التباين في المواقف الدولية حول سبل معالجة الوضع في سوريا مؤشر لمخاطر إطالة الأزمة السورية، بعد فشل التحركات الدبلوماسية في أروقة مجلس الأمن، وتحت سقف المؤتمر الذي جمع "أصداق سوريا" في تونس، فيما تبدو أجواء دول مجلس التعاون الخليجي مرضية للمعارضة، بعد أن عقدت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، العزم على مواجهة ممارسات القمع التي ينتهجها النظام السوري ضد شعبه.
أما سيناريوهات حلول الأزمة فتتعدد مع تزايد أعمال العنف في الداخل، إلا أن الموقف الدولي مازال ضعيفاً، ولم يرق الى مستوى تضحيات الشعب السوري، بحسب المنسق العام للإخوان المسلمين، والذي يرى أن "المواقف لا تتعدى لغة التصريحات، ولا شيء على أرض الواقع".. وفيما يلي نص الحوار:
سيناريوهات الأزمة
* إلى أين تتجه الأوضاع في سوريا في ظل تخبط المجتمع الدولي في حسم موقفه من النظام؟
ـ الشعب السوري عندما قام بالثورة قام بها بشكل عفوي متوكلا على الله، معتمدا على نفسه، نتيجة ماعاناه من ظلم على مدى عشرات السنين، وهو اليوم أشد تصميماً على اسقاط النظام مهما بلغت التضحيات، ويتحمل المجتمع الدولي مسؤولية اخلاقية في تردده في دعم الثورة، مما سيؤخر الحسم ويؤدي الى المزيد من الدماء.
* أشارت أنباء إلى أنه تم على هامش اجتماع "أصدقاء سوريا" في تونس أخيرا عقد اجتماع لممثلين عن الاستخبارات العسكرية الأميركية والبريطانية والفرنسية والتركية وبعض الأقطار العربية، حول موضوع "تنظيم انقلاب عسكري" ضد الرئيس السوري بشار الأسد، ما إمكانية حدوث مثل هذا السيناريو؟
ـ لم يحصل مثل هذا اللقاء فيما نعلم، لكن الانشقاقات في الجيش، والانحياز إلى الجيش السوري الحر، مرشحة للمزيد، كلما أمعن النظام في القتل.
* هل أنت متفائل باحتمالية موافقة موسكو على مشروع قرار أعدته واشنطن حول سوريا، والمتوقع طرحه رسميا في مجلس الأمن الدولي؟
ـ الشعب السوري لم يعد يعلق آمالا على الموقف الروسي، ونعتقد أنه لو كانت الولايات المتحدة جادة في موقفها، تستطيع اقناع روسيا بتغيير موقفها.
[caption id="attachment_55233223" align="alignleft" width="150" caption="برهان غليون"][/caption]
* ما أهمية مهمة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا كوفي أنان؟
ـ لا أعتقد أن لهذه الزيارة أية أهمية، ما دام النظام السوري لا يتعاون مع هذه الجهود الدولية والإنسانية، ويبدو أن مثل هذه الوسائل لا تنفع مع هذا النظام، الذي لا يفهم غير لغة القوة، والشعب مصمم على اسقاطه.
* أعلن المجلس الانتقالي الليبي، أن السلطات الليبية ستمنح المعارضة السورية مساعدات إنسانية بمائة مليون دولار، وتسمح لها بفتح مكتب في العاصمة طرابلس، هل طلبت سلاحا من ليبيا؟
ـ نحن نقدر للسلطات الليبية موقفها الداعم لثورة أهلنا في سورية، ونشكرها على مواقفها المتضامنة مع الشعب السوري، وعلى ما تقدمه من عون ومساعدة.
* هل مازالت تقنعكم مسألة المساعدات الإنسانية والمساعي الدولية حول محور ايصال المساعدات، وغياب سيناريو المنطقة العازلة أو فرض حظر دولي؟
ـ الموقف الدولي مازال ضعيفاً، ولم يرق الى مستوى تضحيات الشعب السوري، ولا نسمع منهم سوى التصريحات ولا شيء على أرض الواقع. ونعتقد أن الممرات الآمنة والمنطقة العازلة المحمية، أصبحت ضرورة ملحة لحماية الشعب السوري.
