* الناخبون العرب غضبوا على قادتهم بسبب حرب الكراسي، فقرروا معاقبتهم وامتنع نصفهم عن التصويت فعاقبوا أنفسهم بعد انخفاض تمثيلهم من 13 إلى 10 نواب. وخسروا أكثر من 119 ألف صوت.
تل أبيب: استيقظ الإسرائيلون، صباح الأربعاء الماضي، على نتائج تعزز قوة بنيامين نتنياهو وكتلة اليمين. فقد حصل كل من نتنياهو ومنافسه الأقوى بيني غانتس على 35 مقعداً لكل منهما، قبل أن يحصل الليكود على مقعد إضافي بعد فرز أصوات (الجنود والدبلوماسيين) لتبلغ عدد المقاعد المجتمعة التي حصلت عليها أحزاب اليمين، المؤيدة لنتنياهو 65 مقعدا مقابل 55 مقعدا لمعسكر الوسط (حزب العمل 6 وحزب غانتس 35) واليسار (ميرتس 4 مقاعد) والأحزاب العربية (10 مقاعد).
وقد حسمت المعركة الانتخابية بذلك لصالح اليمين. وصار نتنياهو مؤهلا لتشكيل حكومته الخامسة، وليصبح رئيس الحكومة الذي حكم أطول مدة في تاريخ إسرائيل.
ولن تكون هذه حكومة يمين عادية، فبالإضافة إلى نتنياهو نفسه وأفيغدور ليبرمان، الذي يشترط من الآن أن يتفق معه نتنياهو على تصفية حماس وعلى سن قانون لإعدام منفذي العمليات من الفلسطينيين، يوجد في هذه الحكومة حزب اتحاد اليمين، الذي يضم حزب كهانا. ويطالب هذا الحزب اليوم بالحصول على وزارتي التعليم والقضاء، مع العلم بأنه يطالب بالتنازل الرسمي عن فكرة حل الدولتين.
خطاب النصر الذي ألقاه بنيامين نتنياهو أظهر بما لا يقبل التأويل أن حكومته تضع تحديات كبيرة أمام الفلسطينيين عموما وفلسطينيي ثمانية وأربعين بشكل خاص.
أما المراهنة على استمرار نتنياهو في دورته الخامسة، مدة أربع سنوات، رغم وجود قرار لدى النيابة والشرطة والمستشار القضائي للحكومة بمحاكمته في ثلاثة ملفات فساد صعبة، فقد أعلن النائب بتسلئيل سموطرتش، أن أولى مهماته ستكون إعادة قانون الحصانة، على الطريقة الفرنسية، بحيث تمنع محاكمة رئيس حكومة ما دام في الحكم.
النواب العرب بانتظار معركة صعبة
لقد كان لفلسطينيي ثمانية وأربعين في هذه المعركة الانتخابية فصل محزن بشكل خاص، جعل عدة سياسيين في اليسار ومحللين وخبراء يؤكدون أن تصرفاتهم في هذه الانتخابات سهلت على اليمين الإسرائيلي الانتصار. وحساباتهم صحيحة نسبيا. فلو حافظ العرب على تمثيلهم السابق، كان معسكر اليمين هبط ثلاثة مقاعد وأصبح 62 مقعدا (بدل 65 اليوم). ولو حافظ العرب على نسبة تصويتهم السابقة (64 في المائة) لكانوا حصلوا على 15 مقعدا، لأن نسبة التصويت عند يهود إسرائيل انخفضت هذه السنة من 73 في المائة إلى 68 في المائة. وفي هذه الحالة كان المعسكر اليميني سيتساوى مع معسكر الوسط واليسار والعرب. لكنهم– أي العرب- الذين أرادوا معاقبة قياداتهم، عاقبوا أنفسهم.
ولكن كيف؟
بعد أن كانوا أقاموا في سنة 2015 قائمة وحدة صف تضم الأحزاب الوطنية الأربعة (القائمة المشتركة)، أثارت آمالا عريضة في صفوف الشعب الفلسطيني وأوساط عربية كثيرة، خاضوا الانتخابات في هذه المعركة وهم منقسمون إلى قائمتين ومتصارعون على الكراسي بشكل ساذج وبدرجة غير معقولة.
حدث ذلك عندما أقدم النائب باسل غطاس من حزب التجمع في القائمة المشتركة على تهريب هواتف خلوية للمعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيل. وقد وصلت إخبارية في الموضوع إلى المخابرات. فنصبت له كمينا داخل السجن وأوقعته متلبسا. وقد اعترف بالتهمة وأبرم صفقة مع النيابة وافق بموجبها على الاستقالة من الكنيست والسجن سنتين. وهو يقبع اليوم خلف القضبان. وكان يفترض أن يحل محله مرشح آخر في القائمة. لكن حزب باسل غطاس طالب بالمقعد لأحد مرشحيه، نيفين أبو رحمون. وحسب القانون يجب أن يستقيل من يسبقها في القائمة، وهم من الأحزاب الأخرى. فرفضوا في البداية الاستقالة. واستغرق الصراع على كرسي باسل غطاس طيلة 9 شهور، انتهت باستقالة المرشحين الثلاثة وحلول أبو رحمون مكانهم.
