* الزغبي: هناك فترة قد تصل إلى 3 أشهر لمراقبة مدى تأثير العقوبات الأميركية على إيران... وفي حال أنتجت مفاعيلها فإن الحرب تصبح مستبعدة
* رباح: منسوب التخوف من وقوع حرب في هذه المرحلة تراجع لأن العقوبات الأميركية على «حزب الله» أشرس بكثير من حملة عسكرية
* في ظل الصراع الأميركي - الإيراني الحاصل مؤكد أن خيارات المواجهة مفتوحة على جميع الاحتمالات إلا أنها تبقى رهن رد الفعل الإيراني.
بيروت: حالة من الغليان تسيطر على المنطقة على وقع العقوبات الأميركية المتعاقبة على إيران والتي بلغت ذروتها قبل يومين مع إلغاء واشنطن الاستثناءات على استيراد النفط الإيراني، وفي المقابل تهديد طهران بإغلاق مضيق هرمز. وفيما ترزح إيران تحت وطأة العقوبات الأميركية فلا يمكن فصل لبنان عن هذه التطورات الحاصلة لا سيما في ظلّ الحديث عن حرب إسرائيلية وشيكة على لبنان فهل سيكون لبنان ساحة للمعركة القادمة؟
يرتفع يوما بعد يوم منسوب الخوف من اندلاع حرب طاحنة في لبنان في ظل الإجراءات المتواصلة التي تتخذها واشنطن ضد إيران و«حزب الله» على التوازي والتي باتت تتسع وتشتد.
وتحت عنوان: «نصر الله: احتمالات الحرب مع إسرائيل مرتفعة هذا الصيف... قد لا أبقى بينكم وقد (يُقتل) معي أكثر قادة الصف الأول» كتب إيلي ج. مغناير في «الرأي» الكويتية أن «نصر الله، وفي لقاء خاص مع قادة في «حزب الله»، طلب عدم إخفاء حقيقة إمكانية اندلاع الحرب مع إسرائيل وإطلاع العائلات وأهالي القرى الجنوبية على هذا الاحتمال».
هذه التسريبات كانت كفيلة بإثارة المخاوف لدى اللبنانيين على الرغم من أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، نفى ما جاء في «الرأي» مطمئنا أن لا حرب إسرائيلية محتملة هذا الصيف، ومن جهة ثانية تعليقا على التقرير، نقلت «الرأي» عن مصادر أميركية أنه «إذا اندلعت الحرب، وعلى غرار حرب 2006. فلن تكون إسرائيل هي من يطلق الرصاصة الأولى». وأضافت المصادر أن «السلطات الإسرائيلية لا تنوي شن حرب على لبنان، ولكنها لن تتوانى في الدفاع عن نفسها، في حال تعرضت لهجوم». إلا أن ذلك لم يُبدّد من هواجس المتابعين لمجريات الوقائع اليوم والذين يتوجسون خوفًا من اندلاع الحرب في أي وقت.
مصادر مطلعة أكّدت لمجلة «المجلة» أن لبنان سيكون ساحة حرب قريبا وبالتالي الانهيار اللبناني وشيك، المصادر نفسها أكّدت أن «حزب الله» أكّد ما ورد قبل أيام في صحيفة «الرأي» بدلا من أن ينفيه وذلك في قول أمينه العام في خطابه الأخير أنه «عادة نحن (أي «حزب الله») حتى في الجلسات الداخلية، نقول للإخوان يجب أن تبنوا على أسوأ الاحتمالات... أسوء الاحتمالات يجب أن نكون جاهزين لها دائمًا، لكن لم ندخل في أي نقاش على الإطلاق حول توقعات»، وهذا ما يؤكّد بالتالي تسريبات «الرأي».
كما كشفت المصادر لـ«المجلة» أن صاحب المقال وهو إيلي ج. مغناير شخص دائما ما يكتب أخبارا موثوقة وحقيقية، هذا ويتردد أن مغناير بحسب المصادر من الطائفة الشيعية ومن عائلة مغنية وهو على تواصل مستمر مع قادة في «حزب الله» يسربون له معلومات وأخبارا موثوقة.
