* «المجلة» تكشف تفاصيل اجتماع 30 مارس الماضي الذي عقد بالضاحية الشرقية للعاصمة بين الرئيس الجزائري الأسبق الأمين زروال و قائد المخابرات الجنرال المقال محمد مدين وعناصر من المخابرات الفرنسية بتنسيق مع السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المستقيل
* قيادة الأركان كشفت عن اجتماعات لأشخاص معروفين قالت إنهم يخططون لاستهداف المؤسسة العسكرية بشن حملات تشويه عبر صفحات التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام، وذكرت عبر موقعها الرسمي أن تلك الأسماء سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب.
* عبد الرزاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية: العهد البوتفليقي انتهى فعليا... ولكن «لا يضحكن أحد على أذقاننا!» ولا يمكن أن اصدق بأن بوتفليقة كان في غيبوبة ويتنفس اصطناعيا وبعد ساعات يظهر جالسا يمسك أوراق الاستقالة... « إن ثمة مسرحية ما حُبكت لتوجيه عقولنا، فلن يكتب التاريخ بأنني كنت أحد المستغفلين».
* واشنطن: الشعب الجزائري هو من يقرر كيفية إدارة الفترة الانتقالية
* باريس: نتثق في قدرة الجزائريين على مواصلة الانتقال الديمقراطي بطريقة هادئة ومسؤولة
* موسكو: ما يحدث في الجزائر شأن داخلي على الشعب والسلطات تقريره ولا ينبغي أن يكون هناك تدخل خارجي من أي دولة
* بكين: نثق في قدرة الشعب الجزائري على إدارة عملية انتقال ديمقراطي سلس للسلطة، بما يخدم المصالح الجوهرية للجزائر
الجزائر: بقميص أبيض فضفاض مزركش بالطرز المغاربي المتميز والجميل، ظهر بوتفليقة أخيراً ليلة الثلاثاء الثاني من أبريل (نيسان) الجاري بعد ستة أسابيع من تظاهر الجزائريين ضد استمراره في كرسي الرئاسة بقصر المرادية في أعالي العاصمة، ليسلم قرار استقالته لرئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، معلنا بذلك انتهاء فترة حكم طويلة استمرت عشرين عاما.
فبعد أن قرر بوتفليقة (82 عاما) أن يخوض سباق الرئاسيات للمرة الخامسة على التوالي، رغم مرضه الذي أقعده الكرسي المتحرك إثر إصابته بجلطة دماغية في يونيو (حزيران) 2013. أجبره الجزائريون على سحب ترشحه بمسيرات مليونية غير مسبوقة في معظم المدن الجزائرية، ضغط الشارع وإصرار المتظاهرين على تحقيق مطالبهم أجبر بوتفليقة على إعلان سحب ترشحه وإلغاء الانتخابات، كما أعلن عن انتخابات رئاسية مسبقة في غضون عام، يعمل فيها على تكريس إصلاحات سياسية غير مسبوقة، من خلال تنظيم «ندوة وطنية» أو مؤتمر وطني جامع يلمّ كل القوى السياسية في البلاد، ويجمعها على طاولة حوار واحدة لرسم معالم النظام الجديد الذي تعهد بوتفليقة بتحقيقه تجسيدا لرغبات الجزائريين.

إعلان بوتفليقة إشرافه شخصيا على الإصلاحات السياسية خطوة اعتبرها الجزائريون تمديدا غير مباشر لحكمه، فالإجراءات التي أعلن عنها قال إنه سيشرف عليها شخصيا، ما يعني أن فترة ولايته ستستمر لعام أو تزيد، وهو ما رفضه الجزائريون جملا وتفصيلا، وعبّروا عن رفضهم بالتمسك بمسيراتهم السلمية رافعين شعارات «لا للتمديد ورحيل جميع رموز النظام».