* هل تتخوفون من تكرار السيناريو الليبي في سوريا؟
ـ مع تأكيدنا لمطلب حماية المدنيين الذي هو التزام دولي قانوني وإنساني.. فلا نعتقد أن السيناريو الليبي يمكن تكراره في سورية.
* منذ انتهاء مؤتمر تونس والمواقف الدولية أصبحت اكثر وضوحا، ليس هنالك من امكانية لحل عسكري ضد النظام السوري، ما يعني ضمنا وجوب البحث عن حلول سياسية مع النظام، بماذا ستردون؟
ـ لا يمكن أن يكون النظام السوري طرفاً في أي حل سياسي، بعد إصراره على الحل الأمني، وبعد أن أمعن في القتل، وقتل من الشعب السوري ما يزيد على عشرة آلاف شهيد، وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين والمعتقلين، من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال.. نعتقد أن الشعب السوري قادر على حسم المعركة لصالحه، إذا توفرت له الحماية اللازمة. لقد قرّر الشعب الاستمرار في ثورته حتى إسقاط النظام، وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليته في حماية المدنيين، ليتمّ ذلك بأقل التكاليف.
* هناك رأي في إسرائيل يعتبر حدوث تغير في سوريا أمرا ايجابيا انطلاقا من ان الإخوان المسلمين سيخرجون سوريا عن الوصاية الإيرانية، فيما يفضل آخرون التمهل في إسقاط الأسد بانتظار جلاء صورة البديل المحتمل للنظام في دمشق، ايهما اقرب الى الواقع؟
ـ نعتقد أن الموقف الإسرائيلي هو في الواقع وراء تردد الغرب وعدم الحسم في موقفه من النظام السوري، وهم مازالوا يدرسون الاحتمالات والبرامج السياسية لأطراف المعارضة ذات الثقل على الارض بعد سقوط النظام.
* في رأيك من سيكون البديل المحتمل للنظام في دمشق؟
ـ البديل نظام مدني ديمقراطي تعددي، تشارك فيه أطياف المجتمع السوري كلها، ولن تكون هناك سيطرة لحزب أو اتجاه، فقد مل شعبنا من التفرد والإقصاء.
* هل سيكون هناك "طائف" سوري مستوحى من التجربة اللبنانية، وسط تعقيدات سياسية اقليمية ودولية تحيط بالأزمة السورية؟ هل هناك ما يشير في الأفق الى مساعي لتطبيق ذلك؟
ـ لا أجد في الأفق ما يشير إلى مثل هذه المساعي، وأعتقد أن الحالة السورية مختلفة عن الحالة اللبنانية، وأعتقد أن المجتمع السوري بكل مكوّناته قادر على التفاهم والتعايش، على الرغم من محاولات النظام السوري تخويف هذه المكونات بعضها من بعض.
تفوّق خليجي
* هناك تطور عربي بارز، حيال الأزمة السورية، إلى أي مدى تغير وجهة بوصلة تعويل المعارضة من القطب الأوروبي إلى دول الخليج؟
ـ من البداية كانت المعارضة تسعى لتطوير الموقف العربي والإقليمي، وخاصة ان الموقف الغربي لم يتعد التصريحات. أما دول الخليج وخاصة السعودية وقطر، فقد بدأت بخطوات عملية وبدأت بتزويد المعارضة بالأموال لدعم ثورة الشعب السوري، ونأمل في تطوير هذا الموقف ليلبي تطلعات الشعب السوري في إسقاط النظام السوري.
* ما رأيك في التصريحات القطرية والسعودية الداعية لتسليح المعارضة؟
ـ الأشقاء في السعودية وقطر قدروا الموقف تقديراً صحيحاً، في أن النظام السوري لا يفهم غير منطق القوة، ولابد من مجابهته بالقوة، ومن حق الشعب السوري الحصول على السلاح للدفاع عن نفسه، والشعب السوري يقدر لهم هذا الموقف.
* لمَ لم ينسحب المجلس الوطني من مؤتمر "اصدقاء سوريا" على غرار السعودية، خاصة ان المعارضة أبدت انتقادات عدة للمؤتمر؟
ـ على الرغم من أن قرارات المؤتمر لم ترق الى مستوى التوقعات، إلا أنها تعتبر تطوراً مهماً في الموقف الدولي، وانسحاب وفد المجلس الوطني قد يفشل المؤتمر، علماً أننا نقدر موقف الوفد السعودي، الذي انسحب من إحدى الجلسات وليس من المؤتمر.
