دراسة: طهران دعمت الحوثيين بالسلاح ضد السعودية فور توقيع الاتفاق النووي

لعبت أدوارا سلبية في دعم التنظيمات المسلحة بالكويت والبحرين

دراسة: طهران دعمت الحوثيين بالسلاح ضد السعودية فور توقيع الاتفاق النووي

* سياسة الرئيس الأميركي السابق أوباما تغاضت عن تدخلات إيران الإقليمية... وطهران حاولت إتمام الاتفاق النووي تكريسًا لنفوذها الإقليمي
* تقرير أممي يوثق تزويد طهران الحوثيين بصواريخ باليستية وطائرات من دون طيار في عام 2015... واستهداف القوات البحرية للتحالف العربي في بداية 2017
 

القاهرة: كشفت دراسة للدكتور محمد محسن أبو النور، خبير العلاقات الدولية، عن قيام طهران باستغلال ثغرات بالاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، معتبرة أن هذا الاتفاق بمنزلة اعتراف ضمني من جانب القوى الكبرى بأحقيتها في امتلاك برنامج نووي ومواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم واستمرار تصعيد دورها الإقليمي حيث مارست إيران أدوارا سلبية في دعم التنظيمات المعارضة المسلحة في كثير من الدول على غرار الكويت والبحرين ودعم الحوثيين ضد المملكة العربية السعودية.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية أن سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه إيران تباينت بين إدارتي الرئيس السابق أوباما، والرئيس الحالي دونالد ترامب، حيث أشارت أن المواقف الأميركية اتسمت تجاه الملفات المتشابكة مع المصالح الإيرانية في الإقليم بكثير من الاختلاف من خلال عدة نتائج، أبرزها العمل من أجل المصالح الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة على أن تبقى كما هي، موضحة أن الاختلاف قد طال نهج السياسة الخارجية المتبع في إدارة أوباما عن نهج إدارة ترامب في إدارته لملفات السياسة الخارجية وضمان استقرار المصالح الحيوية الأميركية في المنطقة، ففي حين حاولت إدارة أوباما التعامل بدبلوماسية وتفاوض للوصول لاتفاق نووي وبدعم من الحلفاء الأوروبيين بالإضافة لموقف روسيا والصين– حلفاء إيران- ومن ثم تم توقيع خطة العمل المشتركة، بينما جاء توجه ترامب لمواجهة إيران من خلال انتهاج خطوات تصعيدية ضدها حتى تخفض سقف توقعاتها ومن ثم فرض التفاوض مرة أخرى معها بشروط تناسب الإدارة الأميركية في ظل قيادة ترامب.
 
وأشارت الدراسة إلى أن رؤية أوباما اختلفت عن رؤية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لمواجهة إيران ذلك، حيث إن الأخير كان يفضل التعامل باستخدام القوة العسكرية – من منطلق منع إيران من الوصول للقدرة النووية وامتلاكها – مقابل تعامل أوباما بالتفاوض والدبلوماسية من منطلق منع إيران من إنتاج السلاح النووي وهو اختلاف لا يتعدى الخلاف التكتيكي مع التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار إسرائيل، كما حاول أوباما إمساك العصا من المنتصف ومن ثم دعا الحلفاء الخليجيين لقمة الربيع في محاولة منه لتطمين الدول الخليجية قبل التوقيع النهائي على خطة العمل الشاملة المشتركة في يوليو (تموز) 2015.
وأضافت الدراسة أن سياسة أوباما تغاضت عن تدخلات إيران الإقليمية، وتجاهلت وجود قضايا خلافية جذرية بين إسرائيل ودول الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى تؤثر على أمن دول الخليج بل وأمن النظام الإقليمي برمته، فضلاً عن اعتراف ضمني من الإدارة الأميركية بدور إقليمي لإيران وهو ما كرسته تصريحات أوباما عشية توقيع الاتفاق النووي من أن لإيران دورا مهما في إنهاء الحرب الدامية في سوريا.