أمام هذا الوضع، وأمام حالة الانسداد الحاصل، تدخل الجيش من خلال قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح ليعلن اقتراح الجيش بضرورة تطبيق المادة 102 من الدستور، والتي تنص على إعلان حالة شغور منصب الرئيس لأسباب صحية، ورغم طلب الجيش بتفعيل المادة إلا أن المجلس الدستوري لم يحرك ساكنا ما دفع بالجزائريين إلى رفع سقف مطالبهم، والتمسك بالمسيرات إلى غاية الاستقالة الفورية لبوتفليقة، ورحيل جميع رموز نظامه، وهي المطالب التي طالب الجيش بتطبيقها من خلال دعوته لتفعيل المادتين السابعة والثامنة من الدستور، واللتين تنصان على أن الشعب مصدر كل سلطة، وأن للشعب الحق في التأسيس للدستور، ورغم ذلك لم يحرك المجلس الدستوري ساكنا مرة أخرى لتطبيق المواد الدستورية التي طالب بها الجيش وطالب بها الجزائريون في مسيراتهم المليونية.

كواليس استقالة بوتفليقة
في الأول من أبريل الجاري أصدرت قيادة الأركان بيانا حاسما وشديد اللهجة، كشفت فيه عن التزامها بالدعوة لتطبيق المواد الدستورية السابقة، كما كشفت عن اجتماعات لأشخاص معروفين قالت إنهم يخططون لاستهداف المؤسسة العسكرية بشن حملات تشويه عبر صفحات التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام، وذكر بيان قيادة الأركان المنشور عبر موقعها الرسمي أن تلك الأسماء سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب.
ساعات قليلة من بيان الجيش كشفت مصادر إعلامية جزائرية، عن لقاء جرى بين الرئيس الجزائري الأسبق الأمين زروال الذي قدم استقالته من الرئاسة عام 1998 وخلفه الرئيس بوتفليقة، وقائد المخابرات الأسبق الفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق، وقالت مصادر موثوقة لـ «المجلة» أن اللقاء حضرته عناصر من المخابرات الفرنسية، وذكرت أن الجماعة التي كشف عنها الجيش تتعلق بهذا اللقاء. ورغم مسارعة الجنرال المقال محمد مدين إلى نفي حضوره هذا اللقاء فإن مزاعمه تم دحضها من طرف قناة «النهار» الخاصة التي نشرت صورا تثبت لقاء توفيق بالرئيس الأسبق أمين زروال والذي سارع بدوره في اليوم الموالي لإصدار بيان يؤكد حضوره في هذا الاجتماع الذي عقد بالضاحية الشرقية للعاصمة في 30 مارس (آذار) الماضي بطلب من الجنرال توفيق الذي نقل له عرض رئاسة هيئة رئاسية تتولى إدارة شؤون البلاد، وهو العرض الذي ذكر الأمين زروال أنه تم باتفاق وتنسيق مع السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس بوتفليقة.
وأعرب زروال عن رفضه للمقترح، وقال في بيان نشرته وسائل إعلام جزائرية «عبرت لمحدثي عن ثقتي الكاملة في الملايين من المتظاهرين، وكذا ضرورة عدم عرقلة مسيرة الشعب الذي استعاد السيطرة على مصيره». كما عبر عن فخره بالمسيرات السلمية في الحراك الشعبي، حينما قال: «ككل الجزائريين شعرت بفخر كبير عندما شاهدت ملايين الجزائريات والجزائريين يطالبون بجزائر ديمقراطية بحماسة ووعي ونظام، شرّف الأمة وأعطى عن الجزائر وشعبها صورة كريمة عن تطلعاتنا التاريخية».
تسارع الأحداث، ودخول قنوات إعلامية جزائرية في حرب نشر بيانات ومعلومات اعتبرها متابعون مؤشراً على تفاقم الصراع بين مؤسستي الجيش والرئاسة، خاصة بعد مسارعة الوزير الأول نور الدين بدوي لإعلان تشكيلة حكومته الجديدة، والتي اعتبرها الجزائريون استفزازا واضحا للحراك، لأن التعديل لم يحمل أي جديد، ولم يكن في مستوى تطلعاتهم ومطالبهم.
حالة الترقب والجدل تنامت أكثر بعد بيان صدر عن رئاسة الجمهورية جاء فيه أن بوتفليقة سيستقيل من منصبه لكن دون تحديد تاريخ لذلك، ما شكل مخاوف كبيرة للجزائريين من إمكانية استمرار بوتفليقة لآخر يوم من عهدته ما يتسبب في حدوث شغور وفراغ دستوري غير مسبوق.

