* يبدو أن إبراهيم رئيسي الساداتي في حال وصوله إلى رئاسة القضاء سيوظف تجاربه وعلاقاته مع قيادات عليا في الحرس الثوري ليمارس إجراءات وقيودا أكثر صرامة بحق عدد كبير من المحامين والعمال ونشطاء حقوق الإنسان والطلبة المعتقلين
واشنطن: تتداول تقارير إعلامية إيرانية في الفترة الأخيرة أنباء حول احتمال ترشيح إبراهيم رئيسي الساداتي المعروف بإبراهيم رئيسي لتولي رئاسة جهاز القضاء في إيران، حيث يترأس إبراهيم رئيسي أكبر مؤسسة مذهبية اقتصادية في إيران وهي مؤسسة «أستان قدس الرضوي» التي تشرف على إدارة ضريح الإمام الرضا.
وقال المتحدث باسم لجنة الشؤون القضائية والقانونية في مجلس الشورى حسن نوروزي في 16 فبراير (شباط) إن إبراهيم رئيسي سيحل محل صادق آملي لاريجاني في رئاسة السلطة القضائية.
وأفادت بعض الأنباء بأن جلسة تقديم الرئيس الجديد للسلطة القضائية ستعقد قبل بداية العام الإيراني الجديد (يبدأ يوم 21 مارس/ آذار).
سبق وأن تداول عدد من وسائل الإعلام الإيرانية منها موقع «خبر أونلاين» أخبارا حول إمكانية تعيين إبراهيم رئيسي كرئيس للسلطة القضائية بدلا من صادق لاريجاني ولم يتم تأييدها من قبل جهات رسمية بعد.
وبعد وفاة محمود هاشمي شاهرودي تم تعيين صادق لاريجاني في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2018 كرئيس لمجمع تشخيص مصلحة النظام؛ بعد اقتراب نهاية فترة رئاسته الثانية للسلطة القضائية. لذلك، ازدادت التكهنات حول من يشغل هذا المنصب بعد صادق لاريجاني وهناك احتمالية كبيرة بأن يحل رئيسي محله وإن كان رئيسي منذ سنوات كثيرة يتمتع بنفوذ كبير في أركان السلطة من خلال علاقاته مع السلطة القضائية.
ولم ينف رئيسي الأنباء المتداولة بشأن احتمال تنصيبه في رئاسة السلطة القضائية، قائلا: «اسألوا أولئك الذين نشروا الخبر عما إذا كان الخبر صحيحا أم لا».
يقوم مرشد الجمهورية الإسلامية بتعيين رئيس السلطة القضائية في إيران لمدة 5 سنوات وقد يتم تمديد هذه الفترة بناء على أوامر مرشد الجمهورية الإسلامية.
وقد تتلمذ رئيسي على يد آية الله خامنئي لمدة 14 عاما وتم تعيينه كرئيس لمؤسسة «آستان قدس الرضوي» من قبل مرشد الجمهورية الإسلامية وذلك بعد وفاة الرئيس السابق للمؤسسة عباس واعظ طبسي. وتعتبر «آستان قدس الرضوي» أكبر مؤسسة دينية اقتصادية تقدر إيراداتها بمليارات الدولارات. وتنتج «آستان قدس الرضوي» أكثر من 300 منتج زراعي وصناعي وخدماتي وفني. وتملك «آستان قدس الرضوي» العشرات من الشركات الصغيرة والكبيرة وعلى الأقل 400 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
وتم منح رئيسي البالغ من العمر 58 عاما لقب آية الله في سبتمبر (أيلول) 2016. وتولى رجل الدين هذا مناصب كثيرة في الأجهزة القضائية والأمنية في نظام الجمهورية الإسلامية وهو عضو الهيئة الرئاسية في مجلس خبراء القيادة. وتم تعيين رئيسي كمدع عام للمحكمة الخاصة برجال الدين من قبل مرشد الجمهورية الإسلامية منذ 2012.
ورغم كل هذه المسؤوليات والمناصب الكثيرة في أركان الحكم كان رئيسي مرشح المحافظين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة حيث هزم أمام منافسه المعتدل حسن روحاني.
وأثار ترشيح رئيسي في انتخابات الرئاسة في 2017 قلق واستياء عدد كبير من الأحزاب السياسية ونشطاء حقوق الإنسان.
وضع الاتحاد الأوروبي إبراهيم رئيسي على قائمة العقوبات الأوروبية بسبب مناصبه الكثيرة في جهاز القضاء ودوره في عمليات الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين في صيف 1988 حيث كان يتولى آنذاك منصب نائب المدعي العام لمحكمة الثورة في شؤون الجماعات المعادية للثورة.
