أحمد شفيق.. بديل عمرسليمان في انتخابات الرئاسة المصرية

أحمد شفيق.. بديل عمرسليمان في انتخابات الرئاسة المصرية

[caption id="attachment_55234585" align="aligncenter" width="620" caption="أحمد شفيق"]أحمد شفيق[/caption]

لم يصدق المصريون أنفسهم وهم يتابعون على شاشة إحدى القنوات المصرية «خناقة حامية» كان طرفاها الأول الأديب الشهير الدكتور علاء الأسواني، أما الثاني فكان رئيس وزراء مصر آنذاك الفريق أحمد شفيق، عندما احتدم النقاش ونجح الأسواني في استدراج شفيق لمنطقة الاستفزاز، بعد أن هاجمه بصراحة رافضا استمراره رئيسا للوزراء بعد ثورة 25 يناير، وهو ما أغضب الفريق شفيق، وأخرجه عن هدوئه، ليراه المصريون في حالة لم يألفوها على أي مسؤول كبيرمن قبل، وانتهى الأمر بخروج رئيس الوزراء المصري فجاة من الأستوديو غاضبا، رافضا استمرار البرنامج، وهو لا يدري أنها كانت المرة الأخيرة لظهوره الإعلامي كمسؤول، حيث وجد في انتظاره قرار من المجلس العسكري بإقالته، وتعيين الدكتور عصام شرف خلفا له، لامتصاص الغضب الجماهيري الشديد ضد شفيق وحكومته آنذاك.

علاقة غامضة


لم يكن غضب المصريين آنذاك من أداء حكومة شفيق، بقدر ما كان من علاقته الغامضة والوطيدة بأستاذه الأول الرئيس المخلوع حسني مبارك، فقد عمل شفيق مساعدا لمبارك اثناء خدمته بالجيش، وكان ملتصقا به بعد تخرجه من كلية الطيران عام 1961، وسافر معه للاتحاد السوفياتي، وشارك معه في حرب اكتوبر (تشرين الأول) عام 1973. وهو ما كان مبررا قويا ليأتي به مبارك رئيسا لحكومة تواجه أحداث ثورة 25 يناير، فلم يجد أخلص من شفيق للوقوف بجانبه في تلك الظروف العصيبة! لذا لم يكن من الممكن أن يستمر رئيسا للوزراء بعد نجاح الثورة في خلع مبارك، أكثر من أيام معدودة.

بعدها اختفى الفريق أحمد شفيق، وابتعد تماما عن الأضواء، تاركا وراءه مزاعم حول احتمالات ترشحه للرئاسة، ولكن لم تجد هذه المزاعم اهتماما كبيرا، حيث كانت الأغلبية ترى استحالة حدوث هذا الأمر بعد الاهانة التي تلقاها على الهواء من الاسواني أمام ملايين المشاهدين، بالإضافة إلى اعتباره من الفلول الذين لن يجدوا من يساندهم أو يشجعهم على اتخاذ هذه الخطوة.

[caption id="attachment_55234589" align="alignright" width="144" caption="عمر سليمان"]عمر سليمان[/caption]

دعاوى قضائية


في تلك الأثناء تقدم العديد من الشخصيات بدعاوى قضائية ضد شفيق تتهمه فيها بوقائع فساد واستغلال نفوذ ومجاملات كبيرة لأسرة مبارك، على حساب ميزانية وزارة الطيران التي كان يتولاها قبل رئاسته للوزراء، لكنها حفظت جميعا لأسباب غير معروفة، إلا أن التكهنات تشير إلى وجود صلات وطيدة بين شفيق ومسؤولين كبار، متورطين معه في وقائع فساد وليس من مصلحتهم التحقيق في الدعاوى المرفوعة حتى لا تفتح على نفسها أبواب جهنم. كما أشار البعض إلى أن سياسة تكميم الأفواه بالمال التي اتبعها شفيق خلال توليه الوزارة وراء تسكين أي محاولة لاتخاذ إجراءات قانونية ضده!

كانت شخصية الفريق أحمد شفيق الهادئة والهالة التي رسمها حول نفسه، مبررا خادعا لدى كثير من البسطاء للتغاضي عن ماض شفيق وتركه في حاله، في إطار مبدأ: «عفا الله عما سلف»، مقابل أن الرجل ترك الساحة السياسية، وابتعد بخيره وشره عن دوائر صنع القرار.
ولأن الرياح تأتي كثيرا بما لا تشتهي السفن، كانت صدمة المصريين كبيرة عندما فوجئوا بطرح اسم الفريق أحمد شفيق مرشحا رئاسيا يحظى بتأييد الآلاف من المصريين، الذين يرون ضرورة تولي رجل عسكري، حكم مصر في هذه الفترة الخطيرة من تاريخا.

