمبريالي جديد، وبناءً على ذلك، قام بتوجيه تركيا إلى استهداف الشرق الأوسط لبناء نفوذ له على حساب سياسات المنطقة، ومؤشرات الوضع داخل تركيا تؤكد أن الصحافيين يبقون على رأس قائمة السلطان العثماني فهم يدفعون ثمن معارضتهم الرئيس التركي رجب إردوغان، علاوة على أن استغلال الرئيس التركي لواقعة الانقلاب المزعوم في 2016، جعلت المعتقلات مقرًا لاستقبال الصحافيين قبل قيادات الأحزاب المعارضة، للنظام التركي وجاءت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة لتكرس لفكرة انتقاد الرئيس وسياسته، وهو ما كان يواجه بالاعتقال وإغلاق الصحف.
كما أن تقارير دولية كثيرة أكدت أن إردوغان أو السلطان العثماني كما يلقبه الكثيرون بدأ بتعزيز سلطته من خلال تقويض إرث أتاتورك العلماني في البلاد، في مجموعة من المحاكمات نفذها بين عامي 2008 و2011. حيث حبس إردوغان قرابة ربع الجنرالات الأتراك بمساعدة النيابة العامة والشرطة التي كانت متحالفة مع حركة الداعية الإسلامي السياسي فتح الله غولن، الذي كان حليفا له في ذلك الوقت، وفي عام 2011 استقال كبار ضباط الجيش التركي بشكل جماعي، مدركين أن إردوغان وغولن قد انتصرا، وقبل ذلك الوقت تقريبًا في عام 2010. أجرى إردوغان استفتاء بمساعدة من حلفائه في حركة غولن، مما منحه صلاحية تعيين غالبية القضاة في المحاكم العليا في البلاد دون إجراء عملية تأكيد ليزيد من نفوذه وبطشه الذي يدفع ثمنه الشعب التركي الآن.
في مطلع مايو (أيار) الماضي، أكدت أعلى هيئة قضائية في تركيا أن السلطات بتركيا انتهكت الحقوق الإنسانية للصحافيين الاثنين: قدري غورسيل، وموراك أكسوي، من صحيفة «جمهورييت»، بسبب انتقادهما لإردوغان، كما أغلقت حكومة الرئيس التركي أكثر من 150 وسيلة إعلامية، بزعم أنها مرتبطة بمحاولة الانقلاب في 2016. وهو ما يجعل تركيا تحتل المرتبة 157 من أصل 180 دولة، في تقارير مؤسسة «مراسلون بلا حدود» بشأن حرية الصحافة، كما تشير المنظمة المدافعة عن حرية التعبير، إلى أن نحو 90 في المائة من تغطية الصحف التركية أصبحت موالية للحكومة التي يقودها إردوغان.
يقول الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن ما يرتكبه إردوغان هو انتهاك واضح للديمقراطية، خاصة بعد إطاحته برؤساء بلديات منتخبين خلال الانتخابات البلدية، مؤكدا أن هذا الأمر ليس الواقعة الأولى له لافتًا إلى أن هذا الأمر تكرر عام 2016، و2018.
وأوضح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن رؤساء البلديات من خارج حزب العدالة والتنمية يشكلون تهديدًا لمشاريع إردوغان، ما يجعله يتخلص منهم فورًا بتهم التعاطف مع حزب العمال الكردستاني، أو التقارب مع عبد الله غولن، وفي هذا انتهاك واضح للديمقراطية التي يدعيها، مؤكدًا أن إردوغان لا يعير حقوق الإنسان ومعايير الديمقراطية أي اهتمام.
وأضاف كرم سعيد، الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن ما يقوم به إردوغان يُرسخ لسياسة ترتكز على السلطوية، وتشوه الصورة الذهنية للمجتمع التركي أمام المجتمع الدولي.
وأشار الخبير في الشأن التركي إلى أن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان تخلى كثيرًا عن مبادئه مما أدى إلى هزيمته في الانتخابات المحلية الأخيرة، واضطر الحزب للتحالف مع بعض التيارات المتشددة، وعلى رأسها حزب الحركة القومية الذي يتخذ سياسات قمعية ضد الأكراد، مما يقلل من رصيد إردوغان وحزبه.
بينما يؤكد المحلل السياسي التركي، توروغوت أوغلو، أن الرئيس التركي أو «الديكتاتور العثماني» تملكته رغبة جامحة في أن يكون «خليفة الشرق الأوسط الجديد»، وحاول إردوغان جاهدًا استغلال ما ألم بالمنطقة العربية من أحداث عام 2011 وما تلاها مما عرف إعلاميًا بـ«ثورات الربيع العربي»، وذلك من خلال التدخل في شؤون الكثير من الدول العربية، وتقديم الدعم لجماعة الإخوان في دول مثل مصر وتونس وغيرهما في تلك الفترة.
وأضاف المحلل السياسي التركي أن طموح إردوغان بدأ في عام 2011 مع محاولاته تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، وأن يتوج نفسه «خليفة» في المنطقة بالاتفاق مع إيران وجماعة الإخوان الإرهابية، وتنفيذ أجندة تهدف إلى تقسيم الدول العربية داخليا، والسيطرة على ما تتمتع به من ثروات، مشيرا إلى أن إردوغان وتنظيم الإخوان تبنوا أجندة تخريبية لضرب استقرار الدول العربية الكبرى، ومن بينها السعودية ومصر والإمارات.