* هناك حديث عن اجتماع وزاري خليجي ـ روسي حول سوريا سيعقد في الرياض، ما تتوقع من هذا الاجتماع؟
ـ نأمل أن تتمكن دول الخليج من اقناع الروس بالتراجع عن موقفهم، والتوقف عن استخدام حق النقض في مجلس الأمن ضد قرار دعم المبادرة العربية.
حسابات تركيا
* هل بالفعل تركيا أعادت حساباتها بسبب المعادلة التي أرستها ايران، عندما وجهت طهران انذارات لأنقرة رافضة أي تسوية على حساب النظام السوري؟
ـ اعتقد ان موقف تركيا مرتبط بالموقف الدولي وليس بالموقف الايراني، وتنتظر قراراً دولياً لتمارس دورها من خلاله.
* هناك رأي آخر حول ارتخاء الموقف التركي، ويذهب الى أن الدعم التركي للمجلس الوطني ينحصر في كونه دعما للجانب الإخواني، وان تسارع الأحداث في سوريا أخرج الأمور من سيطرة الاتراك، وتبين لهم فيما بعد ان تعويلهم على دور الإخوان في الحراك الثوري محض خيال، بماذا ترد؟
ـ تركيا تدعم مطالب الشعب السوري وكافة أطياف المعارضة، ونصحت المعارضة بالتوحد، وأيدت المجلس الوطني لكونه جمع معظم اطياف المعارضة، ولا يرتبط موقفها بعلاقتها مع الإخوان.
* ما صحة المعلومات من أن تركيا، طرحت على السلطات السورية، منح الاخوان المسلمين أربع وزارات، اضافة الى وزارة سيادية، وهذا الطرح لم يرفض من الجانب السوري، انما تم التحفظ على الوزارة السيادية من قبل سوريا؟
ـ لا صحة لهذه المعلومات، وقد سبق لأحمد داود أوغلو أن نفاها، وأعتقد أن تركيا كانت تمارس الضغوط على الأسد لاجراء اصلاحات وايقاف العنف لتجنيب سورية ما وصلت اليه اليوم، ولكن الاسد لا يقبل النصح.
* هل ضغطت تركيا من خلالكم على الإخوان المسلمين لاستدراج الجيش الحر، الى محاربة وجود الجناح الموالي لـ(العمال الكردستاني)، وإقحام الجيش الحر في صراعاتها الداخلية مع الأكراد؟
ـ لا صحة لهذا الكلام، ولا أصل له.
[caption id="attachment_55233225" align="alignleft" width="162" caption="هيثم مناع"][/caption]
* وزير الخارجية السوري وليد المعلم، صرح مؤخرا أن "الخلاف حول الإخوان المسلمين، دفع العلاقات التركية السورية إلى نقطة اللاعودة"، ما الذي جعل تركيا تضحي بسوريا من أجل الإخوان، وهل هناك ضمانات قدمتموها لتركيا؟
ـ كلام وزير الخارجية السورية لا مصداقية له، خاصة بعد أن شطب أوروبا من خارطة العالم. الذي دفع العلاقات السورية التركية الى نقطة اللاعودة هي الجرائم التي ارتكبها النظام السوري ضد الشعب والموقف الأخلاقي الذي اتخذته تركيا لمساندة الشعب السوري ضد جرائم النظام.
* تجري النقاشات حاليا بين "المجلس الوطني السوري" ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو لبحث التحضيرات الجارية للمؤتمر الثاني لـ"أصدقاء سوريا".. ما الذي على المعارضة ان تحمله في لائحة مطالبها للوزير التركي؟
ـ مطالب المعارضة هي تنفيذ الالتزام الدولي بحماية المدنيين، وفقاً للقوانين الدولية، وقطع العلاقات مع النظام السوري بسحب سفراء الدول من دمشق، وطرد سفراء النظام السوري، والاعتراف بالمجلس الوطني ممثلاً للشعب السوري، وتقديم كل أشكال الدعم الإغاثي واللوجستي للشعب السوري، وتحفيز جميع الدول لاتخاذ نفس المواقف.
