* دراسة: تماسيح بالغة وبأحجام كبيرة، فضلاً على أن 2 % فقط من صغار التماسيح تستطيع أن تصل لحجم 1.5 متر
* عقوبة صيد التماسيح تندرج تحت قانون البيئة الذي يحظر القيام بصيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والكائنات الحية المائية، أو حيازتها أو نقلها أو تصديرها أو استيرادها أو الاتجار فيها حية أو ميتة
* السمك والتماسيح مصادر جيدة للبيع عن طريق التهريب فهي توفر الكثير من الأموال، وتعتبر مثل المخدرات في المكسب
القاهرة:مع بدايات أغسطس (آب) من كل عام تفرض حالة من الجدل حول قضية التماسيح في بحيرة ناصر التابعة لمحافظة أسوان جنوب العاصمة المصرية، وفي هذا الشهر يتم فيه وضع (البيض) وتتراوح مدة فقس البيض 40 يوما، حينها تنتشر التماسيح الصغيرة التي يتم اصطيادها بسهولة لعدم قدرتها على السباحة في الأعماق على الشواطئ فيصطادها الصيادون باليد لبيعها. ويتم استغلال التماسيح الصغيرة التي يبلغ طولها 25 سم، ببيعها لأهل المحافظة وتحديدا في القرى النوبية المعروف عنها أنها مزار للسائحين، فيتولى أهل هذه القرى تربية التماسيح لمدة سنوات، ويكون بمثابة وسيلة لجذب انتباه السائحين والتقاط الصور التذكارية معها، مع الوضع في الاعتبار، أن مصر سبق وأن وقعت على اتفاقية استكهولم الدولية التي تحظر صيد التماسيح ببحيرة ناصر لتحقيق التوازن البيئي، ويجب مراعاة هذه الاتفاقية في التعامل مع تماسيح البحيرة.
صيد التماسيح
وحددت القوانين المصرية عقوبة صيد التماسيح، حيث إنها تندرج تحت قانون البيئة لعام 2009. الذي يحظر القيام بصيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والكائنات الحية المائية، أو حيازتها أو نقلها أو تصديرها أو استيرادها أو الاتجار فيها حية أو ميتة كلها أو أجزاء منها أو مشتقاتها، أو القيام بأعمال من شأنها تدمير البيئة الطبيعية لها وتصل العقوبة بغرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه. ونظرا لزيادة مساحة البحيرة، لذلك فمن الصعب إحكام السيطرة عليها، ويستغل الصيادون هذه الفرصة لصيد التماسيح من خلال عدة حيل أحدثها إلقاء الطعم وهو عبارة عن أسماك صغيرة متنوعة داخل «جركن» كبير، والذي يتم تحريكه لمدة ساعتين بهدف إرهاق التمساح حتى يسهل السيطرة عليه، ومن ثم يتم اصطياده بوضع قطعة خشبية في فمه وغلقه ويكون في هذه اللحظة التمساح مستسلما للوضع، ويتم التخلص منه بذبحه والحصول على جلده لبيعه.
ومن جانبها، قالت دراسة صادرة من كلية تكنولوجيا المصايد والأسماك بجامعة أسوان، إن التماسيح ليست هي السبب الرئيسي في تدني الإنتاج السمكي في بحيرة ناصر، كما يشاع لأنها لا تستهلك كميات كبيرة من الأسماك.
وقالت الدراسة عن الوضع الراهن للتماسيح في بحيرة ناصر، وأثرها على المخزون السمكي إن العدد الفعلي للتماسيح في البحيرة يتراوح من 6000 – 30000 تمساح فوق اليابس وفي الماء، وإن الغالبية العظمي من التماسيح ذات أحجام صغيرة ويبلغ عمرها عامًا تقريبًا، بينما 10 في المائة منها فقط تماسيح بالغة وبأحجام كبيرة، فضلاً على أن 2 في المائة فقط من صغار التماسيح تستطيع أن تصل لحجم 1.5 متر أي إن عددها يقل ولا يزيد.