هذا ورأت المصادر أنه دائما ما تأتي الحروب بعد أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية وهذه الأجواء ليست بعيدة عما يعيشه لبنان في الوقت الحالي، وأشارت إلى أن «نصر الله أكد أن ما من مصلحة لأحد في إشعال حرب إلا أنه في الواقع هو وإيران من يرزحان تحت الضغوطات الأميركية وبالتالي الطلقة الأولى ستكون من قبل هذا المحور».
كما شددت المصادر نفسها على أن الحرب هذه المرة على لبنان ستكون أكبر وأوسع لا سيما أن هذه الفترة تعتبر الأمثل بالنسبة لإسرائيل كي يتسنى لها ضرب «حزب الله» كون العالم أجمع يقف بوجهه.
احتمالات الحرب على لبنان
رأى الكاتب والمحلل السياسي إلياس الزغبي في حديث لمجلة «المجلة» أنه «لا يمكن لأي مراقب أن يستبعد احتمالات الحرب في المنطقة رغم طرفي الحديث المتناقضين عنها، فمن جهة هناك من يقول إن هناك حربا واقعة لا محالة، وطرف آخر يرى أن هذه الحرب مستبعدة ومن هؤلاء قبل يومين السيد نصر الله»، وتابع: «أما حقيقة الأمر كتحليل ومراقبة فيمكن القول إن هناك فترة متوسطة قد تصل إلى ثلاثة أشهر لمراقبة ومعاينة مدى تأثير العقوبات الأميركية في حدّها الأقصى على إيران ففي حال أنتجت المفاعيل التي ترغب فيها الولايات المتحدة ومعها قوى دولية كبرى كروسيا وأوروبا فإن الحرب تصبح مستبعدة لأن نتائج الحرب تكون قد تحققت من خلال العقوبات من دون وقوع حرب عسكرية». مؤكدا أن هذا هو الاحتمال الأرجح لأن العقوبات الأميركية تبلغ ذروتها خلال الأسابيع المقبلة وإيران ستجد نفسها مطوّقة فعلا بهذه العقوبات خصوصا في مسألة عدم تصدير نفطها.
وأشار الزغبي إلى أن «المسألة الآن هي هل تقدم إيران على مغامرة بإعلان الحرب عبر إغلاق مضيق هرمز كما لوحت؟»، قائلا: «في حال إقدامها على هذه الخطوة فإنها تكون قد أعلنت الحرب فعلاً، وإذّاك تندلع الحرب المنتظرة والتي يُحكى عنها في الشرق الأوسط وغايتها هي نفسها تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة وجعل إيران دولة وطنية فقط وليست دولة إقليمية كبرى كما هي الآن أي دولة بحسب السياسة الأميركية تنشر الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم العربي بصورة خاصة»، مضيفا: «لذلك هذه العقوبات أمام مرحلة اختبار لفترة أسابيع وربما لمدة ثلاثة أشهر وفي حال نجح هدفها بتقليص الدور الإيراني أو ضربه وإنهائه عمليا بدءا بلبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، فإن الحرب العسكرية ستصبح مستبعدة».
لكن ماذا لو أن إيران اختارت لبنان كساحة حرب ردا على العقوبات الأميركية، قال الزغبي إن «من يراقب موقف «حزب الله» يدرك تماما أنه في حالة إحراج كبرى بدليل الخطابين اللذين أدلى بهما نصر الله في الآونة الأخيرة، فهو يكاد أن يحيّد إسرائيل ويجعلها بصورة أو بأخرى وكأنها حمامة سلام»، لافتا إلى أنه في خطابه الأخير استبعد كليا أن تُقدم إسرائيل على الحرب في الصيف نافيا ما نُقل عن لسانه مع العلم أنه نُقل عن أحد المقربين وأحد الصحافيين في بيئته ورغم ذلك هو نفى وكأنه يعبّر بالواسطة عن الموقف الإيراني بأن طهران لا ترغب في حرب مع إسرائيل، وبالتالي لا ترغب في حرب مع الولايات المتحدة الأميركية».
كما أكّد الزغبي على أنه في المشهد الأمامي إيران وأذرعها من «حزب الله» والميليشيات الشيعية في العراق وحتى نظام بشار الأسد والحوثيين، جميع هؤلاء لا يستطيعون أن يردّوا الخطر على إيران في حال اندلاع الحرب لأن هذه الميليشيات محدودة الأثر والقدرة، بينما الدول العظمى أبرزها روسيا والصين فإنهما في حسابات أخرى وروسيا تحديدا لعلّها أنتجت اتفاقا في الكواليس مع واشنطن لإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا أولا، وهذا ما يحصل عندما يغير الطيران الإسرائيلي على المواقع الإيرانية وهذا ما يظهر أيضا في الأداء الدبلوماسي الروسي بالنسبة لوضع إيران في سوريا».
