وزير الإعلام في جنوب السودان: البشير يحضّر للحرب منذ 2005!

وزير الإعلام في جنوب السودان: البشير يحضّر للحرب منذ 2005!

[caption id="attachment_55234937" align="aligncenter" width="620" caption="وزير الإعلام في دولة جنوب السودان برنابا ماريال بنجامين"]وزير الإعلام في دولة جنوب السودان برنابا ماريال بنجامين[/caption]

برنابا ماريال بنجامين أعرب عن تمسك حكومته بالحوار السلمي الجاد لتسوية الملفات العالقة بين جوبا والخرطوم، لطي ملفي النفط والحدود، وبقية القضايا العالقة.
"المجلة" سألت وزير اعلام جنوب السودان عن تداعيات احتلال هجليج والعلاقات المستقبلية مع الجار الشمالي وعن مشكلة جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وحلفائهم من الحركات المسلحة في دارفور، وعدد من المساءل العالقة فكان هذا الحوار:

قضايا عالقة


* لماذا احتلت حكومة جنوب السودان هجليج، وما هي استراتيجيتكم من ذلك؟
ـ إن موقف الرئيس سلفا كير ميارديت واضح جدا، حيث إننا لا نؤيد الحرب.. نريد السلام، لأن السودان ليس عدونا، ولكن محاولات الرئيس البشير في تحضيره للحرب، كانت منذ توقيع اتفاقية السلام في عام 2005، وهو يريد أن يخوضها بسبب ثروات الجنوب.
القوات السودانية بدأت بالتصعيد الحربي منذ مارس (آذار) الماضي بقصف بلدة (فاريانق) في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، بسلاح الجو السوداني، وتبعد البلدة 50 كيلومترا من مدينة بانتيو عاصمة الولاية، كما أنها تبعد 74 كيلومترا إلى داخل أراضي الجنوب من حدود السودان. كما هاجمت منطقتي مانجا وبانكواش. وانطلقت هذه القوات من قاعدتها في هجليج، وقوات جنوب السودان طاردت القوات السودانية حتى هجليج لحماية أراضينا.
هذه كانت دعوة من الخرطوم للمواجهة المباشرة وإعلان حرب من طرفها، لأنها تريد إعاقة الاستثمار في قطاع النفط الحيوي لجنوب السودان، الذي انفصل في يوليو (تموز) الماضي.

* تقول الخرطوم إنه باحتلالكم هجليج، فأنتم تستهدفون إسقاط الحكومة السودانية؟
ـ هذه اتهامات لا أساس لها من الصحة إطلاقا، وقيام دولة السودان الجنوبي، كان نتيجة اتفاق بين شريكي اتفاقية السلام الشامل (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، ونحن كدولة جديدة لدينا أولوياتنا، وبالطبع ليس من بينها إشعال الحروب، بل تحقيق التنمية وخلق علاقات طيبة مع السودان الشمالي ومع جيراننا الآخرين، وهناك أشياء كثيرة توضح أن دولة جنوب السودان تريد السلام، ولعلك تذكر أن الخرطوم عندما قررت الدخول عسكريا في منطقة أبيي في مايو (أيار) الماضي، وقبيل إعلان استقلالنا، لم ترد حكومة الجنوب بعمل عسكري، لأننا اتفقنا أن أي مشكلات بيننا يجب أن نحلها عبر الحوار، ونحن ما زلنا مستمرين في هذا الحوار لحل القضايا العالقة في اتفاقية السلام الشامل، وهذه القضايا تشمل رسم الحدود وعبور النفط عبر الموانئ السودانية. وهذا الحوار يرعاه الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثابو مبيكي والاتحاد الأفريقي.

