* انشغلتُ بعضًا من الوقت في موضوع الحواجب لدرجة لم ينشغل بها سوى بعض الرجال. ولم يكن أحدُ مهووساً أكثر مني، سوى الرجل المهووس الذي وصفه ويليام شيكسبير في مسرحيته الكوميدية الريفية «كما تشاء».
* يمكنني تحديد بداية هوسي بالحواجب حين كنت أطلب الغداء في غرفة مضاءة بأشعة الشمس، ولمحت النادلة التي كانت تسجل طلبي آنذاك. كانت شابة جميلة ولكن الحقيقة المحزنة أنني بالتأكيد لم أكن لأتذكر شيئا عنها الآن لولا حاجباها. كان في حاجبيها ما أزعجني!.
* على عكس لوحة «موناليزا»، تمتلك «فينوس» حاجبين، يمكن اعتبارهما عاديين إلى حدّ ما. إذ يمكن لأي شخص يدّعي الخبرة في مسألة الحواجب أن يرى أنّ حاجبيها عاديين جدًّا. فهما مربّعان على نهاية أنفها برفق، راسمَين قوسَين رشيقَين بطرفَين رفيعَين.
* في التصوير الفوتوغرافي، تحلّ قيمة المعروض محلّ قيمة العبادة على طول الخط. لكنّ قيمة العبادة لا تفسح المجال دون مقاومة بل تتنحّى في نهاية المطاف تحت ضغط الملامح البشرية.
* أعدت قراءة الكتاب الشهير بعنوان «العمــل الفنـي فــي عصر إعــادة إنتاجــه تقنيــًا»، ولكنني شعرت بخيبة أمل. فعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها «بنجامين»، سمح للأحجية بأكملها بالهروب من قبضته.
* وقعت عيناي على جملة «حواجب إنستغرام»، فبحثت عنها عبر متصفح «غوغل». ولم يختلف شعوري حينها عما أحسّ به علي بابا عندما اكتشف كهفًا مليئًا بالذهب والمجوهرات الثمينة. فقد وجدت أعدادًا لا تعدّ ولا تحصى من النسخ المطابقة لحاجبي نادلتي الحبيبة.
لقد انشغلتُ بعضًا من الوقت في موضوع الحواجب لدرجة لم ينشغل بها سوى بعض الرجال. ولم يكن أحدُ مهووساً أكثر مني، سوى الرجل المهووس الذي وصفه ويليام شيكسبير في مسرحيته الكوميدية الريفية «كما تشاء». والمسأله ليست أنني أريد كتابة قصائد كئيبة عن هذا الموضوع، ولكنني ببساطة مهووس بمعرفة ماذا حصل للحواجب التي عرفتها يومًا.
وكما هو الحال في كثير من الأحيان في حالة الهوس، يمكنني تحديد بداية هوسي بهذا الموضوع بدقة. فقد حصل ذلك خلال فترة كان فيها الطقس غريبًا في شهر فبراير (شباط). كان يومًا دافئًا بخلاف طبيعة الفصل وقتها وكنت أطلب الغداء في غرفة مضاءة بأشعة الشمس. ولمحت النادلة التي كانت تسجل طلبي آنذاك. كانت شابة جميلة ومحترمة ترتدي ملابس أنيقة. أخذت طلبي مع ابتسامة ودية. ولكن الحقيقة المحزنة أنني بالتأكيد لم أكن لأتذكر شيئا عنها الآن لولا حاجباها.
كان في حاجبيها ما أزعجني. لم يكونا مألوفين. وراودني شعورٌ غريب أنهما لم يكونا لها حتى. وذلك بشكلٍ مجازي طبعًا فبالتأكيد هذان حاجباها الواقعان فوق عينيها ولكن لا شك أنهما كانا غريبين مثل الكائنات الغريبة المجهولة التي تم اكتشافها في الماضي أو كأنهما روبوت. كانت شابة وفانية إلّا أن حواجبها بديا وكأنهما خالدان، كما لو أنهما سيبقيان إلى ما بعد الإنسانية. كانوا مثل لمحة غريبة عن المستقبل.
وسعيت من اللحظة التي رأيت فيها حاجبي تلك النادلة إلى شرح ماهيتهما، ولكن لم يكن ذلك سهلاً. لا يمكن لأي رجل، على الأقل الرجل الإنجليزي، الدخول إلى مؤسسة مثل «Brow Buzz» والطلب من إحدى النسوة تقديم شرح عن الحواجب المعاصرة.
وقد أدخل كذلك إلى أحد صالونات الأظافر الكثيرة وأطلب معرفة ما إذا كانوا يقومون بالفعل بغسل الأموال هناك. فمثل هذه الأمور تكون بمثابة أسرار الماسونية عند الجنس الآخر. ولكن فكرت أنه لا بد لأحدٍ أن يعرف ويشرح لي ماهية تلك الحواجب وكيف تم صنعها ولماذا أصبحت كذلك وما إذا كان هناك المزيد منها على الطريق.