كما رأى الزغبي أن «المسألة هي أن الدول الكبرى لا تستطيع التدخل لحماية إيران في حال اندلاع الحرب»، مؤكدا على أن التشدد الأميركي المتصاعد في العقوبات سيؤدي إلى الغايات نفسها التي تؤدي إليها الحرب، متسائلا: «هل تقدم إيران على عمل متهور وانتحاري عبر إغلاق مضيق هرمز وكأنه إعلان حرب؟ في تقديري أن العقل الإيراني البرغماتي يدرس كثيرا ويقلب الأمور على أوجه عدة قبل الإقدام على مثل هذه المغامرة لأنها مغامرة غير محسوبة وتدفع إيران ثمنا باهظا أكثر بكثير من نتائج العقوبات».
هل تشعل إيران الساحة اللبنانية ردا على العقوبات الأميركية؟
من جهة ثانية، استبعد الباحث السياسي الدكتور مكرم رباح أن يشعل «حزب الله» الساحة اللبنانية ردا على التصعيد الإيراني، قائلا إن «العقوبات الأميركية ضيقت الخناق على الحزب بشكل جعلته غير قادر على القيام بذلك وعلى العكس فإن منسوب التخوف من وقوع حرب ما في هذه المرحلة تراجع لأن العقوبات الأميركية والحرب المالية على (حزب الله) أشرس بكثير من حملة عسكرية».
كما أكّد رباح «أن التسريبات الأخيرة على لسان نصر الله في صحيفة (الرأي) صحيحة وليست خاطئة إذ تم تسريب هذا الكلام من داخل (حزب الله) ومن ثم تم تدارك الأمر عبر نفي الخبر».
وأشار رباح إلى أن «الحرب تسهّل على (حزب الله) تهريب الأموال كما تهريب السلاح، لذا لا يمكن إعطاء الحزب هذه الفرصة»، مؤكدا أن الحرب فعليا حاصلة في سوريا من خلال دك المواقع الإيرانية في سوريا التي تتم بشكل دائم، وبالتالي الحديث عن حرب أمر مستبعد»، مشيرا إلى أن «حزب الله» هو من يثير الكلام عن حرب محتملة وهو من يريد ذلك والجانب الأميركي لن يسمح بهذا الأمر كونه يسهل أمور الحزب.
إلى ذلك لفت رباح إلى تطرق نصر الله في خطابه الأخير إلى تقرير «فينوغراد» بأنه لا يمكن حدوث حملة عسكرية من دون غزو بري، قائلا: «فعليا إيران أو ميليشيا مثل (حزب الله) لا تشكل خطرا وجوديا على إسرائيل كي تقوم بعملية برية كاملة وبالتالي كل ما يحكى عن عملية عسكرية لا معنى له نظرا لوجود عملية عسكرية تتم بشكل دائم في سوريا، ورأى أن القلمون مكان تواجد (حزب الله) هو الذي سيشهد تكثيفا للضربات، علما بأن روسيا تضيق الخناق على إيران أكثر وأكثر في سوريا».
وشدّد رباح في الختام أن تقليص موارد «حزب الله» والضغط على بيئته تجعل من ليسوا ملتزمين عقائديا بولاية الفقيه يعيدون حساباتهم، وأضاف: «المشكلة في المقاربة الأميركية أن إضعاف اقتصاد الدول التي يسيطر عليها الحزب لا تؤدي إلى انهيار الهيكل على رأس الحزب فقط إنما على رأس الجميع وهي مخاطرة جدية»، لافتا إلى أن عرض أميركا مؤخرا مكافأة مالية بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الشبكة المالية لـ«حزب الله» يعكس إلى أي مدى ستشتد العقوبات في المستقبل.
وفي ظل الصراع الأميركي - الإيراني الحاصل الأكيد أن خيارات المواجهة مفتوحة على جميع الاحتمالات إلا أنها تبقى رهن رد الفعل الإيراني.