* باحث في شؤون الجماعات الجهادية: المنافسة على قيادة «القاعدة» بين أبو محمد المصري، وسيف العدل
* خلافة أيمن الظواهري محسومة، إلا أنّ هناك إشارات قوية على أنّ ثمة خلافاً بين قادة التنظيم على من سيخلف الظواهري
القاهرة: يشوب مستقبل تنظيم القاعدة الغموض، خاصة بعد نشر تقارير أميركية تؤكد مقتل حمزة نجل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة السابق، قبل أيام، وفي ظلّ تواتر الأنباء عن تدهور الحالة الصحية لأيمن الظواهري، الزعيم الحالي للتنظيم، ليأتي السؤال الأهم: من يخلف أيمن الظواهري في قيادة التنظيم الإرهابي الأشهر في تاريخ المنطقة، خاصة بعد تهدّم البنية التنظيمية لـ«القاعدة» والنقص في صفّ القيادة وأيضا بعد خروج كثير من التنظيمات القاعدية من بيعتها لأيمن الظواهري، والدخول في بيعة أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، الأمر الذي أدى إلى خسارة التنظيم تمركزه في المنطقة.
يقول عمرو فاروق الباحث في شؤون الجماعات الجهادية إن تنظيم القاعدة يعيش حالة من التخبط في ظل تواتر الأنباء عن تدهور الحالة الصحية لأيمن الظواهري زعيم التنظيم، موضحاً أن هناك وثيقة تم تسريبها توضح تدهور الحالة الصحية للظواهري وتكشف ترتيب خلفائه في قيادة التنظيم، ومن لهم الأحقية في خلافته.
وأكد الباحث في شؤون الجماعات الجهادية لـ«المجلة» أن تسريب تلك الوثيقة كان في إطار الصراع القائم حول فكرة الإطاحة بالظواهري، أو مطالبته بالتنحي وتنصيب حمزة بن لادن مكانه لاستكمال مشروع والده، في ظل فشل الظواهري في إدارة التنظيم، مشيرا إلى أن الوثيقة أوردت أبو الخير المصري، في المرتبة الأولى، ما يعني أنه كان الرجل الثاني قبل استهدافه في فبراير (شباط) 2017، موضحاً أن أبو الخير المصري، كان صهر مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، واسمه الحقيقي، عبد الله محمد رجب عبد الرحمن، ولد في شمال محافظة الشرقية بمصر عام 1957، وكان عضوًا بمجلس شورى تنظيم الجهاد المصري، وصدر ضده حكم بالمؤبد في قضية «العائدون من ألبانيا» عام 1998. وفي عام 2005 وضع على قائمة الإرهاب الأميركية.
وأضاف فاروق أن الوثيقة كشفت عن المرشح الثاني لقيادة القاعدة وهو أبو محمد المصري، الشهير بأبو محمد الزيات، ويعتبر حاليا نائب الظواهري والرجل الثاني، عقب وفاة أبو الخير المصري، بينما جاء في المرتبة الثالثة سيف العدل، المقدم السابق بالقوات الخاصة في الجيش المصري، والمنتمي في الأساس إلى تنظيم الجهاد المصري، في حين جاء في المرتبة الرابعة، ناصر الوحيشي أو أبو بصير، الذي تم استهدافه يوم 12 يونيو (حزيران) 2015 بغارة لطائرة من دون طيار في حضرموت شرق اليمن.
وأكد الباحث في شؤون الجماعات الجهادية أن المنافسة تنحصر على قيادة تنظيم «القاعدة» حاليا بين كل من عبد الله أحمد عبد الله، المكنى بـأبو محمد المصري، ومحمد صلاح الدين زيدان، المكنى بسيف العدل، وهو محمد صلاح الدين زيدان، المقدم السابق بالقوات الخاصة في الجيش المصري، والذي كان منضما إلى تنظيم الجهاد المصري، والذي ولد في محافظة المنوفية عام 1960 وأُلقى القبض عليه في مايو (أيار) 1987، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«إعادة إحياء تنظيم الجهاد»، والتورط في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري حسن أبو باشا، قبل أن يُطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة، ليهرب إلى السعودية، ومنها إلى السودان، ثم إلى أفغانستان عام 1989. ليقرر الانضمام إلى تنظيم القاعدة.
