* الداخلية التركية: يحق لـ53 ألف سوري حصلوا على الجنسية التصويت في الانتخابات المحلية... من إجمالي عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية وهو 79 ألفا و820 شخصاً.
* منظمة الشفافية الدولية تضع تركيا في مقدمة الدول الأكثر استبداداً، ما يجعل تركيا النموذج الأسوأ في العالم.
* أزمة الحالة التركية هي أزمة تنازل عن الديمقراطية، واحتكار النظام لكل السلطات وإعدامه للحريات يكرس للفساد.
* نظام إردوغان يمارس جملة انتهاكات بحق القضاء، وقانون المناقصات العام، ومشروعات الشراكة بين القطاع العام والخاص وعمليات الخصخصة، ما يصعد بأنقرة إلى حافة الهوية.
* «الشفافية الدولية»... كشفت العلاقة القوية بين انتهاكات الديمقراطية ومستوى الفقر، والارتباط الطردي بين التراجع في مدركات الفساد والديمقراطية.
* بات هناك معنى مختلف للتأسيس لانتخابات حرة ونزيهة في تركيا عبر إرادة إردوغان وسياسته وإداراته.
* الانتخابات نفسها باتت تُستغَل لخلق شعور على الساحة الدولية بأن الأمور طبيعية في تركيا.
* التحليل المقارن للبيانات المتعلقة بالديمقراطية في العالم يكشف وجود علاقة بين الفساد ومستوى الديمقراطية.
* طلبات اللجوء من المواطنين الأتراك في الدول الأوروبية ارتفعت بشكل ملحوظ، خلال العامين الماضيين.
* ترتبط معظم طلبات اللجوء التركي في أوروبا بدعاوى التعرض للاضطهاد، التي تطال معارضين وناشطين وصحافيين.
أربيل: «ليس غريبا في تركيا أن تخسر معركة الحقيقة، وأن تدفع ثمن مقارعتك الكذب الحاصل، فما زالت الأغلبية الساحقة في تركيا تفتخر بالعملية، بل يستغفلون الواقع ويديرون ظهرهم لكل الإجرام الحاصل والأعمال المشينة، تمجيدا لغصن الزيتون الذي تم قتل زيتونه، لا أحد يدرك الحقيقة أو أنهم لا يريدون إدراكها، تصبح المهمة أكثر صعوبة عندما تجد الملايين ترضى بوهم السلطان حقيقة ومسلمة، الحرب تعد في تركيا مبعث كبرياء للناس من مختلف الأطياف، ملاحم النصر لتركيا تكتب على أرض سوريا!... وعلى حساب الدم السوري، وقرع طبول الحرب، بداية من دون نهاية لكل حملة انتخابية في البلاد»...
الكلام لغمزة كافار صحافية تركية من أزمير غطت الكثير من الأحداث في سوريا، وبعد عملية غصن الزيتون واحتلال الجيش التركي لمدينة عفرين السورية ذات الغالبية الكردية لوحقت من قبل سلطات بلادها لتغطية الحرب في عفرين، لتتمكن من اللجوء مؤخرا إلى إحدى الدول الأوروبية.
تقول غمزة كافار لـ«المجلة»: «مع الربيع العربي، حوّل كثير من الصحافيين في العالم وجهتهم إلى الشرق الأوسط، لم يكن ممكنا التنبؤ بمسار التطورات في الشرق الأوسط، أنا صحافية تركية من مدينة أزمير في الجزء الأوروبي من تركيا، كان يغريني معرفة ما يجري على الجانب الآخر من الحدود، أقصد سوريا كانت الأحداث تردنا بشكل متسارع، حيث يتزايد أطراف الصراع يوميا في ذلك البلد الذي كنا نسمع في صغرنا بصابونه الحلبي ومطبخه الشرقي المتنوع، ومنتوجاته القطنية وزيت زيتونه، والأهم أن تركيا دخلت الصراع من أوسع أبوابه، تركيا تلونت بسوريا... التصريحات والمواقف والتهديدات والخطوط الحمراء والمنشقون والمخيمات والإرهابيون، كل شيء كان يعبر من تركيا».
وتضيف كافار: «كنت أرغب في الوصول إلى ميدان الأحداث، وعملت مراسلة لتلفزيون تركي معارض، وما رأيته في الميدان كان مختلفًا تمامًا عما نظرت إليه من الخارج، الأخبار التي نتلقاها عندما نعايشها تختلف عن الأخبار التي تصلنا من الخارج»...
مستدركة: «لكنني كنت أشعر بالغضب مما يفعله جيش بلادي من قصف طائرات بلادي ومدرعاتها للمدن الآمنة، وكان علي أن أنقل هذا الشيء، هناك مدنيون أطفال ونساء وشيوخ شباب وشابات يقتلن كل يوم بقصف طائرات بلادي، لهي قمة الخزي والعار أن أسكت عما كان يجري، عن النزوح، عن الجرائم، عن الانتهاكات، عن السرقات، عن النهب، عن اقتلاع أشجار الزيتون»...
وتتابع: «لم يكن للتيه مجال، فأنا أمارس مهنتي، لم يراودني شعور إلا بالفخر بمن كانوا يقاومون من أهالي عفرين، ترن في أذني موسيقاهم ودبكاتهم وهم يديرون الحلقات الحماسية لدعم مقاتليهم الذين كانوا يدافعون عن أرضهم، بل حتى عن الذين التجأوا إليهم من النازحين السوريين في المناطق الأخرى التي كانت تشهد الاقتتال الداخلي، كنت أتساءل ماذا يرون من عفرين الآمنة التي كنت أخال في كثير من الأحيان أنها أزمير، كانت تشبه أزمير بجمالها، ما كان يجعلني يوميا بعد يوم أمقت هذه الحرب التي تشنها بلادي على هذه المدينة»...
