* جماعة الإخوان تحمل نفس أفكار داعش: تكفير المجتمع، والتغيير من خلال العنف والعمليات الإرهابية، واستحلال أموال الدول
* الإخوان انتهجت العنف والإرهاب منذ عشرات السنين، وكان حسن البنا أول من أسس تنظيماً سرياً مسلحاً قاد به عمليات اغتيالات واسعة في صفوف خصوم الجماعة
* الحلول لمواجهة فكرة الجماعة، حل اقتصادي مرتبط بالأمن ومن ثم ضرورة أن تتجاوز الطبقات الفقيرة مراحل الفقر
القاهرة: شكلت جماعة الإخوان خطرا على المجتمعات العربية والإسلامية أكثر من خطر العمليات الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة خاصة داعش، حيث تضم بين عناصرها أهم فئات المجتمع من أعضاء هيئات تدريس وأطباء ومدرسين وهي فتات تحتاج خدماتها الطبقات الفقيرة، الأمر الذي ساعد في انتشار أفكار الجماعة لتسيطر على هذه المناطق.
السيطرة علي الأجيال القادمة
من جانبه، قال نبيل نعيم مؤسس حركة الجهاد الإسلامية، إن جماعة الإخوان استغلت انضمام بعض الفئات في المجتمعات العربية مثل الطبيب وأستاذ الجامعة والمعلم في اللعب على خلايا المجتمعات وخاصة الطبقات الفقيرة منها وبذلك تكون سيطرت على الأجيال القادمة عن طريق هؤلاء وفي نفس الوقت استهدفت الجماعة العقول البريئة من الشباب وخاصة تلاميذ المدارس والأطفال، كما قدمت الجماعة من خلال وجودها في الأوساط الفقيرة الخدمات الطبية من خلال العيادات الخيرية في ظل ارتفاع ثمن الكشف في العيادات الخاصة وبهذا تمكنوا من توسيع القاعدة الشعبية للجماعة، في حين أن الجماعة تحمل نفس أفكار داعش: تكفير المجتمع والتغيير من خلال العنف والعمليات الإرهابية واستحلال أموال الدول.
وكشف نعيم على أن أهم خطر قامت بها الجماعة لتكوين قاعدة شعبية من خلال رياض الأطفال والمدارس وهو استهداف العقول البريئة وطبعها بطبع الإخوان ومن هنا جاءت شعبية الجماعة من خلال اللعب على هؤلاء لمدة طويلة وبذلك خلقت صفوفا داخلها، فتخرج منها أجيال تكفر الأب والمجتمع وتستحل دماء البشر من دون وجه حق، لذلك اهتمت الجماعة في عهد الرئيس الأسبق مبارك بإنشاء المدارس الخاصة التي انتشرت في مصر في كل قرية ومركز ومحافظة عن طريق ما لديه من أموال وتمويل تم جمعها من خلال تجارة العملة وخلافه لتكون إمبراطورية رأسمالية كبير من الصعب التخلص منها بسهولة.
وأكد نعيم أن غياب دور الدولة في المناطق الفقيرة في الدول العربية ونقص الخدمات جعل الجماعة بديلا لها، ومن هنا جاءت لتملأ فراغ الحكومات فقدمت في مصر مثلا وعلى سبيل المثال لا الحصر الخدمات الطبية والعلاجية والقروض والبيع بالتقسيط بأقل الفوائد مما جعل حاجة الناس إلى هذه الخدمات تدفعهم للذهاب إليهم وهذه الخدمات بالذات ترتبط بالشارع، من هنا جاء خطر الجماعة ليكون أشد من كافة التنظيمات بدءا من القاعدة ومرور بداعش، بخلاف أن الإخوان تمتلك تمويلا لا تمتلكه أي منظمة إرهابية، والأكثر من ذلك أن هذه التنظيمات تتلقى الدعم المالي واللوجستي من جماعة الإخوان فعلى سبيل المثال داعش في سيناء تعتمد على التمويل الذي ترسله الجماعة عن طريق منظمة حماس في غزة، والمعروف أن حماس فرع الجماعة في غزة وبالتالي فهم ينفذون سياسات الجماعة في مصر.
