* شهدت الولايات المتحدة منذ بداية عام 2019، مصرع 8.782 وإصابة 17.453 شخصًا نتيجة جرائم وحوادث بالأسلحة النارية
* يعتبر امتلاك السلاح في الولايات المتحدة من بين الحقوق التي أقرها الدستور الأميركي
* يمكن للمواطن الأميركي شراء السلاح بكل أريحية وسهولة من متاجر التجزئة أو من مواقع البيع على الإنترنت
* رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي: «لا يمكننا السماح بأن تعاني عائلة أخرى أو مجتمع آخر من الألم جراء العنف باستخدام السلاح، وعلينا تحمل المسؤولية أمام الناس الذين نخدمهم».
* يرى الجمهوريون أن امتلاك السلاح من الحقوق التي نص عليها الدستور، ويعتبرون أن السلاح هوية أميركية يدعمها الدستور
* الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تسمح لمواطنيها بحمل السلاح، إلا أن تزايد أعمال العنف يجعل من الأهمية بمكان وضع حد للعنف ومراجعة التشريعات الخاصة بحيازة الأسلحة
في تصعيد هو الأول من نوعه، جاء حادثا إطلاق النار الدمويان اللذان هزا الولايات المتحدة خلال 24 ساعة، وأوديا بأرواح نحو 30 شخصا، حيث شهد، صباح السبت الموافق الرابع من أغسطس (آب) 2019 قيام المواطن الأميركي باتريك كروزياس، (21 عاما) بقتل 20 شخصا وإصابة 26 آخرين على الأقل، داخل متجر «وولمارت» بمدينة إل باسو بولاية تكساس، عند حدود المكسيك، وعثرت الشرطة على أدلة على أن دوافع عنصرية وراء المجزرة. وبعد 13 ساعة فقط، في ساعات مبكرة من اليوم التالي، أطلق رجل آخر الرصاص عشوائيا على مواطنين قرب حانة وسط مدينة دايتون بولاية أوهايو، مما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص وإصابة 26 على الأقل، وتمكنت الشرطة من تصفية مطلق النار بعد دقيقة من بدء الهجوم. وقد أثار هذان الحادثان الجدل من جديد بشأن تراخيص حيازة السلاح الناري لدى المواطنين في الولايات المتحدة الأميركية كونها الدولة الوحيدة في العالم التي تسمح لمواطنيها بحمل السلاح.
في ضوء ذلك يلقي التقرير المزيد من الضوء على ما تواجهه الولايات المتحدة من مخاطر إرهاب داخلي تفاقمت دوافعه وتسارعت وتيرته وتزايدت تداعياته وآثاره خلال الفترة السابقة بشكل لافت للانتباه، وذلك من خلال عدة محاور على النحو الآتي:
أولا: جرائم السلاح الناري في الولايات المتحدة... إحصاءات وأرقام
وفقا لآخر التقديرات المنشورة، شهدت الولايات المتحدة منذ بداية عام 2019، مصرع 8.782 وإصابة 17.453 شخصًا نتيجة جرائم وحوادث بالأسلحة النارية، حيث أفادت بوابة «غون» لتقارير العنف التي تجمع وتلخص المعلومات من وكالات إنفاذ القانون والسلطات ووسائل الإعلام، أن هناك 2.207 من الأطفال والمراهقين و183 من ضباط إنفاذ القانون بين القتلى والجرحى، جراء الجرائم وحوادث القتل باستخدام السلاح، فضلاً عن 1.203 مجرمين أو مشتبهين بارتكابهم جرائم. وأن مجموع الضحايا الذين تم تسجيلهم من خلال حوادث تنطوي على استخدام الأسلحة هو 33.194 شخصًا و890 حالة قتل تنطوي على استخدام الأسلحة لأغراض الدفاع، أخذا في الحسبان أن هذا الرقم لا يشمل جرائم الانتحار. ومن إجمالي عدد الحوادث، توجد 255 حالة بإطلاق نار جماعي.