وأكد أوغلو أن استطلاعات الرأي المحايدة تؤكد أن أكثر من 50 في المائة من الأتراك لا يقبلون بولاية إردوغان أو استمراره في الحكم، مشيرا إلى أن الرئيس التركي يلجأ إلى شعارات دينية بهدف إلهاء الشعب عن الشروخ التي باتت تتسلل بقوة إلى هيكل الاقتصاد وانعكاساتها على انهيار الليرة أمام الدولار، بخلاف تراجع معدلات الاستثمار الأجنبي منذ بداية عام 2017. فضلاً عن اقتطاع جزء لا يمكن الاستهانة به من المال العام لتمويل الإرهاب وجماعة الإخوان وغيرها من الكيانات المتطرفة، مؤكدًا أن إردوغان لا يحترم حقوق الإنسان، رغم نصائحه البالية لدول المنطقة باحترامها، موضحا أن السجون التركية تضم أكثر من 700 طفل مع أمهاتهم، بخلاف أكثر من 18 ألف سيدة داخل مراكز الاحتجاز دون تهم واضحة سوى معارضة سياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويشير اللواء عبد الرافع درويش، الخبير الاستراتيجي المصري، أن ما يقوم به إردوغان من عمليات القمع وسجن المعارضة بمثابة انتحار سياسي له، لافتًا إلى أن أيامه في السلطة أصبحت قليلة في ظل انخفاض سعر الصرف وإصرار المعارضة على رفضة، خاصة مع خسارة حزبه الانتخابات البلدية في إسطنبول.
وأضاف الخبير الاستراتيجي المصري، أن الشعب التركي يرفض سياسة إردوغان خاصة في تحالفه مع إيران، نظرًا لأنهم شيعة وهذا مخالف للعقيدة السنية التي يتبعها الشعب التركي، لافتًا إلى أن إردوغان يسعى للدخول في السوق الأوروبية المشتركة.
وقال اللواء الدكتور محيي نوح قائد المجموعة 39 بسلاح الصاعقة المصرية والخبير العسكري، إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يعتبر سببا رئيسيا في مشاكل المنطقة ويتقاضى أموالا من أطراف خارجية لتحقيق مصالحه الشخصية، مضيفًا أن إردوغان يهدف إلى تفتيت المنطقة من أجل إقامة الدولة الإسلامية التي يحلم بها، مؤكدًا على أنه يتعامل مع العناصر الإرهابية لزراعة الفتن وتدمير الدول العربية.
وأشار الخبير العسكري إلى أن إردوغان يعمل ضد المصلحة العامة لشعبه ولا يهتم سوى بإقامة الخلافة الإسلامية، لافتًا إلى أنه إنسان وصولي يعمل ضد الإسلام من خلال تمويل الجماعات الإرهابية وإراقة الدماء، ويحكم شعبه من خلال سياسة الحديد والنار علاوة على عمليات القمع المشددة التي يتخذها مع معارضيه، متابعًا «أفعال إردوغان تقوده إلى تدمير تركيا».
ولفت إلى أن إردوغان يسعى إلى التوغل داخل سوريا وليبيا، وذلك عن طريق ضخ العناصر الإجرامية هناك، حتى تظل حالة الفوضي في البلدان العربية متصدرة المشهد السياسي، مؤكدًا على أن مصر تقف حائط سد منيع ضد أطماع إردوغان لحفظ مقدرات الوطن العربي.
وذكرت بيانات صادرة عن مركز القياس والاختيار والتنسيب التركي (ÖSYM)، عن خلو 2450 قسما بـ78 جامعة حكومية من أصل 122 جامعة بعموم البلاد، من أعضاء هيئة التدريس إما بشكل كلي أو جزئي.
ووفق ما ورد في بيانات المركز، فإن 273 قسما تخلو من الأكاديميين تماما سواء أكانوا أساتذة أو أساتذة مساعدين أو أعضاء هيئة تدريس حاصلين على دكتوراه (درجة تمنح للحاصل على الدكتوراه حديثًا قبل ترقيته لدرجة مدرس)، كما أن هناك 1434 قسما تخلو من الأساتذة، و743 قسما تخلو من الأساتذة المساعدين.
كما نُشر تقرير عن مركز استكهولم للحريات، في مايو الماضي، أوضح أن عدد المقالات التي حذفتها السلطات التركية من الإنترنت في 2018 وصل إلى 2950 مقالا، بسبب انتقادها للرئيس التركي أو لتهم فضفاضة أخرى.
وفي 2017، تم إصدار 6 أوامر بحظر البث ونزع بطاقة صحافية واحدة، فضلا عن إغلاق 3 منابر إعلام بموجب مراسيم حكومية.
وفي 11 مارس (آذار) الماضي، رفضت الحكومة التركية تجديد تصريحين لكل من يورغ براسي، مدير مكتب تلفزيون «زد دي إف» (القناة الألمانية الثانية) في إسطنبول، وتوماس سيبرت، المحرر الإخباري لصحيفة «تاغسبيغل»، مما اضطرهما إلى مغادرة البلاد.
وبعد اعتقاله لعام كامل داخل تركيا، أكد الصحافي الألماني التركي دنيز يوغيل، أنه كان «رهينة» لدى أنقرة، وأنه لا يزال يجهل سبب اعتقاله الذي كان في 14 فبراير (شباط) 2017.