أما قضايا جنوب كردفان والنيل الأزرق، فهناك اتفاق للمنطقتين بأن يتم إجراء المشورة الشعبية فيهما، ونقول إن الحل السلمي موجود في اتفاقية السلام في المنطقتين، لذلك نحن نناشد شركاءنا في الخرطوم، بأنه ليس هناك من داع للحرب، ومالك عقار حاكم النيل الأزرق، اختاره الشعب هناك عبر الانتخابات، كما أن عبد العزيز الحلو، كان نائبا للحاكم ولديه شعب، وهو مسؤول عنه.

[caption id="attachment_55234938" align="alignleft" width="200" caption="البشير"]البشير[/caption]

ولذا، فإن الخرطوم يمكن أن تتعاون معهما لتحقيق السلام، فالحرب التي تدور الآن في المنطقتين لا تساعد في الوصول إلى سلام، وكثيرا ما أكرر للإخوة في الخرطوم أن الجنوب لم يعد تابعا لهم، وإنما أصبح دولة مستقلة لها سيادتها، وهو صديق للشمال وجار له، وأنت لا تختار جارك، وإنما تختار صديقك، وقد أوقفنا الحرب التي دارت لأكثر من عشرين عاما، لأننا وجدنا أن هناك طريقا للحوار وتحقيق السلام، ولا نريد أن يعيش جيراننا الشماليون في حالة حرب، لأنها تؤثر علينا أيضا، لذلك ارسل الرئيس سلفا كير نائبه مشار إلى الرئيس البشير لمساعدته لحل الخلاف، وقلنا لهم إن الجنوب يحتاج إلى 5 سنوات لنزع السلاح من المواطنين، فكيف تنزعون سلاح قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال في ايام، ورغم ذلك رفضوا وساطتنا، وعلى الخرطوم أن تسعى للحوار مع عقار والحلو والآخرين، لأن ذلك له فائدة لهم ولنا جميعنا.

الحكومة السودانية تبحث عن مخرج لورطتها في الحرب التي أدارتها، ولكن المخرج لن يكون من دولة السودان الجنوبي بإصدار الاتهامات غير الصحيحة، هذا لن يفيدهم.. على الخرطوم أن تغير طريقة تفكيرها عن دولة السودان الجنوبي، وعندما اخترنا السلام كنا على قناعة تامة بأنه الطريق الأفضل، إن القضايا في جنوب كردفان والنيل الأزرق، يمكن أن تحل عبر المشورة الشعبية.

* هنالك لغط يثار حول تحرير هجليج، هل هو انسحاب لقوات حكومة الجنوب أم تحرير من الجيش السوداني؟
ـ كلكم تابعتم تصريحاب الرئيس سلفا كير، الذي أمر قواته بالانسحاب في 20 من ابريل (نيسان) الماضي، استجابة لنداءات مجلس الأمن الدولي وعدد من مسؤولي المجتمع الدولي، وكذلك لإشاعة أجواء تسهم في استئناف الحوار مع الخرطوم، ونحن دولة حديثة ونواجه تحديات جمة منها التنمية، وهي اهم شيء يشغل حكومتنا، نحن نبني دولة من الصفر، بسبب الحرب الطويلة في الجنوب، واقتصادنا لا يتحمل عقوبات تفرض علينا في هذا الوقت، وجنوب السودان يريد تحديد مصير هجليج بواسطة التحكيم الدولي. وقناعتنا أن هجليج تبقى منطقة لا تتجزأ من جمهورية جنوب السودان.

استرداد الحقوق


* هل أغلقت حكومة جنوب السودان ملف التفاوض مع الخرطوم؟ أم ستحسمون الخلافات بالحرب، خاصة وأن الاتحاد الأفريقي منحكم 3 أشهر لتسوية الملفات العالقة؟
ـ عندما اختار الجنوبيون الانفصال، كنا نرى أن ذلك سيفتح مجالا للسلام والتعاون والمحبة مع الجيران خاصة مع الخرطوم. واتفاقية السلام نصت على أن تكون هناك دولتان قويتان في المنطقة، في حال اختار الجنوب الانفصال، وها نحن أصبحنا دولتين، فالمفروض أن يكون الطريق مفتوحا للتعاون والجيرة الحسنة، في التجارة والسياسة، بعيدا عن الحروب بين الشمال والجنوب. وعندما اختاروا الحرب بديلا للحوار لم يكن لنا من خيار غير طريق الحرب لرد العدوان، ولكن قناعتنا أن الحوار هو الطريق الوحيد لإغلاق نسترد حقوق ملفات الخلاف بيننا وبينهم، لذلك حتما سنسلك هذا الطريق حتى أهلنا في جنوب السودان.