وكشفت الدراسة عن أن السنوات الأخيرة شهدت أقاويل كثيرة حول تزايد أعداد التماسيح في بحيرة ناصر خاصة في المنطقة الجنوبية للبحيرة، وأنها تهاجم الصيادين، وتمزق شباك الصيد، بالإضافة إلى أنها تستهلك كميات كبيرة من الأسماك، وأنها السبب الرئيسي في تدهور إنتاج البحيرة، لذا اقترح البعض أنه لا بد من التخلص منها وإبادتها من البحيرة، لذلك أعدت هذه الدراسة الاستكشافية من أجل كشف الغموض عن جوانبها المختلفة، وإمكانية الاستفادة منها كمجال استثماري واعد في مصر أسوة بالدول الرائدة في هذا المجال.
أنواع التماسيح
أكدت الدراسة أن التماسيح في العالم 23 نوعًا، ينتشر في بحيرة ناصر منها «تمساح النيل» بطول المنطقة الشاطئية، ويعد ثاني أكبر أنواع التماسيح في العالم بعد تمساح المياه المالحة، وتم التأكد من ذلك من خلال تحليل البصمة الوراثيةDNA للتماسيح، واتضح من ناحية التغذية أن التماسيح الصغيرة تستهلك بشكل يومي اللافقاريات المائية مثل القشريات والقواقع والحشرات المائية، أما التماسيح اليافعة (1.5 متر) فتستهلك وجبة واحدة كل أسبوع حيث تبدأ في التغذية على الضفادع والأسماك والطيور المائية، أما الأحجام البالغة والكبيرة (4 أمتار) فتستهلك وجبة واحدة كل 2 – 3 أسابيع ومنها الثدييات الكبيرة.
وأضافت الدراسة أن نسبة الأسماك في معدة التماسيح الممتلئة تتراوح من 10 – 13 في المائة فقط والغالبية منها أسماك غير اقتصادية، وأن التمثيل الغذائي للتماسيح بطيء جدًا، ومدة تفريغ المعدة تأخذ نحو 99 ساعة أي (أكثر من 4 أيام) ما يؤكد أنها لا تأكل يوميًا، فضلاً على أنها لا تأكل مطلقًا في فصل الشتاء الذي تقضيه في التشمس نظرًا لعدم نشاط إنزيمات الهضم. وأن التماسيح تشغل جزءا هامًا في النظام البيئي من خلال تحقيق التوازن البيئي والحفاظ على التنوع البيولوجي للمخزون السمكي في البحيرة من خلال تغذيتها على مفترسات الأسماك الاقتصادية مثل القراميط والقراقير والفهقة، بالإضافة أنها تتغذى على جثث الحيوانات النافقة، كما أن فضلات التماسيح تزيد من المغذيات الذائبة في الماء والتي تزيد إنتاجية الغذاء الطبيعي الذي يمثل الغذاء الرئيسي للأسماك.
وعلى صعيد آخر يرى الاقتصاديون أنه على مصر المطالبة بالسماح لها بالاتجار في التمساح النيلي لتحقيق عوائد اقتصادية كثيرة بعد حظر تام استمر لسنوات، رغم انتشار مزارع التماسيح في غالبية دول أفريقيا وبعض دول آسيا، ورواج تجارة جلود التماسيح عالميا فسوق منتجات الرفاهية لم تتأثر بظروف الأزمة الاقتصادية العالمية، فقد ارتفعت أرباح شركات دباغة جلود التماسيح في سنغافورة بنسبة 20 في المائة، كما أعلن اتحاد مزارع التماسيح في دولة زيمبابوي عن ارتفاع معدلات صادرات جلود التماسيح لزيادة إقبال بيوت الأزياء العالمية في فرنسا وإيطاليا على استيراده، وتقديم لحومها كأطباق فاخرة في المطاعم العالمية كما يتم استخدام دهون التماسيح في صناعة مستحضرات التجميل.
