سميرة رجب قالت أيضا في حوارها مع "المجلة" إن الحل البحريني أعلنه الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ اطلاق مشروعه الاصلاحي، وولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، خلال الأزمة، لكن المعارضة رفضت أي اقتراح للحوار وتبنت الفوضى والعنف والاصطفاف الطائفي، واكدت أن انقلاب المعارضة الطائفي على الحكم في البحرين له أجندة إيرانية.
وبينت عضو مجلس الشورى أن ممارسات المعارضة منذ فبراير (شباط) الماضي تهدف إلى تأسيس نظام محاصصة طائفي، وأن إيران تدعم المعارضة في ذلك لتحقيق مكاسب كما حدث في العراق، وذلك في اطار دور إيران الطائفي في المنطقة، وأكدت أن البحرين تأثرت إقليميا بالصراع المذهبي ولا يمكن عزلها عما يحدث من حولها.
وتحدثت رجب عن دور حوار التوافق الوطني في تلاقي البحرينيين والتفاهم حول القضايا الوطنية، وهو ما رفضت المعارضة المشاركة فيه، إضافة الى تشكيل لجنة تقصي الحقائق وانشاء صندوق لتعويض المتضررين من الاحداث كخطوات نحو المصالحة الوطنية، وتجاوز الأحداث المؤسفة التي مرت بها البلاد، وفيما يلي نص الحوار.
* هل طوت البحرين صفحة أحداث فبراير (شباط) ــ مارس (آذار) بعد صدور تقرير اللجنة المستقلة، وتبني الحكومة لتوصيات التقرير؟
ـ نعم، صفحة تلك الأحداث طويت أمنياً، حتى قبل صدور التقرير، ولكنها لاتزال مفتوحة سياسياً، ولكن الأهم من ذلك هو ما ترتب على تلك الأحداث من تبعات خطيرة، أهمها الأزمة الطائفية التي باتت تشكل جرحاً عميقاً يشق الوحدة الوطنية، وخصوصاً بعد أن استيقظ الشعب البحريني خلال تلك الأحداث على صدى أصوات الانتقام المذهبي الذي عاشه الشعب البحريني خلالها. وقد جسدت تلك الأحداث أيضاً المشروع الشيعي الإيراني بأطره المتكاملة، مما وحّد صفوف الشعب البحريني في مواجهته، وبالتالي إفشال تلك الأحداث قبل أن تصل إلى أهدافها في الانقلاب على النظام.
إذن من التبعات الأخرى لتلك الأحداث أيضاً هو ما تم الكشف عنه من أهداف ونوايا انقلابية لصالح طائفة ضد أخرى، وليس لأية أهداف ديمقراطية، كما يحاول أصحاب تلك النوايا الترويج له. وفي كل مجتمع متعدد الطوائف يصبح خطر تقسيم الحكم طائفياً، كابوسا لا يحقق سوى الاقتتال، ولربما يعد النموذج العراقي هو الأكثر قرباً من الحالة البحرينية.
لذلك لايزال التعامل مع تبعات أحداث فبراير مارس 2011 مستمرا، بهدف الوصول إلى توافق بين جميع الأطراف.
[caption id="attachment_55234295" align="alignleft" width="300" caption="مسيرة شعبية مساندة للشرعية"][/caption]
أزمة طائفية
* ما تقييمك لمبادرة ولي العهد البحريني خلال الأزمة؟
ـ كانت مبادرة ولي العهد ستحقق الكثير من التوافقات في حينها، وخصوصاً في النصف الأول من أزمة فبراير ـ مارس، أي قبل انتشار العنف، وقبل أن تتلطخ أيادي المحتجين بدماء العنف الطائفي، وقبل انتشار شعارات الثأر الطائفي الذي صار يردده المحتجون.
كان لتلك المبادرة حينها صدى إيجابي واسع، لم تستثمره المعارضة البحرينية، لأن نزعتها الطائفية انتصرت على العقلانية السياسية.