واتضح لي أن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد فبمجرد أن يلاحظ المرء شيئا ما يميل إلى رؤيته في كل مكان. ولم أنفك أرى الكثير من أمثال تلك الحواجب منذ نظرتي الأولى لحواجب النادلة. ويبدو الأمر تمامًا كما لو كان السر القذر لأماكن مثل Buzz Browهو أنها تنتج حواجب غريبة على نطاقٍ واسع. وكما يفعل الأشرار الذين يحاربهم جيمس بوند، ستتواجد هذه الحواجب تدريجيًا على وجوه نصف سكان العالم وستهاجم بوند من أكثر نقطة ضعف له وذلك عن طريق استهداف فتيات بوند. إنها خطة غادرة. وتمحو هذه الحواجب بالفعل الجمال الفريد لكل وجه تستقر عليه. وستؤخذ جميع النساء يومًا ما بهذه الحواجب وترغب في الحصول على مثلها. وسيكون لكل وجه حواجب مخيفة لا تتناسب مع بقية معالمه حتى يندمجوا في حاجب واحد مثل أبعاد فريدا كاهلو. وعلمت أنه كان ممكنًا بالفعل رؤية حواجب كهذه تتجول في الخارج دون وجود ما يمنعها وهي حقيقة ألوم كارا ديليفين عليها بشكلٍ رئيسي. ومع ذلك، لم تكن الحواجب التي رأيتها في ظهيرة اليوم الدافئ من شهر فبراير كثيفة بل تم تصميمها بشكل مبالغٍ فيه كما لو كانت مرسومة بدقة ولا يوجد أي شعرة في غير مكانها. ماذا يمكن أن يعني كل ذلك؟
ثقافة الحاجب المرفوع
هي أكبر من الصخور التي تجلس عليها ومثل مصاص الدماء، ماتت عدة مرات وتعلم أسرار القبر. وقد غاصت في أعماق البحار وهرّبت شبكات غريبة مع التجار الشرقيين. وهي مثل ليدا أم هيلين طروادة ومثل حنة والدة مريم العذراء كان كله بالنسبة لها بمثابة صوت قيثارات ومزامير وتعيش فقط في الترف الذي شكلت بها الملامح المتغيرة ولونت بها جفونها ويديها.
هذه الكلمات التي استخدمها والتر بيتر لوصف جيوكوندا (أو الموناليزا) الراقية في نهاية القرن التاسع عشر. كلماته شاعرية جدا، بالطبع، ولكن هل رأى كل ذلك حقًا؟ لديها مثل هذا السلوك اللطيف الذي لا يشبه مصاص دماء، وماذا عن تلك الابتسامة؟
أقل ما يقال عن ابتسامتها إنها غريبة لدرجة أن بيتر لم يذكر أكثر ما هو ملحوظ في هذه اللوحة. ربما لم يكن قادرًا على رؤيتها بشكلٍ صحيح نظرًا لحجم حشد المعجبين في ذلك اليوم. وإذا كان قد تمكن من الوصول إلى الأمام فقد يلاحظ أن تكاوينها لطيفة وحتى مضحكة.
فهي تجلس هناك بشكلٍ متزمت ولكن ابتسامتها واضحة. ليست فائقة الجمال ولكنها بالتأكيد ليست قبيحة. ولم يكن لديها شارب وهي إضافة مخرّبة ابتكرها الدادانيون. وكان أنفها طويلا ولكنه يناسب وجهها. وطغت تقنية مزج الألوان على تكاوينها ولم يكن لديها حواجب (غالباً ما لا يتم التعليق على هذا الأمر). قل ما تشاء عنها ولكن لا يمكن لأحد أن يصف الموناليزا بـ«المتكبرة». يمكن فقط للأحمق أن يشك في أنها تبتسم هكذا- دون أن تظهر أسنانها- لإخفاء أنيابها.
قررت خلال زيارتي الأخيرة إلى متحف اللوفر في باريس أن أتوجه مباشرة إلى التحفة الفنية هناك ورؤية لوحة الموناليزا. ولا يمكن سوى لمصاص دماءٍ أن يفعل ذلك، لذلك تجولت في صالات العرض بعجلة غير لائقة. فرغم أن متحف اللوفر كبير، إلّا أنه من السهل إيجادها لأنها أكثر عمل فني هناك يجذب الناس. وتعرف أنك عثرت عليها قبل أن ترى وجهها. إنها مثل الثقب الأسود الذي تمكن الفلكيون من تصويره مؤخرًا - كل ما تراه هو الأفق، وأعني بذلك حشدا من الناس يقفون حولها ويكرمونها باهتمامٍ بالغ دون المبالاة بمن حولهم.
لقد قلت باهتمام، ولكن ربما استذكرت حشدًا مختلفًا - الناس الذين كانوا يتجمعون حول لوحتها قبل اختراع الهواتف الذكية. إذ يوجد حشد رقمي اليوم في الغرفة مع الموناليزا، ولكنهم لا يتمتعون بنفس الموقف التبجيلي الذي كان يظهره الجماهير قبلهم، أي آباءهم.