يذكر أن هذه الإحصاءات عن هذه النوعية من الجرائم لم تكن المرة الأولى، بل حظيت باهتمام كثير من المؤسسات والهيئات التي وجدت في هذه الجرائم أمرا لافتا للانتباه بل يحمل إنذارا شديد الخطوة على الأمن الداخلي الأميركي، فقد سبق أن رصد موقع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عددا من الحقائق والأرقام حول امتلاك الأسلحة بالولايات المتحدة الأميركية، ومنها أنه تم ارتكاب 14.249 جريمة قتل في الولايات المتحدة خلال عام 2014 من بينها 9.675 بواسطة الأسلحة النارية أي 68 في المائة من هذه الجرائم. وكذلك سجل وقوع 5.9 مليون جريمة عنف في الولايات المتحدة خلال 2014 منها نحو 600 ألف جريمة، كان الجناة يحملون أسلحة بشكل ظاهر عند ارتكابها، أي نحو 10 في المائة من نسبة الجرائم. ومن بين الأرقام المرعبة أن 56 في المائة من جرائم الاعتداء و30 في المائة من السرقات و39 في المائة من جرائم الاغتصاب و65 في المائة من جرائم القتل التي تم إبلاغ الشرطة عنها عام 2014 ارتكبها أشخاص معروفون لدى السلطات القضائية الأميركية، وأن 31 في المائة من الأسر الأميركية كان لديها سلاح في المنزل عام 2014 وهي أدنى نسبة منذ 40 عاما. وفي السياق ذاته، يذكر أن عام 2011 سجل سقوط 33 ألف شخص ضحية جرائم بواسطة السلاح الناري أي بمعدل 268 شخص في اليوم الواحد. وكشف الموقع كذلك أن الولايات المتحدة أنتجت 5.5 مليون قطعة سلاح فردي وبيع 95 في المائة منها في السوق الأميركية، مشيرا إلى أن 20 في المائة من مالكي السلاح في الولايات المتحدة يملكون 65 في المائة من الأسلحة الفردية لدى الأفراد في الولايات المتحدة.
ويكشف الجدول التالي عن أبرز الجرائم التي ارتكبت باستخدام السلاح الناري منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي وحتى عام 2018:
العام | الحادث |
1984 | - قتل رجل بالرصاص 21 شخصا وأصاب 19 آخرين في مطعم لماكدونالدز في إحدى ضواحي سان دييغو بولاية كاليفورنيا قبل أن يقتله قناص من الشرطة. |
1991 |
- تم قتل 23 شخصا أثناء جلوسهم على مقهى في مدينة كيلين بولاية تكساس، عندما اقتحم مواطن المقهى بسيارته وأطلق النار على الموجودين قبل أن ينتحر. - اقتحم رجل بشاحنته الصغيرة البوابة الزجاجية لأحد مطاعم لوبيز وأطلق النار بعد ذلك ليقتل 23 شخصا في تلك المدينة الواقعة بوسط تكساس. |
1999 |
- تم قتل 13 شخصا بعدما أطلق أميركيان الرصاص على زملائهما وأحد المعلمين في مدرسة «كولومباين» الثانوية في ليتلتون بولاية كولورادو. - فتح مراهقان النار في مدرسة كولومباين الثانوية في جيفرسون كاونتي بولاية كولورادو مما أسفر عن مقتل 12 طالبا فضلا عن مدرس واحد وجرح 20 آخرين قبل أن ينتحرا. |
2002 | - قتل رجلان بأسلوب القنص 10 أشخاص مما أثار الرعب في واشنطن العاصمة لثلاثة أسابيع. وأعدم أحدهما وصدر على الآخر حكم بالسجن مدى الحياة. |
2007 | - تم قتل 32 شخصا حينما أطلق طالب النار على الطلاب في جامعة فرجينيا للتقنية قبل أن ينتحر. |
2009 |
- قُتل 13 شخصا حينما أطلق شخص النار على مجموعة من الأشخاص في مركز للمهاجرين في نيويورك قبل أن ينتحر. - فتح اختصاصي نفسي بالجيش يحمل رتبة ميجور النار في قاعدة فورت هود العسكرية بولاية تكساس فقتل 13 شخصا. وحُكم عليه بالإعدام. |
2012 |
- أطلق مواطن أميركي الرصاص على 20 طفلا تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات، وفي الحادث قتل ستة أشخاص بالغين قبل أن ينتحر في ساندي هوك بولاية كونيتيكت. - قتل مسلح ملثم 12 شخصا وأصاب 70 آخرين عندما فتح النار داخل دار عرض سينمائي في أورورا بولاية كولورادو. وحُكم على الرجل بالسجن مدى الحياة. - قتل شخص من أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض ستة مصلين في معبد للسيخ في أوك كريك بولاية ويسكونسن ثم انتحر. - قتل رجل أمه بالرصاص ثم قتل 20 طفلا وستة بالغين قبل انتحاره في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في نيوتاون بولاية كونيتيكت. |
