* خبير بشؤون الجماعات الإسلامية: تحديات السلام والاستقرار في سوريا تختلف عن العراق
* التكوين العشائري والمذهبي بالعراق يمكن أن يساهم في إعادة التنظيم الإرهابي نكاية في المكون الشيعي... والفصائل بسوريا لن تسمح بإعادته ولكنها يمكن أن تصبح حاضنة لتنظيمات أخرى
القاهرة: مما لا شك فيه أن إعلان الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي في كل من العراق وسوريا، وملاحقة فلوله في معاقله الأخيرة بمناطق الحدود العراقية - السورية، قد يشير إلى انتهاء للمرحلة الصعبة في مواجهة التنظيم، وهو أمر يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة تتعلق بتحديات الاستقرار والسلام وهي مرحلة أكثر صعوبة من الفترات التي مرت على الدولتين، ويدعو إلى تضافر القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في التحالف الدولي، للوقوف على متطلبات مرحلة ما بعد القضاء على التنظيم التي تواجه الدولتين، وعلى مستقبل الأمن والاستقرار في المناطق التي تم تحريرها، سواء في العراق أو في سوريا، ويدعو لبحث كيفية منع التنظيم وعناصره من العودة للاستقرار في تلك المناطق مجددا.
يقول صلاح الدين حسن، الكاتب المصري المتخصص في الجماعات والحركات الإسلامية، إن تحديات السلام والاستقرار في سوريا تختلف عن العراق اختلافا كليًا لأمور كثيرة، مشيرا إلى أننا نحتاج إلى خبراء في مجالات متعددة لتحقيق هذا السلام والاستقرار بالمناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي وتجاوز التحديات عن طريق الاستعانة بخبراء في علم الاجتماع والطب النفسي والعلوم السياسية لدراسة كل منطقة على حد سواء للإجابة على التساؤل الأهم ما الذي يمكن أن يعيد داعش والتنظيمات المتطرفة إلى تلك المناطق مرة أخرى.
وأوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية لـ«المجلة» أنه على سبيل المثال مدينة تكريت العراقية لها تكوينة عشائرية خاصة بها لذلك نجد فيها بعض المشكلات السياسية والتي تندرج تحتها مشكلة الطائفية بشكل واضح وكبير، مشيرا إلى أن تلك المنطقة على وجه التحديد لها توجه سني ولو حدث لها أي عملية إحلال وتجديد في التكوينة العشائرية والمذهبية الدينية يمكن أن يساهم هذا في إعادة تنظيم داعش الإرهابي مرة أخرى نكاية في المكون الشيعي الذي يحاول أن يسيطر هناك.
وأشار الكاتب المتخصص في الجماعات والحركات الإسلامية أنه عند النظر إلى مسألة السياسة هناك فيجب الإجابة عن عدة تساؤلات أبرزها: هل العشائر بالعراق وسوريا مؤهلة للعمل سياسيا وهل هي مهمشة أم لا؟
وتطرق حسن إلى التحديات في سوريا مؤكدا أنها مختلفة هناك، مشيرا إلى أن الفصائل بتلك المناطق لن تسمح بإعادته مرة أخرى، لكنها يمكن أن تصبح حاضنة لتنظيمات أخرى لمواجهة الفصائل العقائدية الأخرى، وهو أمر يحتاج إلى تنبه المجتمع الدولي وتكاتفه، لأن تلك الدول ما زالت ضعيفة نظرا لما يرتكبه من إرهاب وتدمير.
فيما نشر مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية دراسة للباحثة صافيناز محمد أحمد، المتخصصة في الشؤون السياسية العربية تؤكد فيها أن التحديات بالعراق تختلف تماما عن التحديات في سوريا بأمور كثيرة ففي حالة العراق عودة الأمن والاستقرار إلى المناطق العراقية المحررة من سيطرة تنظيم الدولة، ترتبط إلى حد كبير بجملة من التحديات، يمكن رصدها في الدمار الشامل الذي تعاني منه البيئة الحياتية في المناطق المحررة، لا سيما التدمير الذي لحق بالبنية التحتية، الأمر الذي يجعل من عودة الخدمات الصحية والسكانية والإدارية إلى تلك المناطق هدفا صعب التحقق في المدى المنظور، وهو ما يعني استمرار تراجع النشاط الاقتصادي لتلك المناطق بما ينال سلبا من قدرة الحكومة على تلبية الاحتياجات المعيشية لمن بقي من سكانها فيها، أو لمن سيعودون إليها من النازحين، فضلا عن رفض الكثير من السكان الرجوع إلى ديارهم تخوفًا من وجود جيوب لتنظيم الدولة، بإمكانها العودة لمزاولة نشاطها من جديد في ظل عدم فرض الدولة لسطوتها الأمنية في معظم تلك المناطق حتى الآن.
وتستكمل دراسة مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تحديات الاستقرار والسلام بالمناطق المحررة من داعش بسوريا والعراق موضحة أن النزاعات متعددة الحلقات في العراق من المحتمل أن تبرز إلى سطح الأحداث في بعض المناطق المحررة من أيدي التنظيم «الإرهابي» بين سكانها وعشائرها، ففي بعض تلك المناطق نشأت صراعات مسلحة بين العشائر، أو ما سُمي بتشكيلات الحماية الشعبية، حول من يتولى مهمة الأمن والإدارة على الأرض إلى جانب القوات الحكومية، مؤكدة أن القضاء على تنظيم الدولة عسكريا لا يعني القضاء عليه فكريا.
وأشارت الدراسة إلى الحالة السورية، حيث أكدت أن التحديات التي تواجه المناطق المحررة من تنظيم داعش الإرهابي فيها كالرقة ودير الزور ومناطق الشمال الشرقي تكمن في تنافس القوى الدولية والإقليمية على ميراث التنظيم الإرهابي والذي يعد أكبر تحد فيه تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، مشيرة إلى أن هذه القوى، في إطار صراع النفوذ فيما بينها، ستسعى إلى زيادة حصيلة سيطرة حلفائها العاملين على أرض الصراع الميداني، عبر «قضم» المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم، لأن ذلك يمكنها من امتلاك ورقة ضغط تفاوضية في أي مباحثات للتسوية.
وأوضحت أن من أبرز التحديات التي تواجه المناطق المحررة بسوريا الثغرات الأمنية الناتجة عن غياب العملية السياسية الشاملة، نتيجة لمستويات الصراع المتعددة بين «النظام والمعارضة»، وبين «القوى الدولية والإقليمية» المنخرطة في الصراع، مشيرة إلى أن الدراسة تطرقت إلى هذه الثغرات والتي ستسهم بقوة في احتمال عودة مقاتلي التنظيم للمناطق المحررة، أو على أقل تقدير تبقى عرضة لضربات الخلايا النائمة بها، هذا فضلا عن احتمال استخدام القوى الخارجية المنخرطة في الأزمة لبعض عناصر التنظيم، أو غيره من الجماعات المتطرفة، كأداة للضغط على غيرها من القوى المناوئة لمصالحها في سوريا.