[caption id="attachment_1558" align="aligncenter" width="620" caption="المشير حسين طنطاوي"][/caption]
بعد يومين من تنحي الرئيس المصري حسني مبارك في 11 فبراير (شباط)، أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في البلاد تعليق العمل بالدستور وحل البرلمان وأن المجلس المكون من 20 عضوا، بقيادة المشير حسين طنطاوي، «سيدير شؤون البلاد لفترة مؤقتة مدتها ستة أشهر أو حتى موعد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية»، كما ورد في بيان المجلس.
ولكن منذ توليه الحكم، يتعرض المجلس لاتهامات بإساءة استغلال سلطاته المؤقتة، لدرجة أن البعض يشير إلى أن دوره هو مجرد استمرار لحكم مبارك. في أبريل (نيسان)، أصدرت محكمة عسكرية حكما بسجن المدون مايكل نبيل ثلاث سنوات لإهانته المؤسسة العسكرية و«نشر معلومات خاطئة». وصفت هيومان رايتس ووتش الحكم بأنه «انتكاسة خطيرة لحرية التعبير في مصر بعد مبارك». وفي واقعة أخرى، وزع المجلس مذكرة على وسائل الإعلام المصرية بعدم نشر «أي معلومات تتعلق بالقوات المسلحة أو قيادتها من دون استشارة الجهات المختصة في الجيش».
منذ تولي الحكم، تعرض المجلس وطنطاوي لانتقادات حادة من المصريين المدافعين عن الديمقراطية. وكان طنطاوي الذي بقي في موقعه بعد عهد مبارك، وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي منذ عام 2001. وكما ذكر في رسالة دبلوماسية من السفارة الأميركية إلى وزارة الخارجية الأميركية في مارس (آذار) عام 2008، نشرها موقع «ويكيليكس»، يتسم طنطاوي بأنه «لطيف ومهذب» ولكنه أيضا «كبير السن ويقاوم التغيير». وورد في الرسالة: «يركز (طنطاوي) ومبارك على استقرار النظام والحفاظ على الوضع الراهن حتى نهاية عهدهما. وهما لا يملكان الطاقة أو الميل أو الرؤية لفعل أي شيء مختلف».
يصغر طنطاوي، الذي ولد عام 1935، مبارك بسبعة أعوام فقط. وشارك كلا الرجلين في جميع الحروب العسكرية التي خاضتها مصر منذ استقلالها عن المملكة المتحدة، وهي حروبها ضد إسرائيل في 1956 و1967 و1973. كان طنطاوي قائدا في الجيش عندما شاركت مصر في التحالف الدولي الذي أخرج قوات صدام حسين العراقية من الكويت عام 1991.
بينما جاء طنطاوي من سلاح المشاة، كان مبارك ضابطا في القوات الجوية. ولكن عمل الرجلان بصورة مشابهة. وعينا رجالا موثوقا بهم في مناصب ذات حساسية. في الحقيقة، يضم المجلس الأعلى للقوات المسلحة خمسة أعضاء على الأقل – من بينهم نائب رئيس المجلس سامي عنان – من القوات الجوية حيث رجال مبارك. ولكي لا يفوقوه عددا في مضماره، ضم طنطاوي إلى المجلس رتبا من الموالين له من سلاح المشاة. وفي الأسابيع السابقة على تنحي مبارك، شهد المجلس انقساما، حيث رغب بعض الضباط في إجبار المصريين على مغادرة الشوارع، بينما أصر آخرون على الحفاظ على حيادية الجيش.
ووفقا لمصادر مطلعة، بدأت المعركة السياسية بين مبارك ومرؤوسه طنطاوي داخل المجلس وأصبحت الخلافات علنية. وفي الوقت الذي «تلاحمت» فيه الدبابات في ميدان التحرير مع المتظاهرين، طافت مروحية إف 16 تابعة للقوات الجوية فوق رؤوس المتظاهرين لإظهار القوة أملا في إخافتهم وتفريق حشدهم.
ولم ينته الصراع بين طنطاوي ورئيسه مبارك إلا بعد أن أدركت واشنطن أن مبارك أصبح الطرف الخاسر بسبب عدم رغبته أو عجزه عن تهدئة المتظاهرين. واتصلت الولايات المتحدة – التي ترتبط بعلاقات عسكرية ممتازة مع مصر – بطنطاوي لتعرف ما إذا كان قادرا على ضمان «هبوط آمن» للثورة المصرية، وهو السيناريو الذي شهد الإطاحة بمبارك ولكنه لم يؤد إلى العنف أو الفوضى.
وبناء على ضمانات طنطاوي، خرجت واشنطن علنا بدعوتها لمبارك بالتنحي. في الواقع، عندما تشبث مبارك بموقفه، أخبره المسؤولون الأميركيون أنه لا يوجد مخرج للأزمة سوى تنحيه. واستمع مبارك في النهاية للنصيحة الأميركية، وكما تعهد طنطاوي، تولى هو والمجلس مهمة إدارة البلاد لفترة انتقالية حتى انتخاب برلمان ورئيس جديدين.
هل يصبح طنطاوي بعد انفصاله عن مبارك، بعد أعوام من العمل بإخلاص تحت قيادته، من الثوار؟ تثير الإجابة على هذا السؤال انقسام المصريين حيث يتهم البعض المشير بأنه امتداد لحكم مبارك، بينما يرى فيه آخرون مُخَلِصا تدخل لإنقاذ البلاد من الانقسام والعنف وللإشراف على تحولها من نظام حكم استبدادي إلى ديمقراطي.
سواء كان بطلا قوميا أم من رجال النظام السابق، يبدو مستقبل طنطاوي أقل أملا، على الأقل بسبب سنه الكبيرة. ولكن ربما يشعر طنطاوي (76 عاما) بالسعادة لإدراكه بأن فترته كقائد وطني – سواء قام بأدوار في المستقبل أو لم يقم – ستسجل على نحو إيجابي. ووفقا لاستطلاع رأي أجراه مركز بيو في أبريل، كان طنطاوي من أكثر الزعماء المصريين شعبية بنسبة 90 في المائة، متفوقا على المرشح المحتمل للرئاسة عمرو موسى بفارق نقطة واحدة وعلى أيمن نور أحد زعماء المعارضة بعشرين نقطة.
للتسجيل في النشرة البريدية الاسبوعية
احصل على أفضل ما تقدمه "المجلة" مباشرة الى بريدك.