يمسك بعض الناس أجهزتهم الرقمية ويوجهونها إليها ويرفع آخرون أجهزتهم أيضًا ولكنهم يوجهونها إلى الاتجاه المعاكس. وبالنظر إلى مدى بُعد بعض هؤلاء الأشخاص عن اللقطة التي يأخذونها فقد تعتقد أنهم سيكونون عبيدًا لسحر التحفة الفنية. فرغم كل شيء، تم رسم هذه اللوحة منذ مئات السنين. وقد ابتسمت ذات مرة من جدار غرفة نوم نابليون. وشهرتها وصلت لمرحلة تخطت فيها شهرة بيونسي وزوجها.
وعلى الرغم من ذلك، أدار الحشد الرقمي ظهورهم لها لالتقاط صورٍ لأنفسهم وهم يقفون في حضرتها، وبهذه البادرة يخبروننا كيف سُلِب منها سحرها. لم تعد فقط مستنسخة على نطاقٍ واسع بل إنها تتحول إلى زخرفة خلف بعض الأشخاص المبتسمين الآخرين والذين يتكاثرون أيضًا على نطاق لا يمكن تصوره. لقد شعت في جميع أنحاء العالم وفي جميع الاتجاهات في لحظة وضعها فيها مخرّب الصور بين الوجوه الحديثة الأكثر نجومية على موقع «إنستغرام» حيث بدت رثة وغريبة بين كل تلك الصور والوجوه. بدت في المكان الخطأ رغم أنه مكانها الحصري. ربما كان عليها إظهار أسنانها ووضع بعض المكياج وإعداد نفسها بشكلٍ صحيح لهذه المناسبة الكبيرة. وكان عليها أن تفعل المزيد لتظهر بشكلٍ مثالي. ولكن هذه هي الحقيقة المحزنة: كانت موناليزا ستواجه دائمًا مشكلة لتجذب لفت انتباه الناس هذه الأيام وذلك يعود إلى افتقارها إلى الحواجب.
الحواجب في عصر إنتاجها تقنيًا
خلال عصر النهضة، حصل هذا الاتّجاه على دعم كبير من الإيطاليين، وخصوصًا من ساندرو بوتيتشيلي، الذي جعل الإلهة «فينوس» تقف على صدفة كبيرة وتتنقل نحو شاطئ قبرص على سطح الرغوة. إنها واحدة من أكثر الصور المألوفة في كل العصور، لذلك ليس من الضروري إعادة تكرار المشهد برمته هنا. بالإضافة إلى ذلك، أنوي أن أتعامل معها بحذر وأركّز بصري على حاجبيها حصرًا للتقيد بأهداف الموضوع الذي أطرحه.
وسار فرانشيسكو دا موستو بشجاعة تامّة خلال جولة قام بها مؤخرًا في إيطاليا إلى أن وصل إلى لوحة «فينوس» لبوتيتشيلي، إذ إنّ هذا الجمال الشهير عالميًا لم يكن ليخيفه أبدًا. ومن الجدير ذكره أنّ فرانشيسكو، كما يحبّ معجبوه وصفه بأنه شخصٌ متحمّس يتفوق في تقديم كل ما يبعث على السرور في «دولتشي فيتا» إلى العالم الناطق باللغة الإنجليزية. وقد اعتاد التجول في شبه الجزيرة الإيطالية بسيارته الصغيرة وغناء الأوبرا بشكلٍ سيئ. وكان دائمًا في حالة انجذاب كبير وتلهف لطعام وبيئة وطقس بلاده الجميلة، تمامًا كما لو أنّ وزارة السياحة لم تكشف عن سحر هذه الأماكن بعد. وبالتالي، ليس من المستغرب أن يتحمّس فرانشيسكو على الفور لروعة وحسن لوحة «فينوس» عندما يصل إليها وهي معلّقة على حائط في معرض «أوفيزي».
وتجدر الإشارة إلى أنّ مواقف الرجال في إيطاليا ليست متحفّظة كما هي الحال في بريطانيا المعاصرة. فالرجال الإيطاليون المأخوذون بسحر العالم القديم شائعون هناك مثل قرى القرون الوسطى السليمة، في حين أنّهم نادرون إلى حدّ الانقراض على شواطئ بريطانيا غير المضيافة وذات الألسنة المربوطة. إذ يوجد نوعٌ من الرجال الإيطاليين يكرسون جهدهم ليثبتوا أنّ الفروسية لم تمت بعد، فيستقبل المرأة بتقبيل الجزء العلوي من يدها، وهو إجراء لم يسبق له مثيل في بريطانيا منذ فجر الإصلاح. ولذلك، عندما يواجه فرانشيسكو رمز الجمال الأنثوي، لا يتراجع بل يعترف بأنها من دون شك أجمل امرأة ولم يسبق لها مثيل، ثم يراجع نفسه ويقول: «بعيدًا عن زوجتي، بالطبع». ويتابع: «انظروا فقط إلى وجهها المائل قليلاً ورقبتها الطويلة وقامتها الممشوقة والأنيقة». فهو ببساطة لا يستطيع المبالغة في تقدير جمالها الذي لا يمكن التعبير عنه، فينهي حديثه قائلاً: «لقد صنعت من أجل المتعة»!