* ما الذي ينتظره أردوغان خاصة ان المعارضة كانت تتوقع من الحكومة التركية أن تكون أول دولة تعترف بالمجلس الوطني، ولم تفعل؟ هل المؤتمر سيحمل أي جديد؟
ـ اعتقد أن تركيا ستعترف بالمجلس الوطني، وتدعو بقية الدول إلى اتخاذ هذا الموقف.
* كيف استقبلتم موقف حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؟
ـ تعرّضت (حماس) لضغوط كبيرة من النظام السوري لتقف إلى جانبه ضدّ الثورة الشعبية، وموقف (حماس) التي لم ترضخ لهذه الضغوط، كان متوقعاً من حركة مقاومة تسعى الى حرية شعبها، بعد ان كشفت زيف ادعاءات النظام في الممانعة، وحجم الجرائم التي يرتكبها ضد شعبه.
إيران.. علاقة مدانة
* ما رأيك في مواقف هيثم المناع، وتخوفاته من أسلمة الحراك الثوري وعسكرة الثورة، وكيف تنظر لعلاقاته المزعومة مع إيران؟
ـ أما علاقة هيثم مناع مع ايران فهي مدانة من قبل الشعب السوري والثوار، بسبب دعم ايران المطلق لجرائم النظام السوري. ومواقف هيثم مناع هي نفس مواقف هيئة التنسيق، التي رفضها الشعب السوري وأعلن أنها لا تمثله.
* من كان وراء الاتفاقية مع هيئة التنسيق، وهل هناك اطراف في المجلس تريد الانفتاح على ايران؟
ـ الحوار مع هيئة التنسيق قديم، وقد شاركت فيه أطراف عدة في المجلس الوطني، لكن المشكلة كانت في التوقيع على مسودة الاتفاق قبل عرضها على مؤسسات المجلس الوطني. وأعتقد أن الموقف من إيران موحد داخل المجلس الوطني.
* ما هي تفاصيل العرض الإيراني لكم، وأسباب رفضكم العرض؟
ـ لم يكن هناك عرض إيراني بالمعنى الدقيق للكلمة، كانت هناك محاولة قام بها بعض الوسطاء، لإجراء حوار مع إيران، إلاّ أن الجماعة رفضت هذا العرض، بسبب موقف إيران الداعم للنظام السوري، والمعادي لثورة الشعب.
دائرة المعارضة
* ما تفسيرك للاعتراف الأوروبي بالمجلس الوطني حتى قبل أن تعترف به الدول العربية؟
ـ لا شك أن موقف دول الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص، هو موقف متقدّم، ومعظم الدول العربية تتعامل مع المجلس الوطني بشكل فعلي، وأعتقد أن الاعتراف الرسمي سيتم قريبا.
* بماذا تفسر إقدام هيثم المالح و20 معارضا، على تشكيل جبهة ضمن المجلس الوطني ستقدم الدعم اللوجستي والمادي للجيش السوري الحر؟ وفي ما يخص إعلان "المجلس الوطني السوري"، عن تشكيل مكتب عسكري، ما أبعاد هذه الخطوة وأهدافها؟
ـ مهمة المجلس الوطني سياسية، ومن الطبيعي ان يشكل مكاتب ولجاناً لتغطية نشاطاته، ومنها المكتب العسكري للتنسيق مع الجيش السوري الحر، أما خطوة الأستاذ المالح وزملائه، فهي نوع من التكتل داخل المجلس الوطني، لممارسة أنشطة مشتركة مع بقائهم في إطار المجلس الوطني، كما أعلنوا هم أنفسهم عن ذلك.
* هل الإخوان يتخوفون من التفوق العسكري للجيش الحر؟ كانت هناك تقارير تحدثت عن محاولات الإخوان السيطرة على الجيش الحر واستمالتهم.
ـ على العكس من ذلك، نحن ندعم الجيش السوري الحر، وننسّق معه، ونسانده بما نستطيع، ونسعى لأن يتفوق، ليقوم بواجبه في تأمين الحماية للشعب السوري، ويحقق النصر على عصابات الأسد.
