* يعتبر الغاز الطبيعي المسال بشكل عام باهظ التكلفة بسبب الجهد المطلوب لتسييله ونقله مقارنة بالغاز المنقول في خطوط الأنابيب
* ترى الإدارة الأميركية الحالية أن أوروبا تعتمد بشكل مفرط على الإمدادات الروسية خصوصا من الغاز الطبيعي
* من المتوقع أن تتضاعف صادرات الولايات المتحدة الأميركية من الغاز الطبيعي المسال لأوروبا بحلول 2022م
* يؤمن قادة دول الاتحاد الأوروبي أن توافر الكثير من الموردين لخدمة سوق الطاقة في أوروبا يعد عاملا حاسما في الحد من الاستخدامات السياسية للطاقة
* توفر روسيا ما يقارب 40 في المائة من إجمالي استهلاك الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي
سوق مزدهرة لواردات الغاز في أوروبا...
جدة: مؤخرا تشهد الأسواق العالمية للغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال، زيادة في عدد المنتجين الجدد. وسوف تزيد حصة الغاز الطبيعي من سلة الطاقة حول العالم، وبحلول عام 2040م ستسعى البلدان التي لديها موارد للغاز الطبيعي إلى زيادة حصتها في سوق الغاز الطبيعي المسال. وترتفع حصة الغاز الطبيعي والطاقة المتقلبة في سوق الطاقة العالمية كل يوم. ففي عام 2016م، بلغت مساهمة الغاز الطبيعي المسال في سوق الغاز العالمية 42 في المائة، ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، ستصل إلى 53 في المائة في عام 2040م. وبالحديث عن أوروبا التي باتت ساحة معركة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، حول سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي، مما يضع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا في حلبة المواجهة الشرسة خصوصا حول مشروع أنابيب مثير للجدل يعرف باسم نوردستريم 2، فيرى عدد من المحللين أنه في حال فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على خط الأنابيب هذا، فسيتم اعتبار ذلك تدخلا سياسيا غير مقبول في سياسة الطاقة الأوروبية! وفي عدد من المناسبات أشار الرئيس ترامب إلى أن ألمانيا لا بد أن تتحرر من اعتمادها على الغاز الروسي وتنويع الموردين لضمان استقرار وأمن إمدادات الطاقة. وقد أصبحت الولايات المتحدة مصدرًا صافيًا للغاز الطبيعي قبل عامين للمرة الأولى منذ ما يقرب من 60 عامًا، وفقًا لإدارة معلومات وكالة الطاقة الدولية، لكن روسيا كانت منذ فترة طويلة المصدر والمورد المهيمن للغاز إلى الاتحاد الأوروبي. وتعد روسيا حاليًا أكبر مزود للغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي، حيث توفر نحو 40 في المائة من إجمالي استهلاك الاتحاد الأوروبي. وتعتمد أغلب الدول في منظمة الاتحاد الأوروبي على إمدادات الغاز الطبيعي المستوردة، وتعد روسيا المورد الرئيسي للاتحاد الأوروبي للنفط الخام والغاز الطبيعي والوقود الصلب، وتمثل هذه الواردات نحو ثلثي واردات الاتحاد الأوروبي من روسيا. والجدير بالذكر أنه قبل خمس سنوات، غزت روسيا شبه جزيرة القرم، مما أثار مخاوف في أوروبا من أن إمدادات الغاز التي تلقتها عبر أوكرانيا سوف تتعطل، كما حدث في عامي 2006 و2009. وقد دفع هذا الخوف المفوضية الأوروبية إلى دعوة دول الاتحاد الأوروبي إلى تنويع المصادر والموردين وطرق الإمداد، ومع ذلك، لا تزال روسيا هي المورد الرئيسي للغاز الطبيعي إلى أوروبا.
الغاز الأميركي الطبيعي المسال في أوروبا...
