* باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية: تركيا تُراهن على إقامة نظم إسلامية موالية لها كأحد الكروت في مواجهة الغرب بدعم ميليشيات غرب ليبيا الإسلامية
* متخصص في الشؤون الليبية: نفوذ إردوغان في المنطقة العربية بدأ يتقلص وليبيا أصبحت مسرحاً لتنافس قوى إقليمية
القاهرة: أطماع عثمانية في المنطقة العربية بدأت بتحرش تركيا وتدخلها في شؤون عدد من الدول العربية وانتهت بالتدخلات السافرة من إسطنبول في الشأن الليبي حيث اتهم المتحدث باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، تركيا بالتدخل في الشؤون الداخلية الليبية، وبدأ الحذر مجددا من الدور التركي في المنطقة العربية، حينما بدأت تحذيرات الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط لتمادي تركيا أثناء كلمته خلال قمة تونس 2019.
وخلال الثماني سنوات التي أعقبت ما يسمى الربيع العربي بدأت أطماع الأتراك تتزايد، فمنذ 2011. تغيرت الأوضاع الأمنية والعسكرية في الكثير من الدول العربية ومنح ذلك الأتراك فرصة مواتية للتوسع والبحث عن نفوذ في الدول العربية، فالرغبة لدى أنقرة لم تكن وليدة مرحلة الاختلالات الناجمة في 2011 إنما كانت مخزونة لدى الأتراك المتربصين للفرص المواتية، حيث إن الأتراك لم يكونوا أصحاب رغبة توسعية حتى صعود رجب طيب إردوغان للسلطة السياسية عام 2002.
يقولدكتور زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الدور التركي في ليبيا يمكن رؤيته من زاويتين، الأولى أن حكومة الوفاق تعول على تركيا كحليف خاصة في ظل عدم وجود تحالفات دولية قوية تدعمها.
وتابع: «أما الزاوية الثانية، فهي الأهم حيث إن تركيا تُراهن على إقامة نظم إسلامية موالية لها كأحد الكروت في مواجهة الغرب، ولهذا فهي تقدم الدعم اللوجستي والعسكري، لميليشيات غرب ليبيا الإسلامية».
وحذّر الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من خطورة التدخل الأجنبي من أي طرف إقليمي في ليبيا، وبالأخص الدور التركي، واصفا إياه بأنه صانع للمشكلات، مشيرًا إلى أن أي تدخل أجنبي ستكون له انعكاسات سلبية على المشهد في ليبيا ويعطل التوافق بين الأطراف الليبية.
وأضاف الباحث المتخصص في الشؤون الليبية أن ليبيا أصبحت مسرحا لتنافس قوى إقليمية، مما يزيد المشهد الليبي اشتعالاً، وحذر من أن التدخل الخارجي يعقد الأمور في ليبيا، مشيرا إلى أن أي مبادرة ستطرح خارج البلد ستفشل، معللا أن هناك الكثير من الأطراف الإقليمية لديها حلفاؤها في الداخل الليبي، مشددا على أن الحل يجب أن يكون «ليبياً - ليبياً».
وأكد طه علي الباحث بالشأن الليبي أن إردوغان رئيس تركيا فقد صوابه، ودعمه للإرهابيين في ليبيا جاء نتيجة التغيرات التي يمر بها سواء على الصعيد الداخلي في تركيا حيث علا صوت المعارضة والأصوات الرافضة له، كذلك نفوذه في المنطقة العربية بدأ في التقلص لذا يلجأ لدعم الإرهابيين والمتطرفين، ومن هنا يعمل إردوغان على دعم القوى المتطرفة.
