* باحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي: الإخوان في قطر تحولوا من تنظيم إلى مجرد تيار فكري... والدوحة اتفقت مع مشروعهم الإخواني العالمي... وأصبحت جزءاً من التنظيم الدولي في إطار المصلحة والمنفعة المتبادلة بين الطرفين... ولا يمكن التفرقة بين الدولة والتنظيم بسبب حالة الانصهار والذوبان
* باحث في شؤون الجماعات الإسلامية: الإخوان تغلغلوا بإحكام شديد في العملية التعليمية في الدولة القطرية... وحل الإخوان بالدوحة كان غير مرتبط بأي ضغوطات سياسية أو صراعات مع نظام الحكم... وهناك علاقة بين انقلاب الدوحة 1995 وقرار الحل الذي اتخذه تنظيم الإخوان
القاهرة: يتساءل البعض عن طبيعة العلاقة بين الدوحة وتنظيم الإخوان خاصة في ظل الدعم القطري لتنظيم الإخوان والذي يرجح البعض أنه أمر متعلق بوجود كيان تلك الدويلة في وسط المنطقة العربية، فتاريخ قطر مليء وحافل بالدعم والحماية اللذين يقدمهما النظام القطري لجماعة الإخوان الإرهابية.
التاريخ والدلائل والوقائع تؤكد أن قطر كانت الدولة الأولى التي فتحت ذراعيها لتنظيم الإخوان وعلى رأسهم الأب الروحي لهم يوسف القرضاوي، الذي أتاحت له الدولة في قناتها «الجزيرة» منبرًا بشكل منتظم، ليتولد سؤال ملح عند كثيرين عن ماهية العلاقة بين الدوحة والتنظيم وهل أصبح لهذه الدرجة تنظيم الإخوان مسيطرًا على كافة الأمور ببلاط النظام القطري، أم إن نظام الحكم بالدوحة يعمل على دعم الإخوان لاستغلاله لمواجهة النزاعات السياسية داخليًا وخارجيًا وتوظيفه لكي يحقق تنظيم الحمدين مصالحه وأجندته بالمنطقة العربية.
يقول عمرو فاروق الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، لـ«المجلة» إن تنظيم الإخوان في قطر، تماهى مع سياسة الدولة وهويتها، فلا يمكن التفرقة بين الدولة والتنظيم، بسبب حالة الانصهار والذوبان لكل منهما في الآخر.
وأوضح الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، أن قطر أصبحت جزءا من التنظيم الدولي في إطار المصلحة والمنفعة المتبادلة بين الطرفين، أنها تمثل المورد المالي للجماعة، في ظل الوقت الذي يحقق فيه الإخوان طموحات قطر في الزعامة الإقليمية، والدولية.
وأضاف أن هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى عقد النظام القطري صفقة مع الإخوان، من أهم بنودها حل التنظيم، والانصهار في الدولة و«الخضوع التام» للحكومة مقابل دعمها للتنظيمات الإخوانية في العالم ماديا ولوجيستيًا وإعلاميًا للوصول إلى الحكم وخلق كيانات تابعة فكريا لـ«الإخوان»، ومتحالفة سياسيا مع قطر.
وأكد الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي في تصريحاته الخاصة، أن جماعة الإخوان في قطر تحولت من تنظيم إلى مجرد تيار فكري، إذ تم حل التنظيم فعليا عام 1999. بحجة أن قطر تقوم بواجباتها الدينية، وليس من أهداف التنظيم إسقاط هذه الدولة، ومن ثم لم تعد هناك حاجة لاستمرار التنظيم، معتبرا أن تأثير الإخوان نجح في بنية النظام القطري وتوجيهه لخدمة مشروعه مؤكدا أن هذا الأمر يعد شكلا من أشكال التمكين السياسي للجماعة في قطر.
ولفت فاروق، إلى أن الهيكل التنظيمي لـ«الإخوان» في قطر، لم يتم بناؤه إلا منتصف السبعينات، على يد مجموعة من الطلبة القطريين وعلى رأسهم جاسم سلطان، الذين التحقوا بالجامعات المصرية، وتأثروا بحركة الصحوة الإسلامية المنتشرة بها، وبفكر الإخوان وقياداتهم، واقتصر بناء الهيكل التنظيمي لـ«الإخوان» في قطر، على تشكيل لجان النشاط الدعوي والتربوي فقط، ولم ينخرطوا في الإطار السياسي، مضيفا أنه عقب مرور خمس سنوات من عمر الهيكل التنظيمي، وتحديدا في منتصف عام 1981. طرحت إشكالات حول أهمية وجدوى إنشاء تنظيم لـ«الإخوان» داخل قطر، في ظل تماهي الفكرة الإخوانية مع سياسة الدولة القطرية، وانتفاء الأسباب السياسية والاجتماعية الداعية لوجوده.