هذه المخاوف دفعت بقيادة الأركان وبعد ساعات قليلة من إصدار بيان الرئاسة السابق ذكره إلى عقد اجتماع برئاسة الفريق أحمد قايد صالح، وبحضور مختلف القيادات العسكرية أبرزهم قادة القوات وقادة النواحي العسكرية والأمين العام لوزارة الدفاع حيث صدر بيان حاسم طالب بالتطبيق الفوري للمادة 102 من الدستور، بل أكثر من ذلك حينما ذكر البيان ولأول مرة ذكر وجود قوى غير دستورية استولت على صلاحيات الرئيس، وتتحدث باسمه، ووصف تلك القوى بـ«العصابة».
ومن خلال البيان أكد قايد صالح أنه «تابع عن كثب تلك المسيرات السلمية، التي خرج فيها الشعب الجزائري رافعا مطالب مشروعة»، وأشاد «بالسلوك الحضاري والمستوى الراقي للوعي والنضج الذي أبانه الشعب الجزائري، طيلة هذه المسيرات»، معبرا عن «تأييده التام لمطالب الشعب وتطلعاته المشروعة، انطلاقا من قناعته النابعة من تمسكه بالشرعية الدستورية وأن الشعب هو المصدر الوحيد والأوحد للسلطة».
وتابع صالح أن «المساعي المبذولة من قبل الجيش الوطني الشعبي منذ بداية الأزمة وانحيازه الكلي إلى المطالب الشعبية، تؤكد أن طموحه الوحيد هو السهر على الحفاظ على النهج الدستوري للدولة، وضمان أمن واستقرار البلاد وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير وجه حق على مقدرات الشعب الجزائري، وهي الآن بصدد الالتفاف على مطالبه المشروعة من خلال اعتماد مخططات مشبوهة، ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والدفع بها نحو الوقوع في فخ الفراغ الدستوري».

- متظاهرون يلوحون بالأعلام الوطنية الجزائرية أمام برج إيفل في باريس خلال مظاهرة من أجل المساواة في الحقوق، وتأييدًا للاحتجاجات المستمرة في الجزائر في يوم المرأة العالمي، في 8 مارس 2019. (غيتي)
صالح ومن خلال البيان أشار إلى تورط العصابة في قضايا فساد ونهب للمال العام حينما تساءل «كيف تمكنت هذه العصابة من تكوين ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة، وها هي تحاول هذه الأيام تهريب هذه الأموال المنهوبة والفرار إلى الخارج»، منبها إلى أن «قرارات المتابعات القضائية المتخذة ضدها، صدرت عن العدالة من خلال النيابة العامة التي تحركت استجابة لمطالب شعبية ملحة، حيث تم اتخاذ تدابير احترازية تتمثل في منع بعض الأشخاص من السفر، لحين التحقيق معهم كما قامت الهيئات المخولة لوزارة النقل بتفعيل إجراءات منع إقلاع وهبوط طائرات خاصة تابعة لرجال أعمال في مختلف مطارات البلاد، طبقا للإجراءات القانونية السارية المفعول».
وعن البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بختم من أمانتها العامة، والذي جاء فيه أن الرئيس سيعلن استقالته قبل نهاية عهدته لكن دون تحديد تاريخ لذلك، قال صالح: «وفي الوقت الذي كان الشعب الجزائري ينتظر بفارغ الصبر الاستجابة لمطالبه المشروعة، صدر يوم الفاتح من أبريل بيان منسوب لرئيس الجمهورية، لكنه في الحقيقة صدر عن جهات غير دستورية وغير مخولة، يتحدث عن اتخاذ قرارات هامة تخص المرحلة الانتقالية، وفي هذا الصدد بالذات، نؤكد أن أي قرار يتخذ خارج الإطار الدستوري مرفوض جملة وتفصيلا».
وجدد الجيش في بيانه تمسكه بتطبيق المواد 7 و8 و102 من الدستور موكدا أنه «لا مجال للمزيد من تضييع الوقت، وأنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102. ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية». وتابع صالح من خلال بيان الجيش «قرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ إننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة، وبصفتي ابن الشعب وبناء على المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي، فلا يمكنني إلا أن أنحاز إلى هذا الشعب الذي صبر طويلا وكابد المحن وحان الوقت أن يسترجع حقوقه الدستورية المشروعة وسيادته الكاملة».