في ظل ثورة الغاز الصخري والتكنولوجيا والابتكار، أصبحت الولايات المتحدة الأميركية بسرعة واحدة من أكبر الأسواق العالمية المصدرة للغاز الطبيعي المسال، والتي ستلعب قريبًا دورًا مهمًا في أمن الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا. ومؤخرا تعمل الإدارة الحالية في البيت الأبيض، لاستخدام صادرات الطاقة الأميركية، وخاصة الغاز الطبيعي المسال، لتوسيع علاقاتها مع جيرانها وحلفائها في كل مكان. وقد دفع أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي واعتماده القوي على الغاز الروسي الولايات المتحدة إلى إلقاء نظرة خاصة على سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي، ومع زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال، سيتطلب الغاز من الاتحاد الأوروبي أن يعتمد على روسيا. وتحاول السياسة الحالية لإدارة البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأميركية من الترويج لصادرات الغاز المسال الأميركي كوسيلة لأوروبا لتنويع وتأمين إمداداتها من الطاقة، حيث تحاول الولايات المتحدة الأميركية جاهدة توجيه أوروبا بعيدا عن واردات الغاز الروسية. وسيساهم إمداد الغاز الأميركي لأوروبا في تنويع الإمداد والمنافسة. ومؤخرا ساهم الغاز الطبيعي، في تغيير الأبعاد الجيوسياسية للطاقة. وقد مكنت ثورة الغاز الصخري والتكنولوجيا المتقدمة المبتكرة الولايات المتحدة من أن تصبح مصدرًا عملاقًا للطاقة.
وتلعب صادرات الطاقة دورًا مهمًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وتستخدم الولايات المتحدة صادرات الطاقة لتوسيع العلاقات مع الحلفاء.. وهذه الخطوة المهمة كانت بسبب تحسين بنيتها التحتية، بما في ذلك تطوير خطوط أنابيب الغاز ومنشآت الغاز الطبيعي المسال للتصدير، ما أدى إلى ارتفاع الإنتاج الأميركي إلى تحويل الغاز الطبيعي المسال للولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي مواجهة المنافسة المتزايدة، دفعت روسيا نحو استراتيجية أكثر توجهًا نحو السوق، حيث قامت شركة غازبروم بتعديل عقودها الطويلة الأجل المرتبطة بالنفط والتي كانت في السابق العمود الفقري للمبيعات الروسية للعملاء الأوروبيين لاستخدام المزيد من الصيغ المختلطة.
هذه كانت البداية فقط. بعد بداية بطيئة، أصبحت المنافسة التي أحدثها الغاز الأميركي تشكل إلى حد كبير استراتيجية الغاز الطبيعي الروسية في أوروبا وخارجها. بالنسبة لأوروبا، فإن المنافسة الغازية المتزايدة من موردين جدد لها آثار اقتصادية وعلى أمن الطاقة.
خط الأنابيب الأكثر جدلا: نوردستريم 2
تحاول روسيا الحفاظ على حصتها في سوق الاتحاد الأوروبي من خلال تنويع خطوط أنابيب النقل ومشاريع الغاز الطبيعي المسال. وبسبب التوجه الأميركي لتقليل الهيمنة الروسية على إمدادات احتياجات الطاقة لأوروبا، لذلك تضغط الإدارة الأميركية لإيقاف خط الأنابيب نوردستريم 2 الذي سينقل عبر الأنابيب الغاز الروسي لألمانيا، والتي تعتبر الداعم الرئيسي لهذا الخط. ومن المخطط له أن نوردستريم 2، بسعة 55 مليار متر مكعب في السنة، سينقل الغاز من ساحل بحر البلطيق الروسي إلى ألمانيا عبر طريق بحري يمتد بالتوازي مع خط أنابيب نوردستريم الموجود. وبعد اكتماله، سيلبي نورد ستريم 2، المزيد من الطلب الذي سينشأ عن إغلاق محطات الطاقة النووية في ألمانيا والحاجة إلى تحويل استهلاك الطاقة من الفحم إلى الغاز الطبيعي لتقليل الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة. وتكمن المخاوف الأميركية من توسع روسيا إلى عمق أوروبا الغربية وبالتالي تمكن روسيا من كسب نفوذ أكبر في السياسة الخارجية الأوروبية.