* وقع السادات وبيغن المعاهدة التي أنهت ثلاثين عامًا من الصراع بين بلديهما في 26 مارس 1979. وأصبحت مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل رسميًا. وأثبت هذا الإنجاز الأول أنه دائم لأن معاهدة عام 1979 ما زالت سارية حتى اليوم
* اعترف الطرفان رسميًا بعضهما ببعض عند توقيع اتفاقية أوسلو 1993. فاعترفت الحكومة الإسرائيلية بمنظمة التحرير كممثل شرعي للفلسطينيين بينما اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية رسميًا بحق إسرائيل في الوجود
* انعقدت القمة العربية في بيروت عام 2002 وكانت القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال القمة. وقدمت المملكة العربية السعودية خلال القمة خطتها لإنهاء الصراع تحت عنوان «مبادرة السلام العربية». وعلى عكس المحاولات السابقة لتحقيق السلام والتي تضمنت دولة واحدة فقط أو حفنة من الدول العربية، شملت هذه المبادرة جميع الدول العربية
لندن: يمكن القول إن الصراع العربي الإسرائيلي هو أحد الصراعات إن لم يكن أكثرها تعقيدًا في العصر الحديث. كما أنه صراع فريد من نوعه في كثير من الجوانب، ففي حين أن النزاعات الإقليمية تمتد في جميع أنحاء العالم، يوجد في الصراع العربي الإسرائيلي أصوليون ومتشددون من كلا الجانبين يعتقدون بأن الدولة الأخرى لا تملك حق الوجود.
رغم ذلك، تمكن المعتدلون من كلا الجانبين من تقديم تنازلاتٍ وشهدت سنوات النزاع المستمرة منذ سبعين عامًا بعض الإنجازات. وفي حين أن الإنجازات الحاصلة قليلة ومتباعدة في فتراتها الزمنية، إلا أنه يمكنها أن تكون المفتاح لتنفيذ خطة سلامٍ دائمة في المستقبل بين فلسطين وإسرائيل، وبالتالي وضع حد لإراقة الدماء.
السادات يكسر الجليد
بعد وفاة جمال عبد الناصر عام 1970. تولى أنور السادات، نائب رئيس الجمهورية آنذاك وأحد مستشاريه القدماء، رئاسة مصر. وكرس السادات رئاسته لتحقيق هدفين: إعادة شبه جزيرة سيناء إلى السيادة المصرية، وإنهاء الصراع الممتد منذ فترة بين بلاده وإسرائيل. ولتحقيق هذين الهدفين، شنت مصر في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 هجومًا عسكريًا مفاجئًا على القوات الإسرائيلية المتمركزة في شبه جزيرة سيناء، في حين قاتلت القوات السورية الإسرائيليين في هضبة الجولان المحتلة. ولعبت المملكة العربية السعودية أيضًا دورًا في الحرب، إذ قاد الملك فيصل بن سعود أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للنفط، لفرض حظر نفطي على الولايات المتحدة، الأمر الذي تسبب في أزمة النفط عام 1973. واستمرت الحرب ثلاثة أسابيع تقريبًا وانتهت في 25 أكتوبر، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. ومهدت هذه الحرب الطريق لمحادثات السلام بين مصر وإسرائيل والتي سعى فيها الجانبان إلى إنهاء الجمود المستمر.
وزار السادات إسرائيل عام 1977 دون استشارة أي من القادة العرب الآخرين وألقى خطابًا تاريخيًا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قال فيه: «لقد جئت إليكم اليوم على قدمين ثابتتين لكي نبني حياة جديدة ولكي نقيم السلام وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا، مسلمون ومسيحيون ويهود نعبد الله، ولا نشرك به أحدا». وكانت تلك اللحظة تاريخية في الصراع العربي الإسرائيلي، إذ كانت المرة الأولى التي تبدي فيها دولة عربية رائدة استعدادها للتفاوض مع إسرائيل.
وبعد عامٍ واحد من هذا الخطاب، استضاف الرئيس الأميركي جيمي كارتر السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في كامب ديفيد، حيث بدأت أخيرًا محادثات السلام. ورغم التحديات الكثيرة، توصل القائدان في الشرق الأوسط أخيرًا إلى اتفاقٍ أدى إلى خروج القوات الإسرائيلية من شبه جزيرة سيناء. ثم وقع الزعيمان المعاهدة التي أنهت ثلاثين عامًا من الصراع بين بلديهما في 26 مارس (آذار) 1979. وأصبحت مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل رسميًا. وأثبت هذا الإنجاز الأول أنه دائم لأن معاهدة عام 1979 ما زالت سارية حتى اليوم.
