* كفى غض النظر عن نظام الملالي الذي يأخذ المنطقة رهينة التهويل، والإرهاب، يقتل شعوبها وقادتها كي يبقى عرشه قائماً في بلاد فارس.
*كفى غض النظر عن نظام يأخذ الإيرانيين أنفسهم رهينة آيديولوجيات دينية تتعدى على كرامتهم الإنسانية وحريتهم الشخصية ومستقبلهم.
تكاد وحدها المملكة العربية السعودية تطالب المجتمع الدولي بوضع حد للبلطجة الإيرانية من خلال رد صارم على تعديها على حرية الملاحة في المياه الدولية وانتهاكها بالتالي القانون الدولي. طبعا الرد الذي تطالب به المملكة لا يكون من خلال عقوبات اقتصادية قائمة منذ أكثر من ثلاثة عقود ولم تعط جدواها بما أن إيران لم ترتدع عن ممارسة إرهابها، بل من خلال رد عسكري حازم على محاولات القرصنة الباسيجية للمنطقة والتي لم تعد تعرف حدودًا.
إن كان بولتون من دعاة التدخل العسكري لدى الإدارة الأميركية ضد إيران ومصالحها فهو على حق. فهذا النظام الإيراني لا يفهم سوى لغة واحدة: القوة العسكرية. هكذا يتعامل مع شعبه عندما يشعر بخطر تحركاتهم المعارضة، وهكذا يتصرف مع شعوب منطقتنا من لبنان إلى سوريا مرورا باليمن والعراق إن شعر بخطر على مؤسساته المنتشرة والمسيطرة على تلك البلاد وعواصمها ومواردها.
لنعترف لمرة بأن العقوبات الاقتصادية لا تطال جناح الإرهاب الإيراني ولا تحد من نشاطاته. فالخزانة الأميركية تقول لنا من خلال العقوبات التي تفرضها على شركات وشخصيات النظام الإيراني وتوابعها من «حزب الله» والحوثيين وغيرهما أن هذه منظمات إجرامية. أي إن نشاطاتهم تتعدى الإرهاب لتتناول الاتجار بالبشر والمخدرات والسلاح، إضافة إلى ممارسة العنف كالخطف من أجل فدية أو القتل المأجور. ما يعني أن موازنة هذا الجناح تأتي من نشاطاته الإجرامية. وهذه النشاطات لم تتوقف. من فنزويلا إلى كولومبيا والبرازيل، ثم أفريقيا لا سيما غامبيا وغانا إلى الشرق الأوسط ولبنان والعراق وسوريا واليمن، ما زالت تلك الخلايا قائمة ونشطة تحميها أنظمة تستفيد بالحد الأدنى من عائدات هذه التجارة. من هنا ضرورة استعمال القوة العسكرية على تعديات إيران.
ثم هناك أمر آخر خطير إزاء عدم الرد الحازم العسكري على انتهاكات إيران كما فعل ترامب بسوريا عند قصفه بعض مواقع النظام بالتوماهوك أو في أفغانستان عندما «استعمل أم كل القنابل» والتي أدى انفجارها إلى إحداث هزّة أرضية على بعض مواقع الطالبان. الخطير في تأكيد الولايات المتحدة أو أوروبا بعدم استعمال القوة العسكرية ضد إيران يكمن في فتح شهية بعض الدول في اتباع نفس نهج النظام الإيراني من دون توقعاته عواقب خطيرة تتأتى من هذه الأعمال. ها هو إردوغان اليوم يهدد قبرص، ويريد التعدي على سيادتها علـى الغاز. فهل ستردعه العقوبات وحدها، أم ربما صاروخ على إحدى سفنه إن هي تمادت واقتربت من نطاق قبرص الغازي؟
أليس نفس الشيء يجب أن يطبق على إيران إن قامت إحدى سفنها بقرصنة أخرى في مضيق هرمز؟
ماذا ستفعل إيران عندها؟ ستقصف الأميركيين الرابضين في العراق؟ ستأمر «حزب الله» بقصف إسرائيل؟ ستقصف المملكة العربية السعودية؟ أم الإمارات؟ ماذا عساها تفعل سوى تهديدات خاوية كتلك التي رددتها منذ عقود بمحو إسرائيل عن الخريطة؟
إيران نمر من كرتون. في سوريا لولا تعاطف الرئيس الأميركي الأسبق الذي كان يحيك اتفاقه مع نظام الملا وتدخل بوتين وغارات طائراته الحربية المدمرة لكان الأسد في خبر كان، ومعه فيلق القدس و«حزب الله» رغم جرائمهم ضد الإنسانية التي ارتكبوها ضد أبناء بلاد الشام. أما في العراق أيضا فلولا الأميركيون أنفسهم ومبعوث أوباما برت ماغكورك المتناغم مع النظام في إيران لكان قاسم سليماني خسر جزءاً منه لصالح «داعش». ثم تذكروا جيدا من هرول عند رئيس وزراء لبنان الرئيس السنيورة في حرب تموز عام 2006 الإسرائيلية يتوسل إيقافها مهما كان الثمن ليعودوا وينقلبوا عليه ويخونوه ويحاصروه في السراي الكبير رمز رئاسة الحكومة اللبنانية.
كفى غض النظر عن نظام الملالي الذي يأخذ المنطقة رهينة التهويل، والإرهاب، يقتل شعوبها وقادتها كي يبقى عرشه قائماً في بلاد فارس.
كفى غض النظر عن نظام يأخذ الإيرانيين أنفسهم رهينة آيديولوجيات دينية تتعدى على كرامتهم الإنسانية وحريتهم الشخصية ومستقبلهم.
ما يقوله بولتون يشبه تماما تلك القصة الطريفة التي كان يقصّها عليّ جدي: دخل رجل قاعة سينما مع أصدقائه لحضور فيلم. أمامه جلس رجل يلبس طربوشا يمنعه من رؤية الشاشة. فأراد الطلب منه خلع الطربوش كي يتمكن من متابعة الفيلم. فنهاه أصدقاؤه عن القيام بهذه الخطوة لأن هذا الرجل غالبا ما يحضر القاعة من دون خلع طربوشه طوال العرض ومن دون أن يتجرأ أحد من رواد السينما الطلب منه خلعه مهابة، ما يعني أن الرجل «قبضاي» والأفضل تفاديه.
لم يأخذ الرجل بنصيحة أصدقائه وصرخ بصوت جهوري «طربوشك» لعلعت في أرجاء الصالة.
خاف صاحب «الطربوش» من الصوت الآتي من الخلف وما كان منه إلا خلعه ووضعه جانبا.
وهكذا ارتاح الجميع واستطاعوا رؤية الشاشة من دون انزعاج.
تعالوا نستمع لما يقوله بولتون.