وتشير قائلة: «كان ممنوعا انتقاد الحرب الجائرة بأي شكل من الأشكال، التقارير التي كانت تبثها وتنشرها وسائل الإعلام في الداخل كانت تمجد العملية، إذا نظرنا إلى الأخبار الحالية من بداية العملية إلى نهايتها، لا يمكننا العثور على أي أخبار تنتقد العملية ومن ينتقدها كان يوصف بالخائن، فقد تم اعتقال 11 شخصًا، الجمعية الطبية التركية التي أعلنت إبان الحرب على عفرين أن الحرب كانت سيئة وأن هناك مشكلة تؤثر بشكل مباشر على الصحة العامة، ماذا فعلت وسائل الإعلام؟ لا شيء، كما تم اعتقال المئات بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي التي انتقدت أو عارضت غصن الزيتون أو حتى من أعجب بتعليق يعارض أو ينتقد العملية، كما تم التضييق على الحركة الطلابية وتم اعتقال طلاب كانوا ينوون القيام بمظاهرات احتجاجية على السياسة الخارجية التركية والتدخلات في شؤون الدول الأخرى قمعت هي الأخرى».
وتلفت: «فبعد مباشرة القوات التركية لعمليتها العسكرية غصن الزيتون في عفرين، أضافت أسبابًا أخرى جديدة لاعتقالاتها المتصاعدة بحق معارضيها، وكثفت اعتقالاتها بحق مَن يرفع صوته بمعارضة هذا الغزو، وسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى تجريد مَن عارض عمليته العسكرية من صفته كتركي، كما اتهم معارضي الحرب بالخيانة».
وكان الادعاء العام التركي أعلن احتجاز 11 عضوا بارزا في «الجمعية التركية الطبية» بمن فيهم رئيسها، بعد أن انتقدت التوغل التركي في منطقة عفرين السورية، وقالت: «لا للحرب» ودعت لإحلال السلام على الفور، واتهم الرئيس رجب طيب إردوغان الجمعية بالخيانة، وتعهد إردوغان أيضا بنزع وصف «تركية» من اسم نقابة الأطباء المؤلفة من 83 ألف عضو بعد أن عارضت النقابة علنا الحملة العسكرية.
ومع إعلان الحرب على عفرين ضمن عملية غصن الزيتون اعتقلت السلطات التركية مئات الأشخاص بسبب تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي واحتجاجات تنتقد العملية.
كما تم احتجاز تسعة طلاب جامعيين رهن المحاكمة بتهمة نشر دعاية «إرهابية»، بعدما كانوا نظموا احتجاجا ضد العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، وقال إردوغان بهذا الخصوص آنذاك: «سنعثر على هؤلاء الطلاب الإرهابيين من خلال اللقطات وسنقوم بما هو ضروري. لن نمنح هؤلاء الشبان الإرهابيين والشيوعيين حق الدراسة في هذه الجامعات»، ليرد عليه كليشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة مشبها إردوغان بالديكتاتور: «من أنت حتى تمنعهم من الدراسة؟ هل الجامعات من أملاك والدك؟».
وتختم غمزة حديثها مع «المجلة» قائلة: «بعد عام من كل ما جرى ها هو إردوغان يستمر بقرع قبول الحرب التي يرتفع صداها مع اقتراب أي معركة اقتراعية يخوضها في تركيا، فإن وصفت الانتخابات المحلية في تركيا مارس (آذار) 2014 بأنها استفتاء على حكومة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان، فإن انتخابات 2019 ستكون بمثابة تثبيت لحكم إردوغان بكل صلاحياته بعد التعديلات الدستورية، فهي أول انتخابات بعد التحول من النظام البرلماني إلى الرئاسي»، مستدركة: «لكن بعد عام أصبحت عفرين محتلة وأنا احتلت الغربة حياتي، أشعر أن حريتنا نحن الاثنين ستكون معا، علّ العملية الديمقراطية تجد حلا لكن كيف ولا تزال مناقشة أمر عفرين محظورة في تركيا، حيث لا يسمح سوى بالإشادة بالغزو فقط، وما أكثر التابوهات اليوم في تركيا».
إذن في ظل قمع حريات الرأي وفي ظل أزمة اقتصادية متفاقمة تشهدها تركيا، مع فقدان العملة المحلية لنحو 40 في المائة في الأشهر الأخيرة، ها هي تركيا تستعد لإجراء انتخابات بلدية في 31 مارس 2019. المنافسة ستكون على 81 محافظة، وأيضا ستكون شديدة بالعاصمة أنقرة، بالإضافة إلى إسطنبول أكبر مراكز تركيا الحضرية، التي بدأت فيها قصة صعود الرئيس رجب طيب إردوغان عام 1994 بانتخابه عمدة للمدينة، فيما أزمير تضاف إلى إسطنبول وأنقرة في الأهمية.
وأعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أنه سيخوضها بالتحالف مع حزب الحركة القومية ضمن تحالف الجمهور الذي خاض به الحزبان الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية الماضية في 24 يونيو (حزيران) 2018، فيما ستخوض المعارضة الانتخابات مشتتة؛ إذ تحالف حزب الشعب الجمهوري مع حزب الخير (المنشق عن الحركة القومية) بقيادة ميرال أكشنار الذي أطلقوا عليه اسم «الأمة» حزب الشعوب الديمقراطي ولم يتم ضم حزب الشعوب الديمقراطي للائتلاف نظرا لعدم رغبة القوميين الأتراك الممثلين بحزب الخير.
أرقام انتخابية
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، أن عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات المحلية مارس المقبل بلغ 57 مليونا و78 ألفًا و461 ناخبًا، فيما يبلغ عدد الصناديق الانتخابية في عموم البلاد 194 ألفًا و715 صندوقًا انتخابيًا.
ووفقًا للجنة الانتخابات فإن الأحزاب التي ستخوض الانتخابات المحلية هي: حزب العدالة والتنمية (الحاكم) - حزب الحركة القومية - حزب الشعب الجمهوري - حزب الخير - حزب الشعوب الديمقراطية - حزب الوطن - حزب تركيا المستقلة - حزب الاتحاد الكبير - الحزب الديمقراطي - الحزب الديمقراطي اليساري - حزب الدعوة الحرة - حزب السعادة - حزب تركيا الشيوعية.
كما أعلن المجلس الأعلى للانتخابات التركية أن المعتقلين داخل السجون سيتاح لهم التصويت في انتخابات المحليات التركية 2019 بالسجون الموجودة في محيط الدوائر الانتخابية المقيدين بها فقط.
إلا أن محللين سياسيين يرون أن ذلك القرار يعني أن نحو 55 ألفًا و574 ناخبًا داخل السجون التركية لن يتمكنوا من التصويت في انتخابات المحليات المقبلة المقررة في 31 مارس 2019.