وفي حينه أثارت هذه العملية غضبا شديدا في صفوف المواطنين العرب، لكن قادة القائمة المشتركة لم يكترثوا لهذا الغضب. وعادوا إلى معركة الكراسي عشية الانتخابات الحالية. فقد شق النائب أحمد الطيبي القائمة المشتركة لأن حلفاءه رفضوا التجاوب مع طلبه تحسين وضعه ومنحه نائبا إضافيا. وبدأ الصراع حول كيفية خوض الانتخابات. فأبرمت الاتفاقيات واخترقت من خلال هجمات متبادلة، إلى أن اتفقوا على خوض الانتخابات بقائمتين.
القائمة الأولى وتضم: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، برئاسة أيمن عودة والحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي، التي حصلت على 6 مقاعد، وقائمة الحركة الإسلامية الشق الجنوبي برئاسة منصور عباس والتجمع الوطني الديمقراطي برئاسة مطانس شحادة والتي حصلت على 4 مقاعد.
عندما قامت «القائمة المشتركة»، سنة 2015. انبعثت الآمال العريضة في نفوس المواطنين، لذلك كانوا معها كرماء. فقفزت لديهم نسبة التصويت من 53 في المائة في 2013 إلى 64 في المائة سنة 2019. ومنحوها 86 في المائة من أصواتهم. لكن الصراعات الشخصية والحزبية أفشلت المشروع. وشهد الجمهور الواسع موجة غير مسبوقة تدعو المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات. وقد تجاوب الجمهور مع الحملة، وكانت هناك قطاعات واسعة من الجمهور لم تكن بحاجة إلى الحملة حتى تقاطع، فهي غاضبة جدا وتريد معاقبة النواب. وهبط تمثيل العرب من 13 إلى 10 نواب. وتراجعت نسبتهم من 86 في المائة إلى 70 في المائة. وهبط عدد الأصوات التي حصلوا عليها من 446 ألف صوت للقائمة المشتركة إلى 327 ألف صوت للقائمتين العربيتين (حجم الخسارة 119 ألف صوت)، فيما وصلت القوائم العربية الثلاث في انتخابات 2013 إلى نحو 348 ألف صوت.
اليسار ودرس الهزيمة
الخبير السياسي آلوف بن، رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، توجه إلى اليسار الإسرائيلي بطلب أن يتعلم الدرس من هزيمته التي سجلها في هذه الانتخابات، وفي مركز هذا الدرس كيفية التعامل مع فلسطينيي ثمانية وأربعين. ويقول آلوف بن إن على اليسار أن يدرك جيدا أن الدرس الذي يجب أن يتعلمه من هزيمته المتكررة هو أن احتمال عودته في أي يوم إلى الحكم يكمن في التعاون مع الوسط العربي في إسرائيل وتشجيع نموذج المواطنة المتساوية التي ستحرك الناخبين العرب نحو صناديق الاقتراع. لا يوجد مخزون آخر من الناخبين يمكنه أن يشكل قاعدة لعملية انقلاب مضاد. بيني غانتس وأصدقاؤه ساروا في أعقاب أسلافهم، وخافوا من كل اتصال مع العرب. هكذا أيضا برروا سياسة اليمين، وتنازلوا عن الورقة الوحيدة التي كان يمكن أن ترجح الكفة لصالحهم. ولكن ليعرف من سيأتي بعدهم أن هذه الورقة ما زالت موجودة على الطاولة إلى حين يأتي شخص ما تكون لديه الشجاعة لرفعها قبل أن يصبح الوقت متأخرا جدا».
يرى آلوف بن، أن الانتخابات بددت، ربما مرة واحدة وإلى الأبد، وهم «الوسط – يسار». هذه المرة وقف أمام نتنياهو جميع رؤساء الأركان السابقين، الذين ما زالوا على قيد الحياة وعدد من الجنرالات الآخرين. وحتى هذا لم يساعد. الطلب لهذه السلعة ببساطة لا يكفي لاستبدال الحكم. في أوساط الجمهور اليهودي توجد أغلبية واضحة لمواقف اليمين. ومرة أخرى تبين أن الطريقة الوحيدة لهزيمتها هي بناء بديل فكري من الأسفل، وعدم الأمل بأن يكون ذلك لقمة سائغة وانقضاضا ناجحا على الكنيست وعلى مقر الحكومة.