مؤتمر مدريد 1991: البحث عن السلام دون منظمة التحرير الفلسطينية
رعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي مؤتمر مدريد للسلام الذي هدف إلى متابعة معاهدة السلام لعام 1979 وتمهيد الطريق لمعاهدات مماثلة بين إسرائيل والدول العربية الأخرى. وشارك في المؤتمر وفود من مصر وإسرائيل وسوريا ولبنان والأردن. وكانت إسرائيل لا تزال ترفض التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، لذلك كان الوفد الفلسطيني ممثلاً بأعضاء فلسطينيين ضمن الوفد الأردني، والذي كان يتواصل بدوره مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في تونس.
وكان أكبر إنجاز تم تحقيقه في المؤتمر معاهدة السلام لعام 1994 بين الأردن وإسرائيل، والتي فتحت الباب لإقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين بالإضافة إلى العلاقات التجارية والأمنية الواسعة. ولم تخلص المحادثات بين الوفدين اللبناني والسوري مع وفد إسرائيل إلى أي نتيجة أو اتفاق دائم إذ ظلت النزاعات الحدودية قائمة.
اتفاقية أوسلو 1993: منظمة التحرير الفلسطينية تدخل على الخط
تمت المحادثات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بشكلٍ سري في أوسلو بالنرويج ووقع الطرفان الاتفاقية في البيت الأبيض عام 1993. وتمثلت أهمية الاتفاق في كونه نتيجة للمباحثات المباشرة الأولى بين الإسرائليين والفلسطينيين الذين مثلتهم منظمة التحرير الفلسطينية. كما كانت المرة الأولى التي يعترف فيها الطرفان رسميًا ببعضهما البعض، فاعترفت الحكومة الإسرائيلية بمنظمة التحرير كممثل شرعي للفلسطينيين بينما اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية رسميًا بحق إسرائيل في الوجود. ونص الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل من الضفة الغربية وغزة «وإعلان مبادئ حول ترتيبات انتقالية لحكم ذاتي» لمدة خمس سنوات على أن تُتوج بتسوية دائمة بناء على القرارين رقم 242 و338. وتصدرت صور المصافحة بين ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين صفحات الجرائد في جميع أنحاء العالم، ولكن للأسف لم يتحقق السلام الدائم فقد رفضت مجموعات أخرى داخل فلسطين، مثل حماس، اتفاقية أوسلو ونفذت بعد ذلك عمليات تفجير انتحارية ضد إسرائيل.
العودة إلى كامب ديفيد 2000
سارت عملية الانسحاب الإسرائيلي والحكم الذاتي الفلسطيني بخطى أبطأ بكثير مما كان متوقعًا. ونتيجة لذلك، دعا الرئيس الأميركي بيل كلينتون عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك عام 2000 لإيجاد حل للقضايا الأخرى التي لم تناقش في أوسلو والتي كانت بمثابة حافز لتسريع تنفيذ العملية.
وطالبت منظمة التحرير الفلسطينية للأسف إسرائيل بتنازلات لم تكن الأخيرة مستعدة لتقديمها. طالب عرفات بقيام دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967 وحصول اللاجئين الفلسطينيين على حقهم في العودة إلى الأراضي المحتلة، وعرض أيضًا الحصول على حقوق الفلسطينيين من الحي اليهودي بالإضافة إلى معالم في المدينة القديمة بالقدس. وفي المقابل، عرضت إسرائيل الانسحاب من قطاع غزة ومعظم الضفة الغربية إضافة إلى منح أراض إضافية من صحراء النقب إلى الفلسطينيين على أن تحتفظ بالمستوطنات الرئيسية ومعظم أجزاء القدس الشرقية. واقترحت أيضًا إشراف الفلسطينيين على الأماكن المقدسة في القدس القديمة والمساهمة في صندوق خاص باللاجئين الفلسطينيين. ولم يستطع الطرفان التوصل إلى تسوية مما أدى إلى فشل المحادثات وبالتالي الانتفاضة الثانية التي قطعت الأمل في تحقيق أي من مخرجات اتفاقية أوسلو للسلام.