اختلاف فكر الجماعة من دولة إلى أخرى
وعن جماعة الإخوان في ليبيا أكد نعيم أن إفراج نجل الرئيس القذافي سيف الإسلام، عن مجموعة عبد الحكيم بن حاج فيما يسمى المراجعات، بعدها قامت المظاهرات المطالبة بعزل القذافي، قامت قطر وحلف الناتو بتسليح هذه الجماعة، لذلك يختلف فكر الجماعة من دولة إلى أخرى، ففي أوروبا تقوم بعمل مراكز إسلامية لتجمع المسلمين في كافة دول القارة، وتعتبر هذه المراكز مصدرا هاما للجماعة لتمويل دعوات تحريم دفع الزكاة في بلاد غير المسلمين مع استغلال قضية فلسطين واللعب على مشاعر هؤلاء من أجل الحصول على الأموال.
وأكد نبيل نعيم على ضرورة أن يكون هناك جدية من الدول والحكومات العربية للتخلص من هذه الجماعة التي قسمت المجتمعات وشقت صفوفها من خلال مواجهة فكرة الجماعة بالفكر من خلال مناظرات بين علماء الدول وبين قيادات الجماعة لكشف مخططها أمام الجماهير والمتعاطفين وهو حل وحيد لهدم أفكار الجماعة، بحيث يكون الهدف من هذه المناظرات هزيمة الفكرة لا عودة هؤلاء، ومن الحلول أيضا ضرورة أن يكون هناك هدف للدولة أو مشروع وطني تلتف حوله الجماهير ولدينا تجارب كثيرة في هذا الأمر.
يرى علي مقلد، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل خطورة أكبر من حركات العنف الجهادية مثل داعش والقاعدة وبوكو حرام والشباب الصومالية وغيرها من الميليشيات المسلحة المنتشرة في ربوع العالم، لأن هذه الجماعات تستقطب نوعية معينة من الشباب المحبط المتهور للدفع به في أتون الصراعات المسلحة وحرب العصابات، لكن حركات العنف تلك لا تلقى قبولا لدى الغالبية العظمى من المسلمين، الذين تربوا على سماحة الإسلام وحرمة القتل والتخريب، لكن جماعة الإخوان استطاعت أن تتسلل إلى عقول المسلمين طيلة تسعين عاما بقوتها الناعمة.
وتابع مقلد: الإخوان انتهجت العنف والإرهاب منذ عشرات السنين وكان حسن البنا أول من أسس تنظيما سريا مسلحا قاد به عمليات اغتيالات واسعة في صفوف خصوم الجماعة مثل محمود فهمي النقراشي باشا وهو رئيس وزراء مصري سابق، ومن قادة ثورة 1919 في مصر، وكذلك القاضي أحمد الخازندار والذي كان ينظر في قضية أدين فيها أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين بالأشغال الشاقة المؤبدة في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1947 وأحمد ماهر رئيس الوزراء المصري الأسبق والذي اغتيل داخل البرلمان، كذلك اغتالت الجماعة اللواء سليم زكي حكمدار القاهرة في 4 ديسمبر (كانون الأول) 1948، كما حاولت الجماعة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) 1954. فيما عرف بحادث المنشية، كما قام بتصفية المنشقين عن الجماعة مثل المهندس سيد فايز أبرز رجال التنظيم الخاص بالجماعة والذي اغتيل بصندوق ديناميت مغلف على طريقة الهدايا.
خديعة كبرى للكثيرين.
واعتبر مقلد أن الجماعة رغم ضلوعها المبكر في الجرائم الإرهابية إلا أنها حرصت على تصدير وجه ناعم للجمهور فأسست شركات ومدارس ومؤسسات اقتصادية وإعلامية بل إنها شاركت في تأسيس فرق فنية ومسرحية ودعمت رياضيين وشعراء وغير ذلك، للتوغل في صفوف المجتمع بكافة طبقاته وخلق ظهير شعبي داعم ومساند ومؤيد للجماعة في السلم والحرب، فهي تقتل بيد وتمسح الدماء بيد أخرى، كما أن اتباع الجماعة للتقية ساهم في خديعة كبرى للكثيرين، بل إن بعض العناصر التي انشقت عن الجماعة لم تكن تعرف دهاليز ما يجري بداخلها، لأن تنظيم الإخوان قائم على طريقة الخلايا العنقودية.