وأما بالنسبة لأعداد لسوريين المجنسين فبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية التركية فإنه يحق لـ53 ألف سوري حصلوا على الجنسية التصويت في الانتخابات المحلية من إجمالي عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية هو 79 ألفا و820 شخصا.
وبلغ عدد السوريين في تركيا 3 ملايين و632 ألفا و622 يحملون صفة الحماية الدولية، ومسألة تصويتهم بالانتخابات باتت موضع نقاش متكرر، مع كل استحقاق.
ويعيش نحو 2.8 مليون لاجئ سوري في 12 محافظة تركية، هي: «بورصة، وغازي عنتاب، وهاتاي، وإسطنبول، وإزمير، وكهرمان ماراس، وكيليس، وقونية، وماردين، ومرسين، وسانليورفا».
وتظهر هذه الإحصاءات وجود التجمع الأكبر من اللاجئين السوريين في محافظة إسطنبول، وهؤلاء يمثلون 3.6 في المائة من إجمالي سكان المحافظة عام 2017 ويتجاوز عددهم نصف مليون لاجئ.
وقام المجلس الأعلى للانتخابات حتى الآن بإلغاء تسجيل 56495 ناخبا بسبب الإدخال الوهمي، مقارنة بـ736 ناخبا في انتخابات يونيو، حسبما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
وشككت أحزاب المعارضة في صحة قوائم الناخبين في الانتخابات البلدية، والأهداف وراء التمديد للمجلس الانتخابي أو الهيئة العليا للانتخابات حتى العام 2020 وهي الهيئة نفسها التي أشرفت على الانتخابات الرئاسية في صيف 2018.
وبحسب المعارضة فإن القوائم التي أعلنت من قبل اللجنة العليا للانتخابات يجري تضخيمها حيث تم إدراج نحو ألف ناخب على أنهم مقيمون في ذات الشقة السكنية كما تضم إحدى القوائم ناخبا من المفترض أنه يدلي بصوته للمرة الأولى في حين يبلغ من العمر 165 عاما.
وأكد برلمانيون لـ«المجلة» أنهم قدموا الاعتراضات على سجلات الناخبين والتي منها تسجيل ناخبين في مناطق لم يعودوا يسكنون فيها.
ويزعم حزبا الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي أن المخالفات تتركز في مناطق خسر فيها حزب العدالة التنمية من قبل بهامش بسيط، فيما هناك زيادة غير عادية في عدد الناخبين في بعض المحافظات مقارنة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في يونيو، مثل ارتفاع عدد الناخبين بنسبة 7.95 في المائة في دائرة واحدة في محافظة جانقري بالأناضول.
وفي الانتخابات البلدية التي أجريت عام 2014 حصل حزب العدالة والتنمية على 43 في المائة من الأصوات متقدما بفارق كبير على أقرب منافس له وهو حزب الشعب الجمهوري العلماني الذي حصل على أقل من 25 في المائة من الأصوات.
وتضم إسطنبول، التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، ما يقرب من سدس عدد الناخبين، وبالتالي فهي تمثل أهم هدف لجميع الأحزاب السياسية، لأن «من يفوز في إسطنبول يفوز في الواقع بتركيا»، بحسب مراقبين.
وكان إردوغان قد برز في الساحة السياسية التركية وهو في منصب رئيس بلدية إسطنبول، ومعروف عنه أنه يولي أهمية خاصة لانتخابات البلديات ويعتبرها أساسية في موقف الناخبين من الحكومة، وأن انتصارات إردوغان الانتخابية المتكررة بنيت على أساس الرخاء الاقتصادي المتصاعد ورغم أنه ليس مرشحا في الانتخابات البلدية فإن نتيجتها تعد استفتاء على حكمه.
وإذا فازت المعارضة في إسطنبول، وهي أكبر مدن تركيا التي تولى رجب طيب إردوغان رئاسة بلديتها بين عامي 1994 و1998، فستكون ضربة رمزية قوية للرئيس، وحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه، بحسب مراقبين وهذا ما يبدو أنه كان السبب ليكون بن علي يلدريم مرشح العدالة والتنمية لبلدية إسطنبول، وقد جهر إردوغان بأهمية إسطنبول قائلا: «إذا خسرنا إسطنبول، خسرنا تركيا» وهي في نفس الوقت تشير إلى القلق الكبير من الخسارة التي يرتفع سهمها في بورصة الانتخابات مع ازياد التضخم الاقتصادي.
المشهد الانتخابي
يتساءل الصحافي المتخصص بالشأن التركي محمد أبو سبحة: «هل تتخيل أن وزيرا يمكنه قبول تولي منصب رئيس بلدية؟ نعم ممكن لدى العدالة والتنمية» ويقول في حوار مع «المجلة»: «بعد أن كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن قائمة مرشحي حزبه الحاكم للمنافسة في انتخابات المحليات لرئاسة البلديات التركية، ضمت القائمة 5 وزراء سابقين! فضلا عن موظفين سابقين بمجلس الوزراء ومحافظين، وما يثير الاستغراب هو أن رئيس الوزراء السابق ورئيس البرلمان الحالي بن علي يلدريم مرشح لرئاسة بلدية إسطنبول».
ويلفت أبو سبحة إلى أن «لعبة تبديل المناصب التي بات يلعبها مؤخرًا حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 16 عامًا وكانت السر وراء فوزه بالانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة رغم تصاعد اتهامه من قبل المعارضة بالانحراف الاستبدادي وفساد نظامه»، موضحا أن «الحكومة الجديدة المشلكة في تركيا قبل أشهر شهدت أول فصول هذه اللعبة بانتقال رئيس أركان الجيش التركي السابق خلوصي أكار لمنصب وزير الدفاع، وكذلك انتقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية براءات ألبيرق وهو صهر إردوغان من منصبه السابق إلى منصب وزير الخزانة في الحكومة الجديدة، فلا أحد من السياسيين داخل حزب العدالة والتنمية يرفض أو يتكبر على المهمة التي توكل إليه».