* لماذا رفضت المعارضة المبادرة، وهل هي صالحة الآن للحل وتلبية طموحات اطراف الأزمة؟
ـ عدم قبول مبادرة ولي العهد كان بسبب ضعف المعارضة على القراءة السياسية السليمة، حيث توهمت حينها بأنها تتجه نحو الانتصار، وإسقاط النظام من خلال حركة الشارع الموالي لها، وإنها بذلك ستحقق أكثر مما ستحصل عليه من تلك المبادرة. ولكن بانتهاء تلك الأزمة وفقدان المعارضة المصداقية السياسية، والثقة في التعامل مع الحكم من جهة، ومع باقي فئات الشعب الذي ظهر في تكتل جديد من الجهة الأخرى، سقطت تلك المبادرة، كما انهزم المحتجون بعد أن انفضت من حولهم الجماهير، ولهذه الأسباب أيضاً لم تعد بنود المبادرة تشكل توافقاً وطنياً اليوم، ولا تحصل كل بنودها على توافق الشعب البحريني.
* من تداعيات الأحداث الماضية الفرز الطائفي الحاد الذي برز بشكل ملحوظ. ما هي الخطوات المطلوبة من الحكومة والمعارضة لإعادة اللحمة الوطنية مرة أخرى؟
ـ سيبقى الحوار والوصل إلى توافق وطني من أهم الخطوات التي من شأنها تحقيق التوازن الطائفي، والحوار الوطني الذي يستهدف تحقيق التوافق، هو الذي يبدأ بدون شروط مسبقة، ويبدأ بالبنود المتوافق عليها، مع الإيمان الكامل بضرورة تقديم التنازلات على أسس لا تخل بالشرعية الوطنية للحكم، أي بعيداً عن أي انقلابات في نظام الحكم أو الدخول في نظام المحاصصة الطائفية، التي من شأنها أن تزيد الأزمة ولا تحلها.
أياد إيرانية
* هل هنالك تدخل إيراني في الأزمة البحرينية؟ وإذا كان هنالك تدخل فما هي مؤشراته أو دلائله؟
ـ منطقة الخليج تعيش منذ احتلال العراق، أزمة طائفية كبرى تدعمها إيران. هنالك تمرد في طواقم طائفية شيعية ضمن تيارات وأحزاب إسلامية شيعية نشأت في المنطقة بعد الاحتلال. من يريد أن يقول إن هذه التيارات الإسلامية الشيعية غير مدعومة من إيران فهو يكذب على نفسه قبل أن يكذب علينا. نحن نعيش في البحرين ونعيش في هذه المنطقة.
ونعرف ماذا تعني هذه التيارات ونعرف ماذا تخفي كل عمامة في البحرين، ماذا يوجد تحت كل عمامة. كيف نشأت هذه الأحزاب وكيف هي اليوم امتداد للحركات التي بدأت في الخمسينات، ضمن السياسات الإيرانية للهجرة إلى المنطقة للتغيير الديموغرافي والسياسات الاستخبارية طويلة المدى، والتي لم تنقطع مع الثورة الإسلامية، ولكنها استمرت وتواصلت وبدأت تأخذ منحى أكثر خطورة بإنزال الثقافة العقائدية والحركات العقائدية الجديدة في المنطقة، فدخلنا في مرحلة استيطان ثقافي، هو أخطر بكثير من الاستيطان الفعلي على الأرض، لأننا قد نستطيع أن نزيل المستعمر والمحتل من على الأرض، ولكن كيف نزيل الفكر العقائدي المتطرف والطائفي من عقول الناس.
منذ عشر سنوات البحرين دخلت في مشروع إصلاحي جديد وخطوات واسعة نحو التحول الديمقراطي، ولكن لم يقابل هذا المشروع بإرادة صادقة من مختلف الأطراف السياسية في البحرين. عندما بدأنا في عام 2000، نحن كنا خارجين من مرحلة عنف استمرت 5 أو 6 سنوات في التسعينات، مباشرة بعد حرب تحرير الكويت وإقصاء القوة العراقية عن المنطقة، ومع صعود الدور الإيراني في منطقة الخليج في التسعينات، عاشت البحرين أزمة فوضى طائفية شبيه باليوم، انتهت هذه الأزمة عندما تسلم الملك حمد بن عيس آل خليفة الحكم، وبدأ بطرح مشروعه الإصلاحي وتوافقت عليه الأطراف جميعا، ولكن لم يستمر هذا التوافق.
وبدأت حركة جديدة تطالب بمطالب أكثر اتساعا وأكثر خطورة. اليوم نعيش قمة هذه المطالب، وهي الدخول في نظام حكم سيدخلنا إلى نظام المحاصصة الطائفية. وهو المطلب الوحيد في رأس ما يدعى المعارضة الشيعية في البحرين.