ميرتس تلعق جراحها وتتجه نحو العرب
حركة «ميرتس» اليسارية، كانت أبرز الأحزاب الصهيونية التي عملت بين فلسطينيي 48، بأمل تعزيز قوتها، لكنها استيقظت ثاني يوم الانتخابات تلعق جراحها بعد أن عبرت نسبة الحسم بأصوات قليلة، وأبدت الرغبة في حساب النفس. لكن رئيسة الحزب تمار زاندبرغ، وجدت أن أولى دروسها ستكون في كيفية تعزيز وجودها ومكانتها بين فلسطينيي ثمانية وأربعين. ودعت زاندبرغ إلى نظرة أعمق من أجل بناء يسار إسرائيلي جديد، وقالت: «لنبدأ بإنشاء بديل يساري واضح وحاد، وواسع. فقط إذا حافظنا على شراكة سياسية حقيقية من أجل تشكيل حكومة مع ممثلين عرب، بدعم عربي كبير، لن يخدم رئيس وزراء يميني في إسرائيل. يجب أن يقوم عملنا اليوم على التحالفات والشراكات الواقعية».
واقترح عضو الكنيست إيلان غيلؤون، فكرة الوحدة مع حزب العمل، وقال: «كما قلت قبل الانتخابات، فقد حان الوقت لتوحيد ميرتس مع حزب العمل لصالح إنشاء كتلة يسارية صهيونية - اشتراكية كبيرة قوية. هذا هو المطلوب الآن وكلما كان أسرع كان ذلك أفضل». وكانت زاندبرغ قد دعت بالفعل إلى مثل هذا الاتحاد قبل الانتخابات، لكن آفي غباي رئيس حزب العمل، رفض ذلك.
كنيست الجنرالات
الكنيست الـ21 في إسرائيل، الذي سيؤدي اليمين القانونية في 30 أبريل، سيكون بميزة مختلفة عن سابقيه. فيها العدد الأكبر من النواب الجدد وسيمنحها عدد الجنرالات ميزة غير مسبوقة.
49نائبا ونائبة جدد سيدخلون البرلمان لأول مرة – وهذا رقم قياسي.
معظم النواب الجدد (24) هم من كتلة أزرق أبيض وعلى رأسهم زعيم الحزب بيني غانتس، الذي سيكون رئيس المعارضة أيضا. وفي كتلة الليكود أيضا يوجد الكثير من النواب الجدد (11) ممن انتخبوا في مناطق سكناهم. باقي الجدد يأتون من اتحاد أحزاب اليمين (3) الموحدة – التجمع (3)، يهدوت هتوراة (2)، العمل (2)، إسرائيل بيتنا (2)، شاس (1) والجبهة – العربية (1).
8جنرالات
سيكون في الكنيست العدد الأكبر نسبيا من كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي. فإضافة إلى ثلاثة رؤساء أركان سابقين: بيني غانتس، وغابي أشكنازي، وموشيه بوغي يعلون، من حزب أزرق أبيض سيكون أيضا خمسة جنرالات في الاحتياط: يوآف غالنت، وعوزي ديان من الليكود، وتل روسو من العمل، وآليعيزر شتيرن، وأورنا بربيباي من أزرق أبيض.
النساء
لن يطرأ تغيير في عدد النساء (29)، وسيكون مشابها للكنيست السابق، وإن كان في أثناء ولايته أضيفت 6 نائبات جديدات فوصل عددهن إلى 35. وأشار الدكتور عوف ركينك من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية إلى أن عدد النساء في البرلمان الإسرائيلي يجعل إسرائيل في المرتبة الـ76 في العالم.
العرب
في الكنيست الـ21 سيتقلص عدد النواب العرب. فبعد أن كان عددهم في الكنيست السابق 15 نائبا، سيكون عددهم في هذا الكنيست 12 معظمهم من الأحزاب العربية.
الأصول الشرقية
من بين النواب الذين انتخبوا، 42 من أصل شرقي، منهم 15 من الليكود، 9 من أزرق أبيض، 4 من العمل و3 من كلنا. كل نواب كتلة شاس هم من أصل شرقي. وفي المقابل، في كتلة ميرتس ويهدوت هتوراة لا يوجد أي ممثل للطوائف الشرقية.
نواب أصوليون
المتدينون والأصوليون أيضا سيشكلون ربع الكنيست الجديد، منهم 17 أصوليا و14 متدينا قوميا. يكاد يكون كل النواب الأصوليين يمثلون الحزبين الأصوليين شاس ويهدوت هتوراة، ولكن توجد نائبة أصولية من أزرق أبيض – عومر ينكلبتش.