* جرى الحديث عن وجود خلافات بين رياض الأسعد قائد الجيش الحر، وبين العميد المنشق مصطفى أحمد الشيخ، هل الجيش الحر متماسك بالفعل؟
ـ نعم.. جرت بعض الخلافات، وتم تجاوزها، وتم التوافق، وكان لنا دور إيجابيّ في تحقيقه.
* للإخوان رأسمال كبير في تركيا، وهذا الدعم المالي للمجلس الوطني لإحكام قبضتكم على المجلس؟
ـ ليس للإخوان رأسمال أو استثمارات في تركيا، وليس الأتراك هم وحدهم من يدعم المجلس الوطني، وللمجلس موارده الخاصة من كل الأطراف.
* هل انتم ضغطتم على تركيا لتجميد حساب للجيش الحر في احدى بنوكها، في محاولات للضغط على الجيش الحر للخضوع الى المجلس الوطني؟
ـ هذا الكلام لا صحة له مطلقا، ولا أصل له.
* هل انتم مرتاحون للعميد الركن مصطفى أحمد الشيخ، فهناك من انتقد منكم حديثه عن "الدولة المدنية"، ورأيه بأن "الإخوان المسلمين" ليس لهم رصيد في سوريا، ، ولا يلعبون دوراً مهماً في الحراك الداخلي ضد النظام"؟
ـ نحن رحبنا ونرحب بكل الضباط الشرفاء الذين انحازوا وينحازون إلى ثورة الشعب السوري، ولا نحجر على أحد رأيه، ونحن منصرفون إلى دعم ثورة أهلنا وتخفيف معاناتهم، ولسنا بصدد المكاثرة أو المغالبة مع أحد.
* بماذا ترد على من وصف المجلس الوطني بأنه رأس علماني متمثل ببرهان غليون، وهيكل اخواني يمثل الاخوان المسلمين، اما ما تبقى فهي اطراف مشلولة؟
ـ المجلس الوطني كيان تشكّل من معظم مكونات الشعب السوري وتياراته، والعلاقة بين مختلف الأطراف فيه قائمة على أساس التعاون والتكامل والاحترام المتبادل.
* هل إن الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني الحالي هدّد بتقديم استقالته، إذا لم يتم التمديد له في رئاسة المجلس لفترة مقبلة؟
ـ لا صحة لهذا الكلام، ولم أسمع به.
* اشكالية تشتت المعارضة تؤرق الثوار في الداخل السوري، أين وصلت مساعيكم لتوحيد المعارضة؟
ـ المعارضة المجتمعة تحت مظلة المجلس الوطني، متفقة في الرؤية والأهداف، وإن كانت تختلف في التوجهات الفكرية والسياسية، وهذا أمر طبيعي، فلا يضير هذه المعارضة، أما المعارضون من خارج المجلس الوطني، فنحن متفقون معهم على معظم الأمور، وأعتقد أن التفاهم والتنسيق معهم ممكن، ونحن نسعى إلى ذلك.
* كيف هي علاقتكم مع الأكراد، وما موقفكم من تشكيلهم المجلس الكردي؟
ـ يوجد تمثيل لإخوتنا الكرد في المجلس الوطني، ونحن نسعى إلى تطوير هذا التمثيل، من خلال الحوار. وأعتقد أن من حقهم أن يشكّلوا مجلسهم، الذي يعبر عن مواقفهم وخصوصياتهم.
* كانت هناك زيارة لبرهان غليون الى اقليم كردستان العراق، في ظل مساعي لدخول المجلس الكردي الى المجلس الوطني. ما الذي يقف دون انخراط الاكراد في صفوف المجلس الوطني السوري؟
ـ أعتقد أن المساعي بهذا الاتجاه تسير بشكل إيجابيّ.
* رئيس أساقفة حلب للكلدان المطران أنطوان أودو قال: "المسيحيون هم الأقلية الأكثر تهديدا من جراء الحرب الأهلية". هل توافقه الرأي؟
ـ الحرب الأهلية فزاعة يستخدمها النظام لتخويف أبناء الشعب السوري، بعضهم من بعض، ويحاول جرّ البلاد إلى مستنقع الطائفية والحرب الأهلية، لكن وعي الشعب السوري وتماسكه، قطع عليه الطريق، وفوّت عليه هذه الفرصة.