وكلنا يعرف في البحرين أن الهدف مما يطلبونه من تغيير في نظام الحكم، هو وصول التيار الشيعي إلى قمة هرم السلطة، وهنا سوف ندخل في كوارث جديدة وليست كارثة واحدة. البحرين ليست طائفة واحدة، البحرين فيها تعددية طائفية ودينية ومذهبية، ولا يمكن أن يكون هنالك حكم بمسميات طائفية.
[caption id="attachment_55234296" align="alignright" width="286" caption="أبناء البحرين يؤكدون ولاءهم لقيادتهم"][/caption]
*ما هي برأيك الأهداف الخفية من وراء مطالب المعارضة؟
ما تطالب به «الوفاق» أو غيرها من تغيير دستوري للدخول في نظام حكم يؤيد انتخاب رئيس الوزراء من أكبر كتلة معارضة موجودة في مجلس النواب. هذا يعني مباشرة أن يكون رئيس الوزراء من أحد الكتل الإسلامية المعارضة، إما سنية أو شيعية، والكتل الإسلامية تمثل طوائفها ولا تمثل البحرين، ولا تمتلك شرعية تمثيل البحرين. لذلك فالوطنيون البحرينيون ومختلف العقول في البحرين تقف ضد هذه المطالب.
أما أدلة دعم إيران لهذه الحركة، ربما نبدأ بأهم وأكبر دليل وهو أن جمعيات الإسلام السياسي الشيعية بقيادة جمعية الوفاق، كلها تؤمن بولاية الفقيه، ولها تصريحات مباشرة بأن ولاءها يرجع إلى المرشد الأعلى علي خامنئي في إيران، وخامنئي له وكيل في البحرين هو عيسى قاسم، ووكيل آخر في لبنان هو حسن نصر الله، وله وكيل في كل تجمع شيعي.
اليوم هذه التجمعات بوكيلها وبوليها هي التي تقوم بهذه الحركات في البحرين، وتدعمها كل وسائل الإعلام الإيرانية، وتدعمها الدبلوماسية الإيرانية في كل المحافل خارج البحرين، وتدعمها التمويلات المختلفة التي تأتي من مصادر مختلفة، ولكن في النهاية مصدرها واحد. ما هو أكثر من ذلك؟ ما شاهدناه من فبراير إلى اليوم من مواقف إيرانية خطيرة ضد سيادة البحرين، وضد استقلال البحرين، وضد عروبة البحرين، هو أكبر دليل للمد الإيراني لهذه الجماعات.
توافق شعبي
* ما هو المطلوب من ساسة البحرين سواء في البرلمان أو المؤسسات الأخرى لإخراج المملكة من أي أزمات أو مؤامرات تحيط بها؟
ـ التوافق، ووحدة الصف الوطني، والالتزام بالدستور وشرعية كل المؤسسات الدستورية من أهم متطلبات القوة في مواجهة الأزمات، وتوافق الشعب مع النظام من يعد أكبر سلاح في مواجهة المؤامرات الخارجية ضد أي شعب أو أمة..
* كيف توائم البحرين قوانينها وأوضاعها الاقتصادية بعد دعوات العاهل السعودي دول الخليج للاتحاد في كيان واحد؟
ـ من أهم عناصر قيام ونجاح أي اتحاد بين الدول هو الإرادة السياسية العليا من جهة، والإرادة الشعبية الوطنية من جهة أخرى.. وهذان العنصران الرئيسيان المتوفران للاتحاد الخليج، على الأقل على مستوى مملكتي البحرين والعربية السعودية، سيكونان الدعامة الرئيسية لتحقيق باقي متطلبات الاتحاد. دول الخليج تضم اعداد كبيرة من مختلف الكفاءات والكوادر العلمية والقانونية القادرة على تعديل القوانين والأنظمة لمواءمة الأوضاع والتشريعات الخليجية بهدف قيام الاتحاد الخليجي. وهذه المواءمة ستبدأ من حيث وصل إليه مجلس التعاون الخليجي، الذي بدأ قبل أكثر من ربع قرن، وسن تشريعات خليجية وأجرى الكثير من الدراسات والبحوث حول تكاملية المنظومة الخليجية.
[caption id="attachment_55234297" align="aligncenter" width="620" caption="لا سني ولا شيعي.. أنا بحريني"][/caption]