ساعات قليلة فقط من هذا البيان الحاسم نشرت وكالة الأنباء الرسمية خبرا أعلنت فيه تقديم بوتفليقة لاستقالته رسميا من منصبه كرئيس للدولة، كما أظهر التلفزيون الحكومي صورا تبرز تقديم الاستقالة لرئيس المجلس الدستوري، وبحضور رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح.
وفي رسالة وجهها للجزائريين عشية الأربعاء، بعد تأكيد المجلس الدستوري رسميا حالة شغور منصب الرئيس، طلب بوتفليقة من الجزائريين الصفح والمعذرة عن كل تقصير. وقال في نص رسالته: «أطلب منكم وأنا بشر غير منزه عن الخطأ الـمسامحة والـمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلـمة أو بفعل». وتابع: «وأنا أغادر سدة الـمسؤولية وجب علي أن لا أنهي مساري الرئاسي من دون أن أوافيكم بكتابي الأخير هذا وغايتي منه أن لا أبرح الـمشهد السياسي الوطني على تناءٍ بيننا يحرمني من التماس الصفح ممن قصرت في حقهم من أبناء وطني وبناته من حيث لا أدري رغم بالغ حرصي على أن أكون خادما لكل الجزائريين والجزائريات بلا تمييز».
ورغم احتفال الجزائريين بإعلان بوتفليقة استقالته، إلا أن عيونهم على المستقبل، فشعارات الحراك لم تقتصر فقط على استقالة الرئيس بل كل رموزه، لذلك دعا كثيرون منهم للمشاركة بقوة في مليونية الجمعة القادمة لحماية حراكهم، ومطالبهم من الالتفاف عليها، ولا يريدون لنفس الوجوه أن تتصدى وتشرف على ترتيبات مرحلة ما بعد بوتفليقة.

عضو حركة «مواطنة» المعارضة، والمدير الأسبق لحملة ترشح اللواء المتقاعد علي لغديري مقران آيت العربي، وفي منشور له عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، قال إن «الرئيس ذهب لكن محيطه من الفاسدين من رؤوس الفساد المالي والسياسي لا يزالون».
وقال آيت العربي إن «استقالة الرئيس ليست نهاية النظام الفاسد». مؤكدا على أن «رؤوس الفساد لا يوجدون في رئاسة الجمهورية فحسب، بل تمتد إلى جميع القطاعات بما فيها قيادات أحزاب الموالاة».
وفي بيان لها عبرت «حركة مجتمع السلم» في بيان لها صدر مساء الأربعاء عن تثمينها لقرار استقالة الرئيس بعد الحراك الشعبي «العظيم»، ويقول البيان بمنع «مغامرة العهدة الخامسة وتمديد العهدة الرئاسية الرابعة في انتظار استكمال المطالب الأساسية الأخرى للانتقال الديمقراطي وتجسيد الإرادة الشعبية وعدم العودة إلى استغلال مؤسسات الدولة للسيطرة على الساحة السياسية».
واعتبر المكتب التنفيذي للحركة أن «دعوة الجيش لتفعيل المواد7 و8 و102 مرافقة منه طلبتها الطبقة السياسية ساهمت في الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي»، ويعتبر أن «تفعيل هذه المواد يتطلب القيام بإجراءات سياسية في إطار توافق وطني يلبي مطالب الحراك الشعبي ومنها تحقيق التغيير السياسي المنشود من قبل عموم الجزائريين. وإحداث الإصلاحات السياسية اللازمة لإدارة المرحلة الانتقالية، مع الذهاب إلى الانتخابات في ظل استحداث الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات ضامنة للنزاهة والشفافية وتعديل قانون الانتخابات». ودعت الحركة إلى «ضرورة استمرار الحراك الشعبي وحماية مطالبه».

رئيس الحركة عبد الرزاق مقري وفي تدوينة له تحت عنوان «لا يضحكن أحد على أذقاننا!» اعتبر أن «المهم أن العهد البوتفليقي انتهى فعليا!»، ولكنه أكد «أنه لا يمكنه أن يصدق - وهو الطبيب - بأن بوتفليقة كان غائبا في غيبوبة ويتنفس اصطناعيا وبعد ساعات يظهر جالسا يمسك أوراق الاستقالة».