35 بلاغا


35 بلاغا وفقا لتصريحات الأديب علاء الأسواني، وعشرات التهم بالفساد واستغلال النفوذ، صارت تطارد شفيق من جديد، كرد فعل على ترشحه المستفز للرئاسة، في الوقت الذي يواجه تهما بأنه من الفلول، وبقيادة معسكر الثورة المضادة، بالإضافة إلى علامات استفهام قوية حول ما يتردد عن علاقاته المشبوهة بكثير من رموز الفساد في النظام السابق، إلى جانب تعرض ثوار يناير في عهد وزارته لأسوأ أنواع العنف والمؤامرات، وأشهرها «موقعة الجمل» الشهيرة. وهو ما يصعد من حدة الرفض والتصميم على إقصاء شفيق من السباق الرئاسي.

قانون العزل السياسي كان حيلة الإخوان والبرلمان الوحيدة، لمواجهة مرشح العسكر الوحيد، بعد إجلاء عمر سليمان، الذي اعتبر البعض إجلاءه بمثابة فرصة لدعم كل من عمرو موسى وأحمد شفيق. وبدا في الأفق أن هناك ضوءا أخضر من المجلس العسكري لترك شفيق في الساحة نكاية في الإسلاميين، خاصة في ظل التكتم على الدعاوى القضائية والبلاغات المقدمة ضده، والتي يتم حفظها بشكل يستفز المصريين.

علاقة نسب شفيق بضابط المخابرات الشهير رأفت الهجان، ما زالت غامضة، رغم وجود تأكيدات بأن شفيق هو زوج شقيقة رفعت الجمال الشهير برأفت الهجان، وهو في الوقت نفسه زوج خالة خديجة الجمال زوجة جمال مبارك، الأمر الذي يتنافى وتوليه رئاسة مصر ومع أهداف ثورة يناير، التي قامت لمواجهة طغيان مبارك وابنه جمال.
مليارات مصر التي تم تهريبها إبان الثورة، كشفت تصريحات الدكتور حسام عيسى رئيس لجنة استعادة الأموال الهاربة من مصر، عن مسؤولية الفريق أحمد شفيق عنها، وذلك من خلال تجاهله تماما مخاطبة الدول الأوروبية، بشأن تجميد ثروات مبارك في البنوك عقب نجاح ثورة 25 يناير.

[caption id="attachment_55234586" align="alignleft" width="210" caption="موقعة الجمل تلاحق شفيق حتى الآن"]موقعة الجمل تلاحق شفيق حتى الآن[/caption]

5 مذكرات


أوضح عيسى أنه تقدم بـ5 مذكرات إلى الفريق شفيق، أثناء توليه منصب رئيس مجلس الوزراء بشأن مخاطبة الدول الأوروبية لتجميد ثروات مبارك وعدد كبير من رجال الأعمال في البنوك الأجنبية، غير أن شفيق لم يستجب تماماً، ولم يرسل أى خطابات لدول أوروبية، وهو الأمر الذي ترتب عليه تهريب ملايين الدولارات إلى بنوك في إسرائيل وجنوب أفريقيا.

كما تشير أصابع الاتهام إلى وجود علاقة لشفيق بحادث سقوط الطائرة المصرية الشهير، قبالة السواحل الأميركية، حيث قال وليد البطوطي ابن شقيق جميل البطوطي، مساعد الطيار في الطائرة إن أحمد شفيق ومسؤولين آخرين يعلمون اسرارا خطيرة عن حادث الطائرة، لكنهم يلتزمون الصمت.
واقع الأمر ان قائمة الاتهامات التي وردت في بلاغات شرطية، أو تصريحات وتحقيقات إعلامية ضد الفريق أحمد شفيق ليس لها آخر، ومن هذا المنطلق يأتي الهجوم الشرس الذي يواجهه شفيق كمرشح بديل لعمر سليمان، وضعه المجلس العسكري في مواجهة مرشحي التيارات الإسلامية، بعد أن توترت العلاقات بينهما.

ورغم نجاته من مذبحة الاستبعاد التي اطاحت بأباطرة مرشحي الرئاسة: الشاطر وسليمان وأبو إسماعيل، إلا أن مصير أحمد شفيق السياسي يبقى معلقا بيد المحكمة الدستورية العليا، بعد أن أحال المجلس العسكري إليها قانون العزل السياسي لتبت فيه خلال أسبوعين، بعد أن أقره البرلمان المصري مؤخرا، لتطويق الفلول ومطاردتهم، ومنعهم من ممارسة السياسة، ووضعت شروطا من شأنها أن تنطبق على شفيق، باعتباره، بحسب المعارضين لترشحه، واحدا من أولئك الفلول الذين يجب استبعادهم. فهل ينجو من هذا القانون؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة!
font change