ويشير إلى أن «الانتخابات البلدية التركية 2019 ينظر إليها الحزب الحاكم في تركيا على أنها معركة تحديد مصير مع المعارضة، فأغلب استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية في الشارع التركي مترافقا مع التراجع في ملفي الاقتصاد والحريات، وأبرز المؤشرات على ذلك أنه رغم التحالف مع حزب الحركة القومية إلا أن الائتلاف الذي يقوده حزب إردوغان حقق في الانتخابات البرلمانية الأخيرة 53 في المائة فقط، بعد أن كان معتادا على أن يحصل على الأغلبية منفردًا طوال الأعوام الماضية».
ويتابع: «يظهر اهتمام حزب العدالة والتنمية بتمرير الانتخابات القادمة لصالحه في حرصه على اختيار المرشحين لرئاسة البلديات، خاصة البلديات الثلاث الكبرى (إسطنبول، أنقرة، إزمير) لذلك وقع الاختيار منذ وقت مبكر على رئيس البرلمان بن علي يلدريم للمنافسة على رئاسة بلدية إسطنبول، والذي لم يمنعه اعتراض المعارضة على جمعه بين منصبين، حيث أعلن أنه سيتنازل عن رئاسة البرلمان من أجل الترشح بالانتخابات البلدية! كذلك تضمنت قائمة مرشحي العدالة والتنمية 5 وزراء سابقين إضافة لموظفين سابقين بمجلس الوزراء ومحافظين. ومن جانبه أعلن حزب الحركة القومية أنه لن يدفع بمرشحين في البلديات الكبرى، وسيدعم مرشحي العدالة والتنمية للفوز بهم في مواجهة المعارضة التي يمثلها حزبا الشعب الجمهوري والخير».
ويتابع قائلا: «أكثر ما يخشى الحزب الحاكم خسارته هو البلديات الثلاث الكبري، لذلك نرى أنه رشح رئيس البرلمان بن علي يلدريم لرئاسة بلدية إسطنبول ووزير البيئة السابق محمد أوزهاسكي لرئاسة بلدية العاصمة، أنقرة، ووزير الاقتصاد السابق، نهاد زيبكجي، لرئاسة بلدية إزمير، وسيشهد فيهم صراعا مع غريمه حزب الشعب الجمهوري الذي أعلن عن مرشحين لمنافسة العدالة والتنمية في هذه البلديات الثلاث ستكون أشدها في إزمير، وسيدعمه في البلديات الثلاث حليفه حزب الخير، إضافة إلى دعمه مرشحي الشعب الجمهوري في أنطاليا وأضنة جنوب تركيا، بالمقابل سيدعم حزب الشعب الجمهوري مرشحي «الخير» في كل من طرابزون وباليكسير وسامصون وأوردو ومانيسا ودنيزلي شمال تركيا».
ويعتقد أبو سبحة أن «الفوز ببلديات المناطق ذات الغالبية الكردية ستكون أشبه بالمستحيل على الحزب الحاكم إذا ما أجريت انتخابات عادلة، فيما تغلغل حزب الحركة القومي في السلطة حتى وإن كان محدودا، اعتمادا على تراجع شعبية الحزب الحاكم، قد ينتج عنه تغيير بالخريطة السياسية نتيجة تحالف العثمانية الجديدة مع القومية، لكن آثار ذلك ومدى ظهوره عمليًا ليس واضحًا حتى الآن».
كما يرى أنه «من الصعب أن يكون للجيش دور في الانتخابات الآن، فالعدالة والتنمية نجح على مدار سنوات حكمه في إقصاء الجيش عن الحكم، ويكفي اعتراف السلطة الحاكمة بأنها فصلت أكثر من 15 ألف عسكري برتب مختلفة منذ محاولة الانقلاب الأخيرة قبل عامين، للتأكد من أن هناك عملية إحلال كاملة تمت في الجيش بما يضمن الولاء لإردوغان ومواقفه السياسية، ومن المواقف التي تدل على ذلك أنه بعد التصفيق الحار من قبل قائد الجيش التركي الثاني الميداني إسماعيل متين تميل لإردوغان في إحدى الجولات الانتخابية عندما كان يتهكم على منافسه بالانتخابات الرئاسية محرم إينجه، الأمر الذي اعتبر خروجا عن المألوف، تم لاحقًا إعفاء تميل من منصبه العسكري وإسناد مهام إدارية لما قالت عنه تسريبات إنه بسبب عدم رضوخه لأوامر إردوغان فيما يتعلق بالتخطيط للهجوم على شرق الفرات شمال سوريا».
وختم حواره قائلا: «كل من قد يسعى لإثارة صراع داخلي في العدالة والتنمية أو لا يرضى عنه الحزب سيكون مصيره النزول من القطار في أول محطة مهما كان تاريخه مع الحزب وولاؤه له، ولا أدل على ذلك من إجبار إردوغان عددًا من رؤساء البلديات خلال عامي 2017 و2018 على الاستقالة من مناصبهم التي وصلوا إليها بالانتخاب بما يخالف القانون، كذلك كان إعلان الرئيس السابق عبد الله غول ورغم تاريخه مع الحزب وإردوغان ترشحه للانتخابات الرئاسية بمثابة (الانتحار السياسي) للرجل الذي اضطر أمام التهديدات العلنية من إردوغان وقادة الحزب والتهديدات السرية من أجهزة المخابرات للتراجع والاختفاء عن الساحة، لذلك فإن أي صراع ينشب داخل الحزب يتم احتواؤه سريعًا ولو بالقوة».
إلا أن المحلل التركي بركات كار يختلف مع رأي أبو سبحة ويرى أن العدالة والتنمية مقبل على أنشطار داخلي أو كما وصفه بالانفجار الداخلي.
انفجار داخلي في الحزب الحاكم
يقول بركات كار لـ«المجلة» من العاصمة التركية أنقرة: «الآن يمكننا أن نقول: إن الأزمة في البلاد تتجه لداخل حزب العدالة والتنمية لتتفاقم بعد الانتخابات البلدية خاصة بعد إقصاء القيادات المؤسسة للحزب التي ساهمت بشكل كبير في وصول العدالة والتنمية إلى ما وصل إليه، وبعد إصرار الرئيس رجب طيب إردوغان على اعتماد النظام الرئاسي وحصر كافة الصلاحيات التنفيذية بيده، وما يقال عن أن هناك تحضيرات لعدد ما يقارب 56 نائبا عن حزب العدالة والتنمية في البرلمان التركي لتشكيل حزب جديد أي ولادة حزب جديد من رحم العدالة والتنمية وهذا الحديث الذي يتم تداوله، سيكون في أبريل (نيسان) حيث سنشهد تشكيل حزب جديد على نفس الطريقة موازيا لحزب العدالة والتنمية والتي تعارض سياسات إردوغان المحتكرة لسلطات الحزب والدولة فالأمر يتعلق بخلافات سياسية وفكرية وآيديولوجية وقومية، الخلاف على الليبرالية المحافظة، داخليا محافظة وخارجيا ليبرالية، هناك اعتقاد أن إردوغان انحرف عن مبادئ الحزب والتي أسس عليها العدالة والتنمية».