وإن كان مسجونا حقا في كل هذه الأحداث الكبرى - ومنذ مدة طويلة كما يقال - يتساءل مقري في تدوينته «فكيف تقبل الدولة غيابه ولا تذهب لتسأل عنه وتنقذه، إن ثمة مسرحية ما حُبكت لتوجيه عقولنا. لن يكتب التاريخ بأنني كنت أحد المستغفلين. لا شك أن تلك الصور تنفع أمام الخارج المتربص بأنه لم يحدث انقلاب عسكري، غير أن العبرة بالنهايات، فإن حققت الحبكة مصلحة الجزائر وتحرر الجزائريين فلا حرج في ذلك، المهم أن تنجح الجزائر وإن لم نفهم. أما إن كانت النتيجة استمرار المكر والكيد للهيمنة والسيطرة على السلطة وإنتاج الفساد مرة أخرى فإن ذلك سيظهر».
وفي معسكر الموالاة أبدى حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يرأسه الوزير الأول المقال أحمد أويحيى في بيان مقتضب له يوم الأربعاء ارتياحه بخصوص استقالة بوتفليقة. في حين وصف حزب تجمع «أمل الجزائر» الذي يرأسه وزير النقل الأسبق عمار غول استقالة بوتفليقة بـ«الخطوة الهامة والمخرج الدستوري السليم».
حزب «جبهة التحرير الوطني» وهو حزب الأغلبية البرلمانية، ويرأسه شرفيا بوتفليقة وفي بيان له عبّر عن تقديره لموقف الرئيس المستقيل بعد «تجاوبه مع ظروف المرحلة بما تقتضيه ديمومة الدولة وسلامة سير المؤسسات». ودعا الحزب إلى «الالتفاف حول المقترحات التي بادرت بها قيادة الجيش من خلال المواد7 و8 و102 من الدستور، والتي تجسد انتقالا سلميا وديمقراطيا يواكب تطلعات الشعب الجزائري».
دولياً، كانت الإدارة الأميركية أول من تفاعل مع استقالة بوتفليقة حينما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو في مؤتمر صحافي الثلاثاء قائلا إن «الشعب الجزائري هو من يقرر كيفية إدارة هذه الفترة الانتقالية».
لحظات بعد إعلان الموقف الأميركي، سارعت فرنسا إلى التعبير عن ثقتها في مواصلة الجزائريين لمساعيهم في الانتقال الديمقراطي، حيث وصف جان إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسي استقالة الرئيس بوتفليقة بـ«اللحظة المهمة في تاريخ الجزائر». وأضاف في بيان للخارجية الفرنسية، أن «بلاده تثق في قدرة الجزائريين على مواصلة الانتقال الديمقراطي بطريقة هادئة ومسؤولة».

بالمقابل، أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف الأربعاء أن روسيا تتابع بدقة الوضع في الجزائر والذي يعتبر شأنا داخليا جزائريا ولا ينبغي أن يكون هناك تدخل خارجي، بحسب ما نقلت الوكالة الروسية «سبوتنيك».
وقال بيسكوف في لقاء صحافي: «نتابع الوضع بدقة في الجزائر ونأمل أن المستجدات السياسية الجديدة لن تؤثر على العلاقات بين روسيا والجزائر». وأضاف: «إن ما يحدث في الجزائر هو شأن داخلي على الشعب والسلطات تقريره وبالتالي لا ينبغي أن يكون هناك تدخل خارجي من أي دولة للتأثير على الوضع في هذه البلاد». وتابع: «علاقتنا مع الجزائر تاريخية وهي علاقات متينة وكان لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة إلى الجزائر منذ مدة حيث لدينا اتفاقات اقتصادية عدة مع هذه الدولة».
بالمقابل أكدت بكين في تصريح للمتحدث باسم الخارجية الصينية «جينغ شوانغ» خلال مؤتمر صحافي عن ثقتها في قدرة الشعب الجزائري على إدارة عملية انتقال ديمقراطي سلس للسلطة، بما يخدم المصالح الجوهرية للجزائر.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش قد أعرب سابقا عن التزام المنظمة المستمر بدعم الجزائر في عملية التحول الديمقراطي، حينما أعلن من تونس خلال لقاء القمة العربية الأخير أنه «يتطلع إلى عملية انتقال سلمية وديمقراطية تعكس رغبات الشعب الجزائري».