وأشار فاروق إلى أنه على الرغم من أن سيف العدل لم يكن من المؤسسين الأوائل لتنظيم القاعدة، لكنه لعب دورًا أساسيا في بناء القُدرات العسكرية والتأهيلية لتنظيم القاعدة، بفضل خبراته العسكرية التي تكونت خلال مرحلة التحاقه بالجيش المصري حيث وضع الكثير من الأسس والخبرات والتجارب للموسوعة الجهادية العسكرية، التي تعلم منها عناصر تنظيم القاعدة، وغيرهم من عناصر التنظيمات الجهادية المسلحة، مثل المداهمات الأمنية، وطرق تنفيذ عمليات الخطف والاغتيالات، والرصد والمتابعات، وطرق جمع المعلومات العسكرية والاستخباراتية، وكيفية استهداف العناصر المراد اغتيالها، وغيرها من القُدرات التأهيلية التي عززت من قوة تنظيم» القاعدة».
من جانبه، أكد طارق أبو السعد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أنه من المرجَّح أن تثور أزمة داخل التنظيم من قبل الحرس القديم في ظلّ ما تردّد من أخبار تفيد باقتراب تولّي سيف العدل، المسؤول العسكري، قيادة التنظيم، وتجاهل أبو محمد المصري، ربما بتعليمات من الظواهري، لأسباب تتعلق بدعم المصري لحمزة بن لادن، زوج ابنته، قبل مقتله، مشيرا إلى أنه ليس من المستبعد أن يؤدي الصراع على قيادة التنظيم الإرهابي إلى مزيد من الانشقاقات، لكنّ المؤكّد أنّ مستقبل تنظيم القاعدة أصبح يكتنفه الغموض في ظلّ قيادة تفتقد بريق المؤسس.
وأوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية لـ«المجلة» أنّ القاعدة تعاني من تهدّم في البنية التنظيمية، ومن نقص في صفّ القيادة، موضحا أنه بعد خروج كثير من التنظيمات القاعدية من بيعتها للظواهري، والدخول في بيعة أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، خسر التنظيم تمركزه في المنطقة، كما خسر مشروعية وجوده، نظرًا لإقامة ما يُسمّى بدولة الخلافة التي توجب على «المجاهدين» الانضمام والهجرة للدولة الجديدة.
وأوضح أبو السعد أنه مع خسارة تنظيمات بأكملها وقيادات تابعة للقاعدة، فقد التنظيم شخصيات بارزة كانت المرشَّحة لخلافة أيمن الظواهري، حيث تمّ استهدافها في عمليات عسكرية مختلفة، وهو ما يُرجَّح أن يكون له بالغ الأثر على مستقبل التنظيم في المنطقة، موضحا أنه عقب وفاة زعيم تنظيم القاعدة، وقيام الإدارة الأميركية بحرق جثمانه، ونثره في بحر العرب، كانت الخلافة محسومة تلقائيًا لأيمن الظواهري لأنّه رفيقه وشريكه في تأسيس التنظيم، رغم افتقاره للكاريزما اللازمة لذلك، مؤكداً أن كثيراً من المجاهدين يلقون باللائمة على أيمن الظواهري فيما آلت إليه أمور التنظيم من هزائم وانشقاقات، فالمشكلات التي واجهت تنظيم القاعدة في عصر الظواهري، كانت أكثر تعقيدًا من المشكلات التي واجهت المؤسس أسامة بن لادن، وفي عصر الظواهري ظهر منافس أقوى وأكثر شراسة، انشقّ عنه ورفض بيعته، وهو أبو بكر البغدادي الأمر الذي ترتب عليه ظهور جناح يرى أنّ خليفة الظواهري يجب أن يكون من أسرة المؤسس، أسامة بن لادن.
وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن التنظيم وجد في حمزة بن لادن غايتهم لتولّي مقاليد التنظيم بعد أيمن الظواهري إلا أن مقتل حمزة في غارة جوية للقوات الأميركية في إحدى المناطق الواقعة بين الحدود الأفغانية والباكستانية، سبب صدمة لدى هذا القطاع الكبير من أعضاء التنظيم خاصة بعد تواتر الأخبار التي تفيد بأنّ أيمن الظواهري يعاني من مرض شديد يهدّد حياته، ليأتي السؤال عن القائد المحتمل داخل تنظيم القاعدة الذي يمكن أن تتمّ مبايعته خلفًا لأيمن الظواهري رغم أنّ الوثائق المسرَّبة، والتي كشفت مبايعة عدد من قيادات مجلس شورى التنظيم في حال وفاة أيمن الظواهري لقيادات بعينها، تؤكد أنّ خلافة أيمن الظواهري محسومة، إلا أنّ هناك إشارات قوية على أنّ ثمة خلافا بين قادة التنظيم على من سيخلف الظواهري.