ورغم محاولات رئيسي وأنصاره والحرس الثوري وقوات التعبئة أثناء الحملات الانتخابية في تقديمه على أنه شخصية تتمتع بشعبية واسعة غير أن حسن روحاني تحدى رئيسي لمرات كثيرة بسبب سجله الأسود في الثمانينات.
وتمكن رئيسي قبل الدخول إلى المعركة الرئيسية في 2017 من زيادة حضوره الإعلامي والقيام بزيارات منظمة إلى مدن مختلفة واستقبال خاص لزائري ضريح علي بن موسى الرضا – الإمام الثامن للشيعة - وذلك من خلال التمتع بإمكانيات دعائية كبيرة. ونجح رئيسي في تثبيت صورته على أنه شخصية داعمة للمحرومين. وقام رئيسي بحملة دعائية واسعة خلال الانتخابات الرئاسية في 2017 حيث وعد الناخبين بتوفير 6 ملايين وظيفة وارتفاع نسبة المساعدات النقدية الحكومية 3 أضعاف. لكن هزيمة رئيسي أمام منافسه في الانتخابات الرئاسية لم تمنعه من تزايد نفوذه في أركان السلطة بسرعة فائقة.
وكان رئيسي جالسا إلى جانب رئيس مجلس الخبراء وأمين عام مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي ورئيس البرلمان علي لاريجاني في جلسة لأعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام في 19 يناير (كانون الثاني) 2019.
والتزم رئيسي الصمت بعد احتدام النقاش حول عمليات الإعدام في الثمانينات وخاصة انتشار التسجيل الصوتي حول الإعدامات في 1988 ولكنه كسر صمته في مايو (أيار) 2018.
ويظهر التسجيل الصوتي الذي انتشر في صيف 2016 بأن رئيسي كان حاضرا في جلسة لأعضاء «لجنة الموت» في 15 أغسطس (آب) 1988 حيث تم إصدار حكم بإعدام المئات من السجناء السياسيين آنذاك. وكان حسين علي نيري حاكم الشرع آنذاك ومرتضى إشراقي المدعي العام آنذاك ومصطفى بور محمدي مندوب وزارة الاستخبارات آنذاك حاضرين إلى جانب رئيسي في تلك الجلسة في سجن إيفين.
ونفى رئيسي خلال كلمته في جامعة الفردوسي بمشهد في مايو 2018 أن يكون له أي دور في عمليات إعدام الآلاف من السجناء السياسيين في 1988 وزعم أنه لم يكن له أي دور في «عملية إصدار الأحكام» قائلا: «كنت مدعيا عاما في تلك الفترة... رئيس المحكمة هو من يقوم بإصدار الأحكام».
وقالت حملة حقوق الإنسان الإيرانية في بيان لها بشأن إمكانية تولي إبراهيم رئيسي رئاسة جهاز القضاء بأن «هذا الإجراء يدل على انتهاك سيادة القانون وهو بمثابة مكافأة للمتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان».
وأضاف البيان: «إن مجرد فكرة ترشيح إبراهيم رئيسي لتولي رئاسة السلطة القضائية كارثة لسيادة القانون وتنفيذ العدالة في إيران».
وقال مدير حملة حقوق الإنسان الإيرانية هادي قائمي «يجب أن تتم ملاحقة رئيسي قضائيا لا أن يتولى رئاسة السلطة القضائية. إذا تم تعيين رئيسي كرئيس للسلطة القضائية فذلك يحتوي على رسالة واضحة وهو أن سيادة القانون فقدت معناها في إيران وأن المتورطين في إعدامات 1988 تتم مكافأتهم من السلطات بدلا من مطاردتهم».
ويعتقد عدد من المراقبين بأن إبراهيم رئيسي قد يصبح أحد المرشحين لخلافة المرشد الحالي ويتم تعيينه كمرشد ثالث للجمهورية الإسلامية فيما يرى عدد آخر أن فشل رئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 أدى إلى إضعاف حظوظه ليكون المرشد القادم.
ولكن يبدو أن إبراهيم رئيسي في حال وصوله إلى رئاسة جهاز القضاء سيوظف تجاربه في القضاء وعلاقاته الواسعة مع قيادات عليا في الحرس الثوري ليمارس إجراءات وقيودا أكثر صرامة بحق عدد كبير من المحامين والعمال ونشطاء حقوق الإنسان والطلبة المعتقلين.