[caption id="attachment_55234939" align="alignright" width="203" caption="سلفا كير"]سلفا كير [/caption]

* لكن هناك حديث عن أن دولة السودان الجنوبي ضيقت على الحريات بعد الاستقلال؟
ـ هذا ليس صحيحا، لدينا حرية العمل السياسي وتكوين الأحزاب، نحن الدولة الوحيدة التي لا يوجد فيها أي سجين سياسي، وهذه الأحزاب لم يتم اعتقال زعيم لها أو مسؤول، ولم يتم تعذيب أي أحد أو حرمانه من حرية التعبير والرأي، لكن، وكما تعلم أن أي دولة جديدة يجب أن تؤسس قوانينها. وسيادة حكم القانون أمر معلوم، والقوانين تشارك فيها كل الأحزاب الموجودة داخل برلمان جنوب السودان، وهذا ما تروجه حكومة السودان واعلامها، انها حرب نفسية ضد دولة جنوب السودان، ولن نلتفت لمثل هذه الأقاويل والاشاعات. شعبنا خاض الحرب لسنوات طول لبناء سودان ديمقراطي يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات، وعندما فشلنا في ذلك مع حكومة المؤتمر الوطني في الخرطوم، اختار الجنوبيون الانفصال لبناء مجتمع ديمقراطي.

* إقامتكم علاقة مع إسرائيل بعيد الاستقلال، أثارت القلق لدى بعض الدول العربية وجيرانكم في الشمال، ما طبيعة هذه العلاقة؟
ـ نحن بدأنا علاقاتنا مع عدد كبير من دول العالم وليس إسرائيل وحدها، وليس هناك ما يدعو لقلق الخرطوم من علاقتنا مع إسرائيل، وهي علاقة طبيعية تحدث بين كل الدول في العلاقات الدبلوماسية، وإسرائيل تقيم علاقات مع الأردن، ومصر، والمغرب ودول أخرى، وحتى فلسطين نفسها لديها علاقة مع إسرائيل بشكل أو بآخر، فلماذا القلق من أن نقيم علاقة معها؟
وأعتقد أن علاقتنا مع إسرائيل، يمكن أن تصبح لصالح السلام في المنطقة، ولن تؤثر علاقتنا مع تل أبيب على علاقتنا مع بقية جيراننا.

* كيف تقيمون علاقاتكم مع الدول العربية؟
ـ لدينا علاقات قوية جدا مع الدول العربية، خاصة مع مصر وبعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات والكويت، وستتحسن علاقاتنا يوما بعد يوم مع جميع الدول العربية، والاستثمار العربي في السودان الجنوبي مهم للغاية.
وهناك عدد من السفارات العربية، منها مصر وليبيا، ودول الخليج ستفتح سفاراتها في جوبا، وكانت لدينا علاقات قديمة وتاريخية مع دولة الكويت منذ عام 1972، وكذلك الدول الإسلامية ستفتح سفاراتها هنا؛ مثل تركيا وماليزيا وغيرهما، ونحن نرى أن دولة السودان الجنوبي ليست لديها مشكلة مع الدول العربية والإسلامية، ونحن مستعدون لبناء علاقات قوية معها، وعليكم النظر إلى الدور المصري في محاولة ايقاف الحرب، وعندما اطلقنا سراح الأسرى من الجيش السوداني وكان الدور المصري حاضرا في ذلك.
font change