لقد صُنعت من أجل المتعة. هل يبدو الأمر غريبًا إذا اعترفت أنني لا أعرف حقًا ماذا يعني بذلك؟ لأنّ السؤال الواضح هنا هو من الذي نتحدث عن متعته بالضبط: هي أم فرانشيسكو نفسه؟ وكي أكون منصفًا مع هذا الشّاب المتأنّق الإيطالي، قد يكون الجواب قليلاً من الاثنين، لكن لا شكّ أنّك إن حاولت المساس برجل شهم ستجد فيه سيلڤيو برلسكوني محتملاً ومتعطشًا لحضور أقرب حفلة «بونغا بونغا».
قد أكون أسخر هنا فقط. بالإضافة إلى ذلك، لا أريد الابتعاد عن القضية المطروحة، وبالتالي، سأتخطّى بسرعة مسألة تعريها أو حقيقة أنها ولدت بالغة بشكلٍ كامل وسأتجاهل بدوري مواجهتي جاذبية آلهة «بوتيتشيلي» وكذلك عدم احتمالية ركوب الأمواج على قشرة صدفة إسقلوب عملاقة. مأكولات بحرية – هل علي قول المزيد؟ بدلاً من ذلك، وكتلميذ خجول دخل للتو على الفتاة التي يعبدها ووجدها بحالة تعرٍّ، سأغضّ بصري عمّا لمحته عيناي وأتحدّث عن شيء لا يمكن اعتباره محرّمًا أو بذيئًا بأي شكل من الأشكال، شيء أجرؤ على القول إنه لم يتمّ ذكره مطلقًا من قبل في المواضيع التي تناولت لوحة «فينوس» لـ«بوتيتشيلي»، وأقصد هنا بالطبع حاجبيها.
فعلى عكس لوحة «موناليزا»، تمتلك «فينوس» حاجبين، يمكن اعتبارهما عاديين إلى حدّ ما. إذ يمكن لأي شخص يدّعي الخبرة في مسألة الحواجب أن يرى أنّ حاجبيها عاديين جدًّا. فهما مربّعان على نهاية أنفها برفق، راسمَين قوسَين رشيقَين بطرفَين رفيعَين.
لا تعدّ هذه الحواجب من النوع السائد إذ يتساءل المرء بصراحة بمَن كانت متأثرة. فهذان الحاجبان بسيطان أكثر من اللازم، ومن الصعب التصديق بأنّ الناس في يومها ذاك كانوا يحبّون هذه الحواجب على وجه المرأة. بل من الأسهل أن نفترض أنّه عندما كان الرّجال ينظرون إلى حاجبي «بوتيتشيلي»، كانوا يتنهّدون مثل «شكسبير» الحزين. لكن من أجل كلّ الأسباب الخاطئة: «كنت أفضّل عدم وجودها، كما هي الحال في لوحة «ليوناردو».
حاليًا، ينتمي ثلثَان منّي إلى قرنٍ مختلف، أمّا الثلث المتبقّي فأشعر أنه حاضر في بعض الأحيان، مثل الطرف الوهمي لأحد المبتورين. كوني زائراً من الماضي، قرّرت استشارة كتابٍ لأتنوّر. فإذا كان الجمال هو لغزي، قد يستطيع «والتر بنجامين» مساعدتي، إذ كان ذلك الشخص النادر والماركسي المغرور. وأول مسألة خطرت له كانت الهالة المفقودة وذلك في السنوات ما بين الحربين العالميتين، عندما توقّع العواقب التي ستواجه لوحة «موناليزا» بعد انتصار التصوير الفوتوغرافي والسينمائي. وقد اختار كلمة «الهالة» ليعبّر عن تفرّد العمل الفني. كما اقترح أيضًا أحجية من نوعٍ ما، وتقليدًا مرتبطًا بمرور الزمن كان قد لمّح إليه «والتر باتر». وقد تجسّد كلّ ذلك في هذه القطعة الأثرية التي كانت تعتبر بادئ الأمر رمزًا للعبادة يُستخدم في الطقوس ثم أصبحت أكثر علمانية فيما بعد وظهرت في المعارض. وأخيرًا، استحوذت على قلوب الجماهير وسلبت قيمة العمل الفني الفريد من خلال النسخات الكثيرة التي صدرت عنها لاحقًا.