ويستكمل فاروق: استقر الإخوان في قطر على أن حسن البنا، لم يحدد بدقة الموقف من النظام القائم، وأنّ المعيار في التعامل مع الدولة الحاضنة يتحدد في مدى خدمتها واتفاقها مع المشروع الإخواني العالمي موضحا أنه في إطار ذلك تمتع الإخوان في قطر، بعدد من الامتيازات في إطار تلك الصفقة، من بينها السيطرة على المنابر الإعلامية، مثل صحيفة «الشرق»، التي يسيطر على هيئتها التحريرية عناصر من الجماعة الإسلامية حاليا، وقناة «الجزيرة»، التي أصبحت أحد أهم الأبواق الإخوانية الشهيرة، وأحد أهم الأسلحة التي يمتلكها النظام القطري، للتدخل في شؤون الدول العربية، والانتشار السرطاني في مفاصل الدولة السياسيّة، والاقتصاديّة، والأكاديميّة، والدينيّة الدعويّة، إضافة إلى السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات الخيرية، التي تتستر برداء العمل الخيري والإنساني لتُمول وتدعم كيانات متطرفة في دول كثيرة.
وأشار فاروق، إلى أنه خلال ذلك ركزت قطر من إسهاماتها بشكل فاعل في دعم وتمويل عدد من المؤسسات الإخوانية في أوروبا باستخدام القرضاوي كواجهة دينية، كان من أبرزها المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء الذي تأسس عام 1996 بالعاصمة الآيرلندية ليصبح إحدى الأذرع الرئيسية للتوسع الأفقي لـ«الإخوان» في أوروبا بهدف تأميم فضاء الفتوى في القارة الأوروبية وتعزيز دور الإخوان هناك.
وتابع الباحث في شؤون تيارات الإسلام السياسي، أن قطر وظفت الفراغ المالي الناجم عن تجميد أرصدة بنك التقوى الذي أسسته قيادات التنظيم الدولي لـ«الإخوان» بجزر البهاما، عام 1988 لتمويل أنشطة التنظيم، وذلك على خلفية اتهام وزارة الخزانة الأميركية للبنك ومؤسسيه بتمويل تنظيم القاعدة لتنفيذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وقد أدى تجميد أرصدة البنك الذي استمر حتى عام 2010 إلى حظر أنشطة عدد كبير من الشخصيات والمؤسسات الاقتصادية الإخوانية في عدة مناطق من العالم مؤكدا أن قطر قامت بدور تمويلي للمؤسسات الإخوانية في أوروبا وخارجها لسد الفراغ الناجم عن تجميد أرصدة وأنشطة كبار القادة الاقتصاديين للتنظيم الدولي.
من جانبه أكد سامح فايز الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن هناك أبحاثا ودراسات كثيرة ترصد علاقة تنظيم الإخوان بقطر منها ما نشر في «بوابة الحركات الإسلامية» بعنوان «الإخوان المسلمون في قطر... الملجأ والدعم لإخوان العالم»، جاء فيها: «أن قطر شهدت تواجدًا مكثفًا للإخوان المسلمين من خلال ثلاث موجات رئيسية، تمثلت فيما يلي: الموجة الأولى (مصر)، وصلت موجة الإخوان الأولى من مصر عام 1954 عقب المواجهة بين تنظيم الإخوان المسلمين في مصر والرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان على رأسهم يوسف القرضاوي، وعبد المعز عبد الستار، وأحمد العسّال، وكمال ناجي، وعبد البديع صقر، وغيرهم. الموجة الثانية (سوريا)، قدمت من سوريا في عام 1982 بعد أن قامت بمواجهة حافظ الأسد، ودخلت في صدام معه انتهى بمذبحة حماه. أما الموجة الثالثة (السعودية)، كانت بعد حل التنظيم عام 1999. وعقب قدوم الإخوان من دول الخليج إلى قطر قاموا مباشرة بنشر أفكار الجماعة من خلال إلقاء الدروس والحلقات في المساجد، بالإضافة إلى المحاضرات العامّة وصياغة المناهج التربوية والتعليمية في البلاد واختيار أعضاء هيئات التدريس في كل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، بدعم من حاكم قطر في ذلك الوقت الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني».
وأضاف الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أنه مع منتصف السبعينات، شرعت مجموعة من الشباب القطري، لا تتجاوز المائة في بناء تنظيم خاص لـ«الإخوان» في قطر، غير أنّ ذلك التنظيم الذي تغلغل بإحكام شديد في المشهد القطري على مدار عقود، خاصة في العملية التعليمية في الدولة القطرية، ما لبث أن تم حلّه بعد ذلك، عام 1999. وبعد دراسة استمرت لسنوات، رأى في النهاية، أنّ التجربة القطرية في غير حاجة لتنظيمات سياسية لا تتناسب مع الوضع في قطر.
وتابع: قرار الحل كان غير مرتبط بأي ضغوطات سياسية أو صراعات مع نظام الحكم كما حدث في دول عربية أخرى، بل كان قرارا بكامل إرادة تنظيم الإخوان القطري، والذي جاء بعد تسلم الشيخ حمد للسلطة، إثر الانقلاب بالدوحة (1995)، وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات، حول وجود علاقة بين الانقلاب وقرار الحل الذي اتخذه تنظيم الإخوان بقطر.