2013 | - قتل جندي بقوات الاحتياط في سلاح البحرية يعمل متعاقدا حكوميا 12 شخصا في حوض سفن تابع للبحرية في واشنطن. وقتلت الشرطة المهاجم. |
2015 |
- قتل مسلح من أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض تسعة من السود من رواد كنيسة تاريخية للسود في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا. وصدر عليه حكم بالإعدام. - رجل وزوجته يقتلان 14 شخصا في حفل في سان بيرناردينو بجنوب كاليفورنيا قبل مقتلهما في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة. |
2016 | - قتل مسلح بالرصاص 49 شخصا في ملهى بالس الليلي للمثليين قبل أن تقتله الشرطة بالرصاص في ولاية أورلاندو. |
2017 |
- أطلق مسلح النار على مهرجان لموسيقى الريف من جناح بالطابق الثاني والثلاثين بفندق ليقتل 58 شخصا ويصيب 564 آخرين قبل أن ينتحر، وذلك في ولاية لاس فيغاس. - قتل رجل تم تسريحه من القوات الجوية الأميركية لضربه زوجته وطفله بالرصاص 26 شخصا في كنيسة بريف تكساس حيث كانت أسرته تصلي قبل أن ينتحر. |
2018 |
- أطلق طالب سابق في مدرسة مارجوري ستونمان دوغلاس الثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا النار من بندقية ليقتل 17 طالبا ومعلما. واعتقلت الشرطة المسلح. - فتح مسلح النار داخل معبد «تري أوف لايف» اليهودي قرب بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا من بندقية نصف آلية وثلاثة مسدسات، وهو يصيح «الموت لكل اليهود» مما أسفر عن مقتل 11 شخصا. ونفى المشتبه التهم الموجهة إليه ويواجه عقوبة الإعدام. - قتل عضو سابق بسلاح البحرية 12 شخصا في حانة بضاحية ثاوزند أوكس بمدينة لوس أنجليس ثم انتحر. |
ثانياً: الدستور الأميركي ومشروعية استخدام السلاح
يعتبر امتلاك السلاح في الولايات المتحدة من بين الحقوق التي أقرها الدستور الأميركي، حيث تعد هي الدولة الوحيدة في العالم التي تسمح لمواطنيها بحمل السلاح حتى في الشوارع، إذ نص الدستور بشكل واضح وصريح على أحقية المواطنين في امتلاك الأسلحة، حيث جاء في نص التعديل الثاني للدستور والصادر عام 1971، على أنه: «حيث إن وجود ميليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أي ولاية حرة، فلا يجوز التعرض لحق الناس في اقتناء أسلحة وحملها»، وهو ما أكدت عليه المحكمة العليا الأميركية حينما أصدرت عامي 2008 و2010 قرارا تاريخيا جاء فيه أن التعديل الثاني للدستور يحمي حق الفرد في امتلاك سلاح ناري من دون أن يكون عسكريا أو مرتبطا بالجيش.
وقد أعطى القانون هذا الحق للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة، ولكن ما يلفت الانتباه هنا أن القانون الفيدرالي إذ جرم حيازة المسدسات أو ذخيرتها للأشخاص الأقل عمرا من 18 سنة، إلا أنه لم ينص على وجود حد أدنى لسن حيازة البنادق أو ذخائرها، ويمكن قانونيًا لكل من يتجاوز عمره 18 سنة شراء الأسلحة الطويلة– مثل البنادق– من تجار الأسلحة النارية المرخصين. ويذكر أن بعض الولايات كانت قد حرصت على تجنب بعض هذه القوانين، ومنها على سبيل المثال، في ولاية فيرمونت يمكن بيع مسدس أو بندقية لأي شخص يتجاوز عمره 16 سنة، وفي ولايات مين وألاسكا ومينيسوتا ونيويورك يمكن بيع بندقية لشخص يتجاوز عمره 16 سنة. ويستثنى من كل ما سبق المشتغلون في أنشطة محددة من بينها تربية المواشي والزراعة والتدريب على الرماية والصيد، حيث لا يشترط السن في مثل هذه الحالات.
وعليه، وفقا لهذا الحق، يمكن للمواطن الأميركي شراء السلاح بكل أريحية وسهولة من متاجر التجزئة أو من مواقع البيع على الإنترنت، إذ تشترط القوانين أن يضع حامل المسدس سلاحه على خاصره بشكل ظاهر للعيان، أو على الرف الأمامي للسيارة تحت الزجاج. ومن شروط وضع السلاح في المنزل، أن يتم إفراغه من الطلقات أولاً، وأن يخفى في خزانة حديدية بعيدا عن متناول الأطفال.