وبهذه الطريقة، تبدّدت الهالة. واكتسبت «موناليزا» شاربا وتعرضت لإهانات النسخ الهائلة. ربما لم يتوقع «بنجامين» ذلك، إلّا أنّ تطبيق «إنستغرام» جاء ليستنزف الهالة إلى أبعد من ذلك، وشوّه كل جزء باقٍ من الصورة ما جعل الناس يصرفون انتباههم عن الموناليزا ويملّون من اللوحة الحقيقيّة التي أصبحت منتشرة بكثرة وأصبحوا يرونها دائمًا لدرجة لم يعد بإمكانهم رؤيتها أكثر، وقد أثارت هذه الألفة الزائدة نوعًا من الاحتقار للّوحة.
أعدت قراءة الكتاب الشهير بعنوان «العمــل الفنـي فــي عصر إعــادة إنتاجــه تقنيــًا»، ولكنني شعرت بخيبة أمل. فعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها «بنجامين»، سمح للأحجية بأكملها بالهروب من قبضته. فبعد أن رأى الهالة، بدا وكأنه يضيّع جزءًا منها بنفسه وانشغل بمزيد من الملاحظات الباروكية حول طبيعة الفيلم. كان من الممكن أن أستجيب بطريقة ميلودرامية وألقي الكتاب جانبا باشمئزاز لو لم أكن قد قرأت عن الأمر برمته على شاشة الكومبيوتر.
فبدلاً من ذلك، عدت بذاكرتي إلى كتاب «بنجامين» لأنور نفسي وتذكرت أمرين من أفكاره الشخصية، رغم أنني اضطررت إلى التمسك بذاكرتي غير الموثوقة للعثور عليهما. الفكرة الأولى كانت خطأ رائعًا من ذكرياته في برلين، عندما تحدث عن محاولة عدم النظر إلى النساء الجميلات اللواتي رآهنّ في الحديقة لأنه لا يرغب في التطفل على جمالهنّ، أو أي شيء من هذا القبيل، وكيف أنّ النظرات الخاطفة الجانبية التي استرقها أدّت إلى إعادة التجربة المتكررة لـ«الحب من النظرة الأخيرة». أمّا الفكرة الثانية فكانت اعترافه، في مكان ما، بأنّ الخجل على وجه المحبوب هو الذي يجعله جميلاً بنظر حبيبه.
هنا تكمن الحلقة المقدسة. فإلى جانب الإنتاج الضخم لصناعة مستحضرات التجميل، في عوالم الجمال الفعلي، تتجلّى الهالة في تفرّد وجه المحبوب، وليس في كماله، بل في نقصه، حيث تكمن الجاذبية الحقيقية. وقد حاولت أن أتعقب هذه الملامح، لكن دون جدوى ؛ فقد فقدت إلى الأبد في القرن القديم مع ثلثين من شخصي. ولكنه قال ذلك، لقد عرفت أنه قال ذلك، في مكانٍ ما.
لذلك، استرضيت كما ينبغي، وعدت إلى مقال عن النسخ وانتقلت إلى القسم السادس منه حيث وجدت ما يلي:
في التصوير الفوتوغرافي، تحلّ قيمة المعروض محلّ قيمة العبادة على طول الخط. لكنّ قيمة العبادة لا تفسح المجال دون مقاومة بل تتنحّى في نهاية المطاف تحت ضغط الملامح البشرية. فليس صدفة أنّ صورة الوجه كانت النقطة المحورية للتصوير القديم، إذ طالما وفّرت عبادة ذكرى الأحبّاء، سواء كانوا غائبين أم موتى، الملاذ الأخير لقيمة عبادة الصورة. وللمرة الأخيرة، تتجلّى الهالة في الصور القديمة بالتعبير الواضح للوجه البشري. وهذا ما يفسّر الخزن الظاهر، أو الحسن الذي لا يضاهى.
مرحى! «والتر بنجامين» ذاك، يأتي دائمًا بالأمور الإيجابية. ربما تكون العبادة والهالة التي أورثهما للصورة قد هجرتا الموناليزا، لكنّ هذا لم يعنِ أنّه لم يكن بالإمكان العثور عليهما، ربما ليس في تطبيق «سناب شات» أو أي منصة تمحو الصورة بعد وقتٍ قصير من التقاطها، ولكن في صورة الـ«سيلفي» الشخصية التقليدية القديمة نفسها.
الكمال
يتملّكني الآن توقٌ شديد للمعرفة وأشعر باندفاعٍ غريب، لذا قرّرت أن أستعين بكتاب آخر بنسخة ورقية حقيقية هذه المرّة. ولم يكن الكتاب الجديد قديمًا جدًّا كمقال بنجامين، ولكنّه يعود إلى ثلاثين عامًا تقريبًا، أي قبل ولادة هؤلاء اللواتي يملكن اليوم حواجب مثيرة للريبة.