ويؤكد كار على أن «الانتخابات البلدية ليست بانتخابات اعتيادية، كالانتخابات السابقة، هذه الانتخابات لها طابع آخر طابع أساسي في أحقية المواطن للمطالبة بتحسين الاقتصاد، وطابع سياسي سيكون الحلقة الأخيرة في تثبيت النظام الرئاسي الجديد، الحلقة الأخيرة التي يريد العدالة والتنمية استغلالها، لذا كان عاديا بالنسبة له أن يتحالف مع حزب الحركة القومية، تحت اسم تحالف (الجمهور) ولا يتواني في الإشارة إلى أنه في حال لم يفز في هذه الانتخابات فستواجه البلاد خطر الاقتتال الداخلي والحرب الأهلية ومن الممكن أن تنهار الجمهورية التركية، هذه هي الإشارات التي يطلقها للناخبين»، مضيفا: «من هذا المنطلق يحاولون إلهاء المواطنين بالاستقطابات السياسية عن مطالبهم اليومية المعيشية، فاليوم مع ارتفاع أسعار البصل والباذنجان وما شابه، هناك مصيبة اقتصادية بالنسبة للمواطنين لكنهم يحاولون أن ينسوا المواطن هذا الغلاء الكبير الخانق بالخطر القابع خلف الحدود والذي يريد أن ينال من تركيا قيادة وشعبا، صناعة العدو الوهمي الذي يجعل الشعب دائم التوجس وراغبا دائما في الإبقاء على الحال كما هو، خوفا من الدمار الذي ينتظرهم في حال حدوث أي تغيير»، معتبرا أن «الأزمة الاقتصادية لا شك في النهاية سيكون لها دور وستؤثر بالتأكيد على المشهد الانتخابي وسوف نشهد تراجعا بالفعل في نسبة الأصوات لحزب العدالة والتنمية رغم تحالفه مع حزب الحركة القومية».
المعارضة متشتتة
يشير كار إلى أن «المعارضة فشلت في أن تتحالف ضمن ائتلاف واحد فقد تم تشكيل تحالف الأمّة بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير، وبقي حزب الشعوب الديمقراطية وحيدا وكان قد طرح شعارا على غرار الاستفتاء الذي جرى في 2017 على أن يكون هناك تحالف مواطنين أي ليس أحزابا أو تنظيمات سياسية إنما تحالف المواطنين تحالفا جماهيريا شعاره (لا لهذه الحكومة) ولكن الأحزاب الأخرى المعارضة ذهبت باتجاه آخر والآن نحن أمام تحالفين هو تحالف الجمهور وتحالف الأمة، وسوف يتنافسان على المدن الكبرى فيما يركز حزب الشعوب الديمقراطية على شرق تركيا»، مشددا على أنه «كان الأحرى بتحالف الأمة ضم الشعوب الديمقراطية وتوحيد شعاراتهم ضد النظام الرئاسي»، محذرا من أن «التعتيم الإعلامي الممنهج سوف يكون له أثر بالتأكيد ويخل بقواعد التنافس بين قوتين غير متكافئتين في الترويج الإعلامي لبرامجهما الانتخابية وهنا الفارق بين الحزب الحاكم وحليفه وبين القوى المعارضة وعلى رأسها حزب الشعوب الديمقراطي المستثني من جميع اللقاءات والحوارات الانتخابية وتختصر حملته الانتخابية على النشاطات والفعاليات الميدانية التي عادة لا تنقلها أي وسيلة إعلامية في الداخل التركي ويقتصر الإعلام الداخلي على مواقع التواصل الاجتماعي».
حملة دعائية من خارج الحدود
وختم المحلل السياسي التركي حواره مؤكدا على أن «الخطر باجتياح شرق الفرات من قبل القوات التركية ما زال قائما، وهذه المغامرات أحيانا يحاول اعتمادها على مبدأ سياسة الأمر الواقع، يدخل ويجتاج ويحتل ويتم الحديث عن عبور القوات التركية وخرقها السياسة كأمر اعتيادي ليصبح في النهاية أمرا واقعا، وهكذا تعوّد، وكل هذا الحشد الآن والدعاية ومسألة الأمن القومي تتعلق بهذه الانتخابات المحلية والتي يعتبرها انتخابات مصيرية آخر خطوة تشريعية ممكنة لتثبيت هذا النظام الرئاسي وإعلان سيطرته داخليا وإعلانه للخارج بأنه الحاكم المطلق والفعلي».
مقارعة القضبان
لا تنتخبوا بأي حال من الأحوال عُمَدا من حزب الشعوب الديمقراطي، فسأطيح بهم على الفور؟ ألم يقل إنه بغض النظر عن المسؤولين المحليين المنتخبين، فإن الإدارة ستحدد ميزانيات البلديات من الآن فصاعدا؟ يتهكم مراقبون...
والذين يعتبرون أن الفكرة وراء القرار الرئاسي رقم 17 الذي نشر في شهر أغسطس (آب) الماضي، والذي ربط جميع ميزانيات البلديات والمحليات بخطة الموازنة العامة التي ينفذها بيرات البيراق، صهر إردوغان، وزير الخزانة والمالية، هي تحقيق لمركزية الوسائل المالية التي تحتاجها الحكومات المحلية. باختصار، فإن البلديات سيكون عليها من الآن فصاعدا أن تطلب إذنا للإنفاق مقدما، ما يعني أن حزب الشعوب الديمقراطية يفرض بالفعل مركزية ميزانيات البلديات بصورة غير مباشرة منذ عام 2002 عبر تقليص الحصة المحولة من الميزانية العامة إلى البلديات وإدارات المناطق إلى عشرة في المائة من 15 في المائة. بمعنى آخر، فإن البلديات كانت مجبرة على الاعتماد على الحكومة المركزية بالفعل والآن جاء هذا الأمر التنفيذي بمثابة ضربة أخيرة، تجعل خيار خوض الانتخابات رفع عتب في ظل التهديدات بالإقالة. هذا ما يراه مراقبون، إلا أن حزب الشعوب الديمقراطية رأى أن خيار مقاطعة الانتخابات البلدية رغم كل التحديات التي تفرضها العملية السياسية، فإن المشاركة هي الخيار الاستراتيجي للحزب في المضي بالديمقراطية.