وأوضحت الدراسة أن إيران حاولت ربط عقد أي اتفاق أو تفاوض تصل إليه مع مجموعة العمل المشتركة الخاصة بالاتفاق النووي وجعله تكريسًا لنفوذها الإقليمي ومظلة بإمكانها توظيفها لاستكمال طموحاتها الإقليمية، في الوقت الذي استهدفت فيه إدارة أوباما تجريد الملف النووي من أبعاده الإقليمية، وهو ما يمكن رصده من خلال سلوك إيران المثير في أعقاب رفع العقوبات عنها وزيادة نشاطاتها في دعم الفاعلين من غير الدول مثل جماعة الحوثي في اليمن و«حزب الله» في لبنان وميليشيات الحشد الشعبي في العراق فضلا عن دعمها لنظام الأسد في سوريا، وهي الحقيقية التي أكدها القائد العام السابق للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، بوجود 200 ألف إيراني يرتبطون بالحرس الثوري في كل من سوريا والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان.
وأكد الدكتور أبو النور مُقرر الدراسة أن إيران بعد عقدها الاتفاق النووي استغلت بعض ثغراته واعتبرت هذا الاتفاق بمنزلة اعتراف ضمني من جانب القوى الكبرى بأحقيتها في امتلاك برنامج نووي ومواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم واستمرار تصعيد دورها الإقليمي مستخدمه الأموال التي حصلت عليها سواء من عوائد صادراتها النفطية أو من أموالها المجمدة في الخارج والتي حصلت على جزء منها بالفعل، موضحا أن البعض يرى أن الاتفاق الإيراني أدى إلى سلوك إيراني مثير ومحرض، ومن ثم، فلم تترك إيران فرصة لدعم المعارضة في دول الجوار أو تزويد وكلائها من الجماعات المسلحة إلا واستغلتها، فعلى صعيد تفاعلات إيران الإقليمية يمكن رصد ممارستها لأدوار سلبية في دعم التنظيمات المعارضة المسلحة في كثير من الدول على غرار الكويت والبحرين، إذ قامت بتمويل «خلية العبدلي الإرهابية» التي أصدرت محكمة التمييز الكويتية في 18 يونيو (حزيران) 2017 حكماً قضى بإدانة جميع المتهمين فيها، كما كشفت السلطات البحرينية في 8 فبراير (شباط) 2018 الخلية الإرهابية التي قامت بتفجير أنبوب النفط البحريني- السعودي وأشارت إلى أن التوجيهات الخاصة بتنفيذ تلك العملية جاءت من إيران في ظل ارتباط عنصرين من منفذي العملية بالحرس الثوري فضلا عن تفكيك أجهزة الأمن في الثاني من مارس (آذار) 2018 خلية إرهابية كانت تضم 116 عنصرا مدعومين من إيران كانوا يستعدون لتنفيذ مخطط إرهابي.
وأشارت الدراسة إلى دعم إيران لجماعة الحوثي، حيث أكدت أن طهران بدأت في مايو (أيار) 2015 بدعم «جماعة الحوثي» ومدهم بالصواريخ الباليستية أي بعد التوقيع على الاتفاق النووي وقد شملت منظومة الصواريخ لدى الحوثي أنواعا مختلفة، منها ما هو روسي الصنع ومنها ما هو إيراني ومنها ما قام الحوثي وبمساعدة خبراء إيرانيين بتطويره واستخدامه لاستهداف مناطق تمركز قوات التحالف العربي فضلاً عن استهداف نقاط مدنية وعسكرية سعودية، ويذكر أن جماعة الحوثي متهمة بتطوير صاروخ سام-2 ليصبح قاهر-1 بالتعاون مع خبراء روس وإيرانيين وخبراء من «حزب الله»، وفي 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 استهدفت جماعة الحوثي مطار الرياض بصاروخ بركان-h2. حيث أعلنت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السابقة أن هذا الصاروخ إيراني المنشأ.
وكشفت الدراسة عن توثيق تقرير أممي يفيد بتزويد إيران جماعة الحوثي بصواريخ باليستية وطائرات من دون طيار من إيران بعد فرض الحظر على الأسلحة في عام 2015 حيث أكد التقرير أنه يمكن رصد استخدام الحوثي للمرة الأولى قوارب مفخخة من دون ربان وألغام وتم استهداف القوات البحرية للتحالف العربي في بداية 2017.
وأرجعت الدراسة تفسير سلوك إيران المثير في المنطقة إلى أن طهران قوة متوسطة ذات دور دولي يسعى لمد نفوذها خارج حدودها وهيمنتها على الإقليم وهو ما يفسر السلوك الإيراني خلال عهد الشاه أو خلال الثورة الإسلامية، إلى جانب قوة الآيديولوجيا والتي استطاعت الاستحواذ على أدوات الدولة الخشنة والناعمة واستخدامها في تحقيق أهدافها وهي الحالة التي يكرسها الدستور الإيراني في تعامله وتبنيه حق الدفاع عن المظلومين في الأرض- يقصد الشيعة المضطهدين – ومن ثم تبني وتبرير سياسة تدخلية عابرة للحدود، من خلال دعم المجموعات الشيعية في دول الجوار العربي.
وأكد الدراسة أن السلوك الإيراني المثير أثبت صحة الرؤية الأميركية التي عارضت الاتفاق، ومن هنا لم يسهم الاتفاق النووي في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط على عكس ما كانت تروج له إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في ظل تصور أن هذا الاتفاق سوف يدفع القادة المعتدلين على حساب تراجع المتشددين داخل إيران لانتهاج سياسة مرنة تقوم على حسن الجوار مع دول المنطقة والتراجع عن التدخل في الأزمات الإقليمية المختلفة لمصلحة الاهتمام بالتعامل مع المشكلات الاقتصادية المعيشية التي تواجهها إيران.
وأشادت الدراسة بسياسة الرئيس الأميركي الحالي ترامب والتي تنطلق من فلسفة ورؤية خاصة في إدارة العلاقات مع خصوم الولايات المتحدة من أن الولايات المتحدة تواجه عالما خطيرا للغاية حافلا بمجموعة من التهديدات مثل ظهور القوى المنافسة لها ووجود الدول المارقة التي تقوم بتطوير أسلحة نووية وصواريخ تهدد العالم وجماعات إرهابية تسيطر على مساحات شاسعة من الشرق الأوسط، حيث اعتمدت سياسة ترامب على نقطتين أساسيتين وهما تصعيد الخطاب الأميركي ضد الخصوم والمنافسين، ثم فرض عقوبات اقتصادية صارمة وهو ما سيدفعهم للجلوس على طاولة المفاوضات.

font change