وأضاف مقلد: يضاف إلى ما سبق الإمبراطورية المالية الضخمة مترامية الأطراف عبر أكثر من 70 دولة حول العالم وأموالها متداخلة بين العام والخاص ومتشعبة في كل مجالات الاستثمار تقريبا وفي بنوك سرية في دول لا تفرض رقابة صارمة على حركة الأموال، كما أن علاقة الإخوان بأجهزة مخابرات دولية وإقليمية يشكل خطورة أكبر، فهذه الأجهزة تستخدم عناصر الإخوان في القيام بعمليات عدائية ضد خصومها أو لإشعال فتيل أزمة هنا أو هناك، كما أن هذه الأجهزة تمد الإخوان بالمعلومات وأحدث أجهزة الاتصال بل وأحدث الأجهزة والمتفجرات لتنفيذ عملياتها الإجرامية، كما أن الجماعة استغلت وسائل الإعلام منذ نشأتها فقد أسس الإخوان عدة صحف في السنوات الأولى وعند الدخول في صدام مع السلطات وحظر صحفها تتجه إلى شراء ذمم رؤساء التحرير في بعض الصحف مقابل صفقات إعلانية، وفي الوقت المعاصر استغلت الجماعة وسائل التواصل الحديثة في نشر أفكارها وتشويه خصومها وأسست فضائيات ومؤسسات إعلامية ومراكز بحثية واشترت مساحات في صحف عابرة للقارات للترويج لأفكارها ومشاريعها والدفاع عن نفسها.
ويخلص مقلد إلى أن «الهيكل الماسوني» الذي تنتهجه جماعة الإخوان في التنظيم وتشعب مواردها وعلاقاتها يجعلها جماعة مافيا تثير القلاقل أينما حلت.
تأثير الجماعة في المجتمعات العربية
وكشف اللواء محمد رشاد وكيل جهاز المخابرات السابق أن الفئات التي اختارتها جماعة الإخوان مثل الأطباء والمدرسين هي فئات وثيقة الصلة بكافة طوائف المجتمعات العربية والتي أضافت إلى الجماعة قاعدة عريضة جدا عن طريق تقديم الخدمات لمجموعة من الفقراء، وبالتالي يكون ولاء هذه الطبقات التي تقوم الجماعة بخدمتها لهم، خصوصا أن قيادات الجماعة تكون على تواصل تام بهذه الطبقات. من هنا جاء تأثير الجماعة في المجتمعات العربية وخاصة في مصر، لتسيطر على هؤلاء وتوجههم حيثما أرادت، لذلك يستمر خطر الإخوان فترات طويلة، أما داعش فبعد القضاء على عناصره لا يكون لها وجود على الأرض.
وأضاف رشاد، لذلك ارتبطت جماعة الإخوان بفكرة الانتشار في المناطق الأكثر فقرا والسبب في ذلك هو ارتباط المصالح بين الجماعة وهؤلاء.. هي تقدم الخدمة، والإخوان يحصلون على التأييد، فالجماعة في الحزن والفرح مع الطبقات الفقيرة وهنا يجب الإشارة إلى أن بعض المجتمعات في أشد الحاجة إلى هذه الخدمات ولم تجد سوى الجماعة لتقوم بهذا الدور. بينما تختلف مثلا سياسات الجماعة في تونس والجزائر خاصة في تقديم الخدمات والسبب في ذلك التعداد السكاني للمجتمعات، لكن في مصر نظرا لوجود عشوائيات كبيرة فيها، الأمر الذي ساعد الجماعة على الانتشار بشكل أسرع.
وكشف رشاد عن أن الحلول لمواجهة فكرة الجماعة، حل اقتصادي مرتبط بالأمن ومن ثم ضرورة أن تتجاوز الطبقات الفقيرة مراحل الفقر، أيضا غياب العدالة الاجتماعية في بعض الدول أمر غير هين يساعد هذه الجماعات على الانتشار خاصة جماعة الإخوان التي تملك أموالا تفوق الدول وتسعى للحصول على الحكم في الدول العربية، لذلك لا يمكن فصل التنمية عن الأمن في حل مشاكل التطرف فأسس العملية الأمنية المواطن لذلك إذا كان حق المواطن ضائعا، يستنفذ كل قواه في الحصول علي لقمة العيش، وكيف يعيش، وبذلك يكون هدفا لمثل هذه الجماعات.