إذن يستعد حزب الشعوب لحملة انتخابية صعبة أخرى في جنوب شرقي تركيا الذي تسكنه أغلبية كردية، فإن الحكومة أشارت بالفعل إلى أنها قد تقيل مجددا مسؤولين من الحزب إذا فازوا في انتخابات البلديات، النائب عن حزب الشعوب الديمقراطية إمام تاتجشير، ومن ديار بكر أو كما يطلق عليها الأكراد (آمد) في حوار مع «المجلة»، يقول: «نحن كحزب نرفض تمامًا هذه التهديدات التي وجهها إردوغان لحزبنا الذي حصل في الانتخابات الأخيرة على 6 ملايين صوت الحزب دخل البرلمان وتمكن من حصد 67 مقعدًا فيه، وبهذا تمكن من منع تحالف حزب العدالة والتنمية AKPوحزب الحركة القومية من تغيير الدستور وفق ما يشتهي بالنسبة التي كان يطمح إليها ما انقصت مشروعية طرحه، ونتائج الانتخابات قد أظهرت أن الشعوب الديمقراطي قادر على الفوز بالكثير من البلديات في مختلف المدن والنواحي خلال انتخابات الإدارة المحلية، وبهذا يكون قادرًا على هزيمة السلطة الحاكمة».
وأجري استفتاء دستوري في تركيا في 16 أبريل (نيسان) 2017. ولقد صوت الناخبون على مجموعة من 18 تعديلاً مقترحًا على دستور تركيا، من شأنها تغيير النظام السياسي في البلاد من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، واقترحت التعديلات من قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعيمه، رجب طيب إردوغان، وحزب الحركة القومية وشملت التعديلات الأخذ بالرئاسة التنفيذية التي تحل محل نظام الحكم البرلماني القائم، وإلغاء منصب رئيس الوزراء، ورفع عدد المقاعد في البرلمان من 550 إلى 600 مقعد وتغييرات في المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وتحويل النظام الحكومي من برلماني كما هو الشأن حاليا إلى رئاسي تنفيذي، واعتبر فوز إردوغان بأغلبية بسيطة في الاستفتاء على تغيير الدستور والتحول إلى نظام رئاسي تنفيذي فقد اعترض الناخبون في 17 مدينة من بين أكبر 30 مدينة في البلاد على التعديلات.
ويضيف تاتجشير: «هناك 103 بلديات لحزب الشعوب الديمقراطي منهم 95 بلدية تم تبديلها من قبل الحكومة في سلوك غير ديمقراطي، واليوم نحن مستعدون لخوض المعركة الانتخابية والفوز بالبلديات التي كنا حصلنا عليها في الانتخابات السابقة ونتوقع أن نفوز بـ130 بلدية، خاصة بعد إقالة رؤساء البلدية من حزب الشعوب الديمقراطية من دون وجه حق نحن في انتخابات البلدية القادمة سنفوز أيضا»..
وحول سؤاله ما معنى المشاركة إن كان إردوغان هدد مقدما بإقالة مرشحيكم في حال فوزهم وأنه يحتفظ بالحق في إزاحتهم؟ يجيب قائلا: «إقالة رؤساء البلدية ليس مسألة قانونية إنما مسألة سياسية، لن نقبل ذلك مجددا سيدافع عنهم ناخبوهم فقد تم اختيارهم عن طريق صناديق الاقتراع في المستقبل عندما يعود ويعيد الكرة إردوغان، سوف يكون لدينا موقف ولن نصمت هذه المرة رغم أننا لسنا على قناعة بأن يقوم إردوغان بذلك مجددا، بكل الأحوال سنترك التكهنات جانبا وسنمضي بحملتنا الانتخابية رغم الصعوبات ففي النهاية نحن أمام استحقاق أكبر من اختيار مسؤولي البلديات وأعمق».
وحول خيار المقاطعة يكشف قائلا: «كان يطرح هذا الخيار ولكن حزب الشعوب الديمقراطية لن يقصي نفسه من المشاركة بالعملية الديمقراطية رغم كل ما يشوبها من نواقص تصل لحد التزوير ولكن يبقى أن لناخبي الشعوب الديمقراطية حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم بمفاصل الإدارة في الدولة ولن نحرم قاعدتنا الجماهيرية من ممارسة هذا الحق في النهاية وندرك أن مقاطعتنا هو ما يتمناه خصومنا والحزب الحالكم الذي فعل الكثير لإبعادنا عن العملية السياسية وعن الخيار الديمقراطي ناضلنا لاجتياز العتبة الانتخابية ودخلنا البرلمان ونحن مستمرون بالنضال الديمقراطي».
وعن برنامجهم الانتخابي يكشف: «برنامجنا يختصر تصورنا عن إدارة حضرية بمجالس محلية، ومنظمات أهلية، ورؤساء مناطق، ونقابات عمالية، ومشاركة المرأة، والشباب، وذوي الاحتياجات الخاصة... بمعنى آخر، كل المهمشين بحيث يكون لهم صوت وحق في تحديد (السياسة). نريد من الناس الواقفين في قاعدة الهرم أن ينضموا لعملية صنع القرار، سيواصل الحزب تطبيق استراتيجية انتخابية تستند على احتياجات ومتطلبات الشعب ليقدم ديمقراطية مباشرة».