يحمل الكتاب عنوان «أسطورة الجمال» من تأليف نعومي وولف ونشر للمرّة الأولى عام 1991. ويتحدّث عن بعض الحقائق الصعبة حول دور الرجال في متاعب الجمال الأنثوي. وهي صعبة جدًا لدرجة أنني كرجل، بدأت أتساءل إذا ما كان فضولي حول شكل النساء العصريات يشكّل جزءًا من المشكلة.
وترى وولف في الطلب المستمرّ على الجمال انتقامًا ينتزعه الرجال الغربيّون من تحرّر المرأة، قائلة إنه «من الصعب على المرء أن يحب سجّانًا» مشيرة إلى الزمان الذي حبس فيه هؤلاء الرجال النساء في المنازل كربّات بيوتٍ ومرافقاتٍ للأطفال. وتضيف «ولكنّ حبّ القاضي ليس أسهل». ما هو الحقّ الذي أملكه لتنصيب نفسي قاضياً على الجمال المعاصر، خاصة أنني، كقاضٍ في هذه الحياة الواقعية، طاعنٌ جدًا في السنّ؟
ويصرّ الكتاب على تعرّض النساء للقمع من خلال هذا النوع من الأحكام إلى درجة أنّهنّ قد يجرّبن أي شيء لاسترضاء الرجل، إن كان عن طريق رسم الوشوم واتباع الحميات الغذائية القاسية وإجراء جراحات تجميلٍ لأنوفهن. ولكن في عالم الرجال، يبقى الكمال حكرًا على الرجل وحده. تُترك المرأة لمصارعة عيوبها والتأنق ووضع الماكياج ومحاربة سنّها، وهي ترى نفسها دائمًا من عيني الرجال - أي الإثارة من الداخل إلى الخارج على حدّ تعبير وولف - ومحبوسة في تابوت «العذراء الحديدية» الذي صنعته مفاهيم المجتمع المحتومة حول الجاذبية.
ولفتتني فكرة «العذراء الحديدية» بعد أنّ تكرّرت مرارًا في الكتاب، حتى أنّها ظهرت في عنوان قسم فرعي «العذراء الحديدية تخرج إلى الحريّة»، فشعرت بسوداوية شديدة. «العذراء الحديدية» دون شكّ أداة للتعذيب أو الإعدام تعود جذورها إلى ألمانيا ربّما. ولكن على الرّغم من رؤيتي لواحدة من هذه الأدوات في قلعة في بوهيميا، لم أستطع تذكّر أي شيء قد يشبه:
تابوتاً على هيئة جسد بشري رُسمت عليه أطراف وملامح امرأة شابّة جميلة ومبتسمة، ولكنها سيئة الحظّ لأنها حُبست داخل هذا التابوت الذي أُنزل غطاؤه عليها ليرديها دون حركة. هذه الهلوسة العصرية التي تُحبس فيها النساء، أو يحبسن أنفسهن فيها، تشبه هذا التابوت بقسوتها ووحشيتها ورسمها المجازي (ص 17).
بدت أشبه بالنادلة بعض الشيء، ولكنّ «العذراء الحديدية» التي رأيتها كانت آلية شديدة الرتابة عبارة عن صندوق حديدي مع مسامير في داخله. والغريب في الأمر هو أنّ هذا النموذج الشديد اللذّة يبدو حقًا وكأنّه هلوسة الكاتب. الكلمات «التي حُبست فيها النساء أو حبسن أنفسهن فيها» هي نوع من التطوّع أيضًا،. إذ من من البشر الذين يتمتّعون بكامل قواهم العقلية قد يركبون هذه الأشياء طواعية؟
ولكنّ مناقشة فرضية الكتاب الرئيسية لن تكون بسيطة: وهي أنّ الجمال عبءٌ ثقيل، وأنّ النساء يشعرن أنهنّ مجبرات على بلوغ هذه المعايير التي يفرضها تدفّق دائم من الصور التي خضع الكثير منها للتعديل لبلوغ كمالٍ غير حقيقي. تتذمّر الكاتبة قائلة: «إننا كنساء مدرّبات على رؤية أنفسنا نسخاً مقلّدة رخيصة من صور لعارضات الأزياء، بدل أن نرى صور عارضات الأزياء على أنّها صور مقلّدة رخيصة للنساء (ص 105).
ولكنّ كتاب «أسطورة الجمال» لم يأت، في أي قسم منه، على ترجيح سماع النساء بـ«العيب» المحبوب الذي تحدّث عنه والتر بنجامين. بل على العكس، في حال الإشارة إليه، كانوا سيسارعون إلى التحرّك فورًا لحذفه قبل أن يحظى والتر بفرصة التعبير بمجاملة خجولة.