* ما حقيقة وجود (القاعدة) في صفوف الثوار ؟
ـ الأنباء عن وجود (القاعدة) في سوريا، هي من فبركات النظام السوري، لتخويف العالم من البديل القادم.
حول الإخوان المسلمين
* ما حقيقة البعد الطائفي عند الإخوان المسلمين في سوريا؟
سبق للجماعة أن أصدرت ورقة حول التكوين المجتمعي في سوريا، والموقف من الطائفية التي يحاول النظام إثارتها، لتخويف مكونات المجتمع السوري بعضها من بعض. وقد أكدنا فيها مبدأ المساواة والشراكة بين كل أبناء الوطن، وأن تقوم العلاقة بينهم وفق مبدأ المواطنة، الذي يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات.
كما شاركت الجماعة في ورشة تجريم الطائفية في القاهرة، مع عدد من الشخصيات التي تمثل مختلف مكونات الشعب السوري، وأصدرت بيانا ضافياً حول الموضوع.
* كيف علاقتكم مع عبد الحليم خدام ورفعت الأسد، وهل سيكون لهما دور في سوريا ما بعد بشار؟
ـ لا توجد لنا علاقة حالياً بالسيد عبد الحليم خدام بعد انفراط عقد جبهة الخلاص الوطني، أما رفعت الأسد فلا نعتبره معارضاً للنظام. والشعب السوري هو الذي سيختار ممثليه بعد سقوط النظام، من خلال صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة.
* ما مقدار حجمكم على الأرض، ولا حجمكم في المجلس الوطني؟
ـ ليس لنا وجود تنظيمي داخل سورية، بسبب الحرب المعلنة التي ما يزال النظام السوري يشنّها علينا، وبسبب القانون رقم (49) لعام 1980 الذي يحكم على مجرد الانتماء لجماعتنا بالإعدام. لكننا موجودون ـ على الرغم من ذلك ـ من خلال فكرنا الإسلامي الوسطيّ المعتدل، والجمهور الواسع المؤيد لفكرنا وتوجّهاتنا. نحن جزء من التيار الإسلامي المعتدل في سورية، وصناديق الاقتراع القادمة هي التي تحدد حجم كل تيار وطني.
أما نسبة تمثيلنا في المجلس الوطني السوري، فلا تتجاوز العشرين في المائة.
* هناك من يرى أن النظام "سيفعل أي شيء قبل أن يسقط، بما في ذلك إشعال حرب طائفية شاملة، ليقول بشار أنا أو العدم"، هل هناك خطط لمواجهة هذا الخطر.
ـ من الواضح أن النظام مستعد لارتكاب أبشع الجرائم، في سبيل بقائه في السلطة، وأنه في سبيل الاحتفاظ بهذه السلطة، لا مانع لديه أن يحاصر المدن، ويدمرها على رؤوس سكانها المدنيين الأبرياء، ويمنع عن المواطنين الماء والغذاء والدواء.. ويمنع إسعاف الجرحى، بل يجهز عليهم في المستشفيات.. وحتى انه يحاول منع تشييع الشهداء، ويرتكب مجازر بحق المشيّعين
وهو ـ من أجل بقائه في الحكم - يحاول إشعال الحرب الأهلية والطائفية، واستفزاز المواطنين، وتحريض الطوائف بعضها على بعض.. إلا أن محاولاته باءت بالفشل إلى حد كبير، بسبب وعي أبناء شعبنا بكلّ مكوناته.
نحن نعتمد على وعي شعبنا، وقدرته على التماسك والتعايش، وإدراكه لخطورة المأزق الذي يحاول النظام جرّه إليه. ونحن واثقون بقدرة شعبنا على تحقيق ذلك.
* هل تستهويكم التجربة التركية، هل ستعملون على استنساخها في المجتمع السوري؟
ـ لكل مجتمع طبيعته وخصوصياته، ولا يمكن استنساخ تجارب الآخرين، أعتقد أن ما يميّز التجربة الديمقراطية التركية، هو موضع تقدير السوريين وإعجابهم، لكن كذلك فإن للسوريين تجربتهم الديمقراطية، في عهود الحرية قبل هذا النظام. وهم قادرون ـ بإذن الله ـ على تحديث تجربتهم بالاستفادة من تجارب الآخرين.