ثالثاً: حرية استخدام السلاح... جدل سياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين
مع كل عملية إطلاق نار يتصاعد الجدل وتتزايد المطالبات بضرورة فرض قيود على حيازة السلاح في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة في ظل صمت القانون على ذلك، إذ لا يفرض– كما سبقت الإشارة- أي قيود على حيازة الأسلحة التي تعد واحدة من أكثر القضايا إثارة للخلاف بين الحزبين الرئيسيين؛ الجمهوريين والديمقراطيين، حيث عادة ما تُستخدم هذه القضية في المزايدات الانتخابية، إذ تعتبر مسألة حرية امتلاك المواطنين للأسلحة واحدة من أكثر القضايا التي يختلف حولها التفسير بشأن المادة الخاصة بحرية امتلاك السلاح. ففي الوقت الذي يرى فيه الديمقراطيون قصر الحق في حمل السلاح على الولايات المكونة للاتحاد الأميركي وأن الآباء المؤسسين أرادوا هذا الحق لأميركا الفيدرالية وهذا ما يعرف بالتفسير الجماعي للحق، ويطالبون بضرورة إعادة النظر في «الحق المطلق للفرد» بسبب المستجدات التي طرأت على المجتمع الأميركي واستخدام هذا الحق في الحوادث المتكررة، وهو ما عبرت عنه رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، إذ قالت في بيان لها عقب الحادثين الأخيرين: «لا يمكننا السماح بأن تعاني عائلة أخرى أو مجتمع آخر من الألم والمعاناة جراء العنف باستخدام السلاح، وعلينا تحمل المسؤولية أمام الناس الذين نخدمهم».
بينما يرى الجمهوريون أن امتلاك السلاح من الحقوق التي نص عليها الدستور، ويعتبرون أن السلاح هوية أميركية يدعمها الدستور، ويعرفون بأصحاب التفسير الفردي، ويرفضون أي قوانين يمكن أن تحجم امتلاك السلاح، حيث يصوتون ضد أي قانون يتقدم به الديمقراطيون لفرض قيود على امتلاك السلاح، وهو ما عبر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في رفضه المستمر لأية قوانين أو تشريعات تقييد الحق في استخدام السلاح، حيث أعلن عقب الحادث الأخير أن «مشكلة المرض العقلي هي السبب وراء الهجومين الأخيرين، وأن المسلحين كانا مريضين عقليا بشدة، وهو ما يعني أن رؤية الرئيس الأميركي للحادث لم تكن نتيجة وجود السلاح في أيدي المواطنين بصفة عامة، وإنما بسبب وجوده في أيدي مرضى عقليين، مكررا ما سبق أن أعلنه عقب وقوع حوادث مشابهة عام 2018، إذ جاءت في مقابلة له مع صحافي التلفزيون البريطاني بيرس مورغان، في نهاية فبراير (شباط) 2018 مبررا ما ارتكب بالتفسير ذاته، وذلك بقوله: «أنا مؤيد كبير للتعديل الثاني (التعديل الدستوري الذي تم عام 1971) وأعتقد أن ذلك يخدم المصالح الأمنية لكثيرين، فعندما كان السلاح فقط بيد الأشرار تم شن الكثير من الهجمات... وأن فرض حظر على حيازة الأسلحة لن يمنع المجرمين الذين يعانون من اضطرابات عقلية من ارتكاب جرائمهم». متفقا في تفسيره ذلك مع موقف رابطة الأسلحة الوطنية «إن آر إيه»- ومقرها شمال ولاية فرجينيا– والتي تعد من أقوى مجموعات الضغط الأميركية التي تدافع عن حق امتلاك السلاح، بل نجحت خلال سنوات طويلة في منع تقييد تجارة الأسلحة، ويذكر أن هذه الرابطة كانت قد تأسست من قبل صحافي وجنرال في عام 1871 وأن أعضاءها يبلغون 5 ملايين أميركي، تقول إن مهمتها الأساسية تتمثل في نشر الطرق المثلى للتعامل مع الأسلحة النارية وتعريف الأميركيين بأي تشريع أو قانون خاص صدر أو سيصدر بها، لكن المهمة الحقيقية للجمعية كما يرى الكثيرون هي العمل كلوبي للسلاح، وتقدر ميزانيتها السنوية بـ200 مليون دولار.
صحيح أنه بعد ذلك اعتبر الجريمتين جريمة ضد الإنسانية وذلك بقوله: «عمليات القتل الهمجية هذه، هي هجوم على الأمة وجريمة ضد الإنسانية جمعاء»، مطالبا باتخاذ بعض الإجراءات لمواجهة مثل هذه الحوادث، ومنها:
· مواجهة العنصرية والتفوق الأبيض وذلك بقوله: «إن منفذ الهجوم تتملكه كراهية عنصرية. وبصوت واحد على أمتنا أن تدين العنصرية والتعصب ونزعة تفوق العرق الأبيض... لا مكان للكراهية في أميركا».