وتختلفالأفكار حول الجمال بين مجتمع وآخر، إذ من المعروف جدًا أنّ بعض القبائل في أفريقيا ترى في الطبق المعلّق بالشفّة السفلى أو بالأطواق التي تلفّ الأعناق مصدرًا للجاذبية، ولكنّ التأثير هو نفسه. يتوقّع الجميع من النساء أن يعشن الألم أو الانزعاج في سعيهنّ خلف الـ«كمال» الناتج عن الجمال. وقد يؤدي هذا الصراع الذي تعيشه المرأة لبلوغ المعايير إلى أهوال متلازمة فقدان الشهية العصابي (الأنوركسيا) وجراحات التجميل. أمّا العيب الذي يتصوّرنه، فقد يكون مصدر الإصابة باضطراب التشوّه الجسمي، والذي أدّى في أسوأ مظاهره إلى الانتحار.
وفيما يلي، مقطع يفصّل زيارة إحداهنّ إلى متجر متعدّد الأقسام ويصف بشكل واضح المشكلة الأكبر في السعي خلف الكمال.
تدخل امرأة بهيئة بشرية عادية جدًا إلى المتجر، شعرها مبعثر ووجهها ظاهر دون إضافات. وعليها المرور بصفّ من المرايا المرتّبة والأضواء والعطور في طريقها نحو قسم مستحضرات التجميل.
وبعد بلوغها مرحلة متقدّمة من النشاط الحسّي المفرط، تنظر إليها:
فترى صفوفًا من الملائكة على الجانبين ووجوها «مثالية» معروضة لعارضات أزياء. وفي الخلف على الجانب الآخر من منضدة جانبية مضاءة من الأسفل ووضع فيها السحر الذي سيسمح لها بالعبور، يقف الملاك الحارس. هي تعرف أنّ البائعة إنسانة عادية، ولكنها «كاملة» كما الملائكة المتناثرة من حولها، والتي ترى في جمالها الأخّاذ انعكاس وإقصاء وجهها «العائب». لقد شعرت بالارتباك، هذه في الجنّة التي صنعها البشر في المتجر، وعجزت عن معرفة ما الذي يجعل الملائكة الأحياء الظاهرات في الصور متشابهات في «الكمال»: وهو أنّ البائعة والعارضات في الصور مطليات بطبقة ثقيلة من الماكياج. تحطّم العالم الفاني في ذاكرتها بسبب العار الذي تشعر به لكونها من خارج هذا المكان الذي يضمّ هذه الكائنات السماوية. عندما يكون المتسوّق في المكان الخطأ، يشعر بتوق للعبور.
يأتي الجمال في هذا السياق مرادفًا للكمال. الرحلة هي الوصول إلى الشكل المثالي، رحلة يبدو أنّها تفوق مكافآت الحبّ والجنس أهميّة. إنها رحلة للانتماء، وحتى للانضمام إلى صفوف المباركين. ولو كانت الجنّة، كما تقول الأغنية، مكانًا «لا يحدث فيه شيء»، لما كان السعي للحصول على المظهر المناسب عامل الجاذبية لهذه الجنّة أي «المتجر»، لأنّ هذه الإنسانة العادية ستكون قد نجحت في العبور.
ولسوء الحظّ، هذه الحالة السماوية ليست للبشر العاديين ولا بدّ أنّ أمورًا ستحصل، أي إنّ الألم سيستمر. ولكن هل لهذه المشكلة علاقة بطبيعة هذه الجنّة «التي صنعها البشر»؟
مع تقدّم الجراحات التجميلية، بدأت المدينة الفاسدة تتحوّل إلى حقيقة. إذ لم تعد النساء مرسومات بريشة فنانين ذكور، ولم يعدن يشعرن بالامتنان من رسم أنفسهن حتى، بل بتن يقفن على شفير التضحية بأنفسهن للتكنولوجيا والتحوّل من «نساء من صنع نساء» إلى «نساء من صنع رجال». تكشف وولف في كتابها أنّ جرّاحا واحدا على الأقل أعاد رسم زوجته بالكامل من جديد. وتعتقد الكاتبة أنّ الحقيقة الافتراضية والتصوير الفوتوغرافي يعززان زيف هذا «الكمال».
وتحدّثت وولف أيضًا عن جراحين في لوس أنجليس طوّروا وزرعوا نوعًا من الجلد الشفاف الذي يتيح رؤية الأعضاء الداخلية، مما يفتح الباب على احتمال «التلصص المطلق». لكل شخصٍ اعتقاده الخاص حول هذا الموضوع.
أو ربّما لا، إذ يمكن لخيال السوء أن يزداد وقاحة أحيانًا. ولكنّ ما يجب أن نعيه اليوم بحسب وولف، هو اقتراب «الألفية» التي «يصنع فيها الرجال النساء».