وحول إعلان حزب الشعوب الديمقراطي عن أنه لن يدفع بمرشحين لمناصب رؤساء البلديات في سبع مدن رئيسية هي إسطنبول، وأنقرة، ومدينة إزمير في غرب البلاد، ومدينتا غازي عنتاب وشانلي أورفة في الجنوب الشرقي، ومدينتا أضنة ومرسين في الجنوب، يجيب: «نعم قرر الحزب أن يدفع بمرشحين في بلديات مناطق داخل تلك المدن، ويأمل الحزب بهذا الإجراء في أن يمنح مرشحي أحزاب المعارضة الرئيسية أصواتا كافية للفوز بمجموعة من كبرى المدن التركية»، موضحا أنه «في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير لدينا 12 في المائة نسبة أصوات الشعوب الديمقراطية فيها، هي بمثابة إعطاء الفرصة للأحزاب الأخرى ولقطع الطريق على العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لإحراز الفوز في المدن الكبرى التي يطمحون بل يراهنون عليها، إن الحزب حصل على نحو 12 في المائة من الأصوات في إسطنبول التي هجر إليها كثير من الأكراد بحثا عن العمل أو فرارا من الصراع وإن 150 ألف صوت يتحكم فيها الحزب في أنقرة قد تكون حاسمة بالنسبة للمعارضة».
وحول إمكانية تغيير الخريطة السياسية في البلاد وفق توقعات النتائج للانتخابات المحلية المقبلة يرى أن «هذه الانتخابات سوف تؤثر على الخريطة السياسية التركية وحتى على السياسة التركية لكن في المدن الكبرى في إسطنبول وأنقرة وإزمير إذا خسرتها أحزاب السلطة سوف تفقدها قوتها، أتصور في المدن الكبرى حزب إردوغان لن يفز بها، هذا ما نتوقعه؛ أن لا يفوز بها، وهذا سوف يؤثر على السياسة التركية وعلى حكومة إردوغان وسياسات إردوغان ضد الأكراد سوف تؤثر بالتأكيد، قيادات الحزب في المعتقلات ورؤساء البلديات معتقلون إضافة إلى أعضاء الحزب، هذا كله سوف يكون له تأثير على توجه أصوات الناخبين، نحن مقتنعون أن الكرد لن يعطوا أصواتهم لحزب إردوغان».
ويعتقد مراقبون أن حصة حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في الانتخابات المحلية ستكون مشابهة لتلك التي حصل عليها في انتخابات الرئاسة والبرلمان التي جرت في يونيو العام الماضي، هذا يعني تراجعًا عن الانتخابات العامة السابقة التي جرت في يونيو 2015، لكن يعني تقدمًا عن الانتخابات المحلية السابقة التي جرت في مارس 2014. أي إن حزب الشعوب الديمقراطي من المرجح أن يفوز بمزيد من البلديات مقارنة بعام 2014.
وتظهر استطلاعات أن حزب الشعوب الديمقراطي قد يفوز في أماكن أكثر، لا سيما إذا اختار شخصيات تحظى باحترام الجماعات الكردية المختلفة، خاصة في الأماكن الهامة مثل ديار بكر (آمد).
فاز حزب الشعوب الديمقراطي في 102 بلدية في الانتخابات المحلية الأخيرة في عام 2014. وفي أعقاب العمليات العسكرية في المدن الجنوبية الشرقية في عام 2015. قامت حكومة حزب العدالة والتنمية بفصل رؤساء البلديات المنتخبين من 95 من هذه المقاطعات وعينوا رؤساء بلديات آخرين.
نوع من التفاؤل
إذن بات هناك معنى مختلف للتأسيس لانتخابات حرة ونزيهة في تركيا عبر إرادة إردوغان وسياسته وإداراته. كما أن الانتخابات نفسها باتت تُستغَل لخلق شعور على الساحة الدولية بأن الأمور طبيعية في تركيا. أما داخليا، فإن تلك الانتخابات تستخدم كمصدر للشرعية، الانتخابات ضرورة لإردوغان.
جواد غوك مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية من إسطنبول وخلال حوار أجرته معه «المجلة» حول الأجواء التي تسبق الانتخابات البلدية التركية بأسابيع، ليقول: «هناك المشاكل التي ترافق عادة الحملات الانتخابية والعملية بشكل عام والتي تعودنا عليها مثل التزوير خاصة في المناطق البعيدة أو كما وصلتنا الأخبار أن هناك مثلا في شقة واحدة تسجيل 50 ناخبا تم تسجيل أسمائهم في سجلات الناخبين لدى اللجنة العليا للانتخابات أو مثلا هناك ناخبون تجاوزت أعمارهم 140 عاما... إلخ. هناك شكوى من قبل أحزاب المعارضة على لجنة الانتخابات العليا والتي بصراحة تعودنا عليها لكن بشكل عام يمكننا أن نقول المرشحون ليسوا في مستوى واحد عبر وسائل الإعلام»، موضحا «هناك مرشحون مثلا من حزب الشعوب الديمقراطية لم ولن يدعوهم إلى الحوارات والمداخلات في الإعلام وهذا ليس فقط المرشحين بل حتى المؤيدون للحزب وحتى باقي الأحزاب المعارضة، إردوغان يقود حملة الانتخابات وهو بنفس الوقت رئيس الجمهورية ويقود ويروج لبرنامج حزبه العدالة والتنمية وهذا لا يعتبر حيادا».
ويضيف غوك: «بالنتيجة الناخب التركي يشكو من غلاء الأسعار وارتفاع التضخم، إضافة التوتر السياسي، أي انتقاد يوجه إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد يعد خيانة للوطن، أي انتقاد لسياسته تجاه الأكراد تجاه أي قضية داخلية يعتبر خيانة للوطن هذه مشكلة واقعة وموجودة بالنسبة إلى وسائل الإعلام نعم هناك من كان ينتمي إلى جماعة فتح الله غولن، هؤلاء أغلقوا قنواتهم ولكن بشكل عام وسائل الإعلام المعارضة حتى المحايدون لا يستطيعون الاستمرار بهذا الشكل، بصراحة صوت المعارضة لا يصل إلى مسامح الشعب التركي والناخبين بشكل عام... مثلا صلاح الدين ديمرتاس رئيس حزب الشعوب الديمقراطية الآن في السجن فكيف يستطيع أن يؤدي وظيفته في الحزب».