· إعداد تشريع «يضمن أن يواجه مرتكبو جرائم كراهية وقتل جماعي، عقوبة الإعدام وتنفيذ هذه العقوبة بسرعة وبحسم ومن دون سنوات من التأخير غير الضروري».
· ضمان عدم حصول من يشكلون خطرًا كبيرًا على السلامة العامة، على أسلحة... وفي حال حصولهم عليها، يكون ممكنًا انتزاعها منهم من خلال الإجراءات المعتمدة، وذلك من خلال قوانين تُعرف باسم «أوامر الحماية القصوى من الأخطار».
· المطالبة بضبط الهجرة، من خلال إشارته الواضحة إلى ضرورة «ربط قانون (السلاح) بإصلاح الهجرة الذي نحن في حاجة ماسة إليه. يجب أن نخرج بشيء جيد، وربما عظيم، من هذين الحدثين المأساويين».
وغني عن القول إن هذه الإجراءات كافة تعالج بعض دوافع ارتكاب مثل هذه الجرائم وتجرم مرتكبيها بأقصى العقوبة والتي تصل إلى الإعدام، إلا أنها لم تتجه صوب قضية منح المواطن الحق في امتلاك السلاح، وهي القضية المحورية والرئيسية في هذا الخصوص، إذ ربما تكون هي العامل الأول في ارتكاب مثل هذه الجرائم. ويذكر في هذا الخصوص أنه حينما أصدر الكونغرس الأميركي في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون، عام 1994 قانونا بحظر التصنيع والاستخدام المدني للأسلحة النارية نصف الآلية والأسلحة الهجومية لمدة 10 سنوات، أي حتى سبتمبر (أيلول) 2004. حيث انتهى الحظر وفشلت محاولات تجديده، كشفت البيانات والإحصاءات عن تراجع معدلات مثل هذه الجرائم خلال هذه الفترة مقارنة بالفترات التي أعقبتها، وهو ما يؤكد على أهمية أن يُعيد الجمهوريون النظر في موقفهم تجاه قضية حظر السلاح الناري بين المواطنين، وعليهم أن يمتنعوا عن رفضهم لكل مشروع قانون يتقدم به الديمقراطيون بهدف تقييد السماح بحمل الأسلحة كما حدث مؤخرا حينما تقدم الديمقراطيون عام 2017 بمشروع قانون بحظر حمل السلاح بعد مجزرة لاس فيغاس التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، وحينها اعتبر الرئيس دونالد ترامب أن «الوقت ليس مناسبًا الآن لوضع ضوابط خاصة بحيازة السلاح» وهو الموقف ذاته الذي تكرر مع حادثتي إطلاق النار، من خلال طرحه لحلول ومعالجات تبتعد عن جوهر القضية ذاتها.
نهاية القول إنه إذا كانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم كما سبقت الإشارة التي تسمح لمواطنيها بحمل السلاح انطلاقا من مبدأ احترام الحرية الفردية، إلا أن تزايد أعمال العنف التي خلفتها الحوادث الفردية لإطلاق النار، تجعل من الأهمية بمكان تعالي الأصوات لوضع حد للعنف ومراجعة التشريعات الخاصة بحيازة الأسلحة، مستفيدة في ذلك من التجربة النيوزيلاندية بعد الجريمة العنصرية التي ارتكبت بحق المسلمين أثناء صلاة الجمعة في مسجدين في مارس (آذار) 2019. إذ على أثرها اتخذت الحكومة النيوزيلاندية قرار في أبريل (نيسان) 2019 بحظر السلاح لدى المواطنين مع إلزامها بدفع تعويضات لأصحاب هذه الأسلحة بما يبلغ نحو (135.97 مليون دولار أميركي) وذلك خلال ستة أشهر. ولا شك أن هذه التجربة يمكن أن تمثل خطوة أولى نحو تعزيز الأمن والاستقرار داخل شوارع الولايات المتحدة، بعيدا عن دور لوبيات صناع الأسلحة التي تتمكن من إفشال جهود أي رئيس يحاول اتخاذ أي إجراءات لوضع أطر محددة لبيع السلاح كما حاول الرئيس السابق باراك أوباما عدة مرات، إلا أن جميع مساعيه باءت بالفشل بسبب اعتراض هذه اللوبيات التي تتمتع بقوة كبيرة قد تمكن من قطع الطريق على مختلف مشاريع القوانين التي تدعو إلى تشديد الرقابة على الأسلحة النارية حماية للمواطنين الأميركيين في ظل تصاعد الخطاب العنصري الذي يغذي دوافع العنف والقتل داخل المجتمع الأميركي.