على الموضة
صحيحٌ أنّ ألفية «صناعة الرجال للنساء» الشفافة لم تأت بعد، ولكنّ العصر الذي تُصنع فيه المرأة من الهوس حقيقي ونحن نعيش فيه بالفعل. تحدّثت إيل هانت في 23يناير (كانون الثاني) 2019. إلى صحيفة «الغارديان» عن التأثيرات الضارّة لبعض الفلترات التي يستخدمها الناس لتعديل صورهم. وهذه الفلترات قد تغيّر شوائبهم وتعدّل خطّ فكّهم السفلي وتنعّم أي تجاعيد في البشرة وتكبّر العينين، ليحصل الناس الذين يميلون دائمًا لاعتبار عيوبهم الطفيفة مشكلة، على صورة مثالية يرسلونها لمعجبين محتملين، ويخيّبون فيها ظنّ معجبين سابقين. حتى إنّ البعض قد يلجأ إلى مساعدة جرّاحين لتفادي اضطرابات كهذه:
يشار إلى ظاهرة الأشخاص الذي يطالبون بوسائل تجعلهم يشبهون صورتهم الرقمية (أحيانًا للسخرية وأحيانًا أخرى للتحذير من نهاية الكون) على أنّهم مصابون «باضطراب التشوه الجسمي على انستغرام». وابتدع هذا المصطلح الدكتور تيجيون إيشو، مؤسس عيادات «إيشو» في لندن ونيوكاسل. فقد لاحظ الأخير أنّه بعد أن كان المرضى يحضرون صورًا لمشاهير بأنف أو فكّ مثالي، باتوا اليوم يحضرون صورًا لهم شخصيًا. ففي الوقت الذي استخدم البعض منهم صور السيلفي المعدّلة بواسطة تطبيق سناب شات أو «فيس تيون» للدلالة، كان الآخرون يقولون «أريد أن أبدو هكذا» بعينين كبيرتين وبشرة مثالية، بحسب ما قال إيشو، مؤكّدًا أنّ «هذا الأمر غير واقعي ولا يمكن تحقيقه».
ويكمن الخطأ الأكبر هنا في الإصرار على الحصول على المظهر المثالي، كما لو أن هناك كتيّب في مكان ما عنوانه «المرأة الفيتروفية» (نسبة للوحة ليوناردو دافنشي الشهيرة «الرجل الفيتروفي»). يتساءل الناس اليوم متى حصل خلط مفهوم الكمال مع الجمال؟ فهل كان ليُسمح لمارلين مونرو، في أيامنا هذه، بالاحتفاظ بالشامة الموجودة على خدّها الأيسر؟ بالطبع لا. وعلى فكرة، بدا وزنها زائداً جدًا في ذلك الثوب الزهري الذي ارتدته في فيلم «سام لايك إيت هوت»، دون أن ننسى أداءها لأغنية «ذا فازي أند أو ذا لوليبوب»، بحاجبيها الأشعثين جدًا.
يعيدني هذا الأمر من جديد إلى الموضوع الذي بدأت به. لقد كان من الغباء أن أبحث عن تفسير في الكتب... من يقرؤها هذه الأيام؟ على الإنسان أن يلجأ دومًا إلى المصادر الأكثر حداثة، والهوس هو مصدر كلّ معرفة، خاصة بالنسبة لعجوز مثلي، لا يزال يشعر كلّ يوم وكأنّه انتُشل من أعماق البحر (أفكر بأسماك السيلكانث، كي لا أصنّف كرجل «بخيل») يلهث للتنفّس في الجوّ الثقافي المهترئ المسيطر في هذا العصر. اذهب إلى المصدر.
لذا، ذهبت لرؤية المصدر، ووقعت عيناي على جملة «حواجب إنستغرام»، فبحثت عنها عبر متصفح «غوغل». ولم يختلف شعوري حينها عما أحسّ به علي بابا عندما اكتشف كهفًا مليئًا بالذهب والمجوهرات الثمينة. فقد وجدت أعدادًا لا تعدّ ولا تحصى من النسخ المطابقة لحاجبي نادلتي الحبيبة. ووجدت أيضًا في موقع التواصل الاجتماعي الذي نتحدّث عنه، الكثير من التعليقات، بعضها يمدح والآخر يتهكّم، من الجدال القائم حول ما إذا كان يجب نتف أو وشم أو خطّ، أو رسم أو تشذيب أو إضفاء طابع خاص على شكل الحاجبين.
لم أجد أي مقطع فيديو على «يوتيوب» يوضح لي المسألة برمتها. ولكنني رأيت فتاة لديها ملامح يابانية، إن لم أكن أتخيّل، تتحدّث بلكنة بريطانية واضحة، وتعطي إرشادات تعليمية حول كيفية ترتيب الحاجبين بإتقان، وبتحويل حاجبيها من حالة الفوضى إلى حاجبين مثاليين لـ«صورة سيلفي».
ما عنته بالطبع كان أن يكونا على الموضة. فقد اعتبرت الفتاة أن الحاجب الرفيع سيبدو باهتًا في أعلى الأنف، ويجب أن يزداد سماكة بشكل متساوٍ مع اقترابه من الجبين. وللحقيقة، لا بدّ أن أقول إنّ (هنا يبدأ الأمر بالتعقيد، ولكن بكلمات بيتشز مونرو «Peaches Monroee» الخالدة): «نحن في هذا يا فتاة، نعمل للحصول على حاجبين عصريين وعلى الموضة».