ويتابع: «المشكلة موجودة فيما يخص حرية الصحافة من بين 160 بلدا نحن في المرتبة 150 وهي مشكلة كبيرة جدا ولهذا السبب الناخب بالتأكيد لا يسمع صوت المعارضة حتى يعرف ماذا يحدث، والمشكلة أن وسائل الإعلام ليست حيادية»، كاشفا «الصراع على المدن الكبرى بالنسبة لإسطنبول فإن حزب العدالة والتنمية وبمرشحه بن علي يلدريم كان ناجحا في أمور المواصلات والطرق وغيره لكن بالنسبة إلى إزمير هناك مرشح قوي لحزب الشعب الجمهوري ويرجح فوزه بمرشحه الجديد»، مستدركا: «لكن ستكون هناك منافسة كبيرة في مدينة أنقرة بوجود مرشح حزب الشعب الجمهوري منصور يالاش المقبول لدى جميع الأطراف وسوف تكون المنافسة والرقابة أكبر في مدينة القرار العاصمة، وبالنتيجة كل من فاز بالمدن الثلاث الكبرى هم من سيحكمون تركيا فعليا».
ويرى أن «حزب العدالة والتنمية سوف يخسر في مدينتي أنقرة وإزمير بالنسبة إلى إسطنبول لحد الآن غير محسوم بالنسبة لميزان القوة على أرض الواقع، فتحالف المعارضة لديه أمل أن تكون المدن الثلاث الكبرى من نصيبه».
وعن توقعاته لمرحلة ما بعد الانتخابات يقول: «بأي شكل من الأشكال بعد الانتخابات المحلية سوف نشهد انهيارا اقتصاديا أكبر، تضخما أكبر، والأزمة الاقتصادية ستتفاقم وبشكل أو بآخر، على الحكومة التركية المداراة مع الأزمة الاقتصادية، الكل يعلم أن غلاء الأسعار سيستمر بل سيكون أكبر بعد الانتخابات وتتراكم المشكلات»، مضيفا: «بالنسبة للسياسة الخارجية يمكن أن نشهد انفتاحا مرة أخرى مع سوريا، تواصلا بين تركيا وبين الأكراد هناك أمل في أن تكون المصالحة في شمالي سوريا بين النظام والأكراد سوف تكون مؤثرة جدا في العلاقات التركية السورية - التركية الكردية، أنا متفائل خلال الأشهر القليلة المقبلة أن تتنازل الحكومة التركية عن مبادئها المتطرفة ثم يبدأون في مفاوضات السلام التي انهارت في 2015».
حاليا في تركيا
ما زال رئيس حزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين ديمرتاش بالسجن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016 مع 10 نواب آخرين من الحزب وعشرات رؤساء البلديات وآلاف الكوادر في الحزب معتقلون في السجون التركية رغم حصانتهم البرلمانية، وتلاحق السلطات الكثيرين من أعضاء الحزب الكردي بتهم مختلفة لأي أفعال لا تُرضيها، بداية من مجرد كتابة تغريدة تحمل انتقادًا على «تويتر» أو المشاركة في أي فاعلية احتجاجية.
ووفقا لبيانات وزارة العدل التركية بلغ عدد المعتقلين والسجناء 259 ألفًا داخل 385 سجنًا في تركيا.
ووفقًا لبيانات منظمة التنمية الاقتصادية والتعاون (OECD)، لعام 2018، تحتل تركيا المركز الثاني عالميًا من حيث عدد السجناء، مقارنة بتعداد السكان، بينما جاءت الولايات المتحدة في المركز الأول.
استمرار المناضلة والنائبة عن حزب الشعوب الديمقراطية في البرلمان التركي ليلى كوفن في إضرابها عن الطعام احتجاجا على العزلة المفروضة على الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، فيما يضرب نحو 250 سجينا في أنحاء تركيا عن الطعام دعما لكوفن التي بدأت إضرابا عن الطعام في سجنها إلى أن تم الإفراج عنها لكنها أعلنت استمرارها بالإضراب رغم حالتها الصحية الحرجة.
توقيف عشرات آلاف الأشخاص في حملات القمع التي أعقبت محاولة الانقلاب، فيما تمت إقالة أو تعليق عمل أكثر من 140 ألفا.
تشاؤم اقتصادي يخيم على المشهد وتحذيرات مراقبين من أن البلاد ستشهد موجة كبيرة من فصل العاملين والموظفين بعد الانتخابات البلدية خوفا من تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية بصورة أكبر مما هي عليه الآن قبيل الانتخابات.
اعتقال ثلث الصحافيين وغلق العشرات من وسائل الإعلام، ووفق المنظمات الحقوقية فإن تركيا أخطر مكان للعمل الصحافي، واحتلت تركيا المرتبة 157 من بين 180 في «مؤشر حرية الصحافة الدولي» الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود سنويًا، حيث أغلقت أنقرة 116 مؤسسة إعلامية بموجب القرارات الصادرة في إطار حالة الطوارئ المعلنة عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في عام 2016.
ووفقا لمنظمة الشفافية الدولية، ومقرها برلين، والتي تضع تركيا في مقدمة الدول الأكثر استبدادا، ما يجعل تركيا النموذج الأسوأ في العالم، المنظمة الدولية التي تعمل في مجال مكافحة الفساد منذ أكثر من 25 عامًا فضحت تغول نظام رجب إردوغان على السلطة، وشخصت أزمة الحالة التركية بأنها أزمة تنازل عن الديمقراطية، مؤكدة أن احتكار النظام لكل السلطات وإعدامه للحريات يكرس للفساد.
جملة انتهاكات ذكرت المنظمة أن نظام إردوغان يمارسها بحق القضاء، وقانون المناقصات العام، ومشروعات الشراكة بين القطاع العام والخاص وعمليات الخصخصة، ما يصعد بأنقرة إلى حافة الهوية.
«الشفافية الدولية»... كشفت العلاقة القوية بين انتهاكات الديمقراطية ومستوى الفقر، والارتباط الطردي بين التراجع في مدركات الفساد والديمقراطية، ما جعل الدول التي تشهد تراجعًا في مؤشر الديمقراطية في الفترة من 2012 إلى 2018، هي الأقل محاربة للفساد.
ووفقًا للمؤشر، فإن التحليل المقارن للبيانات المتعلقة بالديمقراطية في العالم يكشف وجود علاقة بين الفساد ومستوى الديمقراطية.
طلبات اللجوء من المواطنين الأتراك في الدول الأوروبية ارتفعت بشكل ملحوظ، خلال العامين الماضيين وترتبط معظم هذه بدعوى التعرض للاضطهاد، التي تطال معارضين وناشطين وصحافيين.