* يتميز الموقع الإلكتروني لبرنامج «ذاكرة كردستان» بكونه كنزاً ثميناً يروي تاريخ كردستان ويخلد أسماء الضحايا ويرفع أصواتهم المعنوية التي لم تجد آذانًا صاغية.
* يتناول الفيلم قصة مأساوية لعائلة تشاتو الشجاعة أثناء محنتهم البائسة، والتي ترمز إلى الاضطهاد الذي تعرض له الإيزيديون على يد داعش.
أزيلت كردستان من على خرائط العالم بعد الحرب العالمية الأولى عندما رسمت القوى المنتصرة حدود الشرق الأوسط الحديث، إذ حرمت الأكراد من دولة قومية على الرغم من كونهم أكبر جماعة عرقية في المنطقة. يعيش أكثر من عشرين مليون كردي في مناطق في إيران والعراق وتركيا وسوريا. وعلى مدار القرن العشرين كانت صراعاتهم من أجل الاستقلال السياسي والاقتصادي تواجه معارضة من الدول الأربع، وكان الأكراد يُستخدمون أحيانًا كقطع شطرنج في السياسة الإقليمية. جذبت مأساة الأكراد أخيرًا انتباه العالم في عام 2014 في أثناء الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش ضد الإيزيديين حيث قتل أو أسر نحو 10 آلاف شخص ممن ينتمون إلى الأقلية العرقية والدينية. ومع ذلك يظل التاريخ الكردي غير موثق إلى حد كبير، وبالتالي غير معروف على نطاق واسع.
في ذكرى مرور 31 عامًا على وقوع عمليات الإبادة الجماعية المسماة بحملة الأنفال، التي قَتل فيها النظام العراقي نحو 182 ألف شخص، شهد برنامج ذاكرة كردستان انطلاقته الأوروبية في الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون في لندن.
يهدف برنامج ذاكرة كردستان إلى توثيق وعرض سجل باقٍ يتسم بالدقة التاريخية عن التجربة الكردية «بصورة صحيحة وحيّة، توثق على نحو قاطع أصوات كردستان المميزة»، وفقًا لما ذُكر على موقعه الإلكتروني.
«غيرت المأساة القومية الحياة في كردستان بغير رجعة، لتحدد تاريخ المنطقة. ويحافظ برنامج ذاكرة كردستان على هذا التراث بإنتاج سجل وسائط متعددة عالمي، حتى يتمكن شباب الأكراد وكبارهم من التعرف بعمق أكبر على الكيفية التي شكلت بها أحداث الماضي حياتهم».
يتميز الموقع الإلكتروني لبرنامج ذاكرة كردستان بكونه كنزاً كبيراً وثميناً يروي تاريخ كردستان ويخلد أسماء الضحايا ويرفع أصواتهم المعنوية التي لم تجد آذانًا صاغية في أغلب الأحيان. عبر ما يزيد على ألف لقاء شفوي عن تاريخ لا يقدر بثمن، و400 شهادة بالفيديو تم جمعها على مدار 10 أعوام مضت من أشخاص نجوا من الأحداث المروعة من اضطهاد وهجمات بالغاز والترحيل والهرب والسجن، يأمل برنامج ذاكرة كردستان في إلقاء الضوء على هول الجرائم التي ارتكبت ضد الأكراد والدروس العالمية الناتجة عن التداعيات الكارثية للاضطاد والكراهية المستمرة حتى اليوم، وبالتالي إثارة نقاش مُلِح حول مستقبل الأكراد.
قال غوين روبرتس المدير الدولي لبرنامج ذاكرة كردستان: «ربما يكون أكبر درس مستفاد هو أن قصة الأكراد لم يتم تجاهلها فحسب على مدار أربعين عاما. في الواقع، علمنا أن التاريخ والثقافة الكرديين تعرضا لإنكار وقمع ومحو بصفة منتظمة طول فترة امتدت لأكثر من 500 عام. ووجدنا أنه نادرًا ما يتم الاعتراف بالتاريخ الكردي الحقيقي».
أوضح الصحافي الذي تحول إلى إخراج الأفلام، وهو يعمل على تسجيل وتوثيق العنف الذي يمارس ضد الأكراد والصراعات الكبرى في المنطقة طوال ما يزيد على 30 عامًا: «في عام 1981، ذهبت خلف خطوط الحرب الإيرانية العراقية لإعداد تقرير عن الظلم الذي يعاني منه الأكراد. ولم تكن (نيويورك تايمز)، التي نشرت في السابق جميع مقالاتي عن الانتفاضة الكردية في منتصف السبعينات، مهتمة بالتغطية التي أعددتها طالما أن الأكراد لم يعودوا حلفاء لأميركا. ومع ذلك في الأعوام التالية، جعلت مهمتي تعريف العالم بحقيقة الأحداث التاريخية في كردستان. ويستمر هذا الالتزام حتى اليوم في برنامج ذاكرة كردستان».
وفي أثناء فعالية إطلاق برنامج ذاكرة كردستان، عُرض فيلم «عائلة إيزيدية في مواجهة داعش» من إخراج وإنتاج روبرتس لأول مرة في بريطانيا. في عام 2014. وقعت مجزرة ذات أبعاد تفوق التصور على يد داعش في أثناء غزوه السريع للإيزيديين في إقليم سنجار بشمال العراق. قُتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص، أعدم نصفهم تقريبًا بإطلاق النار أو الذبح أو الحرق أحياء، في حين قُتل البقية نتيجة الجوع أو الجفاف أو الإصابات التي تعرضوا لها في أثناء حصار داعش لهم في جبل سنجار. وأُسرت عشرات الشابات الإيزيديات وتعرضن للتعذيب والاغتصاب الممنهج... ويتناول الفيلم الذي يتمزق له القلب قصة مأساوية لعائلة تشاتو الشجاعة في أثناء محنتهم البائسة، والتي ترمز إلى الاضطهاد الذي تعرض له الإيزيديون على يد داعش.
وقال غوين روبرتس بعد عرض الفيلم: «نريد بالفعل الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، ولكن المشكلة في الفيلم هي أن مشاهدته مؤلمة للغاية. ولكني أعتقد أنه من المهم أن يراه جمهور أكبر وأن يعرفوا بعض ما مر به هؤلاء الناس، ليس الإيزيديون فحسب بل أيضًا جميع الناجين من الأنفال».
وأضاف: «لا أرجو من عرض هذا الفيلم إلا أن يحمل الناس في كردستان وخارجها تقديرًا وتعاطفًا أكبر لما مروا به».
وقد صرح كاروان جمال طاهر الممثل الأعلى لحكومة إقليم كردستان لدى بريطانيا قائلاً: «يطالب شعب كردستان بالعدالة والاعتراف بجميع جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد أمتنا. لم تُطبَق العدالة حتى الآن لصالح الضحايا والناجين، على الرغم من المساعي الكثيرة التي تُبذل في الداخل والخارج».
وأضاف: «بعد كل هذا القمع، لا يمكنهم إنكار حقيقة أن الدولة الكردية موجودة ونحن هنا اليوم نعرض قصتنا عليكم وعلى العالم في أرقى مكان في هذه العاصمة العظيمة».