تماسيح متوحشة
ويقول الخبير البيطري، سيد حامد، إن مصر من أكثر دول العالم، استيرادًا للأسماك المجمدة حيث نستورد أكثر من 400 ألف طن سنويًا، مشيرا إلى أن الشعب سوف يأكل أجود أنواع السمك في بحيرة ناصر والذي يعتبر غذاء للتماسيح، كما أن أسماك البحيرة تتغذى على الطحالب النظيفة، فيكون السمك خاليا من الأمراض. وأنه إذا تعاملنا مع أسماك البحيرة، سنوفر الكثير من ملايين الجنيهات، إضافة إلى ثمن العلاجات من السموم الموجودة بالأسماك المستوردة، حيث يبلغ سعة التخزين الكلية للبحيرة 162 مليار متر مكعب معتبرا أن نصف هذه التماسيح متوحشة، والتمساح المتوحش يبلغ طوله 6 أمتار، ووزنه نحو 950 كجم، والأنثى تبيض من 60:40 بيضة سنويًا، يأكل التمساح في المتوسط يوميًا 20 كجم من الأسماك، بين المتوسط والصغير.
ومن ناحية أخرى أكد النائب حسن سيد خليل، عضو مجلس النواب، أنه تقدم بطلب إحاطة إلى مجلس النواب، موجه إلى رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية ومعهد أبحاث الأسماك، حول عدم اصطياد تماسيح بحيرة ناصر الذي وصل عددهم إلى أكثر من 75 ألف تمساح والاستفادة بجلودهم. حيث إنه استمع إلى بعض الصيادين ببحيرة ناصر الذين أكدوا أنه يوجد أكثر من 75 ألف تمساح في البحيرة تتغذى على أنقى وأنظف أنواع السمك، وأن أكثر من نصف هذه التماسيح متوحش، وعلى افتراض أن عدد التماسيح 75.000 تمساح، فإن عدد الأسماك التي تتغذى عليها تلك التماسيح تبلغ 2 مليون و250 ألف سمكة يوميًا، متسائلاً لماذا لا نصطاد هذه التماسيح دون استخدام الرصاص حتى لا يتم تخريم الجلد؟ في ظل ارتفاع ثمن هذه التماسيح حيث يبلغ ثمن الواحد منه 3 آلاف دولار تقريبًا للتمساح الكبير.
مزارع تماسيح
وأردف عضو مجلس النواب المصري، أنه بعد الاطلاع والحصول على معلومات عن ميزانية معاهد بحوث الصحراء المسؤولة عن 94 في المائة من مساحة مصر، التي تبلغ 23 مليون جنيه في السنة، وميزانية البحوث الزراعية في مصر كلها تبلغ 132 مليون في السنة، أي إنه إذا قمنا بإلقاء أسماك بنحو 300 مليون في السنة؛ فسيصل كيلو السمك للمستهلك إلى 5 جنيهات أو أقل مع الاحتفاظ بالأحجام الصغيرة، وننشئ مزارع تماسيح في «أسوان – أبو سمبل» كمزارات سياحية، مما يعمل على إيجاد فرص عمل للشباب.
واعتبر الدكتور عبد الحميد عيد أستاذ متفرغ بكلية الزراعة جامعة قناة السويس، أن الجدوى الاقتصادية من التماسيح كبيرة جدًا، حيث يمكن تنظيم رحلات صيد وسفاري للسائحين الأجانب والسماح لهم باصطياد التماسيح ثم إعادة إطلاقها مرة أخرى في بيئتها الطبيعية، أو إنشاء مزارع وفتحها للزيارة أمام السائحين لمشاهدة التماسيح، علاوة على الاتجار في التماسيح عن طريق تربيتها ثم ذبحها وبيع جلودها، حيث يتراوح السعر العالمي للسنتيمتر مربع من جلد التمساح ما بين 5:3 دولارات وفقًا لجودته، علاوة على إمكانية تصدير لحوم التماسيح إلى الدول الأجنبية التي يأكل مواطنوها هذه اللحوم. كما أن الثروة السمكية وفيرة للغاية، وأن هناك عددا كبيرا من المراكب تقوم باصطياد الأسماك بشكل يومي وتهريبه للسودان عبر الجبال، وحتى التماسيح المحذور اصطيادها أو بيعها فيتم تهريبها للسودان مع الأسماك وتباع هناك بأسعار جيدة للغاية، فالسمك والتماسيح مصادر جيدة للبيع عن طريق التهريب فهي توفر الكثير من الأموال، وتعتبر مثل المخدرات في المكسب أيضا.