* ما حقيقة الخلاف بين جناح الإخوان المسلمين الحلبيين والإخوان الحمويين ويمثله عبيدة نحاس؟ وهل الجناح الحلبي في الإخوان يدفع الى الانفتاح على إيران؟
ـ ليس هناك في جماعة الإخوان المسلمين أجنحة متصارعة على أساس مناطقي، كما تروّج بعض الجهات، قد توجد اختلافات في بعض وجهات النظر، وهذا أمر طبيعيّ وصحيّ، لكنها ليست اختلافات على المبادئ والسياسات والتوجّهات التي يرسمها ويقرّها مجلس الشورى. والموقف من إيران هو موضع اتفاق وإجماع.
* ما الأساس الذي تنطلقون منه في مفهوم المواطنة في ظل أدبياتكم حول "إسلام الدولة" و"إسلام المجتمع"؟
ـ ميثاق الشرف الوطني الذي أصدرته الجماعة عام 2001، وكذلك مشروعنا السياسي الصادر في عام 2004، يؤكدان مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، وعلى إقامة الدولة المدنية التعدّدية التداولية المؤسساتية.. التي يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، والتي تقوم على أساس مبدأ المواطنة الذي يحكم العلاقة مع جميع المواطنين على السواء.
كما نؤكد أن مشروعنا السياسي، وبرنامجنا الإصلاحي، وإن كانت مرجعيتهما إسلامية، إلاّ أننا نعتبرهما مجرّد اجتهاد بشريّ، قابل للخطأ والصواب، والحوار والمناقشة، والتعديل والتصويب، كما أننا لن نفرض آراءنا وبرامجنا على أحد، فلكل مواطن الحق في اختيار النهج والبرنامج الذي يرتضيه، من دون إكراه.
* ما موقفكم من العلمانية ؟
ـ ليس للعلمانية مفهوم موحّد، حتى يكون لنا موقف واحد منها، فالعلمانية في تركيا سابقاً، هي غير العلمانية في تركيا الحالية، وهي غيرها في فرنسا، وغيرها في بريطانيا، وغيرها في أميركا.. نعتقد أن الدولة المدنية التي نسعى إليها تضمن للمواطنين جميعاً الحرية والكرامة والمساواة.
* كيف تنظرون الى مشكلة اسمها الأقليات الدينية والعرقية؟
ـ لا توجد في سورية مشكلة اسمها الأقليات الدينية والعرقية، فالشعب السوري بكل مكوناته العرقية والدينية والمذهبية، متعايش منذ أقدم العصور، لكن النظام السوري حاول إثارة النزاعات بين هذه المكونات، موهماً إياهم أنه حامي الأقليات، مخوّفاً هذه المكونات بعضها من بعض. وقد سبق لجماعتنا أن حددت موقفها من هذه القضية من خلال رؤيتها للقضية الكردية، وكذلك رؤيتها للتكوين المجتمعي والمسألة الطائفية في سورية، وهما ورقتان معتمدتان لدى الجماعة.
* الخطاب التكليفي بين الجنسين في أدبيات بعض الأحزاب والحركات الاسلامية، قد يثير مخاوف منظات نسوية الداعية لحقوق المرأة، الإخوان المسلمون كيف ينظرون الى حقوق المرأة؟
ـ يؤكد مشروعنا السياسي دور المرأة في المجتمع، وحقوقها كاملة غير منقوصة، وفق مبدأ (النساء شقائق الرجال)، ومبدأ (ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف)، كما يؤكد ضرورة تحرير المرأة من العادات والموروثات التي تحدّ من حريتها وحقوقها، والتي لا تمتّ إلى أحكام الشريعة الإسلامية بصلة.
* هل انتم جاهزون لمرحلة ما بعد بشار؟ كيف سيسهم الأخوان في بناء سوريا المستقبل؟
ـ نحن جزء من شعبنا، نقف معه في ثورته، ولم نتخلّ عنه في محنته، وستكون لنا مشاركاتنا في بناء بلدنا (سوريا الجديدة) بعد سقوط نظام الفساد والاستبداد، جنباً إلى جنب، مع كل أبناء شعبنا، بكافة مكوناته وتياراته.