وأكد الباحث بالشأن الليبي، أن تحركات المشير خليفة حفتر في ليبيا ضد قوى الإرهاب والتطرف ناجحة، خاصة أنه ينال الدعم من مصر أيضا وكل ذلك يصب في صالح استقرار ليبيا والقضاء على الإرهاب بداخلها إلا أن إردوغان لا يرغب في ذلك، ولكنه يعمل على دعم الأذرع التي يتعاون معها داخل المنطقة لافتا إلى أن أذرع إردوغان اقتربت من نهاياتها داخل المنطقة العربية، بعدما تم الكشف أمام الجميع عن دعمه لقوى الإرهاب والتطرف، فأوراق اللعبة أصبحت مكشوفة للجميع، والكل يعلم جيدا موقف إردوغان من دعم القوى المتطرفة.
وكان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري قد أكد في تصريحات له منذ أيام أن تركيا موجودة على الأرض في ميادين القتال، وتناصر الجماعات المتطرفة في ليبيا، وهي تقاتل منذ عام 2014 مع الجماعات الإرهابية في بنغازي ودرنة وغيرها من المدن.
وشدد المسماري، في تصريحاته التي أدلي بها، على أن قوات الجيش الليبي جاهزة ومستعدة لكل الاحتمالات المقبلة، مؤكدا أن الجيش الليبي يخوض «معركة حقيقية» مع تركيا على الأرض، مضيفا أنها قامت بإرسال طائرة من دون طيار، إلى مصراتة ولا تزال تدعم الجماعات الإرهابية بشكل متواصل.
وطالب المسماري المجتمع الدولي ودول المنطقة وجامعة الدول العربية، باتخاذ موقف بشأن هذا التصعيد التركي حيال القوات الليبية، التي تمثل الدولة الليبية والبرلمان الليبي الشرعي.
وأوضح أن التدخل التركي أصبح يهدد المنطقة الإقليمية ككل، ونحن الآن في معركة ضد الإرهاب معلنة رسميا منذ 2014. وقد تكشف الآن الدور التركي والقطري أمامنا ووصلنا إلى الحرب المباشرة بين القوات المسلحة الليبية والجيش التركي.
جاءت تصريحات المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي في الوقت الذي هددت فيه تركيا قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وأكدت أنها ستكون «هدفًا مشروعًا» ما لم تفرج عن 6 أتراك، تقول أنقرة إنّهم محتجزون لدى القوات الليبية.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية منذ أيام أنّ «اعتقال 6 من مواطنينا من قبل قوات ترتبط بحفتر هو بلطجة وقرصنة، ونتوقع الإفراج عن مواطنينا فورًا»، وأضاف البيان: «إذا لم يحدث ذلك، فستصبح عناصر حفتر أهدافًا مشروعة».
ونقلت وسائل الإعلام التركية الرسمية، عن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، تصريحات أدلى بها الأحد الماضي قائلا إن «أي تهديدات من قوات حفتر سيتم الردّ عليها بقوة»، وإنّ «تركيا اتخذت إجراءات لمنع أي هجمات» مكملا: «نظرًا لأننا نسهم في إرساء السلام والاستقرار في المنطقة، فإنّ أي تهديد، أو هجمات، سيكون ثمنها باهظًا، وسيتم الردّ بأشدّ الطرق وأكثرها فعالية».
وتأتي تهديدات أنقرة بعد أن أمرت قيادة الجيش الوطني الليبي بقصف السفن التركية التي تدخل المياه الليبية، ضمن إجراءات تستهدف وقف تدفق السلاح التركي على الميليشيات والجماعات المتطرفة في العاصمة طرابلس.
وألقت تركيا بثقلها في دعم حكومة الوفاق الوطني، في مواجهة هجوم تشنه القوات الليبية لتطهير طرابلس من الإرهاب، لكنّ تحذيرها الأخير واتهامها لقوات حفتر باحتجاز مواطنين أتراك يشير إلى أنّها تبحث عن المزيد من الذرائع لزيادة تدخلها في الشأن الليبي، وتأجيج الأزمة الراهنة.
وتدعم أنقرة جماعات الإسلام السياسي، ومن ضمنها إخوان ليبيا، المعادون للجيش الوطني الليبي، والرافضون لحلّ سياسي توافقي ينهي حالة الانقسام، ويوحّد مؤسسات الدولة التي تمزقها الصراعات منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق معمر القذافي.