القمة العربية في بيروت 2002: طرحت السعودية خطتها
انعقدت القمة العربية في بيروت عام 2002 وكانت القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال القمة. وقدمت المملكة العربية السعودية خلال القمة خطتها لإنهاء الصراع تحت عنوان «مبادرة السلام العربية». وعلى عكس المحاولات السابقة لتحقيق السلام والتي تضمنت دولة واحدة فقط أو حفنة من الدول العربية، شملت هذه المبادرة جميع الدول العربية.
وتنص مبادرة السلام العربية على ضرورة انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 67 مقابل أن تعترف جميع الدول العربية بدولة إسرائيل. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يصدر فيها مؤتمر عربي مخرجات يتبناها جميع الأطراف وتقضي بحل الدولتين.
الرياض 2007: إعادة طرح مبادرة السلام العربية
ركزت القمة العربية التي عقدت في الرياض عام 2007 على إعادة طرح مبادرة السلام العربية إلى طاولة المفاوضات. ورأت المملكة العربية السعودية أنه إذا لقيت المبادرة إجماعًا عربيًا فقد تشكل إنجازًا في مفاوضات السلام. ولكن ظهرت مشكلة كبيرة وهي بروز حركة حماس في غزة، وهي مجموعة ترفض أي مبادرة توسطت فيها منظمة التحرير الفلسطينية تدعو إلى الاعتراف بإسرائيل كدولة مستقلة.
بالإضافة إلى ذلك، اختارت ليبيا عدم المشاركة في القمة ورفض نظام القذافي حينها آفاق السلام العربي الإسرائيلي. ورغم ذلك، استمرت القمة وأعادت الدول العربية اقتراحا بقيام دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967 وحصول اللاجئين الفلسطينيين على حقهم في العودة إلى الأراضي المحتلة، مقابل الاعتراف العربي بإسرائيل. ولكن لم يتمكن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس، الذي تولى السلطة بعد وفاة عرفات عام 2004. ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين.
أنابوليس 2007: لا أمل جديدا للعام الجديد
قرر الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستضاف محمود عباس وإيهود أولمرت في القاعدة البحرية أنابوليس بماريلاند. وتضمن المؤتمر ممثلين عن مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية. وقطع الزعيمان وعدًا بالعمل معًا للوصول إلى اتفاق سلامٍ دائم بحلول نهاية عام 2008. وخلال هذا العام، تبادلت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية خرائط توضح كيفية رسم حدود كل طرف بحسب اعتقاده. وتوقفت المحادثات فجأة نهاية عام 2008 عندما لم يتمكن الطرفان من تقديم تنازلات من شأنها إرضاء نظرائهم. ولم يسمح اندلاع حرب غزة عام 2008 - 2009 بتحقيق أي اتفاق للسلام وقتها.
العقد الضائع 2010
يمكن اعتبار عقد العشر سنوات من سنة 2010 عقدًا ضائعًا في مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية لأنه لم يحدث أي تقدم كبير رغم مفاوضات السلام الكثيرة التي جرت على مدار العقد. علاوة على ذلك، شكلت أحداث مثل حرب غزة عام 2014 وقرار الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس عقبات أمام إبرام اتفاق سلام دائم. وبعد بضعة أشهر من إعلان قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها، استضافت الظهران في المملكة العربية السعودية قمة جامعة الدول العربية التي أصدرت بيانًا يؤكد استمرار الدعم للقضية الفلسطينية ودعم قيام دولة فلسطينية على أساس حدود ما قبل عام 67 مع القدس الشرقية عاصمة لها. وتتحضر إدارة ترامب للإعلان عن خطة سلام جديدة وسط التوترات المتزايدة. وليس معروفًا بعد فحوى الخطة ولكن يبدو من تصريحات جاريد كوشنر القليلة أنها خطة قائمة على التنازلات الاقتصادية والتنمية الاقتصادية، والتي تختلف كثيرًا عن الخطط المختلفة التي كانت تستند إلى السياسة. ولم تحدد إدارة ترامب بعد موعد الإعلان عن الخطة ولكنها لمحت إلى احتمالية طرحها بعد شهر رمضان 2019.